‫الرئيسية‬ مقالات كاتب إسرائيلي لأهالي القدس: ليس أمامكم سوى مقاومة احتلالنا
مقالات - أكتوبر 27, 2014

كاتب إسرائيلي لأهالي القدس: ليس أمامكم سوى مقاومة احتلالنا

جدعون ليفي 
“هآرتس”، 26/10/2014
•تخيّلوا أنكم فلسطينيون من سكان شرق القدس، 47 سنة صعبة وراءكم، وظلام شديد يدعو إلى اليأس أمامكم، الاستبداد الإسرائيلي الذي يقرر مصيركم يعلن بغطرسة أن كل شيء سيبقى على حاله إلى الأبد، وأن مدينتكم ستبقى تحت الاحتلال “إلى أبد الآبدين”. ويقول وزير الدفاع، ثاني أهم شخصية في الحكومة التي تستبد بكم: إنه لن تقام أبدا دولة فلسطينية.
 
•تخيّلوا أنكم فلسطينيون، أولادكم في خطر، أول أمس قتلت قوات الاحتلال فتى من جراء “إشعاله زجاجة حارقة”، وكُتبت شعارات “الموت للعرب” بالقرب من منزل الفتى، أي جندي أو شرطي من حرس الحدود بإمكانه أن يزعق فيكم، وفي أي ليلة قد يقتحمون منازلكم ببلطجة ووقاحة، وهم لن يعاملوكم قط كبشر. هم يدمرون ويذلّون ويخيفون وأيضاً يعتقلون وربما أيضاً من دون محاكمة، هناك ما يقارب 500 معتقل إداري، وهذه أعلى نسبة من الاعتقالات الإدارية في السنوات الأخيرة، إذا اعتقلوا شخصا عزيزا عليكم سيصعب عليكم زيارته، وإذا تمكنتم من زيارته تحصلون على زيارة مدتها نصف ساعة من خلف الزجاج، إذا كان قريبكم معتقلا إداريا فلن تعلموا أبدا متى يطلق سراحه، لكن هذه أمور صغيرة قد تعوَّدتم عليها منذ زمن، تعوَّدتم أيضا على سرقة الأراضي، وفي كل لحظة قد يغزو مستوطن أرضكم، وقد يحرق مزارعكم أو يشعل النيران في حقولكم من دون أن يحاكَم على ذلك، والجنود الذين من المفترض أن يدافعوا عنكم لن يحرّكوا ساكنا. وفي أي وقت قد تصدر أوامر هدم أو وقف بناء أو إخلاء أو طرد تعسفية، ولن تستطيعوا فعل أي شيء. تخيّلوا أنكم فلسطينيون.. لا تستطيعون الخروج من قطاع غزة، وليس من السهل الخروج من الضفة الغربية أيضا. أما شاطئ البحر الذي يبعد مسافة ساعة واحدة بالسيارة عن بيتكم في الضفة، فهو ما وراء جبال الظلام، ومن الأسهل على الإسرائيلي الوصول إلى “أرض النار” الواقعة بين الأرجنتين والتشيلي من وصولكم إلى شاطئ العجمي، لا أحلام ولا أمنيات ولا فرصة تقريبا لأولادكم بأن يحققوا شيئا ما في حياتهم، حتى لو درسوا في الجامعة، فقط حياة الذلّ والبطالة. ولا توجد بارقة أمل في تغير هذا الوضع قريباً. إسرائيل قوية، أميركا في جيبها، قيادتكم ضعيفة (السلطة الفلسطينية) ومعزولة (حركة “حماس”)، وبدأ العالم يفقد الاهتمام بمصيركم. فما العمل؟ أمامكم إمكانيتان. الأولى: القبول بالواقع، الخضوع، الاستسلام؛ الثانية: المقاومة. من يقدّر التاريخُ أكثر؟ من تعاون مع الاحتلال، أو من ناضل في سبيل حريته؟.
 
•تخيّلوا أنكم فلسطينيون.. لكم كامل حق المقاومة.. هذا هو واجبكم المدني لا جدل حوله، إن حق المحتل في مقاومة الاحتلال متجذرة في العدالة الطبيعية وفي الدرس التاريخي والقانون الدولي. إن القيود الوحيدة تتعلق بأساليب المقاومة، وقد جرّبها الفلسطينيون كلها تقريبا.. الأساليب الجيدة والسيئة، المفاوضات والإرهاب، العصا والجزرة، الحجر والعبوة الناسفة، التظاهرات والعمليات الانتحارية- من دون جدوى- فهل عليهم اليأس والاستسلام؟ لم يسجَّل هكذا حدث في سجلات التاريخ، ولذا فهم سيواصلون مقاومتهم أحياناً بوسائل مشروعة، وأحياناً أخرى بوسائل إجرامية. من حقهم أن يقاوموا اليوم، هم يقاومون في القدس، فهم لا يريدون حكما إسرائيليا ولا من يحرقون الأولاد وهم أحياء. هم لا يريدون مستوطنين مسلحين يغزون منازلهم في ظلام الليل بحماية القانون الإسرائيلي ويطردونهم منها. هم لا يريدون بلدية تمنح خدماتها وفق الانتماء القومي، ولا قضاة يحاكمون أولادهم بناءً على أصولهم كما يجن جنونهم عندما لا يدمَّر منزل المخرّب اليهودي، ويدمَّر فقط منزل الفلسطيني، ولا يريدون أن تواصل إسرائيل الاستبداد بهم، ولذا هم يقاومون، يقومون بإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة. وقد بدأت المقاومة تظهر أحيانا أفعالا دموية دنيئة، لكنها تبقى أقل من العنف البنيوي الذي يمارسه الاحتلال.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …