‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير لا فن ولا يحزنون.. تفاصيل مذبحة هدم السينمات لصالح رجال الأعمال
أخبار وتقارير - ديسمبر 10, 2018

لا فن ولا يحزنون.. تفاصيل مذبحة هدم السينمات لصالح رجال الأعمال

في الوقت الذي ينتظر فيه المصريون تقديم عملاً سينمائياً واحداً يجسد الواقع الأليم الذى تعيشه مصر بدلاً من ظهور أفلام البورنو والعرى وأفلام السبكى وحمو بيكا ، خرج المشهد السينمائي عن المألوف بعدما قررت سلطات الانقلاب بدء عمليات هدم وبيع العديد من دور العرض لصالح رجال أعمال لا يفهمون إلا لغة البيزنس من جانب مافيا العقارات تحت مسمى “الإزالة من أجل إقامة أبراج سكنية”، دون اعتبار للتراث، ودون مراعاة أى بُعد من جانب الدولة لأهمية دور العرض تلك فى نشر الثقافة فى البلاد.

وتقول الأرقام إن مصر فقدت أكثر من 260 دار عرضٍ سينمائية فى 60 عاما، آخرها سينما «فاتن حمامة»، وأن مذبحة هدم دور العرض مستمرة، فى حين منع قانون السادات عام «80» هدم دور العرض والمسارح. الذين قرروا “قلب” الأمر بمولات وعقارات لنيل ملايين الجنيهات بدل من مشاهدة فن هادف.

أرقام مرعبة

ويكشف تقرير صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بعنوان “مصر فى أرقام 2014″، عن تناقص دور العرض فى ثلاث سنوات حيث كان 92 عدد هو دور السينما فى مصر فى 2012، مقارنة ب 100 دار عرض فى 2011 و150 فى 2008، مما يشير إلى أن مصر فقدت 58 دار عرض سينمائى فى الفترة بين 2008 و2014.

وتشير مصادر أخرى غير رسمية، إلى أن الرقم كان 354 دارًا عام 1954 انخفض إلى 255 دارًا عام 1966 ثم 190 دارا فى 1977، مما يعنى أن مصر فقدت 262 دار عرض سينمائى فى ستين عام.

 

وتحولت دور السينما إلى مولات تجارية بفضل دخول رجال الأعمال فيها.الناقد فتحى عثمان –قال إن بيع دور العرض المصرية لرجال الأعمال ممنهج بدليل الأرقام المفجعة التى نسمعها كل يوم عن هدم “دار عرض”.

وأضاف: تحويل السينما لمول تجارى افضل عند الدولة من عرض فيلم هادف،وجميع رجال الأعمال محسوبين على النظام لذا لايتحرج المسئولين من عدم الحديث عن الأمر ليس لشئ سوى خطة واضحة للقضاء على أهمية السينما فى حياة الشعوب خاصة المصرية.

وزارة الثقافة 

ويقول الناقد السينمائى طارق الشناوى، إن قلة أعداد دور العرض خطر على مستقبل صناعة السينما نفسها، لأن دار العرض السينمائى هى منفذ التوزيع الوحيد، مؤكدا فأن إحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء تشير إلى غلق دور عرض سينمائى كانت تضم شاشة واحدة، وتم افتتاح دور عرض حديثة بدلاً منها تضم أكثر من شاشة بأعداد تتراوح بين 6 و7 شاشات فى دار العرض الواحدة.

ويضرب الشناوى مثلا بمنطقة المنيل التى كانت تضم ثلاثة دور عرض سينمائى بينهم، سينما فاتن حمامة، تم إغلاق اثنين منهم وافتتاح سينما جالاكسى التى تضم 6 شاشة عرض بالإضافة إلى شاشة عرض واحدة بسينما فاتن حمامة، ليصل إجمالى شاشات العرض السينمائى فى تلك المنطقة إلى 7 شاشات فى اثنين من دور العرض، بدلاً من 3 شاشات فقط فى ثلاثة دور عرض.

واتهم الشناوى، وزارة الثقافة بتجاهل ما يحدث لصالات السينما فى مصر، التى تغلق لصالح الأنشطة التجارية، مؤكدا أن الوزارة فى غيبوبة ولا تبدى أى انزعاج لما يحدث، مؤكدا أن هناك محافظات كاملة بلا دار عرض واحدة.

هدم التاريخ

من جانبها اكدت الدكتورة سهير حواس، نائب رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضاري، أن هدم «السينمات» يُعتبر هدم جزء من التاريخ خاصة إذا كانت مُسجلة فى التراث المعماري، وعند هدم أى دور عرض يجب التأكد من شيئين أولهما هل لجنة الحصر سجلت تلك الدور ضمن التراث أم لا، وفى حالة الهدم لابد من اخطار لجنة الحصر ويجب على اللجنة أن تقوم بالمعاينة أولًا وتحديد إذا كان تلك الدور تستحق الاستمرار وتمثل جزءا من التاريخ أم إنها لا تمثل قيمة ويمكن هدمها.

وتضيف حواس أنه يجب على المحافظة عدم اصدار ترخيص الهدم « عمال على بطال « خاصة إذا كان المبنى من ضمن المبانى التراثية، إلى جانب أنه من الممكن أن يتم إعادة بناء دور سينما جديدة بنفس الاسم وفى نفس المكان إذا كان المبنى متهالك ويجب هدمه، لذلك يجب قبل أى هدم تحرى المعلومات والتأكد قبل صدور أى ترخيص هدم.

واضافت ان لدينا تشريعات كافية لردع المخالفين ولكننا نعانى صعوبة تطبيقها لأن لدينا دائما من يتخطى القانون ويفتخر بذلك، لذا نحتاج إلى تطبيق القوانين بقوة وهنا أيضا يأتى دور الإعلام فى تثقيف المواطن وخلق درجة من الوعى لديه بأهمية هذه المبانى التراثية.

 

كارثة

ويقول الناقد الفنى طارق الشناوى :كان يجب على وزارة الثقافة أن تتدخل لمنع هدم أى دار عرض بأى حجة، لأنها تعتبر أثرا على المستوى السينمائى، ويؤدى إلى تجريف الحياة السينمائية والثقافية للمجتمع..

ويختتم حديثه قائلًا أنه كان يوجد قانون يجبر صاحب الأرض الذى اشتراها عند بناء أى مبنى مكان دور السينما يجب عمل أول دور من المبنى ليكون سينما، متمنيًا إعادة تفعيل هذا القانون وإطلاق نفس النفس مرة آخرى على دور السينما الجديد ، لحماية دور العرض من الانقراض.

ووصف الدكتور حسين حمودة، الناقد الأدبي، ظاهرة هدم دور العرض بالكارثة، لافتا إلى أن مصر حاليا فى حاجة إلى بناء دور عرض سينمائية جديدة، فى كل حى من الأحياء داخل المدن والقرى المصرية؛ لأنها جزء من ثقافتنا وتاريخنا وحضارتنا بل وهويتنا. 

لافتا إلى أن لدينا مناطق أثرية ومبانى ترجع إلى آلاف السنوات، وتمتلئ بالقمامة والعصابات، وأصبحت مجرد وكر للمدمنين أو أطفال الشوارع أو الحيوانات، وهى مهملة بشكل تام، مؤكدا يجب استغلال والترويج لكل مبنى أثرى أو يحتوى على تراثنا وحضارتنا لجذب سياح العالم، حتى نظهر بشكل لائق ومتحضر عالميا، وتابع: «للأسف لا نعرف قيمة ما تملكه مصر من حضارة عريقة»..

اشتراطات

أوضح المستشار القانونى لنقابة المهن التمثيلية شعبان سعيد، أنه لا يجوز البناء للأماكن والأراضى المتاخمة المجاورة للمواقع الأثرية إلا وفقا للاشتراطات التى تصدر من المجلس الأعلى للآثار، حفاظا على المبانى، وذلك وفقا للمادة ٢٨ بقانون حماية الآثار الجديد.

وأشار سعيد إلى أنه يعاقب بالسجن من ٣ إلى ٥ سنوات، وغرامة من ١٠ إلى ٥٠ ألف جنيه، كل من حول المبانى أو الأراضى الأثرية أو جزء منها إلى مسكن أو مخزن أو مصنع أو أعدها للزراعة، وفقا للمادة ٤٥، مؤكدا أن القانون تم تعديله عام ٢٠١٨، للحد من عملية الاستيلاء وهدم المبانى التاريخية، بحظر توصيل المرافق للمنشآت التى يتم إقامتها على أراضى ومواقع أثرية، فى آخر تعديل للقانون ١١٧ لسنة ٨٣، لافتا إلى أن العقوبة ارتفعت إلى ٧ سنوات ومليون جنيه غرامة، لكل من قام بهدم أو إتلاف أثر ثابت أو منقول، وأشار سعيد إلى أن جرائم الاعتداء على الآثار لا تسقط بالتقادم، مناشدا رئيس الوزراء أن يتم تطبيق القانون على المخالفين ومحاكمة كل من أصدر ترخيصا بهدم السينما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …