‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير هل مهّد فيلم الناصر صلاح الدين لنقل السفارة الأمريكية؟
أخبار وتقارير - مايو 18, 2018

هل مهّد فيلم الناصر صلاح الدين لنقل السفارة الأمريكية؟

ربما يصدم العنوان أعلاه كثيرًا من القراء، إلا أنَّ الحقائق دائمًا ما تكون صادمة وشديدة المرارة، وبالحديث عن الحقائق فإن الفيلم السينمائي «الناصر صلاح الدين»، الذي تم إنتاجه في عهد جمال عبد الناصر، تم حشد عدد كبير من النجوم له بالأمر العسكري المباشر، واستغرق تصويره من المخرج العالمي يوسف شاهين قرابة الـ 5 سنوات، ووصفته المنتجة اللبنانية آسيا داغر بـ “التجربة الإنتاجية المريرة”؛ بعد أن كلّفها نحو 200 ألف جنيه، ولم يحقق النجاح المنتظر إلا بعد عرضه جماهيرياً على الشاشة الصغيرة، وكان المقصود غسل أدمغة المشاهد العربي.

ويزعم الصهاينة أن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة يعتبر أمرًا رمزيًا، لكن المراقبين يؤكدون أن الخطوة تدخل ضمن خطة استراتيجية لفرض الأمر الواقع على المدينة المقدسة وعلى الفلسطينيين، وقد اختارت الإدارة الأمريكية ورئيسها دونالد ترامب الذكرى السبعين لنكبة الشعب الفلسطيني لتقديم هذه “الهدية” للحليف الصهيوني، ولكن ما علاقة السفارة بفيلم تم إنتاجه في ستينات القرن الماضي؟

كان عبد الناصر حريصًا من البداية على الوصول إلى كرسي الحكم وإرضاء الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وحتى الصهاينة، وكتب في يومياته عن الحرب في عام 48 أن ضابطًا إسرائيليًا – رئيس وزراء الاحتلال الراحل إسحق رابين – اقترب من الفالوجة في سيارة مدرعة رافعًا راية بيضاء، وأن الجانبين اتفقا على أن يجتمعا في ذات اليوم التالي 11 نوفمبر 1948، وفي اليوميات التي جمعتها ابنته هدى في كتاب بعنوان “ستون عامًا على ثورة يوليو – الأوراق الخاصة” كتب عبد الناصر “قوبلنا مقابلة حسنة. واجتمعنا مع اليهود، وتكلم القائد اليهودي وقال إنه يرغب في أن يمنع سفك الدماء وإن موقفنا ميئوس منه”.

وأضاف أن القائد اليهودي “طلب أن نسلم فاعترض القائد المصري وطلب الانسحاب إلى غزة أو رفح، فمانع اليهود وقالوا إنهم يوافقون على شرط أن يخرج الجيش المصري من كل فلسطين”، ويتابع قائلا “طلبنا إجلاء الجرحى إلى غزة ولكن رفضوا ذلك وقالوا إنهم مستعدون أن يعطونا ما نرغب من الأدوية. وأخيرا خرجنا. وقد قدموا لنا عصير برتقال وبرتقالا وساندويتش وشوكولاته وملبس وبتي فور وبسكويت” .

 

 

ومن يوميات عبد الناصر التي فضحت بدايات الدور الذي لعبه العسكر في تسليم القدس للصهاينة، إلى فيلم “الناصر صلاح الدين” وبرغم روعة الأداء والحبكات الدرامية العبقرية، التي أجادها الأديب عبد الرحمن الشرقاوي مع يوسف السباعي، لم يقدم الحقائق التاريخية كما هي، وإنما سعى لهدف كان وقتها غير معلوم، واليوم ومع نقل السفارة بات معلوماً، إلى قلب تلك الحقائق واستبدالها بأخرى مغايرة لها تمامًا، ومن تلك المتغيرات:

1) «نسب صلاح الدين الأيوبي» فقد لٌقب خلال أحداث الفيلم بـ «سلطان العرب» ، ولكن نسبه اختُلف عليه؛ حيث أكد المؤرخون أن نسب الأيوبيين يرجع إلى أيوب بن شاذي بن مروان من أهل مدينة دوين في أرمينيا الأوروبية، ولكن بعض ملوك الأيوبيين قد أكدوا أنهم عرب نزلوا عند الأكراد وتزوجوا منهم .

2) القدس : لقبت في الفيلم بـ «أورشليم»، وهو مصطلح مُعرب من اللغة العبرية الخاصة باليهود، والحقيقة أن القدس في اللغة العربية تُسمى : «بيت المقدس، القدس الشريف، وأولى القبلتين».

3) القائد عيسى العوام : لم يكن قائدًا نصرانيًا، وإنما كان غواصًا مسلمًا، حارب مع صلاح الدين الأيوبي ضد الصليبيين، وتوفي غريقًا على شواطئ عكا عام 379 م، بحسب ما ورد في كتاب القاضي بهاء الدين بن شداد بعنوان «النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية».

4) والي عكا : لم يكن حاكمًا خائنًا لوطنه، بل على العكس كان القائد بهاء الدين قراقوش، أحد قادة صلاح الدين المقربين؛ حيث عُرف بشجاعته وبسالته، والذي استمات في الدفاع عن عكا طوال عامين، حاصرها خلالهم بشدة قوات الصليبيين، ويذكر عنه القاضي بهاء الدين أنه فاجأ القوات وخرج بجنوده من القلعة المحاصرة، ودارت موقعة شهيرة قتل خلالها 70 فارسًا وأسر الكثير.

5) إقدام ريتشارد الأول والمُلقب بـ «قلب الأسد» على قتل سبعين أسير عربي بعد استيلائه على عكا؛ إثر وشاية بأن صلاح الدين الأيوبي قتل السفراء الصليبيين ورفض الهدنة، ولكن الحقيقة التاريخية تقول أن ريتشارد استبقى 2700 أسيرٍ كرهائن ضد صلاح الدين؛ للوفاء بجميع شروط الاستسلام، وقد خشى أن يعرقله الأسرى عن التحرك بقواته من عكا، فأمر بإعدامهم جميعًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …