‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير عطية عدلان: السيسي انقلب على هوية الأمَّة وقيمها وشرفها
أخبار وتقارير - أكتوبر 4, 2017

عطية عدلان: السيسي انقلب على هوية الأمَّة وقيمها وشرفها

قال الدكتور عطية عدلان أستاذ الفقه وأصوله والسياسة الشرعية بجامعة المدينة سابقًا، إن “ما أصابنا بهذا الانقلاب الظلوم الغشوم في دنيانا، على بشاعته وفداحته، يتضاءل كثيرًا أمام ما أصابنا منه في ديننا؛ حتى غدا في حقيقته انقلابًا على هوية الأمَّة وقيمها، وعلى شرفها كذلك؛ لذلك لا تعجب عندما يقف، جنبًا إلى جنب، مع دبابة العسكر كل فاجر وعاهر في ميادين الغناء والبغاء والإفتاء على حد سواء”.

ولم ينكر المفكر والأكاديمي المصري أن الانقلاب العسكريِّ جرَّ الويلات على بلادنا وشعوبنا، معبرا عن دهشته ليس فقط بتمرير حفل الشواذ في مصر ولكن “مما تلاها من تعليقات جاءت أسمج من الثلج المختلط بطين الشوارع؛ فما إن ذاع خبر القبض على سبعة من هؤلاء المفاخرين بفعلتهم؛ حتى وجدنا ضجيج الأبواق يملأ الآفاق، وسمعنا صراخ المتحرشين المختبئين خلف شعارات الحرية تندد باعتقالهم والتحقيق معهم؛ بزعم أنَّهم يمارسون حقهم الطبيعيّ، ويستمتعون بحريتهم الشخصية دون أن يقع منهم تجاه المجتمع ضرر مباشر!!”.

مفهوم الحرية
وأوضح “عدلان” في مقدمة مقال نشره له المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية تحت عنوان “مصر: حفل الشواذ.. الدلالات والمآلات” أن الحرية التي يتحدث عنها -هؤلاء المتحرشون بأقلامهم وأبواقهم- ليست سوى نسخة مزيفة من الحرية التي ثارت من أجلها الشعوب الأوروبية وغير الأوروبية، صدرتها وروجتها الثورة المضادة التي تولاها أصحاب المصالح المادية الدنيئة؛ ليعبثوا بآمال الإنسانية وليصرفوا الثائرين عن مرادهم الحقيقيّ، لا لشيء إلا لأنَّ الحرية الحقيقية تتعارض مع أطماعهم وأهوائهم”.

وأردف “أن بزوغ فجر الثورات الحديثة في المدن الإيطالية كان يبشر بالحرية الحقيقية، وكان يراها متمثلة قبل كل شيء في الاستقلال السياسي عن الإمبراطور المستبد، وفي الحق الأصيل لكل مدينة أن تضع لنفسها نظام الحكم الذي ترتضيه، وفي حق كل إنسان في ممارسة حقوقه السياسية بلا خوف ولا توجس”.

وأضاف “ثم جاءت الثورة الإنجليزية لترى الحرية متمثلة قبل كل شيء في دور البرلمان في القيام بدوره الحقيقيّ في تمثيل الأمة الإنجليزية، وفي تقليص صلاحيات الملك إلى أقصى حدّ، وعندما جاءت الثورة الفرنسية كان سقوط الباستيل رمز الظلم والاستبداد هو الحادث الملهم لعشاق الحرية في الأرض كلها، وكان الاستيلاء من قبل الثوار “عملاً سياسيا فذا ورائعاً؛ ففي طول أوربا وعرضها هلل الناس وكبروا؛ مرحبين بسقوط الباستيل كخاتمة للطغيان المستتر والسجن الظالم المستبد، وكبشير لبزوغ فجر الحرية”.

الحرية الحقيقية
إذن سقوط الباستيل والحاكم الظالم كان عنوان ما اعتبره عدلان “الحرية الحقيقية التي نفتقدها في مصر وسائر بلداننا العربية”، والتي من أجلها ثارت الشعوب في أرض الله كلها، ولم تكن الحرية الجنسية التي أطلقت في فضاء أوربا إلاً مسخاً مشوهاً ألقي للناس في طريقهم لإلهائهم عن حركة الالتفاف الكبرى التي يمارسها الاخطبوط الرأسماليّ الأسود، الأمر الذي جعل الحياة يسودها التشاؤم من جراء الحالة النفسية والشعورية المنقلبة، وكما يقول بعض مفكريهم الصارخين فيهم: “وإنّ تدوير الغرب ليعود إلى التفاؤل سوف يستغرق حركة فكرية جديدة كاملة، وليس هناك أيّ علامة على مثل هذا التحول في الأفق”.

الحرية المنفلتة
وحذر الدكتور عطية من “الحرية المنفلتة” من كل قيد فتلك لم تعرفها الإنسانية في حالاتها الطبيعية، وحتى المفكرين الغربيين المنظرين لللبرالية لا يقولون بهذا الخرف والدجل الذي يمارسه ببغاوات الرذيلة في بلادنا، فها هو “جون استيوارت مل” في كتابه (الحرية)، مستشهدا بقوله: “قد علمنا أن إطلاق الحرية الكاملة للأفراد أمر متعذر، ما دام الناس في حاجة إلى التعاشر والتعايش، بل لا بدَّ من تقييدهم بالقدر اللازم لمنع الأقوياء من التعدي على الضعفاء، وقد يتبادر إلى الأذهان أنَّ هذا التقييد الذي توجبه ضرورة الرعاية لمصالح الغير يعود على طبائع الأفراد بالخسران بأن يسد في وجوههم بعض أبواب النمو ويقطع عنهم طائفة من أسباب الرقيّ، ولكن الحقيقة على خلاف ذلك، فالأفراد يستفيدون في نظير هذا التقييد تعويضاً كافياً، حتى من وجهة النمو الذاتيِّ”(5) وهذه الاستفادة تأتي في صور كثيرة منها رعاية الحرمات العامَّة التي لا تستغني الإنسانية عن رعايتها.

عاقبة المجاهرة
كما حذر المفكر والأكاديمي المصري من القول بأن “إعلان الشواذ عن أنفسهم لا يمثل ضرراً مباشراً على المجتمع”، وقال “ممارسة الفعل شيء والإعلان عنه كسلوك مستقر للإنسان شيء آخر؛ لذلك فرق العلماء بين مرتكب المعصية في السر وبين المجاهر بها، من حيث العقوبة الأخروية والدنيوية كذلك في كثير من الحالات، والضرر الذي يقع على المجتمع من هذه المجاهرة غاية في الخطورة؛ لأنّها في حقيقتها دعوة للشذوذ وخدش للحياء العام وتهديد للفطرة وتقويض وهدم لما تعارف عليه البشر وألفوه من لدن بدء الخليقة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …