‫الرئيسية‬ مقالات إنجازات الجنرال “الطبيب” في عام
مقالات - يونيو 8, 2015

إنجازات الجنرال “الطبيب” في عام

عندما أعلن ترشحه للرئاسة فى مصر لم يقدم الجنرال عبد الفتاح السيسي أي برنامج انتخابي، وحين سأله أحد المحاورين عن البرنامج أثناء الحملة الانتخابية أجاب بدهشة واستغراب: “برنامج إيه؟”.

ولقد كان الرجل صريحًا حين قال في أحد لقاءاته التلفزيونية بأنه قد “تم استدعاءه للمنصب” وبالتالي لا يجوز لأحد أن يطالبه بشئ أو أن يحاسبه. كان الرجل أيضًا حريصًا على ألا يعطي وعودًا براقة حتي لا تُحسب عليه، وإنما كان يقدم نفسه دائمًا باعتباره المنقذ والمخلص للبلاد. وقد قالها صراحة فى حديثه لأنصاره فى برلين قبل أيام بأنه “طبيب يشخّص المرض ويعطي العلاج”.

وعلى عكس ما قد يراه البعض، فإن إنجازات الجنرال السيسي التي حققها طيلة العام الماضي عديدة، ولكنها انجازات خاصة به وبمشروعه السلطوي فقط وليست انجازات لصالح الدولة والمجتمع. لذا دعونا نستعرض أهم هذه الانجازات بشكل سريع..

أولاً..

نجح السيسي في إغلاق المجال العام وتفريغه من أي حراك حقيقي وقتل الإنجاز الوحيد لثورة 25 يناير وهو حق التظاهر الذي ناضلت من أجله قوى الثورة طيلة السنوات الأخيرة من حكم المخلوع مبارك. وقد تم شرعنة هذا الإنجاز من خلال سن قانون التظاهر سيئ السمعة الذي تم من خلال اصطياد واعتقال وسجن معظم نشطاء الثورة مثل علاء عبد الفتاح وأحمد ماهر ومحمد عادل وسناء سيف ويارا سلام وماهينور المصري.

ثانيًا..

نجح السيسي في شيطنة أهم وأقوى فصيل سياسي في مصر وهو جماعة “الإخوان المسلمين” وشن عليها حملة شرسة من التشويه في محاولة للاستئصال المجتمعي. صحيح أن الجماعة لا تزال تحتفظ بقواعدها التنظيمية، ولكنها فقدت تعاطف جزء معتبر من الشعب نتيجة للدعاية السلبية والحملة الممنهجة التي تشنها عليها الأذرع الإعلامية. ولم يكن أمام السيسي من سبيل لتبرير انقلابه المشين سوى “شيطنة” كل من هو مخالف أو معارض له من خلال آلة إعلامية جهنمية فقدت صوابها ورشدها المهني والأخلاقي من أجل تحقيق مصالحها.

ثالثًا..

نجح السيسي فى “لجم” وتأميم المجتمع المدني وناشطيه ليس فقط من خلال إجراءات إدارية وقرارات تعسفية تم على إثرها إما إغلاق العديد من الجمعيات، أو خروج بعضها ونقل أنشطته من مصر إلى دول مجاورة، أو التحقيق مع رؤساء هذه الجميعات. بل وصل الأمر إلى شيطنة المسؤولين عن هذه الجمعيات والتحريض عليها. وقد نشرت جريدة “الشروق الجديد” تقريرًا قبل فترة حول تهديدات مبطنة وجهتها الجهات الأمنية لنشطاء المجتمع المدني وطالبت بتحريك قضايا ضدهم تحت يافطة “التخابر” مع دول أجنبية.

رابعًا..

نجح السيسي، وباقتدار، فى استئناس الأحزاب السياسية وضمها تحت جناحه. وتحولت الأحزاب من لعب دور المعارضة إلى دور “السنيد” والداعم للرئيس. بل يزايد بعضها على بعضه من أجل الحصول على حصة من “كعكة البرلمان”. ويدرك الجنرال ذلك جيداً، لذا فهو يلاعبها باستمرار ويفرض سيطرته الكاملة عليها. وقد وصل الأمر مؤخرًا إلي أن يقوم بدور الوسيط في الخلافات التي دبت فى حزب “الوفد” الذي خرج قادته من لقاءهم مع الجنرال يمدحونه ويثنون عليه وعلى حكمته.

خامسًا..

نجح السيسي في السيطرة على وسائل الإعلام رغبًا ورهبًا. فلا يوجد إعلامي واحد الآن يمكنه أن ينتقد السيسي بشكل جرئ وموضوعي ودون خوف. وما يفعله بعضهم الآن هو محاولة إبراز نوع من النقد علي استحياء وضمن حدود الطاعة وليس بهدف المعارضة الحقيقية.

سادسًا..

نجح السيسي في تعميق الانقسام فى المجتمع المصري بشكل لم يحدث طيلة العصر الحديث. وقد تجاوز الانقسام الجانب السياسي كي يصل إلى المستوي الاجتماعي والعلاقات الإنسانية والعائلية. ولعل هذا هو أحد الأهداف غير المعلنة للسيسي الذي جاء على أرضية الانقسام وليس التوافق. وهو يدرك جيدًا أن التوافق سواء كان سياسيًا أو اجتماعيًا ليس في صالحه بل قد يؤدي إلى الإطاحة به. لذا فهو يفعل كل شئ كي تظل الانقسامات السياسية والاجتماعية علي حالها بل وتعميقها باعتباره المستفيد الوحيد منها. لذا لا تخلو ساحات التواصل الاجتماعي كـ “فيس بوك” و “تويتر” من لغة الكراهية وخطاب الانتقام الذي أصبح يهيمن على كل القوى فى مصر.

سابعًا..

نجح السيسي في تحويل السياسة الخارجية المصرية إلى أداة للابتزاز والاستجداء. وهو كمن يقوم بـ “تأجير” تاريخ مصر وثقلها الإقليمي والسياسي لمن يدفع أكثر. فهو يبتز داعميه فى الخليج بشكل مستمر ونجح من خلال ذلك فى الحصول على 40 مليار دولار لا يعلم أحد أين ذهبت. كما أنه يقوم باستجداء الغرب من أجل الحصول على دعمه وتعزيز شرعيته مثلما فعل قبل أسبوع في لقاءه مع المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل حين لبس جلد “الحمل الوديع” بشكل مقزز.

وأخيرًا..

نجح السيسي فى تحويل وعي قطاع معتبر من الشعب إلى رفض فكرة التغيير واعتبارها مرادفًا للفوضي وعدم الاستقرار. وقد استخدم مسألة الحرب على الإرهاب من أجل تخويف وترهيب الشعب من الديمقراطية وتداول السلطة. لذا أصبح هناك “ظهير” شعبي رافض تمامًا لفكرة الثورة وكاره للثوار والنشطاء السياسيين.

إنجازات السيسي كما قلنا سابقًا هي إنجازات خاصة به وحده، بيد أن هذه الإنجازات سوف تسقط فجأة وبدون مقدمات ليس فقط لأنها تسير ضد المنطق والتاريخ وإرادة الشعب، ولكن لأنها أيضا تقوم على الكذب والخداع وهو ما سوف يكتشفه الشعب إن آجلاً أو عاجلاً ووقتها لن ينفع الندم.

———

نقلا عن (مصر العربية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …