ديفنس وان: هل سيصمد نظام السيسي؟
لا أعلم عدد المرات أو عدد الأشهر التي طرح فيها هذا السؤال على زملائي أو عليّ في عدد لا يحصى من حلقات النقاش، الموائد المستديرة، جلسات الاستماع، والاجتماعات مع أصدقائنا في الحكومة. في الحقيقة، ذلك السؤال متعلق بالصمود أكثر مما هو متعلق بالاستقرار – هل سيستمر الرئيس عبد الفتاح السيسي والنظام السياسي المصري الجديد/القديم في الفترة بين السنة إلى الخمس سنوات القادمة؟ الإجابة الصادقة فكريا هي: ربما نعم، وربما لا. الأمر لا يحمل توقعا واضحا، ولكن التحليل هو أفضل ما سنفعله.
على عدة من المستويات، لا يبدو استقرار – أو ربما، صمود – النظام السياسي المصري جيدا بأي حال من الأحوال. حيث تظهر مصر مشكلات وعلل خاصة بالمجتمع المعاصر: الطبقة المتوسطة تبحث عن التمدد وتخشى التقلص، نخبة قديمة عازمة على الحفاظ على امتيازتها، تنمية اقتصادية غير متوازنة، وتمدن سريع. أضف إلى ذلك الخليط أسعار الغذاء المتصاعدة، كحال أسعار الوقود، انقطاعات التيار الكهربي بشكل مضطرب، البنية التحتية المتهدمة، شبكة أمن اجتماعي اختفت منذ زمن طويل وظلت مختفية، حركة متمردة قوية النزال. تؤدي جميع تلك العوامل إلى مزيج مزعج من السياسات المتنازع عليها، الاستقرار المتزعزع، والعنف.
فكيف سعى السيسي لإدارة تلك التحديات المعقدة متعددة المستويات حتى الآن؟ ليس بشكل جيد حتى الآن، ولكن ربما لأنه لا يزال جديدا في منصبه. يحكم السيسي مع تأكيد قوي على الإكراه والمحسوبية، ومع القليل من عناصر الرؤية الإيجابية أو الحقيقية، التي يمكن أن يتفق عليها أغلب المصريين، لمستقبل مصر. ولو حدث وتواجدت رؤية مشابهة، لما احتاج الإعلام والسلطات للتشكيك في “وطنية” من يختلفون معهم، أو اتهام جميع المنتقدين بشكل سخيف بكونهم داعمين للإخوان المسلين، متعاطفين مع الإرهاب أو عملاء للحكومتين القطرية والتركية، حماس، إسرائيل، إيران، وبالتأكيد، الولايات المتحدة. عندما يعتمد قائد بشكل حصري تقريبا على القوة أو التهديد بالقوة، فإنه يفشل دائما في الحصول على ولاء الشعب، وبالتالي فإنه يمس بقدرتهم على تأسيس رقابة سياسية. وهو ما أسقط حسني مبارك.
منذ أن خلع المجلس الأعلى للقوات المسلحة مبارك في فبراير 2011، مال الصحفيون، الباحثون، صناع القرار للنظر إلى السياسات المصرية من خلال ذلك الحدث والاحتجاجات الضخمة التي أدت إلى انقلاب يوليو 2013. لقد كنا باحثين عن ميدان التحرير التالي. ولذلك أسباب منطقية، ليس أقلها أن القيادة المصرية تبدو خائفة بشدة من إثارة المصريين بحيث تدفعهم للنزول إلى الشوارع مرة أخرى.
أتفهم أن الرئيس السيسي عازم بشدة على خفض مشكلات الكهرباء هذا الصيف، والذي يتزامن مع شهر رمضان. وذلك القلق مبرر، فمع درجات حرارة تصل إلى الثلاثينات، سيؤدي مكيف الهواء الذي تنقطع عنه الكهرباء إلى زيادة معاناة وغضب الشعب الجائع، حتى وإن كانت بطونهم خاوية لأسباب دينية. بالإضافة إلى السخط الناتج عن تفويت البرنامج الرمضاني المفضل بسبب انقطاع التيار الكهربي.
إلا أن السياسات المصرية لا تتعلق بـ”الشوارع” فقط. فلا يزال واضحا إن كان الرئيس السيسي يحكم الدولة بالفعل أم لا. كما أنه من الواضح تماما أن الرئاسة، وزارة الدفاع، وزارة الداخلية، جهاز المخابرات العامة، والقضاء يتفقوم على أن ثورة 25 يناير، توابعها المباشرة، وفترة حكم مرسي جميعها كانت كارثية ولا يجب أن تتكرر. فضلا عن ذلك، يبدو أن هناك تنافس بين المؤسسات، تصدعات سياسية، وجهود لضمان أن المصالح الضيقة لكل مؤسسة محفوظة. تساهم تلك الصراعات في زعزعة الاستقرار وطرح أسئلة بشأن صمود النظام السياسي المصري.
تدل جميع المؤشرات على أن مصر تمثل دولة على المحك، إلا أنني لا أزال أتردد في التأكيد على أن اضطرابها الحالي سيستهلك السيسي مثلما فعل مع مرسي ومبارك. صحيح أن الأغلبية العظمى من المحللين تفهم أن كل شيء ليس على ما يرام في مصر، ولكن لا أحد متأكد تماما إن كانت البلاد متجهة نحو جولة أخرى من الاضطراب السياسي. لا يعود ذلك إلى كوننا نتحدث مع الأشخاص الخطأ (رغم أن ذلك محتمل) أو أن افتراضاتنا خاطئة (محتمل تماما أيضا) أو أننا لا نفهم مصر (قد يكون ذلك صحيحا)، بل لأن الثورات، بطبيعتها، لا يمكن التنبوء بها. من المهم أيضا تذكر أن قبل 25 يناير 2011، استعصى على الجميع تقريبا تخيل مدى هشاشة النظام السياسي المصري. يحتاج المحللون لتجنب الوقوع في ذات الشرك، بل بالعكس.
المقصود هو أننا يجب أن نضع في الاعتبار احتمالية أن نظام السيسي السياسي قد يكون أكثر صمودا مما نتخيل، رغم السياسات المتنازع عليها، العنف، والقمع. وإن لم نفعل ذلك فقد نخاطر بالتفاجئ مجددا.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …