‫الرئيسية‬ تواصل اجتماعي حجب المواقع “الإباحية” .. هل هو حجة لغلق “السياسية”؟
تواصل اجتماعي - مايو 23, 2015

حجب المواقع “الإباحية” .. هل هو حجة لغلق “السياسية”؟

مفارقة عجيبة فى مصر؛ حيث صدرت ثلاثة أحكام قضائية فى عهود مخلفة: عهد مبارك، ثم عقب ثورة 25 يناير، ثم عقب انقلاب السيسى، وما أسماه سياسيون مصريون “الثورة المضادة”، كلها تطالب الحكومة بحجب المواقع الإباحية على الإنترنت داخل مصر، ومع هذا لم تنفذ القرارات الثلاثة.

ومع هذا يشكك نشطاء فى أن الهدف من الحكم هو حجب المواقع السياسية، ويحذرون من أن ما أسموه “الإباحية السياسية” أخطر، بعدما انتشرت تعليقات السياسيين الفاحشة، وتشهد برامج التوك شو فضائح مماثلة، فيما سخر تربويون من تزامن حكم حجب المواقع الإباحية، مع نزول موجة جديدة من أفلام “المقاولات” الصيفية التى تحمل كمًّا فاحشًا من الرقص والعرى، فى ظل انهيار السينما المصرية وبحث منتجين عن أرباح سريعة.

ويعد هذا الحكم هو الثالث من نوعه، إذ أصدرت المحكمة ذاتها حكما يحمل ففى عام 2009، وخلال حكم الرئيس المخلوع “مبارك” أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكما قضائيا تطالب بموجبه وزارة الاتصالات بحجب مواقع الإنترنت الإباحية، وعقب ثورة 25 يناير، وفى مارس عام 2012 صدر حكم آخر، بعدما تقدم مواطنون ومحامون بطلبات للنائب العام السابق الذى عزله مرسى ووافق على إحالتها للمحكمة، وتكرر الأمر للمرة الثالثة يوم 20 مايو الجارى بصدور ثالث حكم قضائى بحجب هذه المواقع.

حيث قضت محكمة القضاء الإدارى بإلزام الحكومة، ممثلة فى رئيس الوزراء، باتخاذ ما يلزم، من أجل حجب المواقع الإباحية على الإنترنت داخل مصر، ولكن وزارة الاتصالات المصرية قالت فى المرات الثلاثة “إن حجب تلك المواقع أمر صعب؛ لعدم إمكانية تحديد هوية المواقع على شبكة الإنترنت”، وزاد وزير الاتصالات هذه المرة مطالبا المحكمة بتحديد هذه المواقع الإباحية التى تريد حجبها!.

فى المرة السابقة، قال وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرى إن الوزارة لا تتدخل فى المحتوى الذى ينشر على الإنترنت، لكن إذا تضمن المحتوى ما يضر بالأمن القومى أو مصلحة المواطنين فإن ذلك الضرر يعالج بقانون يعرف باسم قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.

وهذه المرة قال المهندس خالد نجم، وزير الاتصالات، إن حكم القضاء الإدارى اليوم بإلزام الحكومة بحجب المواقع الإباحية “هو حكم عام ويصعب تنفيذه على النحو الذى صدر به”، وقال إنه يجب أن يحدد حكم المحكمة الموقع المراد حجبه، وأن يتضمن الحكم المحتوى الذى يقدمه الموقع والذى يخالف القانون سواء كان إباحيا أو تحريضيا على العنف”!؟.

وجاء فى الدعوى، التى صدر بشأنها الحكم، والتى أقامها أحد المحامين، أن “امتناع جهة الإدارة، وهى الدولة عن إصدار تشريعات وقوانين تجرم وتمنع هذه المواقع، يمثل قرارا سلبيا تختص بنظره محاكم القضاء الإداري”.

وجاء فى الدعوى التى أقامها المحامى نزار غراب، أن الشريعة الإسلامية بنصوص القرآن الكريم وجميع الشرائع السماوية “جاءت لتسمو بالإنسان إلى مستوى كرامته المنشودة، وأن المواقع التى تنشر الرذيلة ما زالت مستمرة بتأثيرها على الشباب والأطفال وامتناع جهة الإدارة، وهى الدولة عن إصدار تشريعات وقوانين تجرم وتمنع وقف هذه المواقع يمثل قرارًا سلبيًّا تختص بنظره محاكم القضاء الإداري.

وسبق أن تصاعدت أزمة حجب المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت فى نوفمبر 2012 فى أعقاب نجاح حملة “بيورنت” التى قام بها بعض الشباب وتظاهروا أمام مقر النائب العام؛ لغلق المواقع الإباحية بصدور حكم قضائى من محكمة القضاء الإدارى بغلق هذه المواقع.

وأصدر النائب العام السابق عبد المجيد محمود خطابات رسمية لكل من وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ورئيس الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، ووزير الداخلية، ووزير الإعلام، لاتخاذ الإجراءات اللازمة نحو حجب هذه المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت، ولكن الحكومة رفضت التنفيذ.

ويقول رئيس الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات الدكتور عمرو بدوي: “إن حجب المواقع الإباحية نهائيا من على الإنترنت مستحيل”، وهناك دول كثيرة أنفقت عشرات الملايين من الجنيهات لحجب المواقع الإباحية لديها، ولم تتمكن من ذلك؛ لأنه يمكن تفادى ذلك وبوسائل فنية زهيدة للغاية”.

25 مليون جنيه تكلفة الحجب

وتقول مصادر وزارة الاتصالات إن نسب الدخول على المواقع الإباحية ومشاهدة الأفلام الجنسية فى الآونة الأخيرة بين المراهقين والشباب داخل مصر ارتفعت على الرغم من محاولات حجب تلك المواقع داخل مصر، وأن محاولات الحجب لم تكلل بالنجاح.

وذكر مسئولو الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات أن تكلفة حجب المواقع الإباحية 25 مليون جنيه مصري، وأنه بعد هذا لن يمكن حجب هذه المواقع بالكامل وسيتم التغلب عليها بوسائل فنية.

وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت من قبل أن سرعة الإنترنت فى مصر لا تتحمل حجب المواقع الإباحية، وأن فكرة حجب المواقع يمكن تنفيذها ولكن ستؤثر على سرعة الإنترنت، فيما أكدت إحصاءات شركة (اليكسا) المتخصصة فى ترتيب المواقع الأكثر زيارة فى العالم أن مصر تأتى فى الترتيب الثالث من حيث تصفح واحد من أشهر المواقع الإباحية فى العالم.

وسبق أن كشفت دراسة للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أن 20% من الشباب يستخدمون الإنترنت للدخول على المواقع الإباحية و60% يقضون أوقاتهم بالدردشة و12% يدخلون على المواقع الإخبارية والطبية والعلمية والتجارية و8% المواقع السياسية، بيد أن هذه النسبة المتعلقة بالدخول على المواقع السياسية زاد بقوة، عقب ثورات الربيع العربي، وزادت النسبة إلى قرابة الربع.

وأصدرت شركة جوجل قرارًا بحجب المواقع الإباحية بشتى محتوياتها، وصرح مسئولو الشركة بأنه تم تنويه المدونين الناشرين لصور أو مقاطع إباحية بإغلاق نشاطاتهم 23 مارس 2015 وأنها ستسمح بوجود صور عارية ولكن بشرط إدراجها تحت المحتوى الفنى والوثائقى والعلمى فقط.

كما أكدت دراسة بجامعة كامبريدج أن أفلام البورنو تسبب أضرارًا صحية خطيرة على المخ تشبه التأثير الناجم عن تعاطى المخدرات؛ ما يؤدى إلى تقلص أدمغة الرجال ويجعلهم أكثر غباء بالإضافة إلى أن بعض مراكز المخ تصاب بالكسل.

3 عوامل تمنع الحجب

ويقول خبراء: إن هناك 3 عوامل تقف عائقا أمام وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عند تنفيذ تلك الخطوة فى مصر وهي:
تحديد ما هى تلك المواقع؟ حيث يؤكد خبراء الإنترنت، أن الخطورة الكبرى لهذه القضية تكمن فى إمكانية التفريق بين المواقع الإباحية وغير الإباحية؛ حيث يمكن أن يستغل الحكم فى حجب مواقع سياسية أو معارضة بدعوى أنها تحض على الرزيلة والعنف معا، وأكدوا أن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا لم يحدد ما هى طبيعة تلك المواقع التى يريد حجبها؟.

برامج الاختراق: فمع وجود العديد من البرامج والتقنيات التى يمكنها اختراق هذا الحجب وفتحها بسهولة، سيكون القرار وتنفيذه حبرا على ورق، خصوصا مع شيوع هذه المواقع وصعوبة حجبها كلها، ولذلك يرى خبراء البدء ببعضها أو أخطرها عبر تحديد هوية تلك المواقع أو تحديدها بأى شكل من الأشكال من قبل الدائرة التى قضت بالحكم، حتى لا يندرج تحت هذا الحكم العديد من المواقع التى قد تهدف إلى مجرد الإبداع الفنى أو الثقافي، أو أن يشمل مصطلح الإباحية المواقع التى تتناول بشكل علمى الجوانب الطبية أو المناقشات الثقافية الخاصة بالظاهرة.

السيرفرات الخارجية: فمن المعروف أن تواجد العديد من سيرفرات تلك المواقع فى خارج مصر، والتحايل على البرامج التى ستستخدمها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فى حجب تلك المواقع، سيجعل من السهل، تعديل أدوات البث ليتم تشغيلها فى مصر من الخارج.

الإباحية السياسية أخطر

وقد أثارت قرارات المحكمة بحجب المواقع الإباحية تضاربا فى الرأى بين النشطاء فى مصر؛ حيث رحب بها كثيرون، ولكن تخوف عدد كبير منهم من أن يكون الهدف هو حجب المواقع السياسية لا الإباحية، وحذروا من أن ما أسموه “الإباحية السياسية” المنتشرة على ألسنة بعض السياسيين والوزراء وبرامج التوك شو على الفضائيات المصرية أخطر من الإباحية الجنسية ومواقع النت الجنسية.

حيث كتب الناشط ” Some_other_one ” يقول على “تويتر”: “يمكن القضاء المصرى يقصد مواقع المعارضة السياسية، أصل هى دى الإباحية فى لغاتهم!”، وقال magdybadr3: “هو القضاء الإدارى اللى ها يغلق المواقع الإباحية ،مش قادر يغلق دكاكين الدعارة السياسية من 8 إلى 12 كل يوم على الفضائيات ؟؟ والله إنها ألعن !!”.

قصة القاضى ناجى شحاتة

وقال “عبد العظيم حمادي”: “لم تبق الأفلام الإباحية هى من تخدش الحياء، فكل ما نراه اليوم على الساحة السياسية هو فيلم إباحي”، وعقب “محمد عمر حسني”: “المواقع الإباحية هتتحجب.. طب وبالنسبة للدعارة السياسية؟، وألمح “عبد القادر” لأن الهدف هو غلق المواقع السياسية لا الإباحية قائلا: “حصل من قبل فى السعودية وهيحصل فى مصر .. هيركبوا بروكسى بحجة المواقع الإباحية ثم يحجبوا المواقع السياسية”.

وقال “أنس حسن”: “بكل بساطة: قوانين حجب المواقع الإباحية حجة لمنع المواقع السياسية.. نفس فكرة قانون الطوارئ. دس السم فى العسل”، فيما قال” مندوب دعايا طبية”: “المشكلة ليست فى غلق المواقع الإباحية .. لكن الخوف أن تكون بابا لغلق المواقع السياسية والاجتماعية بحجة إفساد العقول”.

وكتب “عمر جبر” يقول: “مصر الثانية عالميا فى تصفح المواقع الإباحية.انت خائف من مواقع التواصل اللى فشخت مبارك ربنا هيبعتلك مصيبة مش هتتوقعها”.

وسخر “أحمد سيد” من الحديث عن غلق المواقع الإباحية السرية بينما أفلام مصرية تعرض رسميا فى السينما وتأخذ موافقات رسمية وبها مشاهد عرى وإباحية أكثر، وقال ساخرا: “غلق المواقع الإباحية فى مصر بقرار من الوزارة قريبا.. هيقفلوها وسايبين أفلام السبكى يبقوا عملوا ايه!”، فى إشارة لمنتج أفلام مصرية متهم بطرح سلسلة أفلام تتضمن مشاهد إباحية وعرى وإسفاف، بحسب نقاد مصريين.

انتقادات حقوقية

وخوفا من نفس السبب الذى تحدث عنه النشطاء، أصدرت منظمة حقوقية بيانا تؤكد فيه أن: “قرار حجب المواقع الإباحية فى مصر دون وضع تعريف واضح لماهية الإباحية انتهاك لحرية استخدام الإنترنت”.

حيث أكدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان” أن تصاعد المطالبة بحجب المواقع الإباحية وصدور قرار من محكمة القضاء الإدارى بتنفيذ الحكم الذى يوجب حجب المواقع الإباحية “جاء عموميا؛ حيث أنه لم يضع تعريفا واضحا بتعريف ما هو الموقع الإباحي، وأحال الأمر لرئاسة مجلس الوزراء، وهو ما يعنى أن يخضع تقدير وتعريف الموقع الإباحى لموظفين إداريين ومن ثم حجب جماعى للمواقع دون حكم قضائى لكل موقع على حدة”.

وأضافت “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان”: “إنه وإن كان هناك بعض المواقع التى تحرض على العنف كمواقع تصنيع المتفجرات، أو العنف الجنسى ضد الأطفال، إلا أن حكم القضاء الإدارى بإطلاق وصف إباحية جاء مطاطا دون تعريف واضح وشامل لمحتويات الموقع الذى يمكن وصفه بالإباحي، وهو ما يُمكن أن يفتح بابا لإساءة استغلال ذلك القرار لحجب جماعى للمواقع بمبررات واهية أو اعتمادا على تقدير موظفين إداريين دون الخضوع لقرار قضائى يستند لرؤية أو حصر أو تحديد لماهية الموقع الإباحي”.

وطالبت “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان”، السلطات المختصة بتشكيل جهة قضائية تختص بنظر ما يتعلق بقضايا النشر الإلكترونى وتحديد ماهية كل موقع على حدة وأسباب حجبه، وإن بذل الوقت والجهد للنظر فى كل موقع على حدة، أقل خطرا من الحجب غير المبرر أو مسبب؛ لأن الحجب الجماعى يمثل افتئاتا على حرية استخدام الإنترنت الذى بات ضمن حقوق الإنسان الأساسية، بحسب المنظمة الحقوقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …