‫الرئيسية‬ مقالات القضاء فى مصر أصبح أضحوكة
مقالات - أبريل 21, 2015

القضاء فى مصر أصبح أضحوكة

اعترف بأننى فوجئت بالحكم الصادر عن محكمة الجنايات المصرية بالسجن عشرين عاما فى حق الرئيس المصرى المنتخب محمد مرسى و12 آخرين من قيادات الإخوان المسلمين، ففى ظل صدور أحكام الإعدام فى حق المئات من أنصار الحركة نفسها، ومن بينهم السيد محمد بديع المرشد العام، وإرسال أوراقهم إلى المفتى للتصديق عليها، وأحكام البراءة التى صدرت فى المقابل للرئيس حسنى مبارك وأبنائه وحبيب العادلى وزير الداخلية، توقعت أن يكون الإعدام هو الحكم المتوقع، وأن يتم التسريع فى عملية التنفيذ.

القضاء فى مصر أصبح أضحوكة، وإطلاق صفة التسييس عليه يبدو حكما مخففا، فالطريقة التى تتم فى ظلها المحاكمات، وما تفتقده من أبسط إجراءات الدفاع عن النفس، والالتزام بقيم العدالة، والسرعة فى إصدار عشرات الأحكام بالإعدام فى غضون أيام معدودة، كلها تؤكد أن النظام القضائى المصري، الذى كان متميزا بصلابته فى المنطقة العربية برمتها، لم يعد يمت بأى صلة إلى الاستقلالية والعدالة.

ربما أكون قد تسرعت عندما قلت إننى فوجئت بعدم صدور حكم الإعدام، فهناك عدة قضايا أخرى ما زالت فى انتظار الرئيس مرسي، مثل الفرار من السجن، والتخابر مع جهات أجنبية، أى حركة “حماس”، ومن غير المستبعد أن يكون الحكم بالإعدام قد تأجل ريثما يتم البث فيها.
***

التقيت الرئيس محمد مرسى فى قصر الاتحادية لما يقرب الساعة، قبل الانقلاب الذى أطاح بحكمه بشهر تقريبا، واستمعت إاليه وهو يتحدث عن التسامح، والوقوف إلى جانب الفقراء والمعدمين، وتطوير صناعة عسكرية مصرية متقدمة، وتعزيز التنمية فى المجالات كافة، والزراعية منها على وجه الخصوص، وتحقيق الاكتفاء الذاتى فى الغذاء، والقمح خاصة، وإنهاء الاعتماد على استيراد القمع الأمريكي، الذى يشكل أبرز أشكال التبعية.

لم أكن فى أى يوم من الأيام من أنصار “الإخوان المسلمين”، ولم أفكر يوما فى أن أكون عضوا فيها أو أى تنظيم سياسى آخر، ولكن كلمة الحق يجب أن تقال، وإذا كانت هناك بعض المآخذ على حكم الرئيس مرسي، فى نظر البعض، مثل الإخفاقات الاقتصادية، والإدارية، وهى مآخذ مشروعة، فإن الرجل لم يحكم إلا لفترة لا تزيد عن 11 شهرا تقريبا، كانت عاصفة بالاعتصامات والاحتجاجات والمؤامرات الرامية لوضع العراقيل فى طريقه، والعمل على إفشاله، وأثمرت كل هذه المؤامرات الإطاحة به فى نهاية المطاف، ووضعه خلف القضبان.

أعلم جيدا أن هذا الكلام لن يرضي الكثيرين داخل مصر وخارجها، ولكن نحن هنا لا نكتب من أجل إرضاء هذا الطرف أو ذاك، وإنما الاقتراب بقدر الإمكان من الحقيقة، وعدم التردد فى ذكرها، حتى لو كان هذا يعتبر تغريدا خارج السرب، ويعرض صاحبه للكثير من المتاعب والشتائم فى آن.

الرئيس مرسى الذى يحاكم بتهم ملفقة ويقبع خلف القضبان، ويرتدى “بزة” السجن البيضاء لإهانته، وقد تستبدل بالبرتقالية فى يوم قريب تمهيدا لإعدامه، لم يسجن صحافيا، ولم يغلق محطة تليفزيون، واتسع صدره لكل النقاد والشتامين والمفبركين، وما أكثرهم فى مصر وخارجها.
***

من الصعب علينا أن نرى استقرارا فى مصر يؤدى إلى تعاف اقتصادي، وخروج من الأزمات المتفاقمة، فى ظل غياب القضاء العادل المستقل، والمصالحة الوطنية، والإيمان بمبدأ التعايش بين جميع أطياف اللون السياسى فى ظل نظام ديمقراطى تعددي.

مثل هذه الاحكام التى لا تستند إلى أبسط قيم العدالة، هى التى تفرخ الإرهاب والعنف، لأنها تصب فى مصلحة التيارات المتطرفة، وتسهل عمليات تجنيدها للشباب المحبط الذى يواجه انسدادا فى مختلف المجالات.

عندما تصدر أحكام السجن والإعدام فى حق الرئيس “الطيب” محمد مرسى ورفاقه فى قضايا ملفقة، ويتمتع رجال حكم الرئيس مبارك ونجليه بالحرية، بعد تبييض القضاء نفسه لصفحاتهم الملطخة بالدماء والفساد، فإن من حقنا أن نقلق على مصر ومستقبلها، ونقول بأعلى صوت إنها ليست مصر الكبيرة الحنونة التى نعرفها ونحبها، ونتمنى لها ولشعبها الطيب الشهم كل الخير والاستقرار والصلاح، فهى الأصالة والريادة.

…………………………………………

نقلا عن: “رأى اليوم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …