صلاح جلال.. ذكرى شاعر غنى للوطن فسلمه لـ”المرض القاتل”
كالنسمة العابرة جاء إلى الدنيا ومثلها تركها.. وهو من القليلين الذين يمكن أن تعتبر أنه لا أحد غضب منهم في حياته.. يحتفظ كل من صادقه أو قابله أو تعامل معه بمواقف خاصة معه.. ابتسامة صافية، كلمة حانية، طرفة قصها عليه ضاحكا، بيت شعر ارتجله خلال جلوسه معه.
صلاح جلال.. شاعر رقيق، تمكن منه المرض القاتل بعد أن نهش جسده النحيل، إلا أنه لم يتمكن من الوصول إلى قلبه أو مشاعره.
تنبأ قبل وفاته بأنه على وشك الرحيل، بقصيدة من أجمل ما رثى به شاعر نفسه، كتبها بعنوان” غدا يا صلاح”، ضمنها كل ما حدث معه بعدها بشهور قليلة، وكأنه كان يقرأ بشاعريته في كتاب حياته الذي كساه الحزن والفرح واحتوى السعادة والشقاء في آن واحد.
ولد الشاعر الراحل في قرية العزيزية بمركز البدرشين، التابعة لمحافظة الجيزة في عام 1973، وهي قرية عتيقة تتاخم العاصمة القديمة لمصر “منف”، والتي كان يعتز بانتسابه إليها كثيرا، رغم مغادرته الإقامة فيها قبل وفاته بفترة.
درس الخدمة الاجتماعية في معهدها بالقاهرة، إلا أنه سرعان ما اتجه إلى العمل الإعلامي والفني، حيث أسس شركة أدارت عددا من المواقع الإلكترونية، وكان يكتب الشعر منذ مراحل دراسته الأولى، وتنبأ له أساتذته وزملاؤه بأنه سيصبح شاعرا كبيرا، إلا أنهم لم يتمكنوا بالطبع من التنبؤ بأنه سيغادر الدنيا بهذه السرعة التي لم يتوقعها هو ولا غيره، حيث كانت أحلامه عريضة، وطموحه الفني والمهني لا حدود له، خاصة بعد أن أصبح الشاعر المفضل لعدد من كبار المطربين في مجال الفن الإسلامي، وعلى رأسهم يحيى حوى ومسعود كيرتس، بالإضافة إلى آخرين غنوا من كلماته، منهم حامد موسى ومصطفى محمود وعماد رامي وماهر زين وعصام فتحي غيرهم.
شارك الشاعر صلاح جلال في الثورة منذ البداية، حيث كان في الميدان رغم مرضه الشديد، وأبدع قصائد في وصف الثورة والثوار، وعلى رأسها الأغنية التي شدا بها يحيى حوا “دولا مين”، وكان يلقي الشعر في الميدان بكوفيته الشهيرة، محمسا الثوار إلى استكمال ثورتهم، ومؤكدا أن الوطن في حاجة ماسة إلى هذه الثورة لتخليصه من القيود التي رزح فيها عقود طويلة.
وفي 20 نوفمبر 2012 زادت حدة الألم على الشاعر الرقيق، فتم نقله إلى العناية المركزة، التي لم تتمكن من إنقاذه حيث كان السرطان أقوى.
نعى الشاعر نفسه:
غدا يا صلاحُ.. تجف الحروفْ ..
وتُسلُمُ للهِ هذا القلمْ
غدا يحتويك ثرى اللا حدود ..
فلا ثَمَّ غير لماذا؟
وكم؟!
وخوفٌ .. وهمّْ..!!
وبالذنب أنت غداً متهمْ
وتُسأَلُ عن كلِّ ما قد جنيتَ
وماذا اشتهيتَ..!
وعن ذلك الشعر ماذا كتبتَ..؟
وأين ذهبتَ ؟
وفيمَ قضيت حياة النعمْ ؟!
غداً لن تكون رفيق الرفاقِ ..
ولا بينهمْ .
غداً يا صلاح … تذوق السكونْ .
يلفك هولُ الغريبِ الوحيدِ
غداً لن تكون !
سيأتي الصباحُ على البيتِ حلواً ..
كأن لم تكنْ
ومهما يكن .. من بكاءِ العيونْ
ومهما اكتوت بالفراقِ الجفون ْ
فلن يبق منك سوى كان كانَ
وبعض الظنونْ
غداً يا صلاح يقام العزاءْ
ويُهدى الرثاءْ
لروح طوتها عيونُ السكونْ
غداً يا صلاحُ .. غداً لن تكونْ
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …