‫الرئيسية‬ مقالات إعدام النادي الأهلي «الإخواني»!
مقالات - يونيو 5, 2015

إعدام النادي الأهلي «الإخواني»!

(1)
كل الشواهد تؤكد أن انقلاب الندامة في الذكرى الأولى لتولي قائده السلطة رسميا، مصمم وحالف برحمة كل السفاحين من أول هتلر وموسوليني وصولا إلى القذافي ونسخة «الفلاتر» الحالية المعدلة منه، على أن يقبّح كل ما في مصر.

النادي الأهلي ظل حالة فريدة من نوعها في المحروسة. بقي رمزا للنجاح في ظل فشل دائم للسلطات التي تعاقبت على البلد منذ نشأة النادي العريق عام 1907. منظومته وبنيته وإداراته ظلت بعيدة عن وكسات مصر، لذلك اتجهت إليه النفوس الحائرة التواقة إلى رؤية وطن أفضل.

(2)
توافد على رئاسة النادي طوال تاريخه الطويل شخصيات ذات وزن وقيمة وقامة. لم تنحن لسلطة أو تنافق زعيما أو رئيسا ولم تجعل من خدها مداسا لأي مسؤول أو صاحب مال؛ لذلك استحقت الخلود في ذاكرة المصريين وكل من عرفوهم.

من أشهر هؤلاء محمود مختار التيتش وصالح سليم. الأخير له قصص تروى في الاعتزاز بكرامة النادي وكرامته الشخصية أمام حسني مبارك. كان صالح سليم يؤمن أن خلوده يكمن في ثقافة «الاستغناء» لذا لم يلهث وراء مسؤول أو يطلب مصلحة شخصية من حاكم. مبارك لم يحبه، وصالح لم يطلب وده. المخلوع تعود على الخضوع، لكن رئيس الأهلي لم يفعلها، بل كان عملاقا بينما مبارك قزم أمامه.

أدرك صالح سليم أن الحاكم هو الذي يحتاجه. أيقن مبكرا قيمة الأهلي وأن النادي بجماهيريته العريضة وإنجازاته أقوى من أي حكومة. كان الأهلي في عهده مفخرة قبل أن يتحول في هذه الأيام الغبرا إلى مسخرة.

(3)
بعد كارثة بورسعيد في عهد المجلس العسكري، ووفاة 74 زهرة بريئة من مشجعي النادي، أصاب الصمم حسن حمدي رئيس الأهلي وقتها خوفا على مصالحه، لكن معادن الرجال تظهر وقت الشدة. رفض محمد أبوتريكة مصافحة كبير العسكر أيامها المشير حسين طنطاوي، الذي استقبل بعثة الفريق في القاهرة بعد عودتها من المدينة الساحلية. أبوتريكة رفض مصافحته لأنه مسؤول بصفته حاكم البلاد وقتذاك عن الدماء الطاهرة التي راحت في غمضة عين، بعد تقاعس الشرطة والأمن عن حماية المشجعين أمام جحافل القتلة، واتضح بعد ذلك أن تفسير أبوتريكة كان صحيحا!.

اتضح أيضا أن السلطة استدرجت شباب «ألتراس أهلاوي» للمذبحة بعدما شاركوا بفاعلية في ثورة 25 يناير وكسروا عنجهية الأمن. تبين أنها صممت على الانتقام منهم لأنهم قبل المذبحة بأيام هتفوا في إحدى مباريات ناديهم: يسقط.. يسقط حكم العسكر.

الانقلاب يقضي حاليا على هؤلاء الشباب. أصدر حكما قضائيا باعتبارهم جماعة محظورة. اعتقل كثيرين منهم، مع حملات تحريضية واسعة ضدهم في الإعلام. يريد مشجعين منكسرين مهزومين. يذهبون للفرجة على المباريات ويتفاعلون مع الهدف و «الترقيصة» وضربات الجزاء وفقط، ودون أن يتدخل في الشأن العام ويهتف ضد من ينتهكون الشعب.

(4)
وضح تماما أن الانقلابيين يريدون تدجين الأهلي ليصبح ناديا عاديا مثل باقي الأندية وتخليصه من عنفوانه وكونه «نادي الوطنية المصرية»، بعدما نشأ ليكون ناديا للمصريين ضد الاحتلال الإنجليزي؛ ولأن رئيس النادي السابق حسن حمدي متهم في قضايا إهدار مال عام، فقد اشترى رضا السلطة وباع أيقونة مصر أبوتريكة، حتى طفشه من النادي وأجبره على الاعتزال، لمجرد أنه صاحب ضمير وطني ورفض مذابح السلطة.

لم ينسوا له رفضه مصافحة وزير الرياضة الانقلابي طاهر أبوزيد في نهائي بطولة الأندية الإفريقية 2013. اضطهدوا معه كل من يرفض حياة العبودية، وذبحوا اللاعب أحمد عبدالظاهر بعدما رفع على استحياء بعد هدفه في ذلك النهائي إشارة «رابعة» تضامنا مع الشهداء. اتهموه برفع شارة سياسية رغم أنها غير مصنفة في الإشارات التي يعاقب عليها الاتحاد الدولي. حرموه من مكافأة الفوز بالبطولة التي كان سببا أساسيا في حصدها، ومنعوه من المشاركة في كأس العالم للأندية، ثم نفوه لمدة عام في ليبيا.

(5)
مجلس الإدارة الجديد لم يكن أقل كرما في تخليص النادي من أفضل عناصره لمجرد أنهم ضد وأد التجربة الديمقراطية. نائب رئيس المجلس هو رئيس حزب المصريين الأحرار بقيادة رجل الأعمال نجيب ساويرس، وهو الحزب الذي يسير في ركب الانقلاب وكان من ناشري الفوضي ومموليها في الشارع أيام مرسي، ودعم كل أشكال الانقلاب على الرئيس الشرعي (باعتراف ساويرس نفسه).

يقال إن صبي ساويرس هو من يقود النادي فعليا بدعم خفي من رجل الأعمال؛ لذلك ظهرت البشائر سريعا بمجرد تولي هذا المجلس السلطة: إقالة هادي خشبة رئيس قطاع الكرة المؤيد للرئيس محمد مرسي. إقالة مدير الجهاز سيد عبدالحفيظ المحترم بتهمة «الأخونة». إقالة المدير الفني محمد يوسف الفائز ببطولة إفريقيا «تهمته أنه صديق هادي خشبة»!! ثم طالت الهوجة كل المدربين في المراحل السنية المختلفة المؤيدين للشرعية، وطبيب الفريق الأول.
الطامة الكبرى كانت ذهاب رمز النادي محمود الخطيب -المعروف طوال عمره بحياديته- بعد الانقلاب ضمن وفد الموالسين اللاهثين لمبايعة الانقلابي الأكبر رئيسا. نسي أن الأهلي هو المطلوب وليس الطالب، تناسى أن جمهور النادي نحو %70 من المصريين. مسح من ذاكرته تاريخ صالح سليم وكبرياءه.

(6)
إذن كل شيء في مصر في عهد الانقلاب طاله القبح. وكان الأهلي آخر المعاقل. المفارقة أن الانقلاب لم يكتف بهذا، فبعدما تحفظ على أموال الأسطورة أبوتريكة، بزعم دعمه الإخوان، فقد أعطى الضوء الأخضر لأحد نكرات المحامين الذين يتطوعون ويفخرون بالعمل خدما لدى أصغر صبي من صبيان أتفه مسؤول في السلطة، بمطاردة عدد كبير من نجوم الأهلي المحترمين.

وهكذا رفع المحامي النكرة قضية يطالب فيها بالتحفظ على أموال هؤلاء النجوم أسوة بأبوتريكة، والتهمة الجاهزة «الأخونة». ومن نجوم الفريق الحاليين أحمد عبدالظاهر وشريف عبدالفضيل إضافة إلى أحمد فتحي المحترف في «أم صلال» القطري، وطارق سليمان مدرب حراس المرمى، وطبيب الفريق ومساعده، ومن النجوم السابقين (وبعضهم من مشاهير المدربين حاليا) هادي خشبة وعماد النحاس ومحمد رمضان ومختار مختار وربيع ياسين ومحمد عامر ومجدي طلبة.

إذن تبين أن الأهلي -مصدر بهجة المصريين- هو أحد أفرع جماعة الإخوان، لذلك حقت عليه اللعنة، ولنترقب قريبا أحد أعمدة القضاء الذي ضحكت من «شموخه» الأمم، يحيل أوراق النادي ومعه عشرات الملايين من مشجعيه إلى فضيلة المفتي!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …