‫الرئيسية‬ مقالات مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي: هل مصر مستقرة؟
مقالات - يونيو 2, 2015

مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي: هل مصر مستقرة؟

على عدد من المستويات، لا يبدو أن النظام السياسي المصري في حالة جيدة من الاستقرار على الإطلاق. وتظهر في مصر مشاكل وأمراض المجتمع المعرض للتحديث؛ حيث الطبقة الوسطى التي تريد أكثر، ولكنها تخاف من الحصول على أقل وأقل، والنخبة القديمة العازمة على الحفاظ على امتيازاتها، والتنمية الاقتصادية غير المتوازنة، والتمدن السريع. وعند إضافة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وزيادة تكاليف الوقود، وانقطاع الكهرباء، وانهيار البنية التحتية، وانعدام شبكة الأمان الاجتماعي منذ فترة طويلة، والتمرد القوي، إلى هذا المزيج، يصبح لدينا خليط يرقى لأن يكون وصفة سحرية من السياسة المتنازع عليها، وعدم الاستقرار، والعنف.

وربما لأنه مبتدئ، لم يقم السيسي بعمل جيد حتى الآن في إدارة هذه التحديات المعقدة ومتعددة المستويات. ويحكم السيسي من خلال تركيز شديد على الإكراه والمحسوبية، ومع القليل من الرؤية الأصيلة أو الإيجابية لمستقبل مصر الذي من الممكن أن يوافق عليه معظم المصريين. ولو كان لدى القيادة مثل هذه الرؤية، لما كانت وسائل الإعلام والمسؤولون بحاجة إلى التشكيك بأولئك الذين يختلفون معهم، أو اتهام كل نقادهم بأنهم من أنصار جماعة الإخوان المسلمين، أو من المتعاطفين مع الإرهابيين، أو من عملاء قطر وتركيا وحماس وإسرائيل وإيران، وبطبيعة الحال، الولايات المتحدة. عندما يعتمد زعيم ما بشكل حصري تقريبًا على القوة أو التهديد باستخدام القوة، فإنه دائمًا ما يفشل في الحصول على ولاء السكان؛ وبالتالي، تتعرض قدرته على بسط سيطرته السياسية للخطر. وقد كان هذا هو سبب تراجع حسني مبارك.

ومنذ أن أرسل المجلس الأعلى للقوات المسلحة مبارك إلى السجن في 2011، مال الصحفيون والأكاديميون وصناع القرار إلى النظر في السياسة المصرية من خلال منظور هذا الحدث، والاحتجاجات الضخمة التي أدت لحدوث انقلاب يوليو 2013. لقد كنا ببساطة نتطلع لثورة ميدان التحرير المقبلة.

ولأن هناك سببًا وجيهًا لهذا، فإن قيادة البلاد تبدو خائفة بشدة من استفزاز المصريين للنزول إلى الشوارع مرة أخرى. وفي هذا الإطار، يعد تركيز السيسي على التقليل من مشاكل الكهرباء خلال هذا الصيف، وتحديدًا في شهر رمضان، مفهومًا؛ حيث إنه، ومع ارتفاع متوسط لدرجات الحرارة، سوف يسهم انقطاع تكييف الهواء مع انقطاع التيار الكهربائي في زيادة بؤس وغضب الجياع فقط خلال شهر الصوم. وسيكون هناك أيضًا سخط إضافي ناجم عن فقدان الناس لفرصة متابعة برامج التلفاز المفضلة في رمضان نتيجةً لانقطاع التيار الكهربائي.

ورغم ذلك، لا تقتصر السياسة في مصر على “الشارع” فقط، ويبقى أن نرى ما إذا كان السيسي يقود الدولة فعلًا. ومن الواضح جدًا أن كلًا من الرئاسة، ووزارة الدفاع، ووزارة الداخلية، وجهاز المخابرات العامة، والقضاء، يتفقون على أن انتفاضة 25 يناير، وما أعقبها، وفترة مرسي، كانت أمورًا “وخيمة” لا يجب أن تتكرر؛ إلا أنه، ومن جهة أخرى، يبدو أن هناك تنافسًا مؤسسيًا، وصدوعًا سياسية، وجهودًا مبذولة، للتأكد من ضمان المصالح الضيقة لكل من هذه المؤسسات. وتساهم هذه الصراعات في زيادة عدم الاستقرار؛ مما يثير تساؤلات حول متانة النظام السياسي المصري.

وفي النهاية، تشير الدلائل جميعها إلى أن مصر على الحافة، ولكنني ما أزال مترددًا في القول بشكل قاطع إن عدم الاستقرار الحالي سوف يستهلك السيسي كما فعل بمرسي ومبارك. ومن الصحيح أن الأغلبية الساحقة من المحللين يدركون أن لا شيء تقريبًا على ما يرام في مصر، ولكن لا أحد منهم يستطيع أن يكون متأكدًا من أن البلاد تتجه نحو جولة أخرى من الاضطرابات السياسية، والسبب في ذلك هو أن الانتفاضات والثورات هي، بطبيعتها، أمور لا يمكن التنبؤ بها.

ومن المهم أيضًا أن نأخذ في الاعتبار أنه قبل 25 يناير 2011، كان لدى الجميع تقريبًا صعوبة في تخيل مدى هشاشة النظام السياسي في مصر. واليوم، يحتاج المحللون لتجنب الوقوع في نفس الفخ، ولكن في الاتجاه المعاكس. ومعنى هذا، هو أننا يجب أن ننظر في إمكانية أنه، وعلى الرغم من التنازع السياسي والعنف والقمع، قد يكون النظام السياسي للسيسي أكثر دوامًا وقدرةً على الاستمرار مما نتصور.

——–
نقلا عن (التقرير)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …