زيارات السيسي الأربع لبوتين: إيش ياخد الريح من البلاط!
يستغرب خبراء سياسيون كيفية جمع مصر بين صداقتها للسعودية وروسيا على السواء، ويرون أن القاهرة قد تضطر للاختيار، أو هي تفاضل حاليا بالفعل، وربما تضغط على السعودية بالورقة الروسية من خلال زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي لروسيا والتي زارها اربعة مرات منذ الانقلاب العسكري علي الرئيس السابق محمد مرسي.
هذا السؤال أثارته أيضا مجلة “ذا ترومبيت” الأمريكية في تقرير نشرته الاحد 10 مايو، حيث تعتقد أن هناك إسفينا سوف يباعد بين مصر والسعودية قريبا، وقد يضع القاهرة كصديق لإيران، وتري أن روسيا تدق طبول الفُرقة بين مصر والسعودية.
تقرير مجلة “ذا ترومبيت” الأمريكية Trumpet Weekly التي تصدر عن “كنيسة الله” Church of God، والذي كتبه “جيرمياه جاكوز” تحت عنوان “هل تشجع روسيا الفرقة بين مصر والسعودية؟” أشار إلي أنه “في الوقت الحاضر، يتمتع السيسي بشراكة قوية مع كل من السعودية وروسيا، لكن إذا تحسنت العلاقات بين القاهرة وموسكو أكثر من ذلك، سيكون من الصعب احتفاظ مصر بتحالفها مع السعودية”.
وقال: “بما أن روسيا موالية لإيران ومعادية للسعودية، سيتعين على مصر الاختيار قريبا: إما الروس أو السعوديين، وقد تؤدي هذه الخطوة إلى دفع مصر بعيدا عن السعودية، وجذبها نحو المعسكر الإيراني”.
ويشير لأن الصراع اليمني “أدي إلى تعزيز الشراكة بين مصر والمملكة العربية السعودية لمقاتلة عدو مشترك هو الحوثيين الجماعة الشيعية المتطرفة المدعومة من جانب إيران، لكن هناك إسفينا سوف يباعد بين مصر والسعودية، ويضع القاهرة كصديق لإيران”.
هل تكون روسيا هذا الإسفين؟
ويتساءل الكاتب: هل تكون روسيا هذا الإسفين؟، قائلا إنه “لا يخفى على أحد أن روسيا تنحاز إلى إيران في الصراع اليمني وفي العديد من القضايا الشرق الأوسطية أيضا، حيث يتشارك ملالي إيران الهدف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء عصر الهيمنة الأمريكية، ويحرص الجانبان على التعاون للوصول لهذا الغرض كلما أمكن، وتقف موسكو وطهران معا في عرض الدعم الحازم لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، إذ أن سوريا تحت حكم الأسد هي الحليف الأكثر قيمة في المنطقة لكل من إيران وروسيا”.
وبعد أن يستعرض الكاتب إدراك المملكة العربية السعودية – حليفة الولايات المتحدة، والعدو الإقليمي الرئيسي لإيران – أن التدخل الروسي في المنطقة موالي لإيران، وترفض ذلك بشدة، يقول أن العلاقات الروسية مع مصر تزدهر، إذ تعود بداية هذه العلاقة إلى العقد 1500، عندما قدم قياصرة روسيا الدعم للمسيحيين المصريين، واستمرت هذه العلاقة خلال الحقبة السوفيتية عندما قدمت موسكو الدعم الحيوي للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، ثم تعرضت العلاقات للفتور تحت حكم الرئيسين محمد أنور السادات ومحمد حسني مبارك، عندما ابتعدت القاهرة عن موسكو لصالح اتخاذ موقفا أكثر ولاء لأمريكا.
ويشير التقرير لأن مصر الآن تحت حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي تحتضن روسيا من جديد، بعدما قاطعت الولايات المتحدة السيسي بعد أن صعد للرئاسة من خلال انقلاب عزل بموجبه أول رئيس منتخب ديمقراطيا في البلاد وهو محمد مرسي، وعلقت ثلث مساعداتها العسكرية لمصر، بجانب حجب تسليم بعض الأسلحة لمصر، ما دفع السيسي للبحث عن حلفاء آخرين، بمن فيهم روسيا.
وأن الصداقة الحميمة بين بوتين والسيسي تعبر عن رجلان قويان يقمعان معارضيهما، فبوتين يقاتل التمرد الإسلامي في الشيشان، ولذلك يتعاطف مع معركة السيسي الحالية ضد الإسلاميين المصريين.
وتقول “ذا ترومبيت” أن السياسة الخارجية الأمريكية المتخبطة قطعت بعض الدعم للسيسي، فاقترب بوتين من نظيره المصري القوي، ففي فبراير الماضي 2014، زار بوتين القاهرة، حيث كانت المرة الثانية التي تستقبل فيها مصر قائدا سوفيتيا أو روسيا منذ 50 عاما، ووصفت إحدى الصحف القومية المصرية الكبري بوتين في صفحتها الأولى حينئذ بأنه: “بطل هذا الزمان”.
وخلال الزيارة، أعطى بوتين للسيسي بندقية من طراز كلاشينكوف “إيه كيه 47” الشهيرة، وهي الهدية التي يعتقد المحللون بأنها ترمز إلى رغبة روسيا في ملء فراغ التسليح الذي تركته الولايات المتحدة، كما كشف بوتين عن خطط للمساعدة في دعم الصناعة النووية في مصر.
وقد علقت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية على النفوذ الروسي على مصر حينئذ بالقول: “تحت قيادة السيسي، أصبحت مصر قريبة من موسكو بشكل متزايد، وانحرفت بعيدا عن واشنطن.. وأصبحت السعودية داعما ماليا رئيسيا لمصر في السنوات الأخيرة، ويقترح البعض أن دعم السيسي الجامح للعمل العسكري في اليمن ينبع من الإحساس بالمديونية، لكن السعودية ليست حليفة لمصر وحدها، وربما لن يتخلى السيسي عن علاقاته مع بوتين”.
لكن إذا استمرت الروابط بين القاهرة وموسكو نحو المزيد من الدفء، من الصعب أن تظل علاقة مصر مع السعودية سوية، فروسيا موالية لإيران ومعادية للسعودية، وسيتعين على مصر قريبا اختيار إما الروس أو السعوديين.
واختم المجلة تقريرها بالقول أنه: “إذا تواصل الانجذاب الروسي – المصري، فإن ذلك يعني أن خط الصدع سيقسم السعودية ومصر، كما قسم روسيا وأوروبا، وسيساهم ميل أمريكا لخيانة حلفائها (مصر) في حدوث ذلك، وقد تؤدي هذه الخطوة إلى دفع مصر بعيدا عن السعودية، وجذبها نحو المعسكر الإيراني”.
أربع لقاءات بين السيسى وبوتين بلا نتيجة
ويقول مراقبون مصريون أنه بالرغم من لقاء السيسي وبوتين 4 مرات منذ انقلاب السيسي في مصر، في غضون 15 شهرا، آخرها زيارة السيسى لموسكو حاليا للمشاركة في الاحتفالات بعيد النصر الروسي، فلم تنتج هذه اللقاءات عن أي نتائج حقيقية، ولم تجن مصر من عودة علاقاتها مع روسيا أي مكاسب علي صعيد التسلح أو المفاعلات النووية أو دعم الاقتصاد المصري، حيث انتهت اللقاءات الاربعة بمجرد وعود.
فاللقاء الأول تم في فبراير 2014، حين التقى السيسى، بصفته وزيرا للدفاع، ببوتين، واتفق الطرفان على تنفيذ عدد من المشروعات المشتركة لتعزيز التعاون الاقتصادي، ومحاولة صياغة اتفاقية للتعاون العسكري بين البلدين.
وفى الحادي عشر من أغسطس عام 2014، جري اللقاء الثاني بين السيسى وبوتين، وبحثا خلاله زيادة حجم الصادرات الغذائية المصرية لروسيا، بنسبة 30%.
وفى التاسع من فبراير 2015 زار بوتين مصر، وانتهى اللقاء بالاتفاق على مساعدة مصر في إقامة المحطة النووية في الضبعة، دون نتيجة فعليه.
ومثلت الزيارة الحالية التي بدأها السيسى السبت 9 مايو، لروسيا، اللقاء الرابع بين الرئيسين، لحضور احتفالية عيد النصر، الذى يشارك فيه نحو 15 ألف جندي ومئات الدبابات وعشرات الطائرات بالساحة الحمراء في موسكو، ولم ينتج عنها أيضا أي شيء.
وقد ذكر الموقع الإلكتروني الرسمي لقصر الرئاسة الروسي (الكرملين) وقائع اللقاء الأخير الذي جرى بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والمصري عبد الفتاح السيسي على هامش حضور السيسي احتفالات روسيا بالذكرى السنوية السبعين لانتصارها على النازية، مشيرا لكلمتي الطرفين التي بلغت 199 كلمة فقط كلها مجاملات دون اتفاق على أي شيء.
فقد تناول لقاء الرئيسين مناقشة سبل تحسين العلاقات بين البلدين، كما شكر الرئيس الروسي نظيره المصري على مشاركته في احتفال روسيا بعيدها في موسكو، وبلغ إجمالي ما قيل خلال تلك المحادثات بين بوتين والسيسي 199 كلمة كان للرئيس المصري النصيب الأكبر منها.
انهيار اقتصاد روسيا يضعف مصر
ويقول خبراء اقتصاد أن انهيار اقتصاد روسيا بفعل الخطة السعودية الخاصة بتخفيض أسعار النفط، لا يفيد مصر، وأضر بالسيسي الذي فشل في الحصول علي مزايا من علاقته مع روسيا بسبب ذلك.
ففي الوقت الذي تعمل فيه مصر جاهدة على تعزيز علاقتها الاقتصادية بروسيا، تقف روسيا في موقف حرج، فهي متعثرة اقتصاديا بشكل كبير، ووفقا لتقرير البنك الدولي، من المتوقع انكماش الناتج المحلى الروسي بنسبة 3.8 % خلال 2015، وبنسبة 0.3% خلال عام 2016، مع استمرار انخفاض أسعار النفط.
أيضا توقعات الحكومة الروسية نفسها، تشير إلى احتمالية تراجع الناتج المحلى الإجمالي بنسبة 0.8% العام الجاري، وأكدت هبوط الروبل الروسي إلى 57% مقابل الدولار الأمريكي، كما اعترف البنك المركزي الروسي بأن التضخم قد يصل 15% خلال العام الجاري.
كذلك توقعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني استمرار الكساد الاقتصاد الحاد في روسيا حتى عام 2017، وذكرت تقارير أخرى أن الاحتياطي النقدي الروسي فقد نحو 134.2 مليار دولار في غضون عام، حيث تراجع من 510.5 مليار دولار، مطلع يناير 2014 إلى 376.3 مليار دولار في نهاية فبراير الماضي.
وهذا الانهيار والتدهور في الاقتصاد الروسي يفشل المحاولات المصرية لتوطيد العلاقة مع روسيا بهدف الاستفادة منها اقتصاديا، بحسب الدكتور محمد حسين، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، وهو ما يجعل استفادة مصر من روسيا مستحيلة اقتصاديا في ظل كساد الاقتصاد الروسي.
ويقول د. حسين أن المستفيد من عودة العلاقات هي روسيا نفسها وليست مصر، مضيفا: “روسيا تستخدم مصر كمنصة تهاجم منها الغرب خاصة أمريكا، وبالتالي محاولة مصر التلاعب بالورقة الروسية للنكاية في أمريكا لن تجدى نفعا بعدما خرجت روسيا من سباق الدول العظمى”.
وقد نقل موقع “مصر العربية” علي الانترنت عن “عادل عامر”، الخبير الاقتصادي، قوله: “أن مصر لم تجنِ شيئا من ثمار عودة العلاقات المصرية الروسية، سوى أمل بإتمام الاتفاق على إنشاء 3 محطات نووية بالقاهرة”، ويقول أن مصر لم تهدف من الاقتصاد الروسي غير التسليح، وإنشاء المحطات النووية، خاصة بعد رفض أمريكا وإسرائيل لإقامتها بمصر، بينما روسيا تسعى لاستعادة التوازن الاقتصادي والعسكري مع مصر، بعد أن ارتمت الثانية في أحضان الولايات المتحدة الأمريكية لعقود طويلة.
وقد أكد الدكتور محمد البدرى، سفير مصر بروسيا، في تقرير أصدره الجمعة 8 مايو الجاري على خلفية زيارة السيسى لموسكو، أن حجم الميزان التجاري بين روسيا مصر، بلغ العام الماضي نحو 5,5 مليار دولار، منها 580 مليون دولار صادرات مصرية، معظمها من المحاصيل الزراعية بنحو 4 مليارات جنيه، مشيرا إلى أن روسيا تعد أكبر مصدر للقمح والسياحة إلى السوق المصرية.
واعترف سفير مصر بروسيا بأن الاستثمارات الروسية في مصر تمثل الجانب الأضعف في أضلع العلاقات المصرية الروسية، وأنها بحاجة لمزيد من الجهد للارتقاء به ليصبح على مستوى العلاقات القوية بين البلدين، ما يعني عدم استفادة مصر حتي الان من علاقتها مع روسيا.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …