الباعة الجائلون .. حين يتقاعد خيل الحكومة
“أنا غلطان وأستاهل قطع إيدى بسبب إنى مضيت استمارة تمرد ضد مرسى وجبت السيسي” بعبارات الندم تلك وغيرها من مئات العبارات، عبر العديد من الباعة الجائلين عن ندمهم التام على مشاركتهم فى عزل الرئيس مرسى على يد المؤسسة العسكرية ووقوفهم بجوار الأجهزه الشرطية فى قمع المظاهرات السلمية للثوار، سواء قبل انقلاب 3 يوليو أو بعده، خاصة بعد شعورهم بتخلى السلطة عنهم وانقلابها عليهم بعد انتهاء دورهم “تماما كما يحدث مع خيل الحكومة”.
“الباعة الجائلون” قضية قديمة متجدده، لا يكاد ينفك الحديث عنها بين الحين والآخر، إلا أن التناول الإعلامى لها ازداد مؤخرا بعد حملات الإزالة الجماعية التى تقوم بها الأجهزة الأمنية لهم فى عدة ميادين على مستوى الجمهورية، وكان آخرها ما تم بحقهم فى ميدان رمسيس خلال اليومين الماضيين.
وبحسب مراقبين، فإن قضية الباعة الجائلين لا يجب النظر إليها فقط من ناحية حرص الدولة على تيسير حركة المرور فى الشوارع والميادين فحسب، بل يجب أيضا أن يتم التذكير بالدور الذى كانوا يلعبونه فى قمع المظاهرات والاحتجاجات السلمية؛ حيث تتهم الدولة والأجهزة الأمنية من قبل نشطاء وسياسين وحركات ثورية باستخدام الباعة الجائلين على مدار سنوات عدة، كأداة قمع لمعارضيهم.
وبرز دور الباعة الجائلين فى فض الاعتصامات والمظاهرات المناهصة للانقلاب العسكرى بعد 3 يوليو على وجه الخصوص، حيث كشف العشرات من الباعة الجائلين أن الأجهزه الأمنية والشرطية كانت تكلفهم بمواجهة ما يصفونها بمظاهرات الإخوان، وتصدرهم فى المشهد على اعتبار أنهم مواطنين شرفاء يواجهون العمليات التخريبية التى يقوم بها المتظاهرون، بحسب وصف الأجهزه الأمنية.
شاهد فيديو اعترافات الباعة الجائلين باستخدامهم دروعا بشرية لقمع المتظاهرين السلميين:
السيسى ينقلب على كل مؤيديه
وفى إطار انقلاب المشير السيسى على كافة مؤيديه الذين ناصروه فى الثالث من يوليو 2013، على اعتبار أن ذلك أحد السنن الكونية للانقلابات العسكرية، ظهرت على الساحة مجددا قضية الباعة الجائلين، ولكن هذه المرة ليست فى إطار مناصرة السلطة والأجهزة الأمنية ولكن فى إطار السخط والسب والشتم والغضب تجاه تعامل الأجهزة الأمنية معهم.
ومنذ عدة أشهر، بدأت قوات الشرطة فى إخلاء الميادين الكبرى من الباعة الجائلين بحجة تيسير حركة المرور وسير المواطنين، ولكن دون أن توفر لهم الدول أماكن بديلة يجد فيها هؤلاء الباعة أماكن للرزق الحلال.
شاهد باعة رمسيس وهم يخاطبون السيسي “وقفنا معاك بلاش تنقلب علينا”:
الباعة الجائلين: الحكومة تتعمد إهانتنا
وعلى طريقة عض الأصابع من الغيظ والندم، انتاب الباعة الجائلون بميدان رمسيس حالة من الغضب؛ بسبب إحضار محافظة القاهرة نماذج بيع مخصصة لوضعها فى سوق موقف أحمد حلمي، استعدادًا لنقل باعة ميدان رمسيس إليها، بجانب عدم منح المحافظة تراخيص ثابتة لهم قبل نقلهم للسوق، ما يعنى أن النقل سيكون بشكل مؤقت، دون سند قانونى لوجودهم.
وقال محمد عبد الله – نقيب الباعة الجائين – إن المحافظة لم تعلن حتى الآن خطة واضحة لنقل الباعة، ما تسبب فى حالة من التخوف لديهم، خاصة أن موقف أحمد حلمى يسع 500 بائع فقط، سيفترشون بضائعهم على الأرض بشكل غير آدمي، ما يعنى أن المحافظة ستتخلى عن بقية الباعة، أو ستنقلهم لأماكن أخرى بعيدة عن الميدان.
وطالب نقيب الباعة، حكومة السيسى بتقنين أوضاعهم قبل نقلهم للأسواق البديلة، ومنحهم تراخيص مزاولة نشاط، وتخصيص أماكن لهم بشكل حضاري، مؤكدًا أن النقابة طرحت الكثير من الحلول على المسئولين لتقنين أوضاعهم.
شاهد فيديو أحد الباعة الجائلين يشكر الحكومة على وقف حاله:
وفى السياق ذاته، تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعى، أحد الباعة الجائلين بلغ به الشعور بالإهمال والقهر والذل من قبل الحكومة إلى حد أن قام بمهاجمة الحكومة فى قلب أحد الميادين العامة، داعيا عليهم أن يبتليهم الله بتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” لتنتقم لهم مما تفعله الحكومة بهم.
شاهد الفيديو:
خبراء: يجب توفير بديل لتجار الرصيف
فى المقابل، يؤكد خبراء ومراقبون ضرورة توفير بديل لتجار الرصيف، ودمجهم فى الاقتصاد الرسمي، وذلك لاستغلال هذا النشاط فى دعم معدلات النمو الاقتصادي، لا سيما أن حجم هذه التجارة قد تضخم بشكل كبير فى الفترة الأخيرة، وبلغ فى القاهرة وحدها نحو 12 مليار جنيه.
وبحسب أحمد حسين، نقيب الباعة الجائلين فإن حجم الأعمال الموجودة فى قطاع الباعة الجائلين يقدر بـ 12 مليار جنيه بالنسبة للمحافظة القاهرة فقط، مشيرًا إلى أن اقتصاد الباعة الجائلين يشكل اقتصادًا موازيًا لاقتصاد الدولة.
وأكد أن عدد الباعة الجائلين فى مصر يصل إلى ما يقرب من مليون بائع على مستوى الجمهورية، مشيرًا إلى أن أكثر الباعة يتمركزون فى مدينة القاهرة والجيزة والإسكندرية.
وفى السياق ذاته، طالبت بسنت فهمي، الخبيرة الاقتصادية، “محلب” بضرورة إيجاد أماكن خاصة للباعة الجائلين خارج الميادين العامة وغيرها، ويجب على الدولة نقلهم لأماكن يسهل على المواطنين الوصول إليهم، مستنكرة هدف الحكومة من نقل الباعة إلى أماكن منظمة بهدف جمع وتحصيل ضرائب.
وأكد أن الباعة الجائلين يساهمون بشكل كبير فى الناتج القومى بقيمة لا تقل عن 20% من الدخل، بالإضافة إلى مساهمتهم فى تقليل نسبة البطالة بواقع 30%، وتساءلت: “كيف يمكن إعفاء الأغنياء من الضرائب وفى نفس الوقت نجمعها من الطبقات الكادحة”.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …