الساعات الأخيرة لحكم مرسي.. أين الخطأ؟
الفيلم الوثائقي الذي بثته قناة الجزيرة عن الساعات الأخيرة لحكم الرئيس محمد مرسي، رغم أنه لم يضف جديدا ذا أهمية من حيث المعلومات إلا أنه نكأ جراحا، وأعاد الجدل حول فترة حكم الرئيس مرسي، وتزامن هذا الجدل مع حالة من الغضب والإحباط لدى الكثيرين مما وصلت إليه الأوضاع بعد 5 سنوات من الانقلاب، ومحاولة البعض البحث عن “حيطة مايلة” أو شماعة يعلقون عليها وحدها كل ما حصل.
مرسي والذين معه في القصر الرئاسي أو قبل ذلك في حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان هم بشر، أخطأوا وأصابوا، ولم يستطع غيرهم الوصول إلى قصر الحكم، وانتزاعه ولو لمدة عام واحد من بين أنياب العسكر الذين ظلوا مهيمنين عليه لمدة ستين عاما قبل مرسي ثم عادوا له مجددا بعد إطاحتهم به في انقلاب عسكري بغيض.
حجم الحصار
لا أبرئ الرئيس مرسي من الخطأ ومن المسئولية عما حدث، لكن علينا أن نتذكر حجم الحصار العسكري والأمني والسياسي والبيروقراطي والإقليمي والدولي الذي كان يحيط به منذ اليوم الأول لوصوله إلى قصر الإتحادية، سيقول البعض وما الذي دفعه للبقاء في ظل هذا الحصار الذي لم يكن يستطع مواجهته؟ والرد هو تحمله لأمانة حمله إياها شعب مصر، وفضله عن غيره من المرشحين الثلاثة عشر، ورأى فيه الأمل في مواجهة التحديات، والتحرك بمصر على المسار الديمقراطي، وقد حاول الرجل، وبذل ومن معه كل الطاقة، لكن المؤامرة كانت أكبر منهم بكثير، وقد شارك فيها كثيرون ممن يتندرون اليوم على حكم مرسي ويصفونه بالغباء والضعف… الخ.
لم يكن الفيلم أمينا في نقل الصورة الكاملة للساعات الأخيرة لمرسي في قصر الإتحادية وأبسط دليل على ذلك أن منتجيه لم يستمعوا لشهادة أسرة مرسي التي كانت أكثر التصاقا به في تلك الساعات، والأسرة متاحة للحوار، وتمتلك شجاعة الحديث، وحتى لو لم يتمكن منتج الفيلم من الوصول إليهم فقد كان بوسعه إرسال أسئلته لها، ليأتيه الرد مصورا وموثقا، وحتى شهادة الضيف الرئيسي في الفيلم وهو خالد القزاز سكرتير الرئيس للإتصال الدولي جاءت عكس الرواية الأصلية لها، حسب مقال لخالد نشره لاحقا، فقد كان يتهكم وكاد أن ينفجر من الضحك حين قال له السيسي في الأيام الأولى لتعيينه وزيرا للدفاع إننا بحاجة للحفاظ على الرئيس مرسي والمشروع الإسلامي، ما يعني أن سكرتير الرئيس كان يدرك نفاق السيسي لكنه تعامل بروح رجل الدولة الذي يضبط انفعالاته، بينما ظهر في الفيلم كشخص ساذج صدق تلك الكذبة، كما ظهر انها كانت في الساعات الأخيرة لحكم الرئيس.
في موسم التنفيس عن الغضب والاحتقان، والإحباط لابد أن تكون الوجهة الصحيحة هي عصابة السيسي التي انقلبت على الرئيس مرسي، وليس على الضحية مهما كان خطؤه، وكان على كل الناقدين أن يمتلكوا الشجاعة للتعبير عن رفضهم للانقلاب، وللخداع الذي مارسه السيسي ضد مرسي ورجاله، والذي مارسه لاحقا (بالمناسية) ضد من يتندرون اليوم على مرسي، ثم بعد ذلك يكون من حقهم أن يلوموا أيضا الرئيس مرسي وفريقه أنهم لم يمتلكوا الحنكة الكافية لمواجهة ذاك الخداع.
التزمت بالقرار
شخصيا كنت ضد تقديم الإخوان لمرشح رئاسي لكنني التزمت بالقرار وأصبحت عضوا في الحملة الإنتخابية المركزية للرئيس مرسي، وشخصيا كنت أستشعر خوفا من شخصية الرئيس مرسي الصلبة العنيدة التي أعرفها، وكنت أقدر أنها ربما ليست هي الشخصية المناسبة لذاك الظرف بعد ثورة يناير، ولكن الرئيس ظهر بشخصية مختلفة، تبدو أكثر ثباتا وهدوءا، وتحملا للمسئولية الوطنية، ولعل هذه الشخصية هي التي دفعته لعدم إتخاذ قرارات كان ينتظرها الجميع ومن بينهم كاتب هذه السطور في الساعات الأخيرة لحكمه مثل إقالة عبد الفتاح السيسي، حتى وإن لم يستطع عمليا تتنفيذ ذلك القرار فقد كان يكفيه نزع رداء الشرعية عنه قبل أن ينزعه هو عن مرسي، ولعلنا جميعا نتذكر كلمات الرئيس مرسي الأخيرة، التي دعا فيها للحفاظ على الثورة والحفاظ على الجيش ومؤسسات الدولة، وكذا التي أكد فيها أنه يريد الحفاظ على الشباب والحفاظ على البنات، باختصار كان يريد تجنيب مصر لحرب أهلية، يدرك أن قرارا انفعاليا منه يمكن أن يجر البلاد إليها، خاصة مع وجود من كانوا جاهزين لتلك المهمة القذرة (السيسي وعصابته والأطراف الداعمة له).
لم يكن بيد الرئيس مرسي الكثير ليفعله في الساعات الأخيرة بعد أن أطبق العسكر الحصار عليه، وساندتهم بغباء قوى مدنية تدفع اليوم ثمن ذلك الغباء، ولكن في تقديري كان أمام الرئيس وفريقه فرصا في الأشهر الأخيرة – وليس الساعات الأخيرة- للتخلص من عبد الفتاح السيسي وعصابته، كان بإمكانه إجراء تغيير وزاري يلبي مطالب شعبية، ولكنه يتضمن أيضا التخلص من السيسي خاصة بعد أن ظهرت منه عدة مؤشرات سلبية كانت كفيلة بنزع أي ثقة فيه بدءا من دعوته مع أحمد جمال الدين( وزير الداخلية الأسبق) لحوار وطني دون علم الرئاسة والحكومة ( ألغته الرئاسة)، ومرورا بدعوته للفنانين والإعلاميين المناوئين فقط لحكم الرئيس مرسي في تفتيش الحرب في دهشور يوم 10 مايو 2013، وإنتهاء بمهلة الأسبوع التي منحها للقوى السياسية للتوافق، وعلى العموم فإننا ننتظر أن نسمع من الرئيس نفسه سر تعيينه للسيسي وسر تمسكه به وثقته فيه رغم كل تلك المؤشرات السلبية.
ليسوا ملائكة
المؤكد أن مرسي وفريقه ليسوا ملائكة، وليسوا معصومين من الخطأ بل كان لهم الكثير من الأخطاء، ولكن المؤكد أيضا أن غيرهم ممن توهموا امتلاك الحكمة وفصل الخطاب تعرضوا أيضا للخديعة، وشاركوا في جر مصر إلى هذا الوضع المزري، ومن واجب الجميع الاعتراف بهذه الأخطاء بحق الوطن والثورة، وتجاوز ذلك الماضي لإنقاذ الحاضر والمستقبل.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …