سياسيون: اعتقال “بشر” تصعيد وغلق لملف المصالحة
قال خبراء وسياسيون، إن اعتقال الدكتور محمد علي بشر، القيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية، يحمل عدة رسائل، وله عدة أسباب، فهو رسالة بالتصعيد ضد التحالف من السلطة الحالية، ومحاولة لإغلاق كل المسارات أمامه، وعصف بالورقة الأخيرة التي يمكن استخدامها للتفاوض أو المصالحة، كما أن اعتقاله مرتبط بفشل مبادرات التسوية التي قامت السلطة بإدارتها.
كما أن اعتقاله محاولة استباقية لقمع الاستعدادات الجارية من جانب بعض القوى الثورية، سواء لما يسمي بانتفاضة الشباب المسلم (28 نوفمبر)، أو للذكرى الرابعة لثورة يناير، كموجات منظمة تهدد استقراره، ودليل على أن النظام هش ومتخوف من شخص تحت حراسته، بعد توقيعه بيانا لتوحيد القوى الثورية.
وتباينت الآراء بشأن علاقة الاعتقال بملف المصالحة، فهناك من يرى أنه انتهى ومغلق بالفعل وبالتالي لا تأثير عليه، ولكنه ضيق أفق وغباء سياسي، وانزعاج من بوادر توحيد القوى الثورية، بينما هناك رأي بأنه إعلان من السلطة بإغلاق ملف المصالحة.
ويأتي اعتقال د. بشر بعد يومين فقط من توقيعه على بيان يدعو لتوحيد الصف قبيل إحياء الذكرى الثالثة لـ”أحداث محمد محمود”، وقبل أسبوع من مظاهرات 28 نوفمبر “انتفاضة الشباب المسلم”، التي دعت لها الجبهة السلفية، وهي إحدى مكونات “التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب”.
وبالتزامن مع إجراءات قمعية واسعة في صفوف طلاب الجامعات والطالبات، كان آخرها اعتقال 30 طالبة بالأزهر وسحلهم، واعتقال ناشطين وصحفيين شاركوا بفعاليات إحياء ذكرى أحداث محمد محمود 19 نوفمبر الجاري.
وعقب تولي الرئيس مرسي الرئاسة في 2012، تم تعيين محمد علي بشر محافظا للمنوفية، قبل أن يتم اختياره وزيرا للتنمية المحلية، وهو المنصب الذي استقال منه عقب 3 يوليو، ويمثل بشر الإخوان في التحالف الداعم لمرسي منذ فض اعتصام ميدان رابعة العدوية يوم 14 أغسطس 2013.
وكان مصدر أمنى بمديرية أمن المنوفية قد صرح بأن مباحث قسم شبين الكوم، وبالاشتراك مع جهاز الأمن الوطنى بمحافظة المنوفية، ألقت القبض على الدكتور محمد علي بشر، وزير التنمية المحلية الأسبق ومحافظ المنوفية السابق، وذلك فى الساعة الثانية والنصف من صباح الخميس 20 نوفمبر الجاري، داخل منزله بالبر الشرقى بمدينة شبين الكوم، وأنه تم وضعه فى سجن شبين الكوم حتى يتم عرضه على النيابة.
وذكر أنه تم إلقاء القبض على د. بشر بعد استخراج إذن من النيابة العامة، لما هو منسوب له من تهمة التحريض على العنف ضد الدولة، والدعوة للفوضى فى مظاهرات 28 نوفمبر المقبل، التي دعت لها الجبهة السلفية، والانضمام لجماعة تخالف القانون.
ويأتي اعتقال د. بشر بالتزامن مع حملة اعتقالات موسعة في صفوف “الجبهة السلفية” التي أعلنت- عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك- مداهمة قوات الأمن لمنازل عدد كبير من قيادات الجبهة وشبابها على مستوى الجمهورية، وأن الأمن كسَّر المنازل وروَّع الأطفال والنساء، واعتقل عددا من أهالي الشباب لإجبارهم على تسليم أنفسهم، وذلك عقب دعوتها لفعالية “انتفاضة الشباب المسلم” في 28 نوفمبر الجاري.
قال د. عصام عبد الشافي، أستاذ العلوم السياسية: “إنه لا يمكن الفصل بين عملية الاعتقال سواء للدكتور علي بشر وغيره من قيادات القوى الثورية الأخري، وبين العديد من الاعتبارات والأمور الأساسية، أولها الربط بين الاعتقال وصدور بيان الرياض؛ لأنه لم يعد أمام سلطة الانقلاب ما يمنع من استخدام كل صور التشدد، وإغلاق كل المسارات أمام تحالف دعم الشرعية”.
وأضاف- في تصريح خاص لـ”وراء الأحداث”- “وذلك بعد أن تم الإبقاء على د. بشر طوال الفترة الماضية كورقة من أوراق المساومة في مواجهة داعمي الشرعية، أي أنه من وجهة نظر الانقلابيين لم يعد هناك ما يحول دون العصف بالورقة الأخيرة التي يمكن استخدامها للتفاوض أو المصالحة”.
وأكد عبد الشافي “أيضا الارتباط بين الاعتقال وشعور الانقلابيين بضمان استقرار الأوضاع للانقلاب وسيطرته على مقدرات الدولة واختفاء المعارضة كليا، أمام استعداد الانقلابيين لاستخدام القوة المفرطة دون رادع داخلي أو خارجي”.
وربط الخبير السياسي أيضا “بين اعتقال د. بشر ومخططات الانقلابيين لقمع الاستعدادات الجارية من جانب بعض القوى الثورية، سواء لما يسمى بانتفاضة الشباب المسلم (28 نوفمبر)، أو للذكرى الرابعة لثورة يناير”.
وأوضح أيضا “وجود علاقة وارتباط بين عملية الاعتقال وفشل مبادرات التسوية التي قامت سلطة الانقلاب بإدارتها عبر عدد من الشخصيات، مثل مبادرة محمد العمدة، ومبادرة “على فتح الباب”.
وقد وصف النشاط الحقوقي وعضو جبهة الضمير عمرو عبد الهادي، اعتقال د. بشر “بمحاولة يائسة للتصعيد، وهو بمثابة شهادة للدكتور محمد علي بشر ببقائه على عهد الثورة، وعدم فتحه قنوات جانبية للعسكر، واعتقاله يؤكد ضيق الرؤيا وضيق الأفق وضيق المشهد على العسكر وقرب سقوطهم، فهم لا يعرفون كيف ينجدون رقابهم، فيعتقلون من هو أمامهم منذ 16 شهر متواصلة”.
وقال “عبد الهادي”- في تصريح خاص لـ”وراء الأحداث”: إن العسكر يعلمون أن المصالحة ثمنها رقبة السيسي وصبحي صدقي، وإن أرادوا صلحا فمناديبهم مترددون دائما على قيادات الإخوان في السجون، ولكن غلق ملف المصالحة تم منذ فترة كبيرة، ولذلك فإن اعتقال د. بشر تحصيل حاصل”.
ويرى “عضو جبهة الضمير” أن اعتقال بشر له علاقة بمظاهرات 28 نوفمبر، ويكشف رعب الانقلاب من انتفاضة يوم 28، مما يجعلهم يعتقلون حتى من هو تحت حراستهم.
وفسر “عبد الهادي” تخوف السلطة من تظاهرات 28 نوفمبر، بأن “النظام أصبح هشًّا للغاية، وقيام موجات محضر لها مثل 28 يجعل تلك الموجة مهددة بوقوع النظام، وقاتلة للمستثمر القائم والآتي، ويهدم أي فكرة لقيام نظام السيسي”.
وِأشار عبد الهادي إلى “وجود علاقة وثيقة بين توقيع د. بشر على وثيقة القوى الثورية لتوحيد الصف الثوري وبين توقيت اعتقاله”.
وقال أحد قادة “تحالف دعم الشرعية” بمصر: إن اعتقال القيادي بالتحالف محمد علي بشر سبقه سلسلة من الضغوط التي تعرض لها القيادي من قبل سلطات الانقلاب، للتوقف عن التعليق على الأحداث الجارية، خاصة بعد التوقيع على بيان للقوى الثورية يدعو لوحدة الصف بين من ينتمون لثورة 25 يناير”.
وأشار- في تصريح صحفي له- “إلى أن القبض على بشر يمثل رسالة تصعيد من السلطات الحالية ضد التحالف، الذي يعد “بشر” القيادة الأبرز فيه”.
وأشار الصحفي مصطفى عبد السلام إلى أن أسباب اعتقال الدكتور محمد علي بشر متعددة، ومن بينها رفض الإخوان أوامر النظام بإصدار بيان يؤكدون فيه رفضهم المشاركة في تظاهرات ما يسمى بـ”الثورة الإسلامية يوم 28 فبراير”، علما بأن الإخوان قالوا إنهم لن يشاركوا.
وأضاف- في تدوينة له على صفحته الرسمية بموقع فيس بوك- “أو بسبب انزعاج النظام من وجود بوادر قوية على توحد القوى الثورية، والبداية كانت بالبيان الصادر قبل موعد ذكرى محمد محمود، أو إغلاق ملف المصالحة مع الإخوان والتحالف الوطني لدعم الشرعية وكل القوى الثورية الرافضة للانقلاب، أو لهذه الأسباب مجتمعة.
وعلق الكاتب الفلسطيني ياسر الزعاترة على اعتقال د. بشر على صفحته على موقع تويتر بقوله: “إذا كانت دولة البوليس لا تطيق خالد أبو النجا وحمزة نمرة؟ فهل ستحتمل بقاء محمد علي بشر خارج السجن، مصر تعيش أسوأ عصورها”.
واعتبر الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل اعتقال الدكتور محمد بشر “بمثابة إعلان عن انتحار آخر شخص كان عنده قليل من الذكاء والسياسة في الأجهزة التي تدير مصر!”.
بينما قال علي خفاجي، أمين شباب حزب الحرية والعدالة بالجيزة: “إن اعتقال سلطات الانقلاب للدكتور محمد علي بشر غباء سياسي منقطع النظير، ويعبر عن العقلية الفاشية التي سرقت مصر وناسها”.
واعتبر “خفاجي” أن اعتقال د. بشر يمثل سقوط آخر ورقة لسيطرة العقل الحكيم على المشهد، ولم يعد أمام الشباب إلا الثورة التي ستأكل كل ما تواجهه بسلمية مبدعة وحراك كبير وقوة راشدة، ما سيؤدي حتما إلى سقوط مبارك الثاني”.
وأضاف أن “قيادات التحالف التي كانت تسيطر على الشباب وحماسهم باتت تعتقل واحدا تلو الآخر، ولم يعد أمامهم إلا تنفيذ ما يرون من أجل إسقاط هذا النظام، في ضوء ثوابت الحراك والرد الثوري الناجز”.
ووصف “التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب” اعتقال د. بشر بأنه دليل على استمرار الهجمة المسعورة ضد مكونات التحالف وأعضائهم، سواء في الجبهة السلفية أو حزب التوحيد العربي، وضد أبناء وبنات الحركة الطلابية الثائرة، وأن الانقلاب أصيب بحالة من هيستريا الثور المذبوح، بعد تزايد الرفض الشعبي له وقوة الفعاليات الرافضة لوجوده”.
دوره في توحيد القوى الثورية ضد السيسي
في تصعيد يشير لغلق ملف الحوار والمصالحة نهائيا في مصر بين نظام السيسي وجماعة الإخوان المسلمين، اعتقلت قوات أمنية خاصة، فجر اليوم الخميس، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين محمد علي بشر، المشرف على ملف الحوار مع السلطة منذ انقلاب 3 يوليه 2013، والذي كان يقود التعبير عن مواقف الجماعة في الأحداث المختلفة.
وبررت السلطات الأمنية اعتقاله بأنه “بناء على إذن من النيابة العامة لاتهامه بالتحريض على العنف والتظاهر ضد الدولة والانضمام لجماعة على خلاف القانون”، فيما أرجعت مصادر متضاربة اعتقال د. بشر الذي يمثل تيار الاعتدال داخل الجماعة، بأنه يأتي على خلفية المشاركة في الدعوة لمظاهرات 28 نوفمبر الجاري، المعروفة إعلاميا باسم “الثورة الإسلامية” التي دعت لها الجبهة السلفية، وسيشارك فيها تحالف الشرعية الذي ينتمي له د. بشر.
ويقول مراقبون، إن القبض على بشر، الذي شغل منصب وزير التنمية المحلية إبان حكم مرسي، يمثل رسالة تصعيد من السلطات الحالية ضد التحالف، الذي يعد بشر القيادة الأبرز فيه حاليا بعدما تم اعتقال كل قادته.
ولفت بيان لجماعة الإخوان المسلمين- في تثمينه لدعوة عدد من الكيانات والشخصيات الوطنية لتوحد المعارضين ضد السلطات الحالية، والاعتراف بالخطأ، تزامنا مع ذكرى أحداث محمد محمود- إلى أن اعتقال د. بشر جاء للعبه دورا في توحيد القوى الثورية.
حيث قال مصدر بجماعة الإخوان، “إن التقارب مع القوى الشبابية والاستعداد لمظاهرات 28 نوفمبر الجاري، هما السبب وراء القبض على محمد علي بشر القيادي البارز بالجماعة وممثلها بالتحالف الداعم لمرسي”.
وقد ندد التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب باعتقال الدكتور محمد علي بشر، وزير التنمية المحلية في حكومة د. هشام قنديل والقيادي بالتحالف، رافضا “استمرار الهجمة المسعورة ضد مكونات التحالف وأعضائه، سواء في الجبهة السلفية أو حزب التوحيد العربي، وضد أبناء وبنات الحركة الطلابية الثائرة”.
وقال التحالف، في بيان اليوم، “إن الانقلاب أصيب بحالة من هيستريا الثور المذبوح بعد تزايد الرفض الشعبي له وقوة الفعاليات الرافضة لوجوده، وإن اعتقال د. محمد علي بشر لا شك أنه خسارة جديدة وكبيرة للساحة السياسية المصرية، ولكنه لن يؤثر في خيارات التحالف أو مساره إلا بمزيد من الإصرار على إسقاط انقلاب الدم والعمالة”.
وأضاف أن “اعتقال قيادات التحالف وملاحقة أعضائه والإصرار على تصعيد القمع وإرهاب الانقلاب وتجاوز الخطوط الحمراء مع النساء، لن يفت في عضد الثورة، وسيدفع الانقلاب ثمنه غاليا بإذن الله، فالجرائم المتواصلة لا ترد عليها الكلمات بل الميادين، وعلى الباغي ستدور الدوائر”.
وتابع البيان “إن التحالف الوطني ماض في طريقه، وقيادته للحراك الثوري، وتوحيد الصفوف الشعبية حتى النصر والانتصار لثورة 25 يناير، ودحر الانقلاب، واقتلاع جذوره الفاسدة، والقصاص للشهداء، واستعادة المسار الصحيح للبلاد، وفقا لرؤية التحالف الإستراتيجية المعلنة في نوفمبر 2013.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …