6 دروس للانتصار التركي علي الانقلاب أهمها “الشرعية الديمقراطية الشعبية”
اختتم الاتراك أمس 7 أغسطس 22 يومًا من الحرية.. 22 يومًا من التظاهر في الشوارع ليثبتوا أنه مهما تحالف الداخل والخارج على حرية وديمقراطية شعب متحدة فلن ينجحوا، ويقدم رموز المعارضة اليسارية والليبرالية والكردية نماذج يجب أن تُدرس في الأكاديميات السياسية حول التجرد من المصالح الخاصة حينما تكون الديمقراطية في خطر.
بحرٌ من اللون الأحمر غطى ميدان “يني قابي” المطل على بحر مرمرة بمدينة إسطنبول أمس الأحد في تجمع “الديمقراطية والشهداء” الذي دعا إليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ولبّى نداءه الملايين من المواطنين الأتراك، من المؤيدين والمعارضين على السواء.
المشاركون في هذه التظاهرة الختامية تقدّمهم الرئيس أردوغان وقادة أبرز الأحزاب السياسية وكبار رجال الدولة، وتزاحم الملايين وهم يرفعون أعلام بلدهم تركيا لا أعلام أحزابهم أو صور قادتهم السياسيين، وغابت كافة الرايات والشعارات الحزبية، وغابت معها كل الخلافات السياسية.
المظاهرات ضد محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت ليل 15 يوليو بدأت في صباح اليوم التالي من مختلف ميادين معظم المدن والولايات التركية، وشارك فيها جميع الاتراك من كل الاحزاب، مظاهرات تحت اسم “صون الديمقراطية”، للتنديد بالمحاولة الانقلابية الفاشلة، تلبية لدعوة وجهها أردوغان للجماهير.
كان كلمة أردوغان عبر الموبيل هي صافرة الانطلاق للملايين للنزول للشوارع ومواجهة الانقلابيين، وكانت أصوات الأذان في الاف المساجد التركية أشبه بنداء الجهاد ضد الانقلابيين، لم يعوقهم اطلاق الانقلابيين نيران رشاشاتهم وطائراهم ودباباتهم صوبهم، ولم كتفوا بالتغلب عليهم واعتقالهم، ولكنهم مكثوا في الشوارع 22 يوما لحماية الديمقراطية حتي أمس الذي كان تتويجًا لتلك المظاهرات بمشاركة الملايين.
المحاولة الانقلابية التي شهدتها العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، ونفذتها عناصر محدودة من الجيش، تتبع لمنظمة “فتح الله غولن” (الكيان الموازي) الإرهابية، قوبلت باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية.
ثلاثي الانتصار: الرئيس والمعارضة والشعب
وكان الرئيس والمعارضة والشعب على قدر المسئولية، وهم ثلاثي الانتصار على الانقلاب والحفاظ على الديمقراطية، وألقي الجميع خلافتهم خلف ظهرهم.
(الرئيس أردوغان): لم يهرب كما ادعت وسائل إعلام مؤيدة للانقلاب بل أمر قائد طائرته بالنزول في مطار اسطنبول الذي أغلقه الانقلابيون وأطفأوا أنواره، برغم الخطورة على حياته، ومن هناك قاد عملية وأد الانقلاب.
ورئيس الوزراء من خلفه “يلدريم” لم يهرب او يختفي بل على العكس وقف يصدر القرارات واعتبر ليلة محاولة الانقلاب “حرب استقلال ثانية شهدتها تركيا”، لأن تركيا كانت على وشك التعرض للاحتلال من قبل انقلابيين يرتدون الزي العسكري التركي.
و(المعارضة).. شاركت بإعلان وقوفها مع أردوغان ولم تفعل كالمعارضة المصرية التي دعمت الانقلاب على العملية الديمقراطية، وتناست خلافتها بل وتبادل الرئيس والمعارضة إلغاء الدعاوى القضائية المرفوعة ضد بعضهم البعض كإشارة على توحدهم.
رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، قال إن تركيا تشهد عهدًا جديدًا من حيث الديمقراطية والحياة السياسية فيها، ودعا لعدم الجمع بين السياسة وباقي مفاصل الحياة في البلاد.
ولفت كليجدار أوغلو إلى أن الشعب التركي استخدم قوته ووحدته في إفشال محاولة الانقلاب، وجعل في هذا الإطار من جسده درعًا أمام دبابات الانقلابيين بغية الحفاظ على الديمقراطية في البلاد.
ورئيس حزب الحركة القومية دولت باهتشلي اعتبر وقوف الشعب بعزم وثبات “بالرغم من كافة المؤامرات التي تحاك ضدنا، خلال محاولة الانقلاب الفاشلة، أعطى الدرس الأمثل في هذا الإطار لكافة الخونة والإرهابيين”.
واتفق رئيس حزب الحركة القومية على أن محاولة الانقلاب الفاشلة كانت محاولة لاحتلال وهدم وتركيا، ولهذا اعتبر الوقوف ضد الانقلاب استقلال جديد لتركيا، مشيرا إلى أن “المشاركين في الانقلاب استهدفوا الإرادة الشعبية والديمقراطية في البلاد، إلا أن الشعب التركي رفض ذلك وتمسك بإرادته الحرة، وقام بالتمدد أمام الدبابات والوقوف بصدر عاري أمام الرصاص.
أما (الشعب).. فكان البطل الحقيقي حيث توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن؛ ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب، ما ساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي.
ولذلك قال أردوغان في المظاهرة الختامية أمس أن “الشعب التركي وإيمانه ووعيه هو الشيء الوحيد الذي لم تحسب له منظمة “غولن” حسابا فقد “اعتقدوا أنهم سيتمكنون بقوة السلاح من تنفيذ مخططهم، إلا أن تدخل الشرفاء من الجيش وأجهزة الأمن وأبناء الشعب التركي أفشل محاولة الانقلاب”، بحسب اردوغان.
فكافة أبناء الشعب التركي الذين نزلوا إلى الميادين والساحات خلال محاولة الانقلاب، ساهموا في إفشال مخطط الانقلاب وأصبحوا مثالاً للعالم أجمع في الدفاع عن الديمقراطية، وقدم 79 مليون مواطن تركي المثل للعالم كله في التمسك بالحرية والديمقراطية.
دروس نهاية الانقلابات
يمكن رصد عدد من الدروس المهمة لنهاية عصر الانقلابات في تركيا على النحو الي:
1- الاستثمار في الشعوب أحسن وأجدى وأنفع للدول، ولأنظمتها الديموقراطية، وأفضل من استثمار الانظمة في الاجهزة الامنية أو الجيوش، فوعي الشعب التركي هو الذي أسقط الانقلاب وأفشله، وشبابه هم الذين تصدوا للدبابات ووقفوا أمامها، ولهذا يجب تثقيف الشعوب والاستثمار في تعليمها ورفع وعيها، وحماية كرامة المواطن وتكريمه ماديًا.
2- اعاد الشعب التركي الثقة للشعوب العربية التي اصيبت بالإحباط بعد الانقلابات والثورات المضادة والمؤامرات على ثوراتها (ثورات الربيع العربي)، وبات الجميع يتحدث عن ثورة جديدة على الانقلابات في العالم العربي بعدما أعاد الشعب التركي للشعوب المغلوبة على أمرها ثقتها في نفسها، وأظهر أنها قادرةٌ على هزم واحدٍ من أقوى الجيوش في العالم، وتحدّي الدبابات وقصف الطائرات، في وقت لا يزال فيه إعلام الثور المضادة العربي يشكك في قدرة الشعوب العربية على الديمقراطية وإمساك إرادتها بأيديها.
3- اثبتت وسائل التواصل مرة اخري والكاميرا والموبيل والانترنت دورها الحيوي في حماية الديمقراطية ببرنامج على مواقع التواصل اوصل الرئيس أردوغان رسالته برسالة موبيل الي شعبه، وفي ثوان كانت تكنولوجيا الاتصالات أوصلت دعوته للشعب فنزل الشوارع ليواجه الانقلابيين.
4- الملحمة التي ظهر فيها المواطنون الاتراك وهم يواجهون الانقلابيين بكل ما تطاله ايديهم من أخشاب وعطي وحجارة ووضع سيارتهم وأجسادهم في طريق دباباتهم ستجعل كل عسكري تركي او غير تركي يفكّر أكثر من مرة، قبل أن يفكر في مغامرة مماثلة، وترعب من قاموا بانقلابات خشية ثورة الشعب عليهم مرة أخري في ظل استمرار قمعهم وفسادهم.
5- أن الشعب هو الذي يأتي في المقدمة وبعده الجيش وكل اجهزة الدولة، وان مقولة تقديس الجيش في العالم العربي ودول العالم الثالث افسدته وجعلت جنرالاتهم يتصورون أنهم هم وحدهم الوطنيين وهم من يوزعون صكوك الوطنية، وما عداهم خونة، حتى وصل الامر لحديث بعضهم في دول عربية على انهم هم الذين ينفقون على موازنة الدولة.
6- نظام الحكم الذي يحظى بـ”شرعية ديمقراطية وشعبية”، ويقدم خدمات لشعبه، يمكنه التغلب على أي انقلاب عسكري، بدباباته، بينما النظام الفاقد للشرعية الديمقراطية والشعبية معا يفشل في أي مواجهة مشابهه، وبالتبعية أي انقلاب أو حركة تنشد التغيير لا يمكن لها أن تنجح، إن لم تتوفر لها حاضنة شعبية معتبرة، لا تقتصر بالضرورة علي حزبها السياسي أو مؤيديها وانما علي نسبة معتبره من الشعب.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …