أنقذوا مصر.. سيناء تتبخر من أطلس إفريقيا
مطامع الاحتلال الإسرائيلي فى مياه النيل قديمة بدأت حتى قبل قيام الكيان الصهيوني، فقد قام الصحافى ثيودور هيرتزل، مؤسس الحركة الصهيونية فى عام 1903م بزيارة لمصر، وقدم دراسة فنية إلى اللورد كرومر المندوب السامى البريطانى فى مصر لنقل مياه النيل عبر قناة السويس إلى سيناء ومنها إلى فلسطين بحجة تنمية شمال سيناء، ولكن كرومر أهمل عرضه.
وفى عام 1974م قام مهندس إسرائيلى (اليشع كالى) وهو رئيس أسبق لهيئة تخطيط موارد المياه فى إسرائيل بتصميم مشروع لجلب المياه لإسرائيل من النيل عن طريق قنوات تحت قناة السويس.
وفي تدهور جديد على يد حكومة الانقلاب العسكري، شبت أزمة بعد اتفاق “أطلس النيل” الذي وقعت عليه دول حوض النيل مؤخرًا، بسبب إخراج شبه جزيرة سيناء من خريطة دول النيل، وذلك عقب زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقارة الإفريقية الأخيرة، وهو الذي يرتبط مع عسكر الانقلاب بعلاقات استراتيجية حميمية.
إسرائيل تشرب من النيل
وكان من المعلوم أن الجانب الصهيوني فى محادثات كامب ديفيد قد اقترح أن يكون هناك تعاون مشترك بين العسكر وإسرائيل فى مشاريع مشتركة لتطوير موارد مباه النيل.
وكان الطلب الإسرائيلى يشتمل كذلك أن يتم تحويل 1% من مياه النيل لإسرائيل عبر أنابيب تمر تحت قناة السويس لكى تحول ما يعادل 8 مليارات متر مكعب من مياه النيل سنويا إلى اسرائيل لري صحراء النقب.
وقد وافقهم السادات على ذلك بدليل أنه أعلن فى حيفا للجمهور الإسرائيلى أنه سوف ينقل مياه النيل لصحراء النقب فى إسرائيل بقناة سماها قناة السلام ووعدهم بأن تصل تلك القناة الى القدس أيضا، بل إن السادات بعث لمناحيم بيقن بخطاب يقول له فيه: (إننا شرعنا فى حل شامل للمشكلة الفلسطينية وسوف نجعل مياه النيل مساهمة من الشعب المصرى بإسم ملايين المسلمين كرمز خالد وباقى على اتفاق السلام.. وسوف تصبح هذه المياه بمثابة مياه زمزم لكل المؤمنين أصحاب الرسالات السماوية فى القدس، ودليلا على أننا رعاة سلام ورخاء لكافة البشر).
وقد تم نشر نص هذا الخطاب فى مجلة أكتوبر الأسبوعية لسان حال “الحزب الوطنى” الحاكم وقتها فى عددها بتاريخ 16-1-1979م تحت عنوان مشروع زمزم الجديد، وهو وعد من لا يملك لمن لا يستحق.
أطلس دون سيناء
تكتمت حكومة الانقلاب العسكري اتفاق “أطلس النيل” الذي وقعت عليه دول حوض النيل مؤخرًا، وتبين إخراج شبه جزيرة سيناء من خريطة دول النيل، وذلك عقب زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقارة الافريقية الأخيرة.
ويعد الأطلس المائي، مجلد يتضمن الملامح الجيولوجية والسكانية ومعاملات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والهيدرولوجية والمناخية والبنية الأساسية والمنشآت المقامة على النهر، ويتبعه إنشاء خريطة تنموية متكاملة للنهر.
وتمضي فصول المسرحية بين إسرائيل وبين حكومة الانقلاب العسكري، وكشف مصدر في الحكومة أن إثيوبيا اشتكت مصر في الأمم المتحدة، لأنها تبدد مياه النيل، وتقوم بنقلها إلى سيناء التي يعتبرها الأطلس الجديد جغرافيًا خارج قارة إفريقيا، الأمر الذي تظاهرت القاهرة بالاعتراض عليه واعتبرته قرارًا بإيعاز من كيان الاحتلال الإسرائيلي.
وقال المصدر: “إسرائيل هي من تقف وراء التحريض الإثيوبي ضد مصر، وجولة نتنياهو الأخيرة لدول حوض النيل وراء ذلك القرار”. لافتًا إلى أن هناك حملة تقودها “إسرائيل” لعزل سيناء، وأن مصر رفضت مجددًا التوقيع على اتفاقية “عنتيبي”، اعتراضًا على عدم تنفيذ دول حوض النيل توصيات مصر التي تضمن حصتها في مياه النيل.
يُشار إلى أن قانون الأنهار المعترف به دوليًا، يعطي الحق للدول المشتركة في الأنهار الدولية في نقل المياه كما تشاء داخل حدودها، ما يؤكد أن قرار دول حوض النيل باستبعاد سيناء مخالف للقانون الدولي.
كلب حراسة!
وعلى الرغم من أن اتفاقية مياه النيل بين مصر والسودان تمنع مصر من تقديم قطرة ماء من النيل خارج حدودها ، ورغم أن السادات عندما تعهد لإسرائيل بمدها بمياه النيل من حصة مصر كان يعلم سلفا أن مصر استنفدت حصتها وليس لديها فائض من حصتها لتقدمه لإسرائيل وصارت تعانى أزمة مائية حتى أنها فكرت فى تدوير مياه صرفها الصحى، وإنشاء قناة جونقلى.
ولكنه رغم ذلك كله كان متحمسا لتنفيذ مشروع مد مياه النيل الى إسرائيل بما يشير الى أنه كان واقعا تحت ضغط وتهديد أمريكى وصهيونى كبير .
ولا تزال بعد الانقلاب العسكري في 30 يونيو 2013 شبهة على أن جنرالات العسكر من بعد السادات فى مصر قد خضعوا بدورهم لنفس تلك التهديدات وأنهم قد استجابوا مثله لمد إسرائيل بحصة من مياه النيل ولكن استجابتهم كانت سرية بينما ظلوا فى العلن يعارضون مشروع مد إسرائيل بمياه النيل .
والتهديد لمصر في عهد حكومات العسكر من أيام عبدالناصر إلى السيسي لكي تمد إسرائيل بمياه النيل لا يقتصر على تهديدها بقطع القمح والمعونة المالية فحسب، فهناك مخطط أمريكى إسرائيلى قديم يقضى بتحويل مجرى النيل الأزرق فى إثيوبيا وهو قابع فى الأدراج وقابل للتنفيذ.
وهناك عدد من الدراسات الجاهزة لإقامة عدة سدود على النيل الأزرق فى إثيوبيا (أربعون سدا) منها سد “النهضة” الحالي، والتى أعدها خبراء إسرائيليون وسوف يمولها البنك الدولى.
وهذه السدود إن نفذت فإن من شأنها أن تقلص حصة مصر من المياه بنسبة 20 % سنويا –أي بما يعادل سبعة مليارات متر مكعب فى العام.
بل ما تتكتم عليه حكومة الانقلاب العسكري خطة صهيونية أمريكية تقضى بتحويل كل مصادر مياه النيل فى بقعة واحدة وسط القارة كخزان عملاق ثم البيع منها لمن يريد الشراء ودفع الثمن كالنفط تماما.
ورغم تعهد السيسي بأن يكون “الكلب” الحارس لإسرائيل إلا أن هناك دعمًا صريحا وعلنيا لإثيوبيا بالأسلحة والخبراء العسكريين، وبتحريضها على عدم القبول بحصة مصر والسودان من مياه النيل غير العادلة فى وقت سابق لاستقلالها، وأنها أي إسرائيل كفيلة بتقديم التقنية لها لترويض مجرى نهر النيل الأزرق الذى يمد مصر بأكثر من 85% من حصتها من مياه النيل.
وحاول وزير الري والموارد المائية في حكومة الانقلاب محمد عبد العاطي التخفيف من حده الاحتدام ، إذ صرح بأنه: “سيتم عمل مراجعة فنية لنسخة الأطلس المائي الخاصة بدول حوض النيل، وتحديد الملاحظات المصرية على الأطلس، تمهيدًا لإرسالها إلى مبادرة دول حوض النيل”.
وأكد عبدالعاطي أنه من خلال المراجعة المبدئية، فإن مناطق شمال وجنوب سيناء تظهر في الخرائط داخل الحدود المصرية، كما توجد بجداول البيانات الواردة في نسخة الأطلس التي تم توزيعها. كما وصف مستشار وزير الموارد المائية السابق ضياء القوصي في تصريح له، إخراج شبه جزيرة سيناء من خريطة “أطلس النيل” بالخطوة “المستفزة” و”غير القانونية”.
ويري خبراء أن عسكر الانقلاب تورطوا مع كيان الاحتلال الصهيوني لمده بما يحتاجه من مياه النيل عبر قناة السلام وإلا قام بإحداث المتاعب لمصر فى منابع النيل فى كل من إثيوبيا والبحيرات وحرمانها من حصتها من مياه النيل –رغم حلفها مع الانقلاب– ويرى أولئك المراقبون ان عسكر الانقلاب ورطوا انفسهم في الإذعان لهذه التهديدات ويقومون الآن بمحاولة تزويد اسرائيل بمياه النيل وهى الخيانة التي تعني هلاك مصر وشعبها.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …