الحكومة تضحى بالفلاح والمحاصيل من أجل الضريبة والتجار
رغم مرور شهرين على واقعة حرق عدد من الفلاحين للقطن بسبب تخلي الحكومة عن الفلاحين وتدني سعره والعجز عن تسويقه؛ ما زال الفلاحون يشكون من استمرار الأزمة نفسها، ليس فقط لمحصول القطن بل أيضا لمحصول برتقال الموالح، واشتكوا من نهب التجار للدعم الخاص بالمحاصيل، وبدء تطبيق الضريبة العقارية على الفلاح المطحون.
ويعاني الفلاح أيضا من أزمة ارتفاع أسعار الأسمدة والكهرباء وأمراض تهدد ثروته الحيوانية، أهمها الحمى القلاعية، وسط تجدد الوعود الحكومية بسرعة الحل مع اعتراف بهذه الأزمات، ووجود فساد وتخبط بالسياسة الزراعية.
ووفقا لأهم الأرقام الاقتصادية الرسمية الواردة في الاحتفال رقم 62 بعيد الفلاح في سبتمبر الماضي، فإنه يبلغ عدد الفلاحين في مصر نحو 51 مليون مواطن، بنسبة تقدر بنحو 53.6% من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 95 مليون مواطن، وفقا للهيئة العامة للاستعلامات.
ويبلغ حجم إنتاج الفلاحين 284 مليار جنيه، بنسبة 14.5% من الناتج المحلي الإجمالي الذي يبلغ نحو تريليوني جنيه.
قال د. صلاح فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر: إن عدم تدخل الحكومة في رفع سعر القطن طويل التيلة قد يكون توجها من الدولة لإجبار الفلاح على الإحجام عن زراعته بشكل غير مباشر؛ لأن المصدرين أصحاب المصانع وماكيناتهم تعمل على القطن قصير التيلة، وبالفعل هناك فلاحون أعلنوا عزمهم عدم زراعة “طويل التيلة”، العام القادم، وبرروا ذلك بأن “بيتهم اتخرب” من هذا المحصول.
وأضاف- في تصريح خاص لـ”وراء الأحداث”- “أما صعوبة تسويق البرتقال فسببه أنه محصول وفير هذا العام، ولكن نحتاج خطة محصولية واضحة تدرس السوق واحتياجات السوق المحلي والتصدير، ثم نحدد المساحة المنزرعة منه، بما يتلاءم مع البيئة والمناخ أيضا”.
أما بشأن فرض ضريبة عقارية على الفلاحين، أوضح “فهمي” أنه يحتاج دراسة بحيث نفرق بين الفلاح البسيط والأجير، وبين أصحاب الأفدنة الكبار وممتلكاتهم، معتبرا وصف “محلب” تطبيق الضريبة على الفلاحين بالفوضى “صحيح”، مطالبا بالتنسيق بين الوزارات بلا تضارب.
واقترح “الخبير الاقتصادي” عقد لقاءات مشتركة بين نقيب الفلاحين ورئيس الغرفة التجارية؛ لبحث أزمة انصراف دعم المزارعين لصالح التجار وإيجاد حل يحقق العدالة.
وكان فلاحون قد اشتكوا من عدم قدرة المزارع على تسويق القطن، فى الوقت الذى أعلنت فيه الدولة دعمها للفلاح بنحو ١٤٠٠ جنيه للقنطار، محذرين من أن المشكلة ما زالت قائمة ولم تنته بعد، وأن الفلاح كان ينتظر أن تساعده الدولة فى تسويق محصول القطن، خاصة وأنه ما زال متواجدا لدى الفلاح، ولم يتم بيعه بسبب تدنى أسعاره.
حيث يقوم التاجر بشرائه من الفلاح بنصف التكلفة بنحو ٨٥٠ جنيها للقنطار، وهو لا يساوى نصف التكلفة للقنطار الواحد، وذلك خلال لقاء وفد من الفلاحين برئاسة فريد واصل، نقيب الزراعيين، رئيس الوزراء إبراهيم محلب، الثلاثاء 18 نوفمبر الجاري.
وتستمر الأزمة نفسها بعد ثمانية أسابيع مرت على واقعة هي الأولى من نوعها وغير مسبوقة، وهي حرق فلاحين بمدينة صان الحجر بالشرقية محاصيلهم من القطن داخل الأراضى الزراعية؛ لتخلي الحكومة عن دورها في تسويق المحصول، وتوفير سعر مناسب يغطي تكاليف الإنتاج مع هامش ربح.
بينما تركتهم الحكومة فريسة للتجار من أصحاب رءوس الأموال الذين يتحكمون في سعر المحصول، ما تسبب في تدنى سعره بما لا يغطى تكاليف الإنتاج ومدخلات عملية الزراعة.
وكانت مصر من أكبر الدول المنتجة للقطن، سابقا، وخاصة الأنواع طويلة التيلة، والمصدرة له، إلا أن السياسات الزراعية الخاطئة خاصة بعهد مبارك أدت لبواره وأصبحت مصر مستوردة للقطن.
وأزمة التسويق الطاحنة للفلاحين تمتد أيضا لمحصول برتقال الموالح، ولذلك طالب الفلاحون بضرورة إيجاد حلول من الدولة لتصديره، والتحرك السريع لحماية المزارع الصغير من المصدرين الكبار.
واستمرت أزمة محصول الأرز، فالتاجر يقوم بشراء المحصول بنحو ١٥٠٠ جنيه للطن من الفلاح، بالرغم من أن وزير الزراعة عرض مقترحا على رئيس الجمهورية بشراء الأرز من الفلاح بنحو ٢٠٥٠ جنيها للطن لدعم الفلاح.
بينما كشف نقيب الفلاحين فريد واصل لرئيس الوزراء، أن الدعم الذي يتم الحديث عنه فى هذا الشأن يذهب إلى التاجر وليس للفلاح البسيط.
وانتقد نقيب الفلاحين فريد واصل تطبيق الضريبة العقارية التي تم ربطها على منازل الفلاحين البسيطة، ومحتويات التربية الحيوانية، وقدم مذكرة تفيد بقيام مصلحة الضرائب العقارية بإرسال خطابات للفلاحين؛ لمطالبتهم بربط الضريبة العقارية على منازلهم والمشتملات الخاصة بالترببة الحيوانية والطيور.
بينما ينص القانون على أنه لا يجوز دفع الضريبة العقارية على الوحدة العقارية التى تقل قيمتها عن ٢ مليون جنيه، واتهم “واصل” مصلحة الضرائب العقارية بمخالفة القانون، كاشفا عن أن المصلحة تطلب من الفلاح تقديم تظلم وتبلغ مصروفاته ٥٠ جنيها عن التظلم الواحد.
ويضاعف هموم الفلاح قرار الحكومة برفع أسعار الأسمدة المدعمة بنسبة 33% في 13 أكتوبر الماضي، وبموجبه ارتفع سعر طن أسمدة “اليوريا” إلى 2000 جنيه بدلا من 1500 جنيه، فيما قفز طن النترات إلى 1900 جنيه من 1400 جنيه.
وجاء القرار، وفق مصادر حكومية، إثر ضغوط مارستها شركات إنتاج الأسمدة ووزارة الصناعة المصرية لرفع الأسعار مقابل ضمان انتظام أعمال ضخ الغاز إلى المصانع التابعة للحكومة، مثل مصانع أبو قير والدلتا وحلوان.
وسبق رفعَ أسعار الأسمدة قرارٌ حكوميٌ بتقليص دعم الطاقة، مما أدى لرفع تكلفة إنتاج المحاصيل بنسبة فاقت 30%.
ويشكو فلاحون من ارتفاع أسعار السماد، وعدم التزام الدولة بتسليم السماد إليهم في المواعيد المحددة، مما يضطرهم إلى شراء الأسمدة من السوق السوداء.
وبسبب الإهمال والتراخي الحكومي، يخشى فلاحون خطورة انتشار مرض الحمى القلاعية، بينما عدم مواجهة المرض يهدد الثروة الحيوانية للبلاد، خاصة مع التهاون في مراقبة دخول العجول المستوردة للسوق المحلية، وعدم الكشف عليها جيدا في المحاجر، خاصة عجول المنحة الإماراتية التي دخلت مصر بعد عيد الفطر الأخير، مع نفي حكومي وتأكيد مواجهة الدولة للمرض.
ويعاني الفلاحون أزمات مزدوجة، فبعد رفع أسعار الكهرباء أعلنت الحكومة المصرية، الثلاثاء 18 نوفمبر الجاري، اعتزامها فصل التيار الكهربائي عن مستهلكي التيار من المواطنين والهيئات الحكومية في حال عدم سداد متأخرات يصل إجمالها إلى 17 مليار جنيه (2.3 مليار دولار).
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …