‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير ديفيد هيرست: “هيبة السيسي ضاعت” .. فقد داعميه بالداخل والخارج
أخبار وتقارير - أبريل 15, 2016

ديفيد هيرست: “هيبة السيسي ضاعت” .. فقد داعميه بالداخل والخارج

تحت عنوان “مكانة السيسي تذوب” أو “هيبة السيسي تضيع”، حذر الكاتب البريطاني ديفيد هيرست رئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي”، من أن إعطاء السيسي جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، ووفاة الطالب الإيطالي (ريجيني)، والوضع الأمني المتدهور في البلاد، أدي إلى تشويه سمعة الرئيس المصري في الداخل والخارج.

وقال “هيرست” في مقاله على “ميدل إيست آي” أن “عبد الفتاح السيسي يحرق الشمعة من طرفيها، ويقضي على شرعيته بنفسه في الداخل والخارج.

ففي الداخل: أضرم النار قمعا واضطهادا لأكبر حزب سياسي، وهو جماعة الإخوان المسلمين؛ ومارس الأسلوب نفسه مع الليبراليين العلمانيين الذي دعموا انقلابه ضد محمد مرسي فسجنهم وعذبهم وأبعدهم.

أما في الخارج: وبعدما لم يبق للسيسي سوى دعم المجتمع الدولي الخارجي كمصدر وحيد للشرعية، أضرم السيسي أيضا النار في هذا الدعم الخارجي بعد أزمته مع اوروبا بقتل الشاب الايطالي ريجيني وتسليمه الجزر للسعودية.

دعم الملك انقلب ضد السيسي

كانت زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى مصر حدث عظيم للسيسي، ومناسبة مواتية لإسكات جميع المشككين في تدهور علاقاته بالسعودية بفعل الحملات الاعلامية المصرية ضد سلمان، وفي التقارير التي كانت تفيد بأن الأموال الواردة من المملكة السعودية قد نضبت.

فالملك سلمان استثمر 22 مليار دولار في مصر، والرئاسة المصرية احتفت بالزيارة وروجت لها على غرار ترويجها لزيارة السيسي إلى بريطانيا في نوفمبر من العام الماضي، باعتبارها “فريدة وخارقة للعادة”، إلا أن زيارته إلى لندن تخللها إلغاء كاميرون للرحلات الجوية البريطانية إلى مصر إثر إسقاط الطائرة المدنية الروسية فوق سيناء، والتي آذنت بموت صناعة السياحة المصرية، وتلقي السيسي كارثة مشابهة بالاحتجاجات الشعبية إثر زيارة الملك سلمان إلى مصر، بحسب “هيرست”.

إذ لم يستسغ الرأي العام المصري التنازل عن أرض يري انها “مصرية” منذ سنوات، للجار السعودي، من قبل رئيس طالما سعى إلى تصوير نفسه للناس على أنه عبد الناصر مصر الجديد حامي الارض والعرض.

وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين أنه لا يحق لأحد أيا كان التنازل عن ممتلكات الشعب المصري مقابل حفنة من الدولارات، واعلنت حركة “6 إبريل” العلمانية المعارضة، تنظيم مظاهرة احتجاجية متجشمة في ذلك مجازفة في غاية الخطورة.

كلب الحراسة الوفي للسيسي

و”حتى إبراهيم عيسى، الذي كان أشبه بكلب الحراسة الوفي للسيسي، انقلب على سيده السابق، وكتب يقول: “لقد وضعت مصر السيسي نفسها خلف المملكة العربية السعودية وليس أمامها كما كان يفعل ناصر والسادات، وليس إلى جانبها كما كان يفعل مبارك”، بحسب هيرست.

أيضا قال أحمد شفيق إنه بغض النظر عن تاريخ هاتين الجزيرتين، لقد كانت خطوة التنازل عنهما كارثية بالنسبة لمصر، ما حول الزيارة الأخوية إلى “كابوس يطارد الرئيس المصري”.

ويشير “هيرست” لأن كل هذا ترك انطباعا أن التنازل عن الجزيرتين مقابل استثمارات سعودية مهمة، معناه استعداد السيسي لبيع الأراضي المصرية مقابل مكاسب مالية، هذا ما حفز أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة الليبرالي، إلى الذهاب إلى أبعد من ذلك وتسريب ما زعم أنها وثيقة صادرة عن السفارة السعودية في القاهرة، تثبت بأن السعوديين أهدوا ساعات ثمينة من نوع رولكس لكل من الرئيس ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء، وساعات من نوع تيسوت، وساعات حائط لكل واحد من أعضاء البرلمان، ولكن السفير السعودي في القاهرة قال إن الوثيقة “مزورة”.

مصيبة ريجيني

المصيبة الثانية التي حلت بالرئيس المصري كانت سحب إيطاليا لسفيرها في مصر بعد تعرض طالب إيطالي للتعذيب والقتل في القاهرة، فما حدث لطالب الدكتوراه في جامعة كامبريدج جوليو ريجيني لم يكن مختلفا عن المصير الذي حل بالآلاف من المصريين من ضحايا قوات الأمن، التي منحها السيسي حصانة عامة وشاملة.

ففي البداية ادعى رئيس مباحث الجيزة خالد شلبي أن ريجيني لقي حتفه في حادث مروري، ثم غير إفادته وادعى أنه قتل على أيدي عصابة من المجرمين، وما يميز مصيبة ريجيني عن مصائب غيره من الضحايا، أن السلطات في مصر مارست الكذب هذه المرة على الإيطاليين، الذين ما لبثوا أن اشتاطوا غضبا من شمال إيطاليا إلى جنوبها.

وتسببت الحادثة بحرج شديد لرئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي الذي كان قد وصف السيسي في مقابلة أجرتها معه قناة الجزيرة قبل الحادث بفترة، بأنه “زعيم عظيم وطموح”، وكان يرى في السيسي “فرصة سانحة لتحقيق جملة من المصالح الإيطالية؛ في مجال الأمن والتجارة والعلاقات الخارجية”.

وكانت إيطاليا من أكثر الدول حماسة لدعم السيسي بوصفه محاربا ضد الإرهاب، ليس فقط في مصر وإنما في ليبيا أيضا، وأصبحت ايطاليا – أول دولة أوروبية يزورها السيسي- هي أول دولة تسحب سفيرها، والان تطالب الاتحاد الأوروبي بالوقوف خلفها والتضامن معها في مطالبتها بالكشف عن حقيقة ما جرى للطالب الشاب ريجيني.
(الملفت في مظاهرات أمس الجمعة رفع متظاهرون لافتات تطالب ايضا بحق ريجيني الايطالي وحق الخمسة الذين قتلتهم الشرطة وقالت انهم عصابة وجدوا معها متعلقات ريجيني).

السيسي لا يعترف بالخطأ

وفي إشارة لأن السيسي لا يعترف بالخطأ، يشير “هيرست” لشن السيسي هجوما على ناقديه ولوم الجميع على الكارثتين التي منيت بهما علاقات مصر الدولية، دون أن يلوم نفسه.
ويدعي أن إنجازات مصر في عهده لم تحدث خلال عشرين سنة مرت، ويمتدح إعادة ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، ويشكو من “أهل الشر”، وأن الشعب المصري يُلحق الأذى بنفسه حينما يتكلم بشأن اتفاقية الحدود، ويطالب بالصمت وعدم الكلام عن الجزر.

وحتي الاعلام الموالي له، حمل عليه السيسي ولامه على الضجة المثارة حول موت ريجيني، وقال: “إحنا اللي بنعمل كده في نفسنا من الإعلاميين .. إحنا اللي عملنا المشكلة .. هاتوا كل اللي اتنشر .. فيه ممنا وجوانا ناس شر قاعدة تشتغل الشغل ده .. نعلن عن مشروع أو قرار ويشككوا فيه ويتهموا الدولة فيه”.

وينقل “هيرست” عن “عماد شاهين”، استاذ الجامعة الامريكية السابق بالقاهرة والأستاذ الزائر في جامعة جورج تاون في أمريكيا قوله: “يعاني السيسي من معضلة الأمن، وكلما أمعنت في بناء كيانك الأمني، وكلما زاد اعتمادك على الخوف والانقسام، كلما تعاظمت ريبتك بالمؤسسات المدنية فتتجه باستمرار للاعتماد بشكل كامل على الجيش، فتصبح أقل أمانا”.
ويضيف: يشبه ذلك حال رجل اشتعلت النيران داخل منزله فيخرج إلى حديقة البيت يلوذ بأعشابها طلبا للسلامة، ولكن في نهاية المطاف سوف تلحق به ألسنة النيران وتلتهمه أينما حاول الاختفاء”.

ويقول “شاهين”: “يرى الناس فيه ضابط الجيش الذي يملك أن يوفر لهم الأمن، ولذلك فهم يضحون متعمدين بحرياتهم على أمل أن يفي لهم بوعوده التي قطعها لهم على نفسه، ولكن ثبت أنها كانت صفقة خاسرة، فها هي معظم مشاريعه تتعرض للإخفاق سواء كانت قناة السويس أو الجزر، ومشكلة الجزر لا تتعلق بمجرد ممارسة حد أدنى من الشفافية، لقد صحونا من نومنا لكي تفاجئنا الحكومة بأن هاتين الجزيرتين لم تكونا في يوم من الأيام ملكا لنا، رغم أن كل كتاب مدرسي وكل ما يقرأه الطلاب يفيد بأنها كانت من حقنا”.

ويشير هيرست أن تطرق السيسي في خطابه الاخير إلى قضية الحاضر الغائب، قضية الرجل الذي عينه وزيرا للدفاع، ثم انقلب عليه وألقى به في السجن، (محمد مرسي) وقوله عنه: “أنا قلت له الشعب اختارك، وإحنا هنساعدك لأجل خاطر الناس والبلد، مش زي ما هما بيعملوا بيؤذوا البلد، ويكسروها”، يعد اعتراف من السيسي بالفشل.

قائلا: “يفهم من إشارة السيسي إلى مرسي، الغائب المغيب وراء القضبان، أنها اعتراف ضمني بأن السيسي فشل بعد ثلاثة أعوام من حكمه في تحقيق الاستقرار في البلاد، فكم من خطاب بائس آخر سيضطر إلى إلقائه بعد الآن؟”.

ويختم بقوله: “لقد بات الأمر واضحا لدى المعارضة المصرية، العلمانية منها والإسلامية، كما بات واضحا لدى إيطاليا، فمتى تتضح الرؤية أمام عامة المصريين أنفسهم؟”.

ويبدو أن المظاهرات التي خرجت الجمعة تحتج علي السيسي وتطالبه بالرحيل هي الرد علي سؤال “هيرست” الذي كتب مقاله قبل هذه المظاهرات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …