‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير تصدير الأزمات الداخلية للخارج وتبرير الإعدامات وراء اتهام داخلية الانقلاب للإخوان وحماس بقتل “بركات”
أخبار وتقارير - مارس 7, 2016

تصدير الأزمات الداخلية للخارج وتبرير الإعدامات وراء اتهام داخلية الانقلاب للإخوان وحماس بقتل “بركات”

أثار إعلان وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار- للمرة الثالثة خلال أقل من عام- عن القبض على المتهمين باغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، واتهامه للإخوان المسلمين وحركة حماس بالمسؤولية عن العملية، جملة استفهامات وتساؤلات، فضلا عن السخرية البالغة من فبركة الاتهامات بمثل هذه السذاجة.

إذ سبق للداخلية أن أعلنت- في 4 فبراير الماضي- ما قالت الصحف إنه “تصفية قتلة هشام بركات بحدائق المعادي”.

وفي 1 يوليو 2015، قالت الشرطة للمرة الثانية إنها قتلت 13 من قيادات الإخوان في شقة بمدينة 6 أكتوبر، وزعمت أنَّهم كانوا “ضالعين بشكل مباشر في مقتل المستشار هشام بركات، النائب العام”، لتبرير تصفيتهم.

وجاء الإعلان الثالث، 6 مارس الجارى، على لسان وزير الخارجية، في مؤتمر عالمي على غرار “صحفية الأوسكار”، ليثير تساؤلات؛ لأنه جاء في أعقاب لقاء مدير المخابرات المصرية مؤخرا خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وحديث الحركة قبل أسبوعين عن تحسن في العلاقات مع مصر وتواصل دائم، ليجيء الاتهام الأخير بمثابة لغز كبير.

أيضا توقيت المؤتمر الصحفي الكبير بمقر قطاع الأمن الوطني بحي مدينة نصر بالقاهرة، بحضور قيادات أمنية كبيرة ووسائل إعلام محلية وعالمية، وحديث الوزير عن “مؤامرة كبيرة” للإخوان المسلمين، و”أساليب فنية حديثة لاختراق الأساليب الإلكترونية لجماعة الإخوان، لم تحدث من قبل في تاريخ جهاز الأمن المصري”، دون الحديث عن تفاصيل هذه “المؤامرة الكبرى” لغز آخر.

أهداف الفبركة الأمنية

ويمكن رصد خمسة أهداف لهذه الفبركة الأمنية وهذا الشو الإعلامي على النحو التالي:

أولا: أن هناك رغبة من نظام السيسي لـ”تدويل” اعتبار حماس والإخوان “حركة إرهابية”، مستفيدا من قرار اللجنة القضائية بالكونجرس الأمريكي، الأسبوع الماضي، بطلب تصنيف “الإخوان” وحماس حركات إرهابية.

ثانيا: يرغب السيسي في الاستفادة من إعلان الدول العربية “حزب الله” حركة إرهابية؛ للدفع باتجاه صدور قرار آخر باعتبار حماس حركة إرهابية.

ثالثا: البعض، ومنهم المستشار وليد شرابي، يرى أن توقيت إعلان مسؤولية الإخوان المسلمين وحركة حماس عن اغتيال هشام بركات ليس عشوائيا، وأنه ربما “يمهد للكثير من القرارات السياسية والقضائية القادمة قريبا”، في إشارة على ما يبدو لتبرير صدور أحكام نهائية بالإعدام على بعض قادة الإخوان وتنفيذها.

رابعا: تصدير الأزمات الداخلية للخارج، فهذه الفبركة تكررت كثيرا في عهد السيسي، وهدفها في كل مرة تحويل الأنظار عن المشاكل الداخلية، وفشل نظام السيسي، وانهيار سعر الجنيه أمام الدولار، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، وتراكم الأزمات، وآخرها الأزمة المكتومة مع إيطاليا حول قتل الشرطة الطالب الإيطالي، والتي توشك على الانفجار قريبا، وذلك لتحويل أنظار الشعب واهتمامات الإعلام نحو قضية أخرى.

وقد ألمح لهذا جمال حشمت، عضو مجلس شورى الإخوان، باتهامه الأمن المصري بـ”تصدير قضية النائب العام الآن، لمحاولة التغطية على جريمة ريجيني”.

خامسا: اتهام الإخوان وحماس يطرح احتمالات استمرار صراعات وخلافات أجنحة النظام أو الأجهزة الأمنية المختلفة في مصر عسكرية كانت أو استخبارية، في ظل حديث سابق عن صراع بين جناحين، أحدهما يرى الصدام مع حماس، والآخر يعتبر هذا ضارا بدور مصر في القضية الفلسطينية.

فمنذ فترة خرج جناح في السلطة ليعلن عودة الاتصالات مع تركيا وحماس، وذلك بإيعاز سعودي، ومن منطلق أن مصر يجب ألا تنعزل بهذا الشكل عن القوى الإقليمية مهما بلغت درجة الاختلاف والقطيعة.

واليوم، يأتي جهاز آخر (الداخلية) ليعلن اتهام حماس بقتل النائب العام المصري، وبنفس الطريقة جرى إصدار محاكم مصرية قرارات بأن حماس إرهابية، ثم تحركت جهات رسمية للتأثير على محاكم أخرى لتلغي الحكم القضائي الأول.

وسبق أن رجحت نشرة “إنتليجنس أونلاين” الاستخباراتية الفرنسية- في تقرير نشرته يوم 22 يوليو 2015- أسبابا أخرى لصراع أجهزة الاستخبارات في مصر، في تقرير بعنون: (اشتباك بين أجهزة المخابرات المصرية في سيناء)، مشيرة إلى تصاعد التوتر بين رئيس المخابرات المصرية خالد فوزي، ورئيس المخابرات العسكرية محمد الشحات؛ بشأن الوضع المتدهور في سيناء.

وأوضحت النشرة الاستخباراتية الفرنسية أن “فوزي” يتهم “الشحات” بالتدخل في نطاق صلاحياته في المنطقة، وأن السيسي يميل إلى جانب المخابرات العسكرية، بينما لا يمتلك ثقة كبيرة في المخابرات العامة، التي يُشتَبَه في أنها مختَرَقَة من قبل الإخوان المسلمين.

وأشارت النشرة الفرنسية إلى حث “الشحات” رئيس المخابرات الحربية، ومعه رئيس الأركان محمود حجازي، السيسي على شن غارات ضد قطاع غزة، على غرار تلك التي شُنَّت في مدينة درنة الليبية في فبراير، بدعوى أن “حماس تقدم دعمًا لجماعة أنصار بيت المقدس” في سيناء.

وفي تقريرٍ آخر، في مايو 2015، تحدثت إنتليجينس أونلاين، عما قالت إنه “شكُ السيسي في ولاء بعض المسؤولين رفيعي المستوى في جهاز المخابرات المصرية، الذين يعتقد أنهم يدعمون جماعة الإخوان المسلمين، هو ما دفعه لتوجيه رئيس الجهاز بإقالة 11 ضابطًا.

ستة أدلة تنفي تورط حماس والإخوان

ويمكن الحديث في هذا الصدد عن ستة أدلة تنفي تناسق ومنطقية اتهام وزير الداخلية للإخوان بقتل النائب العام السابق هشام بركات، وتبين الفبركة الواضحة وهي:

أولا: وزارة الداخلية سبق أن أعلنت في فبراير الماضي 2016 قيامها بعملية “تصفية” لمن قالت إنهم تورطوا في اغتيال النائب العام هشام بركات، وكررت هذا في أول يوليو 2015، ثم عادت الأحد 6 مارس للمرة الثالثة لتعلن إلقائها القبض على من زعمت أنهم تورطوا في اغتياله.

ثانيا: مجدي عبد الغفار، وزير الداخلية، قال: إن “قرار التكليف بالعملية صدر ممن وصفه بالإخواني الهارب “يحيى السيد إبراهيم موسى”، طبيب مطلوب ضبطه، وقال إنه قاد مجموعة كبيرة من كوادر التنظيم في مصر لارتكاب هذه العمليات، بحسب قوله، ومنها اغتيال النائب العام هشام بركات.

والدكتور يحيى موسى، كان المتحدث الرسمي السابق باسم وزارة الصحة في حكومة الدكتور هشام قنديل، قبل انقلاب 3 يوليو 2013، وسبق أن اتهم– في تصريحات للتلفزيون المصري- الشرطة العسكرية والداخلية بقتل المعتصمين في مجزرة الحرس الجمهوري، بصفته “شاهد عيان”.

وقال: إنهم (الجيش والشرطة) ارتكبوا “مذبحة ضد المعتصمين السلميين، الذين لا يملكون أي وسيلة للدفاع عن أنفسهم”، ويعتقد أن هذا أحد أسباب العداء له، وتوجيه هذا الاتهام له، وهو هارب غير معروف مكانه.

ويذكر أن المكالمة المذكورة لم تكتمل، وأنه تم قطع الاتصال الهاتفي حتى لا يستكمل الشاهد رواية شهادته، والتي كان يدلي بها بصوت حزين، يدل على المأساة التي كانت تحدث في تلك الأثناء.

ثالثا: وجهت أصابع الاتهام لولاية سيناء (داعش) بالقيام بالعملية حينئذ؛ بسبب حجم المتفجرات وأسلوب التنظيم المتكرر فيها، وقال طارق البشري، المفكر والنائب الأول السابق لرئيس مجلس الدولة حينئذ: “لا أستبعد تورط عناصر تنظيم ولاية سيناء في تلك العملية، خاصة وأنهم العنصر المتطرف الأبرز في مصر الآن، ونجاحه في تنفيذ عمليات على نفس المنوال”.

رابعا: الاتهام موجه لعدد من طلاب جامعة الأزهر المقبوض عليهم، ما يثير سؤالا: كيف يصل طلاب لموكب النائب العام؟ كيف لمجموعة طلاب من جامعة الأزهر، تفضهم غالبا قوات الشرطة بعربة مياه، أو بقنابل غاز كلما خرجوا في مظاهرة سلمية، أن يخترقوا موكب النائب العام، وينفذوا عملية كبرى ربما تعجز أجهزة مخابراتية كبرى عن القيام بها؟!.

خامسا: كيف عبرت حماس والمتفجرات؟، فبحسب رواية وزير الداخلية لم يتم توضيح كيف دخل أعضاء حماس مصر لقتل النائب العام، بينما الأنفاق تم تدميرها كلها تقريبا وإغراقها بالماء؟ وكيف قامت بإدخال طن متفجرات ومرت عبر الحدود، رغم أن الجيش منتشر بكثافة هناك، واخترقت كل تلك الحصون، ووصلت إلى موكب هشام بركات، وهي أساطير يصعب على العقل تصديقها.

وقد ألمح لهذا محمد سودان، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بقوله: “هل من السهل انتقال الأفراد والكوادر، ونقل الخبرات والتدريب بهذه السهولة وأين كان الأمن وقتها؟!”.

سادسا: كيف تتهم مصر حماس بالإرهاب، ثم يلتقي مدير مخابرات مصر قادتها؟، وقد أحرج الباحث الفلسطيني حمزة إسماعيل أبو شنب، المذيع المصري “سيد علي”، حينما وصف اتهامات الشرطة المصرية لحماس بأنها “مناكفات سياسية” من مصر لحماس.

كما كشف أيضا أنه “منذ أيام تواصل اللواء خالد فوزي، رئيس المخابرات العامة المصرية، مع خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس”، متسائلا: “لماذا تجري المخابرات المصرية اتصالات مع حماس إذا كانت مقتنعة بأنها منظمة إرهابية”؟.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …