‫الرئيسية‬ مقالات الاعتراف بالفشل!
مقالات - نوفمبر 14, 2014

الاعتراف بالفشل!

«ذاكرنا جيدا، ولكن الحمد لله الامتحان جاء أسهل مما كنا نتوقع».. تصريح نشرته «المصرى اليوم»، الثلاثاء الماضى، لوزير العدالة الانتقالية، الذى ترأس الوفد المصرى إلى جلسة المراجعة الدورية لملف حقوق الإنسان.. لا أعرف كيف استعد الوفد الرسمى لهذا الامتحان، لكن المؤكد أنهم رسبوا فيه. أشعر بالحزن على ما آلت إليه الأمور فى جنيف، ويتضاعف الحزن عندما يحاول من فشلوا التصرف كالناجحين. تلقت الحكومة المصرية 300 توصية من أعضاء مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مقابل نصف هذا العدد فى عام 2010. العالم يرى أن حقوق الإنسان قد تدهورت مرتين على الأقل مقارنة بما كان عليه الحال قبل ثورة يناير!! لم يقتصر انتقاد أوضاع حقوق الإنسان على الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبى.

قدمت فلسطين نصائح للحكومة المصرية لمراجعة قانون العقوبات ليكون أكثر صرامة فى مكافحة التعذيب، أوزبكستان حثت الحكومة على أن تجعل النظام القانونى يحمى حقوق الإنسان أكثر مما هو عليه، السنغال طلبت منها تطبيق الحكم الرشيد وتشجيع الحوار السياسى، البرازيل شددت على ضمان حريات الرأى والتعبير.

يقع التقرير الدولى الرفيع فى 37 صفحة، منها 22 صفحة تشهد على رسوب الحكومة فى مادة حقوق الإنسان، لم تجد الحكومة ما تعرضه على العالم سوى دستور 2014 الذى تُهدَر نصوصه يوميا، لم يكن ذلك كافيا.. 3 من 9 موضوعات تركزت حولها الانتقادات كانت من صنع حكومتى الببلاوى ومحلب.. 30 دولة انتقدت التحرش بالمنظمات غير الحكومية.. 19 دولة انتقدت قانون التظاهر.. 15 دولة انتقدت المحاكمات غير المنصفة.. 15 دولة انتقدت عقوبة الإعدام وما صدر نتيجة لها من أحكام بالجملة.. بعض الانتقادات كانت نتيجة عدم التزام النيابة بدور فاعل فى مكافحة جريمة التعذيب التى كان شيوعها فى مصر محل انتقاد من 14 دولة.. أوضاع النساء فى مصر كانت محل انتقاد 40 دولة.. لم تفلح محاولات الوفد الرسمى فى تجميل صورة قبيحة لبنية قانونية أدمنت التعامل بتجاهل مع قضايا النساء.

الفضيحة التى واجهتها مصر يتحمل وزرها وزراء التضامن الاجتماعى والعدالة الانتقالية والخارجية. فَتَحَت الأولى معركة لا مبرر لها مع المنظمات الحقوقية، حاولت إخضاع الجمعيات الأهلية لمشروع قانون ينتمى إلى حقبة الستينيات. فشل الثانى فى إنجاز أى إصلاح تشريعى، رغم كثرة ما عُرض عليه من مقترحات. أما الثالث فلم يقدم للحكومة تقييما معقولا للموقف يساعدها على اختيار وفد يصلح لأداء تلك المهمة. فى مارس القادم ستتقدم الحكومة إلى المجلس ببيان حول التوصيات التى ستقبلها. عام 2010 قالت الحكومة إنها تقبل 119 توصية وستعمل على تنفيذها ولم يحدث شىء. على الحكومة أن تشرع فى الوفاء بتعهداتها الدولية، المراوغة ليست حلا. إبعاد الوزراء الذين تسببوا فى تلك الفضيحة عن مناصبهم هو أقل ما ننتظر أن نسمعه. الاعتراف بالفشل هو أول طريق النجاح لمن أراد النجاح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …