‫الرئيسية‬ عرب وعالم الاتفاق النووي – تقارب أميركي إيراني على حساب السعودية؟
عرب وعالم - يناير 17, 2016

الاتفاق النووي – تقارب أميركي إيراني على حساب السعودية؟

 

يكرس دخول الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني حيز التنفيذ بتزامن مع تبادل للسجناء بين أميركا وإيران، التقارب بين هذين البلدين على حساب السعودية الحليف التاريخي لواشنطن. لكن هل يمكن تحقيق تقارب مع طهران دون إثارة الرياض؟

تنفي واشنطن رسميا أي خطط للمصالحة مع إيران، وكذلك أي تغيير في تحالفاتها في الشرق الأوسط. لكن بعض المحللين يلفتون إلى أن إدارة الرئيس باراك أوباما تأمل في إقامة “توازن” بين الخصمين الخليجيين، الرياض وطهران، سعيا لوضع حد للحروب التي تهز المنطقة مثل الحرب المدمرة في سوريا. فبعد تجربة تدخلاتها العسكرية في الشرق الأوسط في العقدين السابقين، راهنت الولايات المتحدة على اعتماد سياسة انفراج مع عدوها اللدود الإيراني بعد 35 عاما من القطيعة في علاقاتهما الدبلوماسية مجازفة بذلك بإهمال حليفها السعودي.

ولخص فريدريك ويري من مؤسسة كارنيغي للأبحاث الوضع بقوله “إن رؤية أوباما بالنسبة للخليج تقوم على التوازن”. وإن توصلت الرياض وطهران إلى تفاهم “سيسهل ذلك انسحاب الولايات المتحدة (من الشرق الأوسط) لتتوجه إلى آسيا” على ما أوضح الباحث مشيرا إلى سياسة “إعادة التموضع” الأميركية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ التي يسعى أوباما لانتهاجها منذ 2009. إلا أن ويري يرى أن التصعيد الأخير بين السعودية وإيران “قضى على هذا الطموح لإرساء التوازن”.

ويتواجه الخصمان الكبيران، السعودية وإيران، بصورة غير مباشرة عبر النزاعين الدائرين في سوريا واليمن وأيضا في العراق ولبنان. وفي مطلع كانون الثاني/يناير الجاري تحولت عداوتهما إلى مواجهة مكشوفة، فقطعت الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع طهران بعد أن تعرضت سفارتها لهجوم من قبل إيرانيين غاضبين من السعودية لإعدامها رجل الدين الشيعي المعارض نمر باقر النمر. وحرصت الدبلوماسية الأميركية التي حذرت مسبقا الرياض في الكواليس من مخاطر إعدام النمر، على الامتناع عن اتخاذ موقف مع أي جانب واكتفت بالدعوة إلى الصلح.

ترحيب دولي وإيراني بتنفيذ الاتفاق النووي ورفع العقوبات

واعتبر كريم سجادبور الاختصاصي في شؤون إيران لدى كارنيجي أن هذا الحياد الذي أبدته الولايات المتحدة يطرح مشكلة.

وقال هذا المحلل “إن ما يميز الرئيس أوباما عن الرؤساء الآخرين منذ 1979، هو أنه في هذه الأزمة الإيرانية السعودية لم تصطف الولايات المتحدة بوضوح إلى جانب السعودية. بينما كانت على الدوم في الماضي يدا بيد (مع المملكة). وذلك يثير بالتأكيد غضب” الرياض. وأضاف “هناك في الخليج (…) هذه الفكرة بأن أوباما يبدي ميلا إلى الفرس، إلى الحضارة الفارسية، وأنه ليس لديه الميل نفسه إلى دول الخليج (العربية)”.

الافراج عن الصحفي الامريكي الايراني الاصل جيسون رضائيان وسجناء آخرين مؤشر على التقارب بين واشنطن وطهران

واستطرد أن المملكة العربية السعودية الغنية بالنفط والتي تحظى بحماية المظلة العسكرية الأمريكية ترى أن “لديها نوع من الغيرة الاستراتيجية، تخوف أساسي من أن تميل الولايات المتحدة مجددا نحو إيران وتقيم شكلا من التوازن” الإقليمي.

وسيكون ذلك عودة إلى”استراتيجية الركنين” الأساسيين التي اعتمدها الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون في سبعينيات القرن الماضي وتستند في آن إلى الرياض وطهران لضمان الأمن في الخليج. لكن هذه العقيدة انتهت مع الثورة الإسلامية الإيرانية في 1979 واحتجاز رهائن لـ444 يوما في السفارة الأمريكية وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في نيسان/ابريل 1980.

وعاودت الولايات المتحدة وإيران الاتصالات في ضوء المفاوضات حول الملف النووي التي انطلقت مجددا في خريف 2013 بعد 18 شهرا من المحادثات السرية. وتوج ذلك بابرام اتفاق فيينا التاريخي في 14 تموز/يوليو الماضي ثم دخوله حيز التنفيذ السبت (16 كانون الثاني/ يناير). ويفترض أن يضمن هذا الاتفاق عدم امتلاك طهران القنبلة الذرية مقابل رفع العقوبات المفروضة على إيران بصورة تدريجية. ويعد الاتفاق محطة هامة في مجال حظر الانتشار النووي كما يسجل نجاحا للحوار الأمريكي الإيراني. وخير دليل على هذا النجاح تبادل السجناء المعلن بين الولايات المتحدة وإيران. وهو سيناريو لم يكن ممكنا تصوره قبل بضعة أشهر، ما حدا بوزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى القول “إن الدبلوماسية لطالما كانت خيارنا الأول والحرب وسيلتنا الأخيرة”.

كذلك فإن حادث الثلاثاء الماضي عندما تاه عشرة بحارة أميركيين في المياه الإقليمية الإيرانية تمت تسويته في خلال أربع وعشرين ساعة. وأشاد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بدوره بفضائل “الحوار” مع واشنطن بعيدا عن “تهديدات” الماضي.

في المقابل وجه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أثناء لقاء الأسبوع الماضي في لندن مع كيري انتقادا شديدا لـ “حصيلة إيران في مجال الحرب والتدمير والإرهاب وزعزعة الاستقرار والتدخل في شؤون الدول الأخرى”.

ويرى البرتو نائب رئيس معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط (“ميدل ايست ميديا ريسيرتش انستيتيوت”) أن الولايات المتحدة قامت بـ “مجازفة محسوبة” بتقاربها مع طهران. لكن المعادلة تبدو مستعصية وتساءل هذا السفير الأمريكي السابق “كيف يمكن إعادة الدفء إلى العلاقات مع إيران بدون إثارة الحليف (السعودي)؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …