زينب مهدي .. تطلق رصاصتها في جميع الاتجاهات
جاء خبر انتحار الشابة زينب مهدي، شنقا، كالصاعقة على مواقع التواصل الاجتماعي التي تلقت الخبر بين الدهشة والصدمة، لتتوالي ردود الأفعال بين سارد لما عهده منها وكاشف لما غاب عن الجميع معرفته عنها.
لكن الرسالة الأخيرة لزينب كشفت الكثير عن أسباب انتحارها، الرسالة التي جاء نصها: “تعبت.. استهلكت.. ومفيش فايدة.. كلهم ولاد كلب.. وإحنا بنفحت في مايه.. مافيش قانون خالص هيجيب حق حد.. بس إحنا بنعمل اللي علينا.. أهه كلمة حق نقدر بيها نبص لوشوشنا في المراية من غير ما نتف عليها.. مفيش عدل.. وأنا مدركة ده.. ومفيش أي نصر جاي.. بس بنضحك على نفسنا عشان نعرف نعيش”.
التفاصيل الكامنة في رسالتها تُجسٍّد كيف بدأت الفتاة حياتها في جامعة الأزهر الشريف، ترتدي حجابها الذي صار علامة لها بلفة طرحتها المميزة .
تأتي الثورة المصرية وتقفز شخصية زينب إلى مكانها الجديد، إلى حيث ميدان التحرير، ذلك المكان الذي بدأ منه حلم هذا الجيل في حياة كريمة.
يدخل الإسلاميون غمار السياسة ويتصدرون المشهد، برلمان ذات واجهة إخوانية، وأحزاب سلفية، تسير البلاد نحو الاستقرار على الطريقة القديمة، يبدو أنه لا شيء سيتغير، هكذا استوعبت زينب المشهد الجديد.
يتقدم عبد المنعم أبو الفتوح مرشحا لرئاسة الجمهورية، تدعمه الفتاة بكل قوتها، تواجهها عاصفة قوية من النقد من “أخواتها”.. تترك زينب على إثرها صفوف الجماعة.
ينهار أبو الفتوح كقائد في نظر الفتاة، وينهار معه ما تبقى لديها من ثوابت الحياة، انعكست تفكر في كل شيء من جديد، من أول السياسة حتى الدين ذاته.
تخلع زينب الحجاب، يزداد الهجوم عليها من “أخواتها” الإسلاميات، تقترب أكثر من رفقاء جدد، رفقاء يختلف موقفهم من الدين عن موقف رفقاء الأمس كثيرا، تبقى زينب أسيرة نزاع نفسي كبير بين داخلها المؤمن، وخارجها الجديد الذي ينازع الداخل.
تنتقل بعدها زينب إلى العمل الحقوقي، بيد أنها رأت فيه ملجأها الأخير في أن تكون صاحبة رسالة في تلك الحياة، دربت شبابا على التوثيق، كونت فرقا لرصد الانتهاكات، وتركت القافلة تسير لتختفي عن عيون الجميع.
تختفي زينب.. وكأنها تمهد للجميع رحيلها عن الحياة الذي بات في خاطرها وشيكا، وكأنها تذكّر الجميع أن أحدا لم يسأل عنها في محتنها، لا “الأخوات المؤمنات” ولا “المتحضرات الحدثيات”.
تختفي زينب.. لتكتب مشهد النهاية في رحلة الـ 22 عاما في أروقة وطن قاتل غادر، قتل حلمها وغدر بأمنياتها التي سطرتها في سيرتها الذاتية، لم تتحمل الفتاة أخبار اغتصاب الفتيات في السجون، ولا تقاليد المجتمع المنهارة، ولا بلاهة الناس في استقبال أخبار القتل والموت، لم تجد من يجب عن سؤالاتها التي تحير عقلها الصغير، لم تجد لها في هذا العالم مكانا.
وأخيرا.. ترحل زينب مهدي ذات الـ22 عاما شنقا، بينما كانت تستعد فايزة أبو النجا التي تبلغ من العمر 61 عاما لتستقل سيارتها الخاصة إلى قصر الرئاسة، لتستلم مهمتها في بناء “المستقبل السعيد”!
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …