‫الرئيسية‬ عرب وعالم هل يضحي التونسيون بجزء من حريتهم لأجل الأمن؟
عرب وعالم - ديسمبر 17, 2015

هل يضحي التونسيون بجزء من حريتهم لأجل الأمن؟

بعد خمس سنوات من انطلاق الانتفاضة الديمقراطية الشبابية في تونس تواجه البلاد تحديات كبرى، خاصة في ظل سياسة مكافحة الارهاب، التي تنعكس سلبا على الحريات في البلاد.

” كلما ابتعدنا عن يوم 14 يناير 2011 ، نشهد تراجعا للحريات، التي كنا نتمتع بها”. هكذا يشتكي لطفي فرحان، الذي كان يشغل لأكثر من أربع سنوات منصب عمدة في بلدة صيادة الصغيرة، على بعد نحو 200 كيلومترا جنوب العاصمة تونس. وخلال هذه الفترة أصبح هذا المكان معروفا حتى خارج حدود تونس. وذلك لأن فرحان كان يهتم بشكل كبير بالشفافية والمشاركة الشعبية، من خلال إتاحة إمكانية التصويت عبر موقع إلكتروني، كان مفتوحا عبر شبكة واي فاي لسكان المدينة. وهو ما يعتبر تطورا جديدا في دولة تعيش منذ خمس سنوات على وقع الفساد وغياب الثقة لدى السكان في مؤسسات الدولة.

ولكن قبل وقت قصير من الذكرى الخامسة لثورة الياسمين، تلقى فرحان تهديدات هاتفية ومضايقات من قبل السلطات، ما دفعه للاستقالة من منصبه الفخري. وفي هذا الصدد يقول فرحان: “طرق الحزب الحاكم سابقا تعود من جديد”، في إشارة لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي، الذي كان يرأسه الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، والذي تم حله بعد وقت قصير من هروبه في يناير/ كانون الثاني 2011.

طريق تونس إلى الديمقراطية

محمد البوعزيزي، بائع الخضر، من بلدة سيدي بوزيد اكتسب شهرة عالمية بعد أن أحرق نفسه في 17 يناير/ كانون الثاني عام 2010، ما أثار موجة من الاحتجاجات في البلاد. ففي منتصف يناير خرج آلاف المتظاهرين في تونس العاصمة، وهم يهتفون “إرحل”.

وبعد من ذلك ببضع ساعات هرب بن علي إلى المملكة العربية السعودية، بعد 23 عاما من الحكم الاستبدادي للبلاد. غير أن تفاصيل رحلة هربه لا تزال غامضة حتى الآن. وبعد ذلك تم تعيين حكومة انتقالية حظرت حزب بن علي وأعلنت عن إجراء أول انتخابات حرة في خريف عام 2011.

وعلى عكس العديد من بلدان ما يعرف بـ “الربيع العربي” الأخرى، بدت تونس في طريقها نحو تحقيق الديمقراطية المنشودة. ولكن سرعان من تحول حماس العديد من المواطنين بالحرية السياسية والأمل في الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية إلى خيبة أمل كبرى. فقد انتظر التونسيون وقتا طويلا قبل صدور الدستور الجديد. بالإضافة إلى ذلك فقد شهدت البلاد سنة 2013 جريمتي اغتيال، راح ضحيتها عضو المجلس التأسيسي محمد براهمي والسياسي اليساري شكري بلعيد. وهو ما هدد استقرار البلاد وكاد يعصف بها إلى الهاوية، لولا  تقديم حزب النهضة  الإسلامى لتنازلات سياسية ، فضلا عن تدخل رباعية الحوار الوطني الحائزة على جائزة نوبل للسلام 2015 للتوصل للإستقرار السياسي

وبعد أن استقر الوضع السياسي في تونس منذ اعتماد الدستور الجديد وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، يرى العديد من التونسيين في الوقت الراهن أن مكتسبات الثورة أصبحت في خطر من جديد، خاصة بعد تعرض البلاد لثلاث اعتداءات إرهابية، تبناها تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي،.

من جهتها ردت الحكومة التونسية على ذلك بتدابير أمنية أكثر صرامة وقانون جديد لمكافحة الإرهاب. ولكن القانون الجديد يرجع بالديمقراطية التونسية خطوة إلى الوراء، على حد تعبير منظمات حقوقية، أشارت إلى عودة التعذيب في أقسام الشرطة والسجون، إذ يتم حبس المشتبه بهم لعدة أيام دون الحصول على محام لتمثيلهم. علاوة على ذلك، تمت إدانة العديد من الشباب في الأسابيع الأخيرة بسبب استهلاك الحشيش أو المثلية الجنسية.

عبد الستار بن موسى، الحائز على جائزة نوبل ورئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، حذر في التلفزيون الفرنسي من العودة إلى الحكم الاستبدادي، حيث قال: “كل مرة يقع فيها اعتداء إرهابي، تعلو الأصوات التي تقول، بأن حقوق الإنسان ليست مهمة”، مشددا على أن احترام حقوق الإنسان هو أفضل سلاح ضد الإرهاب.

وفي خضم الصراعات السياسية التي شهدتها تونس في السنوات الأخيرة تعاني فئة الشباب وخاصة في المناطق الداخلية الفقيرة من معضلة البطالة، إذ لا يصلها النمو الاقتصادي، الذي تشهده بعض المناطق الساحلية الغنية في البلاد. وفي هذا الصدد يقول علاء الطالبي، مدير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية “منذ عام 2011 ونحن نتحدث فقط عن السياسة ولا نتطرق إلى القضايا الأكثر أهمية، مثل الثقافة والاقتصاد وإصلاح نظام التعليم”، إذ أهملت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، على حد تعبير علاء الطالبي، الذي يضيف: “حل هذه القضايا هو السبيل لنجاج المسار الديمقراطي في السنوات المقبلة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …