‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير سد النهضة.. السيسي يعود لحلول “مرسي” والتهديد بالحرب بعد “خراب مالطة”
أخبار وتقارير - ديسمبر 14, 2015

سد النهضة.. السيسي يعود لحلول “مرسي” والتهديد بالحرب بعد “خراب مالطة”

* الحل العسكري في عهد مرسي لم يكن مكلفًا لأن السد كان في بداية البناء ولكن تكلفته حاليًا باهظة بعد بناء 50% من السد

* كلما تراخى نظام السيسي كلما أصبح هذا الخيار العسكري أو مجرد التهديد به بلا قيمة إستراتيجية

قبل انقلاب السيسي العسكري، بأيام، قال الرئيس محمد مرسي عن سد النهضة الأثيوبي: “إن نقصت مياه النيل قطرة واحدة فدماؤنا هي البديل”، واعتبر “أن جميع الخيارات مفتوحة في الدفاع عن حصة بلاده من مياه النيل في مواجهة سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النهر”، لكنه استدرك قائلا: “لسنا دعاة حرب.. ولكننا لا نسمح أبدا أن يهدد أمننا مائيا كان أو غير ذلك”.

 

وقد أطلقت أبواق الانقلاب الإعلامية حينئذ العنان لبرامج التوك شو والصحف للسخرية من تهديدات الرئيس مرسي لإثيوبيا، وكان البناء في السد قد بدأ لتوه، وكان “الحل العسكري” غير مكلف سياسيا وعسكريا حينئذ لو كان قد تم اللجوء له أو التهديد به فقط لوقف البناء، على هو الحال عليه الآن بعد بناء 50% من السد.

فلم يكف السيسي بالصمت على ما تفعله إثيوبيا والدخول في شرك الخداع والتسويف، ولكنه خرق الإجماع المِصْري لأول مرة فيما يخص قبول بناء سدود على منابع نهر النيل، ووقع وثيقة الخرطوم الشهيرة في مارس 2015 التي أعطت إثيوبيا حق بناء السد، لهذا قال رئيس وزراء إثيوبيا هيلا ميريام ديسالين إن «الرئيس محمد مرسي كان بمثابة عقبة أمام استكمال السد، إلا أن الأمور باتت أكثر مرونة في وجود عبد الفتاح السيسي».

الآن عاد نظام السيسي ليوعز لأبواقه الإعلامية بإعادة إنتاج خطاب الرئيس مرسي عبر مانشيت وأخبار تحذر إثيوبيا من الحل العسكري، وسط تجاهل إثيوبي للتهديدات المِصْرية لأنها جاءت بعد خراب مالطا وتجاوز الخيط الرفيع بين قوة التهديد العسكري الإستراتيجية قبل البناء وغياب مصداقية مِصْر بعد اكتمال نصف البناء.

ويقول خبراء عسكريون: إن الخيار العسكري الآن بات مكلفا، وكلما تراخى نظام السيسي في التعامل مع الأمر الواقع الذي فرضته عليه إثيوبيا بموافقة منه كلما أصبح هذا الخيار العسكري أو مجرد التهديد به بلا قيمة إستراتيجية؛ لأن أي ضربات للسد بعد بنائه لن تهدمه بسهولة، فضلا عن أن احتمالات ضربه وهو ممتلئ بالمياه تعني غرق السودان وأجزاء من جنوب مصر.

الحل العسكري غير مطروح!
ونشرت صحيفة “الوطن” الاثنين 14/ 12 تقريرًا عن “سيناريوهات مصر لـ«ضرب» سد النهضة” وضح أنه ضمن هذه الحملة الإعلامية لتهديد إثيوبيا؛ حيث اكتفى بنقل تصريح ناعم على لسان اللواء أركان حرب سمير بدوي، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، يشدد على أن مصر تسعى لتحويل «خصومها» لـ«أصدقاء» عبر العمل على المصالح المشتركة لتلك الدول.

وشدد على أن مصر تحل خلافاتها مع الدول الإفريقية والعربية عبر المفاوضات، وأن «الحل العسكري» غير مطروح على الإطلاق، على عكس عنوان الصحيفة المثير!، بينما كانت نفس الصحف تنتقد قول سياسيين خلال لقاء علني مع الرئيس مرسي أنه يجب ضرب سد النهضة لو لم تستجب إثيوبيا ما أثار قلقا إثيوبيا بعكس الوضع الآن؛ حيث الاستهزاء والتقليل من احتمالات ضرب مصر للسد.

نفت مصر ما نسب إلى وزير خارجية إثيوبيا بأنه قال إن “مصر أضعف من أن تدخل في حرب مع إثيوبيا”، على خلفية أزمة سد النهضة بين البلدين، وقالت إن تصريحات الوزير الاثيوبي مفبركة ولم يقلها، ونوهت لمطالبتها الصحيفة المصرية التي نشرت هذا الخبر باعتماد “الدقة”.

وسبق أن نفى المستشار أحمد أبو زيد -المتحدث باسم وزارة الخارجية، نوفمبر الماضي- صدور أي تصريحات من تادرس أدناهوم، وزير الخارجية الإثيوبي، بشأن “ضعف مصر وعدم قدرتها على الدخول في أي حرب مع أديس أبابا”.

وقال «أبوزيد» إن “بعض الصحف المصرية نقلت تصريحات منسوبة إلى وزير خارجية إثيوبيا نقلاً عن جريدة إثيوبية أسبوعية تصدر باللغة الأمهرية، وفور متابعة وزارة الخارجية المصرية لما نشر في هذه الصحيفة تم التواصل مع الصحف المصرية للتأكد من دقة تلك التصريحات”.

ونسبت صحيفة مصرية خاصة، لـ “أدهانوم”، أنه شن هجومًا على نظيره المصري السفير سامح شكري بعدما قال، وفقًا لما نشر بالخطأ نقلا عن صحيفة “أديس أدماس” الإثيوبية الحكومية، “أن مصر لديها أوراق ضغط تستطيع استخدامها ضد حكومة أديس أبابا”.

وأن “أهادنوم” رد علي شكري قائلًا: “مصر أضعف من أن تدخل في حرب مع إثيوبيا فصراعاتها الداخلية وفقرها الاقتصادي والإرهاب في سيناء هي أولويات حروبها، أما سد النهضة فالجانب المصري يعلم تمامًا أنه وافق على كافة الاتفاقيات الخاصة بسد النهضة لكنه يظهر عكس ذلك خلال وسائل الإعلام الخاصة بالمصريين”.

وقال حسام مغازي وزير الري: إن إجمالي أعمال البناء في سد النهضة من إنشاءات عامة بلغ 48% أما بالنسبة لهيكل السد الذي سيتم فيه تخزين المياه فإن نسبة البناء لم تتجاوز 20%، وإنه سيتم خلال الاجتماع السداسي المقبل بحث وضع آلية لمتابعة عمليات البناء على الأرض لطمأنه الجانب المصري بالتنسيق مع الأشقاء في إثيوبيا بما لا يتعارض مع الدراسات الفنية، ولا يمس سيادة الدولة، خاصة أنه موضوع في غاية الحساسية والدقة.

وتدور خيارات والبدائل أمام مصر مستقبلا فيما يخص التعامل مع ملف سد النهضة في أربعة خيارات هي: سحب الاعتراف بوثيقة السد التي وقعها السيسي في أول اجتماع لبرلمان السيسي لحفظ ماء وجهه/ تدويل القضية واللجوء لمحاكم دولية أو الامم المتحدة/ الاستمرار في المفاوضات عبر خارطة طريق جديدة/ أو اللجوء إلى عمل عسكري أو التهديد به كحلّ أخير.

الحل الأول: سحب موافقة السيسي
الحل الاول المطروح حاليا، هو سحب السيسي موافقته على وثيقة سد النهضة التي ورطت مصر في قبول بناء السد واعطته له شرعية دولية، ولحفظ ماء وجه السيسي سيكون الحل هو عرض الاتفاقية على برلمان السيسي الجديد مع تعليمات برفضها بواسطة “حزب السيسي” الذي شكله سيف اليزل باسم “في حب مصر” وأصبح “دعم الدولة المصرية”.

وقد رجح هذا الخيار الخبير المائي المصري أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، نادر نور الدين، عبر إعادة عرض موافقة السيسي على اتفاقية بناء سد النهضة، على البرلمان المزمع عقده نهاية الشهر الجاري، وسحب الموافقة المصرية، إذا لم توافق أثيوبيا، على توقيع اتفاقية قانونية، وتعهد كتابي جديد يتضمن تقديرات بحصة مصر المائية اليومية والسنوية من هذا السد.

وأوضح نور الدين، أن البرلمان حال انعقاده من حقه دستوريا مراجعة الاتفاقيات كافة، ووقتها في ظل استمرار أثيوبيا في تأزيم مفاوضات السد، يقوم النواب بسحبها وبدء مباحثات جديدة على هذا الأساس، وبدء تدويل القضية.

ووقع السيسي مع أثيوبيا والسودان في مارس الماضي، وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة في العاصمة السودانية الخرطوم، وافق بموجبها على استكمال اثيوبيا إجراءات بناء السد مع إقامة دراسات فنية لحماية الحصص المائية، وظهر في مؤتمرات صحفية ليبرر البناء الاثيوبي ويتحدث عن تفكير مصر في بدائل للبحث عن ماء بدل الذي سوف تسحبه أثيوبيا لتخزين وملء السد!

 

 

ثانيا: خارطة طريق جديدة تبقي على السد
الحل الثاني هو استمرار التفاوض وتضييع الوقت مع الاثيوبيين الرافضين للحلول السياسية التي تتضمن وقف البناء لحين الانتهاء من الدراسات الفنية التي تبين أضرار السد. وقد أشارت مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون الإفريقية، السفيرة منى عمر، لاستمرار مسار المفاوضات عبر ما سمي “خارطة طريق” جديدة وواضحة.

وقالت عمر: “سنصل لحل عبر المفاوضات ونحن نمضي على الطريق الصحيح، رغم ما أثير من فشل الجولة الأخيرة (اجتماع سداسي الخرطوم)، لكن بداية على الطريق الصحيح”، مشيرة إلى أنه بدا هناك خارطة طريق جديدة توضح فيها مصر شواغلها عبر تدخل سياسي ومواقف حازمة.

ويقول خبراء سياسيين أن هذا الحل معناه السير في نفس المسار الفاشل الحالي الذي أوصل البناء في السد الي 50% دون أي حلول فعلية.

ثالثا: التحكيم الدولي
وهو خيار العاجز الذي لن يجدي وقد يساعد إثيوبيا على إكمال البناء وفرض أمر واقع على غرار التهويد الصهيوني في القدس، الذي لم تفلح قرارات مجلس الأمن في منعه بعدما أصبح أمرا واقعا، ويعطي إثيوبيا الوقت اللازم لإكمال البناء.

فخيارات الوساطة الدولية والتوجه إلى المحكمة الدولية، أو مجلس الأمن، طرق متدرجة قد تسلكها مصر، ولكنها سيزيد من عمر المفاوضات أعوامًا أخرى.

ويقول أستاذ القانون الدولي، الدكتور محمد عطا لله، في تصريحاته لموقع “مصراوي” إنه في حالة فشل المفاوضات يجب أن تتحرك مصر تجاه محكمة العدل الدولية للحفاظ على حقوقها التاريخية في مياه النيل.

وأشار عطا لله إلى أنه إذا توجهت مصر وحدها إلى محكمة العدل الدولية دون موافقة إثيوبيا، سيكون رأي المحكمة استشاريًا، ولكنه أيضًا سيُؤثر بشدة على موقف إثيوبيا قانونيًا، موضحًا أن مصر لديها اتفاقيات موقعة من بريطانيا العظمى تضمن حصصها في مياه النيل، وهذه الاتفاقيات تورث وبالتالي إثيوبيا ملتزمة بها”.

ويشير أستاذ القانون الدولي، لطريق أخر هو الطريق إلى مجلس الأمن، المدعوم بالاتفاقيات الدولية التي تقر حقوق مصر في مياه النيل، ولكن كل هذه حلول طويلة الأجل لن تمنع أثيوبيا من البناء الذي سيكون اكتمل ويحتاج للتدشين وفرض أمر واقع.

رابعا: الحل العسكري
وهو الحل الذي هدد به ضمنا الرئيس محمد مرسي وكان فعالا لإجبار اثيوبيا على وف البناء، ولكن الانقلاب العسكري والفوضى التي تشهدها مصر منذ ذلك الحين، ثم موافقة السيسي على البناء بشيك على بياض دون مقابل ملموس، أعطت الإثيوبيين الفرصة الذهبية للاستمرار في البناء دون عواقب والانتهاء من 50% منه.

ويقول أستاذ القانون الدولي، الدكتور محمد عطا لله: إن سيناريو التدخل العسكري “ضعيف”.

ويتوقع اللواء طلعت مسلم -الخبير العسكري والاستراتيجي- أن يكون العمل العسكري هو الحل الأخير في مواجهة أزمة سد النهضة، ولا يمكن استبعاده نهائيا، حسب قوله.

ولكن “مسلم” ينوه لأن “العمل العسكري ليس بالضرورة توجيه ضربة عسكرية، ولكنه أمر يخضع للجهة العسكرية والقيادة السياسية لتحديده”.

وتابع: “الأمر لا يحتاج لتلويح مصري بعمل عسكري تجاه سد النهضة، الذي دخل مرحلة صعبة لأنه إذا كان الخيار بين الموت عطشا والموت حربا، فالأمر ليس صعبا وقتها”، داعيا إلى تفهم حقوق المصريين في مياه النيل.

ويقصد بالعمل غير العسكري المباشر هنا على الأرجح، عمل تقوم بها قوة استخبارية خاصة لتخريب عمل السد على غرار ما فعلته مصر من قبل بتفجير الحفار الإسرائيلي الشهير في 28 مارس 1968 في أثناء توقفه في أبيدجان عاصمة ساحل العاج.

وتقول مصادر سودانية إن تأجيل مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، لعقد اجتماع سداسي جديد ما هو إلا ترحيل للقضايا العالقة بين مصر والسودان وإثيوبيا، التي ستظل تفرض نفسها على مستقبل العلاقات المائية بين الدول الثلاث انتظارا لحل نهائي، وأن علاقات مصر وإثيوبيا ستكون على «المحك» ما لم يتدخل قادة الدول لحل الخلافات، وإلا تحولت إلى نزاع قد يكون باكورة حرب جديدة حول المياه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …