‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير انهيار السيادة الوطنية أم بقاء السيسي؟ قراءة في “الطائرة الروسية”
أخبار وتقارير - نوفمبر 18, 2015

انهيار السيادة الوطنية أم بقاء السيسي؟ قراءة في “الطائرة الروسية”

بعيدا عن الانفعال أو الانطلاق من مسلمات استباقية، فإن مجريات الأحداث في مصر تنذر بخطر داهم، لا على الحكم أو المعارضة، بل على مستقبل وطن، يعاني الانقسامات والتجاذبات السياسية التي تقول عنها الدراسات العلمية – لا الاتهامات السياسية – إنها الخطر الأكبر على الأمن القومي المصري.

ورغم اهتمام النظام السياسي الحاكم باعتماد الزيارات الخارجية المتوالية وسيلة لإسباغ الشرعية على نظام حكم جاء عبر الدبابة، دون أن تقدم تلك الزيارات لمصر سوى، صناعة مجد شخصي للسيسي، عبر موالد إعلامية منصوبة على مدار الساعة تمجد وتقدس انجازات السيسي الوهمية وإعجاب قادة دول العالم بشخصيته، التي غالبا ما يتم انكشافها بصورة تمثل فضيحة بكل المقاييس في وسائل الاعلام الأجنبية، التي تعتمد المهنية والموضوعية لا ما يتمناه الحاكم وما يراه صحيحًا أو “ما يصحش كدا”….
ففي الوقت الذي يغيب عن الإعلام المصري مناقشة جدوى الزيارات الخارجية اقتصاديا أو سياسيا يتم التركيز على شخص الرئيس الذي لا يستطيع أن يزور دولة بدون جوقة من الفنانين والمطبلاتية، لا يمكن أن تراها مع أي رئيس، الذي غالبا ما يصطحب معه قيادات العمل الاقتصادي والسياسي والفكري لا الرقاصين والرقاصات لكي يهتفوا له…
فشل السيسي المتواصل تكشفه تداعيات “الطائرة” والإجراءات الروسية المتسارعة ضد مصر، ولا يمكن لأي متابع إلا أن يتيقن من الفشل الذريع في صياغة معادلة سياسية لعلاقات البلدين، وهو ما تجلي في أسوأ مراحله ، أمس، خلال اعلان بوتين منفردا عن نتائج تحقيقات الأجهزة الفيدرالية الأمنية في روسيا، حول العمل الإرهابي الذي أسقط الطائرة الروسية بسيناء، فيما صمت السيسي، بصورة مشينة لأية رئيس، وعلى ما يبدو أن الصمت جاء بتوصية مخابراتية؛ لأن حديث السيسي سيجلب مزيدًا من الضغوطات الدولية على مصر، فلو كذب السيسي رواية السيد الروسي، فستخسر مصر السياحة الروسية بصورة نهائية ولأمد طويل، ولو تجاوب مع الرواية الروسية بوجود إهمال أمني فستضيع السيادة الوطنية المصرية على عموم المطارات المصرية من قبل العالم، رغم إهدارها بريطانيا وأمريكيا منذ وقوع الحادث، نهاية أكتوبر الماضي.
كما أن الإجراءات الروسية العنيفة تنطلق من قراءة سياسية عميقة للمشهد المصري الخائر والمنهار أمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا في ظل حكم السيسي، وهى إجراءات لم تقدم عليها لا بريطانيا ولا الولايات المتحدة اللتان نتهمهما بقيادة “مؤامرة” ضد اقتصادنا وضد أمننا القومي! … ومن ثم جاء التصعيد الروسي على مصر في أضعف مراحل حياتها السياسي في ظل حكم عسكري، لا يجيد اللعبة السياسية..
وتعبر الإجراءات الروسية عن قدر استخفاف الجانب الروسي بدولة السيسى التي تسفه من كل رأى يدق نواقيس الخطر القادم نتيجة السياسات الرعناء التي يسير عليها نظام يضيع من مصر ما تبقى لها من علامات السيادة ومن أسباب الهيبة والمكانة …
سيناريوهات ثلاثة
الأول: كما أن إعلان بوتين السريع عن تشديد الهجمات على مواقع “داعش” في سورية، يفتح الباب أمام سيناريو التدخل العسكري المباشر في سيناء، تحت مسمى توسيع حرب روسيا على اﻹرهاب أو كمساعدة للجيش المصري في حربه على “داعش” في سيناء، والتي تكشف كل المؤشرات أنها ﻻ تسير في الطريق الصحيح، وتعجز عن حصر اﻹرهاب في مناطق شمال شرق سيناء.
وعلى الرغم من نفي الكرملين، أمس، أي نية للتدخل البري في سورية، أبرز معاقل “داعش”، وهو ما يجعل من التدخل المباشر في سيناء غير مرجحاً، إلا أن التوجه الروسي للانتقام بدا حاسماً بعد تطورات الأمس في سورية واعتبار موسكو أن “تفجير الطائرة هو من ضمن الأعمال الإرهابية الأكثر دموية في تاريخ البلاد، فضلاً عن تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن بلاده “ستجد الإرهابيين الذين قاموا بتفجير الطائرة الروسية في أي مكان في العالم وسنعاقبهم”، موعزاً إلى الاستخبارات الروسية مهمة الانتقام، بالتزامن مع رصد موسكو مكافأة مالية قدرها 50 مليون دولار، لمن يدلي بمعلومات عن المتورطين بالحادثة”، بحسب بيان صادر عن الكرملين.
ويتوقع أن يجد السيسي نفسه في حرج حقيقي إذا ارتأى “حليفه” أن سيناء يجب أن تكون مسرحاً لعمليات فردية روسية أو حتى مشتركة مع الجيش المصري، وخصوصاً أن السيسي وإعلامه طالما حاولا إظهار روسيا باعتبارها الحليف الدولي اﻷول لمصر بعد اﻹطاحة بحكم اﻹخوان، وقد زار السيسي موسكو ثلاث مرات وأعد استقبالاً أسطورياً لبوتين في القاهرة مطلع العام الحالي. كما أن هذا السيناريو كفيل بتدمير مستقبل السياحة في سيناء لسنوات عديدة، إذ سيحولها لمنطقة عمليات عسكرية دولية. كذلك فإنه سينال من دون شك من سيادة مصر المنقوصة عسكرياً أصلاً على سيناء، وفقًا لبنود انتشار القوات في معاهدة السلام مع إسرائيل. ومن التداعيات الإضافية المتوقعة لأي تدخل أنه سيؤدي إلى تفاقم أزمة شرعية السيسي وشعبيته، فمصر في أحلك فترات تاريخها الحديث لم تسمح بمثل ذلك.
أما السيناريو الثاني المطروح فهو بسط سيطرة الاستخبارات الروسية فقط على سيناء، وتدخلها في اﻷوضاع الميدانية. وهذا السيناريو إذا وقع فلن يكون معلناً، أو سيقدم للعامة في صورة تعاون أمني بين موسكو والقاهرة، إﻻ أن آثاره ستكون واضحة للدول اﻷجنبية، وسينعكس سلبًا أيضًا على حركة السياحة وسمعة الدولة المصرية.
أما السيناريو الثالث فهو فرض إجراءات معينة على اﻷمن المصري في ما يتعلق برحلات الطيران من جميع المطارات، وقد يمتد اﻷمر إلى إرسال مفتشين للمطارات لفترة زمنية للتأكد من سلامة عملية التأمين.
ووفقًا لمصدر في وزارة الطيران المدني، فإن هذا الإجراء قد يكون مقبولاً لفترة مؤقتة، لكن المؤشرات تؤكد أن روسيا وبريطانيا ودولاً أخرى قد تقبل به بشرط استمراره لفترة طويلة، غير محددة، وهو ما سيؤثر على تصنيف الطيران المصري سلباً ولن ينعكس إيجابيًا بسرعة على عدد الرحلات وحركة السياحة.
وأمام تلك السيناريوهات يبقى نظام السيسي يعاني سياسيًا داخليًا وخارجيًا في الأشهر المقبلة، ليس بسبب القصور اﻷمني المعتاد في مصر، والذي بلغ ذروته، أو الفشل المتكرر في سيناء وعدم تحقيق النجاح المنشود لحملة الجيش في شبه الجزيرة، وإنما بسبب أكاذيب “العطل الفني وانفصال الذيل وغياب الدليل على التخريب” التي روّجها النظام عبر إعلامه عن ملابسات قضية الطائرة منذ اليوم اﻷول للحادث، ثم نفتها جميع التحقيقات والمعلومات الاستخبارية التي توالى ظهورها. ويضاف إلى ذلك عدم اتخاذ أي خطوة بمعاقبة المسؤولين أو إقالة وزيري الطيران والداخلية.
وتلقّى السيسي صدمة بعد قرار روسيا حظر الرحلات الجوية إلى شرم الشيخ، وتطور الأمر إلى حظر وصول رحلات مصر للطيران إلى روسيا، فضلاً عن إجلاء السياح. ولم تكن جميع القرارات التي اتخذتها روسيا في سياق التنسيق مع الجانب المصري، إذ لم يتم إعلام الحكومة المصرية والسيسي بهذه القرارات إلا من خلال وسائل الإعلام.
وبات السيسي في مأزق كبير في ضوء عدم كشف الحكومة أو لجنة التحقيق في سقوط الطائرة عن أي معلومات حول سقوط الطائرة، ولا سيما أن أغلب التصريحات كانت تركز على استبعاد وجود عامل إرهابي وراء إسقاطها.

ومن دون شك، فإن أخطر من تلك السيناريوهات جميعها أن يكتشف العالم ضلوع نظام السيسي نفسه في تفجير الطائرة لضرب العلاقات الروسية التركية، كما يذهب بعض المحللين إليه، عندها ستكون الكارثة التي قد تفرض عقوبات قاسية لا يتحملها الشعب المصري الذي سيدفعها لا محال، في ظل تصدير كافة الالتزامات والتضحيات والصبر على الأزمات من أعلى مسئولي الدولة المصرية، إلى الفقراء والغلابة، فيما يرتع قلة حاكمة بلا ضمير في النعم والرواتب العالية والبدلات المتزايدة (شعب السيسي من القضاة ورجال الشرطة والجيش)، فيما يطلب من المصريين أن يقضوا يومهم بـ2 جنيه…
فإلى أي مدى يمكن أن تتحمل الدولة المصرية فشل النظام العسكري في إدارة السيادة المصرية، الراضخة أمام الطائرات الإسرائيلية والخبراء الأمريكان والبريطانيين وإملاءات الإمارات السياسية وتلاعبها باقتصاد مصر لصالح شركاتها ومنتجعاتها السياحية ومخططاتها العدائية …..لحظة تاريخية فاصلة لم تشهدها السيادة المصرية…فهل تجد من يتحرك من داخل النظام لإنقاذ الوطن؟!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …