التعليم العالي تفتح التحويلات لـ«أولاد الذوات».. و«الأمن القومي» يستثني «الفشلة»
الوزير يلجأ لـ «الأعلى للجامعات» لاستثناء أبناء المسئولين من التحويل لـ القاهرة وعين شمس
«الاعتبارات القومية» لافتة عبدالخالق لعبور «الفشلة».. وجابر نصار ينحني لـ«الأكابر»
لم يكن “الزحف المقدس” الذى شدد عليه وزير العدل –المثير للجدل- أحمد الزند، حول تعيين أبناء المستشارين فى المناصب النيابية والسلك القضائي، قاصرا فقط على تلك الوزارة السيادية، وإنما هو الزحف الذى يسيطر على كافة مفاصل الدولة ليضمن لأبناء المسئولين حياة كريمة ومناصب قيادية ويطيح بمكتسبات الثورة ويضرب بشعارات العدالة وتكافؤ الفرص عرض الحائط.
ولم تتحرك مصر منذ حركة الجيش فى 3 يوليو خطوة واحدة إلى الأمام على كافة المستويات وفى مختلف المجالات، وإنما ارتدت خطوات واسعة إلى الخلف لتعيد استنساخ دولة المخلوع بكافة تفصيلاتها، وربما تحاول إنتاج نظاما أكثر فسادا ووحشية، تتسع فيه الفجوة بين الـ 10% التى تمثل الطبقة الحاكمة وأصحاب رؤوس الأموال وباقي عامة الشعب الذين لن يجدوا موطأ قدم لهم فى المستقبل القريب.
ومع تفشي المحسوبية والوساطة بصورة غير مسبوقة والإعلان عنها عبر صفحات الجرائد ووسائط الإعلام دون خجل، عبر تعيين حاملي ليسانس الحقوق بتقدير مقبول فى النيابة العامة لأنه منصب الأب يشفع لهم، وتخصيص أراضي الإسكان لـ 27 من الأخوة فى “صدفة” هيئة المجتمعات العمرانية، ومنح الطالبة مريم ملاك “صفر كبير” فى الثانوية العامة لأن هناك من أبناء المسئولين من هم أولي بدرجاتها، لم تتردد وزارة التعليم العالي عن السير فى ركاب الدولة ومنح أبناء “الذوات” حقهم المغتصب فى القفز على أصحاب الحقوق وفوق رقاب البسطاء المجتهدين.
ولأن الفساد لابد أن يكون بـ”القانون” والوساطة لا يمكن أن تمر إلا عبر اللوائح، كشف مصدر مسئول فى المجلس الأعلى للجامعات -لصحيفة «الشروق» المقربة من النظام المصري- عن اتفاق وزير التعليم العالى السيد عبدالخالق والمجلس الأعلى للجامعات على استثناء أبناء القضاة والضباط وكبار المسئولين من قواعد التوزيع الجغرافى والتحويلات الجامعية تحت لافتة عملاقة كُتب عليها «اعتبارات قومية».
فشل الأبناء
واللافت فى توجه وزارة التعليم العالي أن الاعتبارات القومية –تلك العبارة المطاطة- ليست سوي مدخل لعبور الفشلة من أبناء المسئولين، حيث كشف المصدر أن أغلب طلبات التحويل لا ترتبط بمكان عمل آباء الطلبة وإنما تأتي طلبات التحويل من جامعات إقليمية إلى جامعتى القاهرة وعين شمس لتؤكد أن الهدف من التحويل ليس التواجد إلى جانب الأسرة وإنما الالتفاف على فشل هؤلاء الطلبة فى دخول الجامعتين من خلال مكتب التنسيق فى البداية.
وأشار المصدر إلى أن هذا الاستثناء غير مبرر ويستهدف محاباة طلاب لا يستحقون التحويل وفقا لظروف عمل آبائهم خصوصا فى ظل قرار سابق من جانب المجلس الأعلى للجامعات وهو قرار «النقل الإدارى»، والذى يسمح لأبناء الضباط والمستشارين والموظفين بالدولة بالتحويل بين الجامعات وفقا لمقر عملهم، قائلا: «نفترض أن ضابطا يعمل فى محافظة سوهاج ثم انتقل عمله إلى القاهرة أى محافظة أخرى، فيحق له نقل أبنائه إلى المنطقة التى يعمل فيها، نطرا لطبيعة عمله التى تستدعى التنقل».
تقنين المحسوبية
المصدر أوضح أن القصة بدأت برفض جابر نصار -رئيس جامعة القاهرة- طلبات تحويل ورقية أرسلها إليه وزير التعليم العالى لأنه لا يحق لهم التحويل وفقا لقواعد التنظيم الجغرافى والإقليمى، إلى جامعة القاهرة، مضيفا: “نصار قال للوزير إن الجامعة لا تطبق أى استثناءات، وهؤلاء الطلاب لا يحق لهم التحويل، ولو عايز تحول يبقى على جميع الطلاب، ولكن أنا لا أستثنى أحدا”.
وتابع –وفقا لصحيفة “الشروق”-: «الوزير لجأ إلى المجلس الأعلى للجامعات فى اجتماعه الأخير بجامعة الإسكندرية لمواجهة رفض نصار طلبات التحويل حيث اقترح تشكيل لجنة لعرض كل حالة من هؤلاء الطلاب على حدة أو عمل تفويض للوزير باتخاذ قرارات التحويل، ولكن نصار اعترض على تفويض الوزير، فى حين وافق أغلبية أعضاء المجلس المجلس على طلب الوزير».
وفى محاولة للخروج من الأزمة وعدم إغضاب المسئولين وكسب رضا كبار الجنرالات، اشترط رئيس جامعة القاهرة صدور قرار وزارى بالسماح لهؤلاء الطلاب بالتحويلات الورقية، من أجل الحفاظ على منصبه الذى ضحى من أجله بكبار العلماء وأعضاء هيئة التدريس وعلى رأسهم الدكتور حسن الشافعي والدكتور محمد حماسة.
وأشار المصدر إلى أن: «وزير التعليم العالى والمجلس الأعلى للجامعات قرروا تنفيذ التحويلات لهؤلاء الطلاب واستثناءهم من قواعد التوزيع الجغرافى والإقليمى تحت مسمى «اعتبارات قومية»، وهو ما اعترض عليه أيضا رئيس جامعة القاهرة، لأنه يرى أن هؤلاء الطلاب ليس من حقهم التحويل وأن استثناء فئة معينة دون الباقى يخل بمبدأ تكافؤ الفرص وضد ضميره، وأن تعبير اعتبارات قومية غير واضح وفضفاض».
الأمن القومي
الدكتور السيد عبدالخالق لم يجد أزمة فى تأكيد توجه الوزارة نحو وأد تكافؤ الفرص أو إعلاء الوساطة بقوة القانون، وخرج دون تردد ليؤكد أن «الاعتبارات القومية» هى اعتبارات ليست عادية، وتمس الأمن القومى وتتعلق ببعض الفئات المعنية بالأمن القومى، من أبناء الضباط والمستشارين، حتى يكون ذهنهم متفرغا لعملهم وأبناؤهم بالقرب منهم.
وبكثير من التحنان، أوضح الوزير المثير للجدل: «لا نريد أن يكون هؤلاء ببالين، ومينفعش أن أكون فى عمل حساس وأبنائى بعيدون عنى ويشغلون بالى، ولو أى انسان عادى لابد أن أضعه فى الاعتبار وليس أبناء الضباط والمستشارين فقط».
9 مارس
«منتهى الفساد والإصرار على استفزاز المواطنين»، بتلك العبارة وصف د. هانى الحسينى -عضو حركة 9 مارس بجامعة القاهرة- قرار استثناء بعض الطلاب تحت مسمى «اعتبارات قومية»، مضيفا –فى تصريحات لذات الصحيفة الموالية للنظام- أنه لا يمكن أن نقنن أوضاعا استثنائية لفئات معينة، خصوصا المميزة اجتماعيا مثل القضاة والضباط، فى ظل ما تعانى منه أغلبية الشعب من ضغوط ومشكلات.
بدوره، قال الدكتور عبدالله سرور -وكيل مؤسسى نقابة علماء مصر- إن القرار باطل ويؤكد ما نقوله دائما من أن الوزير والمجلس الأعلى للجامعات يعملان لتخريب الجامعات والقضاء على مبدأ تكافؤ الفرص وإهدار العدالة الاجتماعية، ولا ننسى أن الوزير سبق أن ارتكب مثل هذه الفعلة العام الماضى مع كلية طب أسنان دمنهور، حيث حكمت المحكمة فيها باتهام الوزير بمخالفة الدستور وطالبت بمحاسبته، وهو الآن يكرر الفعلة للمرة الثانية، موضحا أن المجلس الأعلى للجامعات لا رأى له، وإنما يخضع لإرادة الوزير الذى يفرض ما يريد باسم المجلس، مطالبا رئيس الجمهورية بسرعة التدخل لإنقاذ التعليم العالى.
وأكد الدكتور خالد سمير -عضو حركة 9 مارس بجامعة عين شمس- أن القرار مخالف للدستور والقانون، وهو نوع من النفاق لبعض المسئولين ومنحهم امتيازات مخالفة للقانون والدستور وهذه جرائم، داعيا جميع الطلاب فى المحافظات إلى رفع دعاوى قضائية ضد الوزير والمجلس الأعلى للجامعات وضد التمييز، فى حالة تنفيذ هذا القرار، مستدركا: «مش كفاية تمييز فى الرواتب والبدلات».
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …