‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير بالتفاصيل- فساد «داخلية العادلي» يهدد صدقي صبحي.. ولغز تصفية «القيادات الأمنية»
أخبار وتقارير - أغسطس 9, 2015

بالتفاصيل- فساد «داخلية العادلي» يهدد صدقي صبحي.. ولغز تصفية «القيادات الأمنية»

تأتي قضية فساد وزارة الداخلية، المتهم فيها حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق و12 موظفا بوزارة الداخلية، لاتهامهم بالاستيلاء على المال العام من خلال صرف مليار و800 مليون جنيه، منذ عام 2000 حتى 2011- لتكشف عن حجم الصراعات المتصاعدة بين أجنحة السلطات الحاكمة.

 

غموض يثير التكهنات

 

بدأت تحقيقات تلك القضية منذ عام 2012 وتمت إحالتها إلى النيابة التي أحالتها بدورها لمحكمة استئناف القاهرة، بلا طلبات محددة، في ديسمبر 2013، وصدر القرار منذ ثلاثة أسابيع دون نشر عنه، إلا نهاية الأسبوع الأول من أغسطس.

علامات من الاستفهام تتصاعد، حول القضية، التي يراها سياسيون أنها تفضح الصراعات بين الأجنحة الأمنية، التي تشهدها الساحة المصرية، بينما يراها قانونيون أنها سيصدر بها حكم مؤكد، وأن الأحكام المتوقعة تراوح بين سد جزء من تلك الأموال أو كلها.

فيما يمكن التكهن بالحكم في القضية، كونها قضية مباشرة واتهامات الفساد مرصودة وموثقة بالأرقام، لإنهاء أي مستقبل سياسي أو دور أمني للعادلي في الفترة القادمة، بعد نشر صورة له مع رئيس وزراء السيسي إبراهيم محلب، مؤخرا ثم العودة بتكذيبها، وسط أنباء عن استعانة مجلس الوزراء به كمستشار أمني، الأمر الذي لم يرق لمستشار السيسي الأمني وزير الداخلية السبق أحمد جمال الدين موسى، أحد مهندسي الانقلاب على نظام الرئيس محمد مرسي، والذي أقاله مرسي لخيانته لمهام وظيفته، والسماح لبعض عناصر جبهة الإنقاذ ومعارضي مرسي، باقتحام قصر الاتحادية الرئاسي.

وتبرز تلك الرؤية كون القضية لن تطال سوى رجال حبيب العادلي، فقط، بعكس قضية قتل المتظاهرين في أحداث ثورة 25 يناير، التي تم تبرئة العادلي ورجاله ومساعديه منها، بل قال لهم القاضي “عودوا إلى أماكنكم”، كونها كانت ستجر عددا من المسئولين العسكريين ومبارك ونجلاه، وحسين طنطاوي وزير الدفاع، وعبد الفتاح السيسي مسئول المخابرات الحربية، المتورط بقتل ثوار التحرير ومحمد محمود!

 

العادلي و12 حرامي!

 

الخميس الماضي، قرر المستشار محمد عبدالرحمن أبو بكر، الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة، قاضي التحقيق المنتدب في قضايا فساد وزارة الداخلية، إحالة اللواء حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، و12 موظفًا بالوزارة، على رأسهم الكاتب والشاعر نبيل خلف، رئيس الإدارة المركزية للحسابات والميزانية السابق بالوزارة، لاستيلائهم على المال العام، وإلحاق الضرر العمدي به، بمبالغ قدرتها التحقيقات بمليار و800 مليون جنيه، في الفترة من عام 2000 وحتى 2011، فيما جرى حفظ الأوراق بشأن 80 قيادة أمنية وضابطًا كانوا متهمين في القضية، لعدم كفاية الأدلة ضدهم.

قرار الإحالة، صدر قبل نحو 3 أسابيع، دون الإعلان عنه في القضية التي جرى حظر النشر فيها بقرار من قاضي التحقيق، 24 ديسمبر 2013، حيث أرسل المستشار محمد عبدالرحمن، قراره بالتصرف في القضية وكامل أوراقها إلى محكمة استئناف القاهرة، لتحديد جلسة لنظرها، خاصة أن النيابة العامة لم تبد أي طلبات في القضية، بعد تسلمها من قاضي التحقيق، الذي وجه لـ«العادلي» تهمتي الاستيلاء على أموال الداخلية، والإضرار العمدي بها، من خلال توقيعه على قرارات واستمارات لصرف مكافآت للضباط وقيادات الوزارة، دون ذكر الجهة التي تم الصرف لها.

وأكدت التحقيقات أن «العادلي» المسئول الأول عن إهدار هذه الأموال، بصفته أعلى قيادات الوزارة، ولا قرار يصدر دون علمه وتوقيعه، وأوضحت أنه أنكر التهم الموجهة له، بعد سؤاله بشأنها من قبل قاضي التحقيق، لكن تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات، والجهات الرقابية الأخرى، أدانت «العادلي» و12 موظفًا آخر بالوزارة، وبلغ حجم المستندات في هذه القضية 100 ألف ورقة، منها 500 تتعلق فقط بالتحقيق مع المتهمين.

وكان المستشار محمد عبدالرحمن بدأ تحقيقاته في القضية نهاية 2012، وأصدر قراره فى 2013 بمنع 16 قيادة أمنية من السفر لمدة عام، أبرزهم اللواء إسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة الأسبق، واللواء أحمد ضياء الدين، محافظ المنيا الأسبق، ثم أصدر قرارًا بحظر النشر فى القضية لحين الانتهاء من التحقيقات والتصرف فيها.

 

صراعات لا نهائية

 

وتأتي تلك القضية بعد تأكد أذرع أحمد جمال الدين موسى، من وقوف وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وراء حملات الهجوم المتصاعدة في بعض وسائل الإعلام على وزارة الداخلية، عقب اعتلاء مجدي عبد الغفار سدة الوزارة، تجلى في هجوم صحف الأهرام والدستور والمصري اليوم والمصريون على أداء الداخلية والتعذيب بمقار الاحتجاز.

ويربط مراقبون بين ارتفاع وتيرة الهجوم من قبل الصحف القومية والخاصة على وزارة الداخلية، وتولي اللواء مجدي عبدالغفار الوزارة خلفا للواء محمد إبراهيم، وواقعة الاشتباكات التي حدثت بين أفراد من الشرطة وآخرين من الشرطة العسكرية، منتصف شهر إبريل الماضي، وخروج حبيب العادلي من السجن، بصراع الأجنحة.

ودخل اللواء حبيب العادلي، آخر وزير داخلية لعهد المخلوع حسني مبارك، وأحد أسباب انفجار الثورة، على خط الصراعات الداخلية للنظام الحالي، حيث كشفت مصادر مطلعة عن اجتماع عقده العادلي وقيادات بوزارة الداخلية سابقين وحاليين، في إبريل الماضي، بإحدى الفيلات الخاصة بمنطقة التجمع الخامس.

وتمثل القيادات التي التقاها العادلي رجاله داخل الوزارة، وتطرق اللقاء لأوضاع وزارة الداخلية والصراعات الأخيرة بين أجنحة النظام، ومحاولات استنساخ دولة مبارك.

ولا يخفى أن هناك صراعا داخل النظام الحالي بين أجنحة موالية لدولة مبارك القديمة وتريد عودتها بشكل فج، وبين أجنحة تريد صناعة دولة سيساوية جديدة في الشكل مماثلة في المضمون المباركي، ولكل منهم أذرعه وأدواته ولكنهم متوحدون على وأد ثورة يناير وشعاراتها ورموزها.

كما تعبر بعض عمليات العنف عن ذلك الصراع، خاصة العمليات الكبرى التي تتم بأماكن محمية من بعض الأجهزة السيادية، كتفجير أبراج مدينة الإنتاج الإعلامي، مديرية أمن الدقهلية، بعض التفجيرات بمناطق قصور الرئاسة.. غيرها!!

وقد انبنى تاريخ الحكم في مصر، على صراعات وتجاذبات حول السلطة والثروة منذ ثورة يوليو 1052، وبرزت على سطح الحياة السياسية، الخلافات بين أجهزة الاستخبارات والداخلية، تجلت الخلافات في الاغتيالات السياسية والفضائح التي تعبر عن الفساد كعامل مشترك بين تلك الأجهزة.

بل إن الباحث محمد حسيني يقول في دراسة له عن صراع الأجهزة الحاكمة في مصر: إن الدولة المصرية ما هي إلا عبارة عن أجهزة أمنية متعددة متناقضة ومتضاربة المصالح، والرئيس هو الوسيط بين كل تلك الأجهزة يحكم تناقضاتها ويوازن بينها، فمهمة الرئيس الأولى قبل أي شيء آخر هو إقامة توازن قوي بين الأجهزة السيادية يمنع تغول أحدها على الآخر.

ولعل إزاحة الرئيس محمد مرسي، تم التعجيل بها، لدخوله على خط الإصلاح وكسره تابوهات الأجهزة الأمنية، وفق رؤية إصلاحية لرئيس مدني.

 

سيطرة الجيش 

 

جانب آخر من الصراعات نجده في تصفية قيادات المخابرات، المتلاحقة في عهد السيسي، بإقالة نحو 40 ونقل العشرات لمؤسسات مدنية، بقرارات رئاسية، وشهد جهاز المخابرات العامة صراعات عدة؛ أبرزها في عهد الرئيس مرسي.

ويكون الجهاز من ثلاثة أجهزة، وهي: جهاز الاتصال الذي كان يرأسة “رأفت شحاتة” مدير المخابرات العامة وقت رئاسة “مرسي”، وجهاز التقديرات والمعلومات الذي كان يرأسه الفريق “حسام خير الله” المرشح السابق للرئاسة، وجهاز الأمن القومي الذي تعاقب على رئاسته “فريد التهامي” المدير الحالي للمخابرات العامة، ثم “محمد شفيق” -شقيق الفريق أحمد شفيق- وقت رئاسة مرسي.

التناقض داخل المخابرات يكون دومًا في تولي مسئولية جهاز الأمن القومي شخصية من داخل الجيش، ثم لاحقًا يتولى مدير جهاز الأمن القومي إدارة المخابرات العامة ككل، وهنا كان أول تغيير أجراه مرسي وهو تولية شحاتة مسئولية إدارة المخابرات، عكس التقليد الشائع الذي يجعل للجيش درجة من الحوكمة على المخابرات، وهو ما عبر عنه مرسي في أحد لقاءاته مع الإعلامي “عمرو الليثي” وقت أزمة فرض حظر التجوال على بورسعيد حين قال إنه “أول رئيس يعهد بتولي المخابرات لواحد من أبناء الجهاز”.

وفي اطار الصراعات وتوازناتها، أصدر الرئيس المخلوع مبارك قرارًا يوم 24 يناير 2011 أي قبل يوم واحد من ثورة يناير بفصل جهاز الأمن القومي عن المخابرات العامة وجعله تابعًا مباشرة لرئاسة الجمهورية، وهو ما أعقبه بالتوازي جعل أحمد شفيق (شقيق رئيس الجهاز) رئيسًا للحكومة؛ وهو ما عمق الأزمة والتناقضات داخل الأجهزة السيادية.

كما أن غياب موقع رئيس الجمهورية عقب ثورة يناير لاشتعال الصراع بين الأجهزة السيادية على الموارد والنفوذ لم يعالجه وجود رئيس منتخب، بل بعهده تزايد الصراع بين تلك الأجهزة بسبب وجود وافد أو لاعب جديد من خارج سياق الدولة متمثل في الإخوان.

 

قمة الهرم

 

أخذ هذا الصراع بُعدًا ومراحل جديدة مع إقرار دستور 2013 وصعود السيسي إلى سدة الرئاسة، حيث إن هذا الدستور نسف تركيبة الحكم المتوارثة منذ 23 يوليو إلى صالح تركيبة جديدة أكثر هيراركية تجعل الجيش على قمة هرم السلطة يليه المخابرات العامة تحت سيطرة كاملة للجيش، وهذا من خلال مادة المحاكمات العسكرية التي تجعل أعضاء المخابرات العامة عسكريين؛ وهو ما يعني عمليًا تحول المخابرات العامة من هيئة مدنية كما كان وضعها قبل 30 يونيو إلى جهاز عسكري تابع للقيادة العامة للقوات المسلحة، يليه الداخلية مع وجود نفوذ مستقل لكهنة السلطة متمثلين بالقضاء.

وهو ما يبدو أنه لم يعجب بقية أركان السلطة، ومن الممكن استشفاف هذا السخط خلال السنة الانتقالية تحت الرئاسة الافتراضية لعدلي منصور حيث شهدت إقالة ما يقارب من 40 ضابطًا من قيادة المخابرات العامة، ثم جاءت التطورات الأخيرة بقانون جعل المنشآت العامة مؤسسات عسكرية، ثم نزول الجيش للشارع وهو ما يعني عمليًا سحب كافة صلاحيات وأدوار الداخلية خاصة مع تصريح قائد قوات الصاعقة “أن نزول الجيش للشوارع هو مهمة غير محددة بأجل”، وهذا أيضًا تم بالتوازي مع قانون تنظيم المناطق الحدودية الذي يسحب أي دور للداخلية في تأمين المناطق الحدودية ويعهد به كاملاً للقوات المسلحة.

وبذلك يسهل على نظام السيسي ابتلاع أي شيء في سبيل ترسية قواعد الحكم العسكري بصورته الخشنة، وتبقى الصراعات قابلة للتزايد والانفجار في المرحلة المقبلة، سواء بالعادلي أو حتى وزير الدفاع الذي يجري الانقلاب عليه، من قبل السيسي ورئيس الأركان، عبر قانون إلغاء حصانة أي منصب في الدولة، وإن جاء بعنوان الأجهزة الرقابية، هذه المرة، ولاحقا تعديلات دستورية بإلغاء حصانة وزير الدفاع لفترتين رئاسيتين، كمرحلة انتقالية عقب انقلاب 3 يوليو!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …