‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير حتى في الموت .. سعر المواطن المصري يتفاوت بمؤشر الفقر والغنى
أخبار وتقارير - نوفمبر 9, 2014

حتى في الموت .. سعر المواطن المصري يتفاوت بمؤشر الفقر والغنى

هل هناك “تسعيرة” للموت لدى الحكومة المصرية لتعويض ضحايا حوادث الطرق، الذين يسقط منهم ما بين 10 ــ 13 ألفا سنويا؟ ..السؤال في ذاته يثير الغضب أكثر من البحث عن الإجابة؛ لأن المسألة لا تتسم فقط بغياب العدالة، كما أن الأموال لا تعوض فقدان أي عزيز لدى أسرته، وإنما تتسم بالعشوائية وعدم وجود قانون أو قاعدة محددة لتعويض الضحايا، والأمر يخضع أحيانا لنتائج الضجيج الإعلامي أو أهمية الضحايا.

قبل ثورة 25 يناير 2011، كانت قوى المعارضة تردد دوما عبارة “المواطن المصري ملوش ثمن”، و”سعر المواطن المصري كام؟”، أما بعد الثورة فترددت عبارات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، تؤكد أن “دم المصري وكرامته خط أحمر”، كترجمة للشعار الأثير الذي تردد في الآفاق “ارفع رأسك فوق أنت مصري”، وتزايد الحديث عن أن إراقة دم مصري واحد، لا يعادلها سوى استقالة الرئيس.

أما بعد انقلاب 3 يوليه 2013، فقد عادت عبارات “المصري ملوش ثمن” بعدما قتلت قوات الشرطة والجيش مئات المتظاهرين والمعتصمين، وبعدما زاد عدد قتلى الحوادث على الطرق، التي تشهد حالة من الفوضى المرورية (12 ألف قتيل سنويا، بحسب منظمة الصحة العالمية).

وبعد سلسلة حوادث الطرق التي شهدتها مصر في الأسابيع الماضية وحصدت أرواح 76 طالبا، منهم 18 تلميذا حرقًا في أتوبيس مدرستهم، و31 تلميذًا بالبحيرة، و14 طالبة بسوهاج، و31 عاملا بأسوان، تكشف لـ “التقرير” ظاهرة جديدة، هي التفاوض في أسعار جثث الضحايا، أو مبالغ التعويضات التي تدفعها الحكومة لأسر القتلى.

فلم يقتصر الأمر علي تفاوت سعر القتيل أو القتيلة في الحادث (التعويضات المالية) على حجم الترويج الإعلامي وتسليط الضوء على الحادثة، ولكن تبين بوضوح أن مبالغ التعويضات تفرق بين المدن الفقيرة والمدن الغنية، وأنه حتى في الموت، يتفاوت سعر المواطن المصري بمؤشر الفقر والغنى!!.

فحادثة محافظة البحيرة (شمال مصر)، التي أودت بحياة 19 وإصابة 17 آخرين، وحادثة طريق “الكوامل” بمحافظة سوهاج (جنوب مصر)، التي راح ضحيتها 11 حالة وفاة ، كان سعر القتيل الواحد (التعويضات) يعادل 2000 جنيه فقط (حوالي 266 دولار)، بينما عمال أسوان صرف لهم 10 آلاف جنيه لكل قتيل (1300 دولار تقريبا)، وتفاوتت الأرقام مع حوادث أخرى.

وفي أعقاب سخرية مصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، ومشاركة فضائيات في إظهار هذه الفوارق الكبيرة، بين سعر الجثة هنا وسعرها هناك، فضلا عن انخفاض حجم التعويضات أصلا، وتفاوتها بين حوادث صعيد مصر (الجنوب) الأكثر فقرا، مقارنة بحوادث الشمال الأفضل حالا، أعلنت الحكومة رفع قيمة التعويضات، وتدخلات جهات أخرى لصرف تعويضات جديدة.

فقد قرر محافظ الفيوم، صرف مبلغ 10 آلاف جنيه من محافظة الفيوم؛ لكل أسرة من أسر ضحايا حادث أسوان، الذي راح ضحيته 16 شخصًا و15 مصابًا، من العاملين بالصيد ببحيرة ناصر بأسوان، بجانب تعويض وزارة التضامن الاجتماعي (10 ألاف)، ليكون المبلغ الذي سيتم صرفه 20 ألف جنيه لكل أسرة.

وبعدما تسأل المذيع خيري رمضان، في برنامجه على فضائية سي بي سي: “لماذا يتم تعويض أهالي البحيرة 30000 جنيه للمتوفى، وبنات الصعيد اللى ماتوا في سوهاج يأخذوا 2000 جنيه بس ..هما علشان من الصعيد ترخصوا دمهم كدة.. عشان من المدن الفقيرة بالصعيد”، قررت الحكومة صرف تعويضات أخرى.

حيث صرفت محافظة سوهاج 26 ألف جنيه كتعويضات لأسر ضحايا حادث “الكوامل” الذي راح ضحيته 11 طالبة جامعية، بواقع مبلغ 2000 جنيه لأسرة المتوفية، و1000 للمصابات الأربع، كما قررت وزارة التعليم صرف 30 ألف جنيه كتعويض لأهل كل طالب في حادث البحيرة، ولكنها لم تلتفت لأهالي الطالبات -ضحايا حادث سوهاج- برغم أن الوفيات 17 طالبة.

وتقول مصادر في وزارة التضامن الاجتماعي، إن حجم التعويضات يتم تحديدها بعدة مقاييس؛ فإن كان القتيل ربا للأسرة يتم صرف 5 آلاف له، وإن كان أحد أفرادها يكون 1000 جنيه فقط (تعادل سعر 12 كيلو لحما في السوق المصرية)، أما في الحالات الاستثنائية فالأمر يختلف بحسب الحادث نفسه، إذ يتم صرف جزء من التعويضات من الوزارة، وآخر من صندوق التكافل، والتعويضات التي تقدمها وزارات أخرى مثل التعليم، ليست واجبة عليها.

وهو ما يعني أن قواعد التعويض لأسر الضحايا في مصر، متفاوتة ولا تقوم على أسس، وتختلف من حادثة إلى أخرى، وتختلف حسب الضجيج الإعلامي للحادثة، والتناقض في صرف التعويضات لأهالي المتوفين في الحوادث المختلفة.

المواطن المصري ثمنه غسالة كورية 

وقد دفع هذا مصريون للقول “أنه طالما أن سعر المواطن في الداخل لا يساوي شيئا، فلا حرج إذًا من الحديث عن إهانة أو قتل مصريين في دول خليجية ودفع تعويضات قليلة، وعلى خلفية قيام ضباط في الشرطة الكويتية بتعذيب مواطنين مصريين مقيمين في الكويت، شن الكاتب الكويتي فؤاد الهاشم هجوما عنيفا على مصر، حكومة وشعبا، مرتكزا علي هذه الحقيقة.

حيث قال “الهاشم” في مقاله تحت عنوان “لا تعايرني.. ولا أعايرك” بصحيفة “الوطن الكويتية” في إطار رده على انتقاد الصحافة المصرية لتعذيب المصريين في الكويت: “الكتاب الصحافيون شنوا هجوما حادا ضد الكويت، وكأنهم اكتشفوا ـ فجأة ـ أن “للمواطن المصري كرامة” بعد أن عودتهم حكومتهم على أن تسعيرة “المصري الغلبان” حين يموت في حادث قطار هو تعويض أهله بـ “2000 جنيه”، أي ما يعادل مائة دينار كويتي، أو ثلاثمائة دولار أمريكي، أي ما يساوي سعر غسالة كورية في السوق الحرة بمطار القاهرة”.

وكان مواطن مصري يدعي أشرف عبد الشافي، قد تقدم بشكوى للخارجية المصرية عن تعرض شقيقه للتعذيب في الكويت، بعد اعتقاله في 24 يوليو الماضي، ومعه مواطن مصري آخر هو حسام محمد سليم أبو الحسن؛ بتهمة التزوير في تصاريح عمل خاصة بمواطنين مصريين، وأكد المصريان أنه تم تعذيبهما على يد الشرطة الكويتية، وقالا: “إنها -أي الشرطة- ألقت النار على جسديهما”.

12 ألف قتيل سنويا بحوادث الطرق 

وتُسقط حوادث الطرق في مصر قرابة 12 ألف قتيل سنويا في مصر، بحسب أرقام صادرة عن منظمة الصحة العالمية، فيما تقول إحصاءات مصرية أخرى أنهم أكثر من 13 ألفا، ووقع أكثر من 15 ألف حادث سير في مصر في عام 2013، بحسب تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في يونيو الماضي.

وتشير خلاصة التقارير والدراسات التي تناولت ظاهرة «انفلات السيارات» على الطرق المصرية، إلي أن ضحايا حوادث الطرق في مصر يفوق عدد شهداء الحروب، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية التي تتجاوز 17 مليار جنيه سنويا.

وتحتل مصر المرتبة الأولى عالميًا في حوادث الطرق، بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، ويبلغ عدد الوفيات الناجمة عنها حوالي 13 ألف قتيل و60 ألف مصاب سنويًا.

متصدرة قائمة الدول الأسوأ عالميًا في حوادث الطرق، بمعدل وفيات مرتفع جدًا؛ حيث شهد العام الماضي 2013 أكثر من 10000 حادثة، حسب آخر إحصاء متاح، تكلف الدولة خسائر تبلغ حوالي ملياري دولار سنويًا.

ويتراوح المعدل العالمي لقتلى حوادث الطرق لكل 10 آلاف مركبة، ما بين 10 و12، لكنه يصل في مصر إلى 25، أي ضعف المعدل العالمي، وأيضا يبلغ عدد قتلى حوادث الطرق لكل 100 كم في مصر 131 قتيلا، في حين أن المعدل العالمي يتراوح ما بين 4 و20 قتيلًا، أي أن المعدل في مصر يزيد على 30 ضعف المعدل العالمي، وأيضا فإن مؤشر قسوة الحادث يوضح أن مصر يحدث بها 22 قتيلًا لكل 100 مصاب، في حين أن المعدل العالمي 3 قتلي لكل 100 مصاب.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …