بعد “مفيش ومش قادر أديك”.. الزيادة السكانية “السبب”
استمرارا لسياسة “مفيش” و”مش قادر أديك” التي أصدرتها الحكومة المصرية الحالية، تصاعد هذا الأسبوع الحديث عن خطورة الزيادة السكانية في مصر، وأنها تعوق التنمية وهي عبء على مزانية الدولة وسبب ضعف الخدمات”.
وذلك بالتزامن مع أزمات مرتقبة في الغاز والكهرباء والوقود عموما، وارتفاع الأسعار ومعدلات الفقر خاصة بالريف المصري، وبعد يوم واحد من حادث تفحم طلاب أتوبيس البحيرة.
وذلك في محاولة لتبرير فشلها على المستوى الخدمي والاجتماعي والاقتصادي، بالتعليق على شماعة الزيادة السكانية، حسبما قال الباحث السياسي ياسر زيادة، معتبرا “هذه التصريحات لتبرير سوء إدارة الدولة بعد الانقلاب، خاصة في مجال الخدمات العامة”.
وأضاف- في حديثه لـ”وراء الأحداث”- أنه “إعادة لإنتاج خطاب نظام مبارك والنظم الاستبدادية التي تحيل مشكلاتها على السكان، بينما بعض الدول مثل الهند والصين تعتبرهم عنصر نهضتها الاقتصادية، ولا تشكو من ضعف الموارد والإنفاق”.
وأكد “زيادة” أن “المشكلة في عدم عدالة توزيع الثروة، فجزء بسيط يستحوذ على 90% منها، والباقي يوزع على الأغلبية، بينما الدولة تمرر رسالة بأن أولوياتها هي محاربة الإرهاب، وأزمة السكان تعوق حركتها”.
وصنف “الباحث السياسي” خطاب السلطة بأنه “خطاب استباقي لمطالب مجتمعية قادمة يريد قمعها وتجاهلها، خاصة من شريحة العمال والفئات المهمشة والأقل دخلا، فالسلطة تريد تحجيم مطالبها في ظل ارتفاع الأسعار وسياسة تقليص الدعم، بالقول بضعف الموارد والموازنة”.
وكان إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، ” قد صرح بأن استمرار معدلات الزيادة السكانية الحالية سيلقي على الموازنة العامة للدولة عبئا كبيرا، ولن تستطيع معه توفير الموارد الكافية للاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية بمستوى الجودة الحالية”، وذلك في مؤتمر إطلاق الإستراتيجية القومية للسكان والتنمية أمس الخميس.
وتأتي تلك التصريحات تماشيا مع ما صرح به المشير عبد الفتاح السيسي مبكرا أثناء حملته الانتخابية، بأن ارتفاع عدد السكان في مصر يمثل مشكلة كبيرة تواجه الاقتصاد المصري في المرحلة المقبلة”، وأنه “مفيش موارد ومفيش فلوس”، وخطاب السيسي هو بالحرف نص خطاب الرئيس الأسبق مبارك، خاصة في عام 2008، حيث حذر من أضرار الزيادة السكانية بالاقتصاد.
وتظهر إحصاءات السنة الأخيرة زيادة 2,6 مليون مولود خلال سنة واحدة، ويبلغ تعداد سكان مصر وفقًا لأحدث إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نحو 94 مليون نسمة، منهم 86 مليونا دخل مصر، و8 ملايين مصري بالخارج.
ودعم د. علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، توجُّه الحكومة مبكرا، حيث قال :”إن كل الأزمات التى تعيشها مصر، سواء كانت دينية وسياسية واجتماعية واقتصادية، سببها زيادة النسل، ومع الكثرة العددية أصبح تنظيم الأسرة أمرًا مطلوبًا”.
وأضاف “أن الشرع لم يأمر بزيادة النسل مع عدم القدرة على التربية، وأن القلة القوية هى المطلوبة شرعًا، وليس الكثرة الضعيفة”. وذلك في برنامجه “والله أعلم” على فضائية “سي بي سي” المصرية في 7 سبتمبر الماضي.
ومجددا تكرر الحكومة الشكوى من قدرتها على حل أزمات مرتقبة في الكهرباء والغاز وغلاء الأسعار وارتفاع معدلات الفقر بالذات، حيث قال “السيسي”: إن حجم التحديات كبير لمواجهة تحدى انقطاع الكهرباء، مضيفا “من غير المقبول أن تقطع الكهرباء في الصيف القادم بنفس المعدلات السابقة”، وذلك في كلمته خلال المناورة التعبوية «بدر 2014» في 3 نوفمبر الجاري.
لكنه أكد أن مصر بحاجة إلى ما بين 12 إلى 15 ألف ميجاوات كهرباء، يحتاج توافرها إلى أكثر من 15 مليار دولار، وأن مشكلة الوقود لا تقل صعوبة عن الكهرباء، موضحا أن مصر في حاجة لوقود يتراوح قيمته ما بين 10 إلى 15 مليار دولار.
في الوقت نفسه صرح مصدر مسئول بوزارة البترول أنه لم تتوصل الحكومة المصرية لاتفاق نهائى مع أى من الشركات الاجنبية حتى الآن بشأن استيراد الغاز المسال اللازم لمحطات الكهرباء، خلال العام المقبل، ما قد يؤدى لعدم وصول الغاز المسال المستورد فى ديسمبر المقبل كما كان مقررا سابقا، في تصريح صحفي له 2 نوفمبر الجاري.
كذلك نقلت وكالة الأناضول للأنباء عن مسئول في وزارة البترول المصرية قوله، في 6 نوفمبر: إن الهيئة العامة للبترول طلبت من بنوك دولية اقتراض مليار ونصف المليار دولار لسداد جزء من مستحقات الشركات الأجنبية، موضحا أن الهيئة تتوقع تلقى العروض النهائية من البنوك الدولية طوال الأسبوعين المقبلين.
وسددت وزارة البترول، الشهر الماضي، مليارا ونصف المليار دولار للشركات الأجنبية كدفعة أولى من إجمالي مستحقاتها البالغة ستة مليارات وأربعمائة مليون دولار.
وتتزايد بمصر معدلات الفقر، حيث أكدت شبكة الأنباء الإنسانية “إيرينIRIN” التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية “أوتشا” أن فقراء مصر وسكان المناطق الريفية المنتشرة في ربوع البلاد لا يزالون يعانون من التهميش في برامج التنمية التي تكشف عنها الحكومة، في 16 سبتمبر 2014.
أضافت الشبكة أن ثمة محللين يقولون: إن خطط “السيسي” الرامية إلى إصلاح النظام الاقتصادي في البلاد لا يزال يشوبها الغموض، ومن المبكر جدا معرفة تأثيراتها على الزراعة، مشيرين إلى أن حكومة السيسي تدفع في اتجاه خطط لخفض دعم الوقود وأشكال الدعم الأخرى، ما ينامي معدلات الفقر في المناطق الريفية.
ونسبت “إيرين” لـ ريتشارد توتويلر، مدير معهد الأبحاث للبيئة المستدامة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، قوله: إن الطبقة المتوسطة باتت أكثر فقرًا في مصر، وأعداد الفقراء تتزايد في البلاد، فخلال العشر السنوات الأخيرة ارتفعت نسبة الواقعين تحت خط الفقر من 17% إلى 25% في مصر، وفق الإحصاءات الرسمية.
وترى خبيرة الاقتصاد هدى سليم أن سبب الفقر المتنامي في مصر هو ارتفاع الأسعار المتسارع، إذ تبلغ نسبة التضخم حاليًا أكثر من عشرة في المئة (10.2 %) وتزيد هذه النسبة بوضوح بالنسبة للمواد الغذائية.
وتتصاعد بمصر أيضا الاحتجاجات العمالية، حيث كشف تقرير مؤشر الحراك العمالي الذي أصدرته مؤسسة مؤشر الديمقراطية أن شهر أكتوبر الماضي قد شهد 94 احتجاجا، بمتوسط 3 عمليات احتجاج يوميا، كما تم فصل 1390 عاملا بمختلف الشركات والمصانع وذلك لعدة أسباب، منها تصفية الشركات وبيعها، أو تغيير نشاطها، وأيضا وقعت خلال الشهر 29 حالة إضراب عن الطعام.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …