‫الرئيسية‬ عرب وعالم خطة روبرت سيري لغزة.. حصار في ثوب الإعمار
عرب وعالم - سبتمبر 28, 2014

خطة روبرت سيري لغزة.. حصار في ثوب الإعمار

بعد أن وضعت الحرب على قطاع غزة أوزارها باتفاق التهدئة الذي تم برعاية مصرية، بدأت معركة جديدة تتمثل في إعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية، وأبرز فصول تلك المعركة تتمثل في خطة “روبرت سيري”، المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط لإعادة إعمار القطاع.
وتسبب العدوان على غزة في تدمير البنية الأساسية للقطاع المحاصر منذ سنوات، حيث كشفت الأمم المتحدة عن أرقام مفزعة تسببت فيها الحرب، أبرزها تدمير ما يقرب من 16 ألفا و800 منزل، ما أسفر عن تشريد حياة أكثر من مائة ألف فلسطيني، واصفة الدمار الذي حدث خلال عدوان 2014 بأنه أسوأ ثلاث مرات من ذلك الذي حدث عام 2008-2009.
وأثارت خطة المنسق العام للأمم المتحدة وآلية المراقبة التي وضعها على دخول مواد البناء ووسائل الإعمار لغزة، حالة من السخط داخل كافة الفصائل الفلسطينية وحكومة الوفاق الوطني، حيث اعتبروها تجميلا للحصار، وأنها بمثابة خطة وضعها الاحتلال لإدارة الحصار بشكل مختلف، والتحكم في إعمار القطاع، تحت مزاعم منع وصول مواد البناء لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، كما أنها تؤسس لمرحلة جديدة من الحصار حيث يتم هذه المرة برعاية أممية.
محاور خطة سيري
ونشرت وسائل الإعلام العبرية عن دبلوماسيين أوروبيين وموظفين “إسرائيليين” قولهم: إن خطة سيري تعتمد على عدة محاور، أبرزها نشر مئات المفتشين الدوليين في القطاع، وكذلك مراقبة مواد البناء والإعمار.
ويسعى سيري لإحضار ما بين 250 إلى 500 مفتش من جانب الأمم المتحدة، سيتم نشرهم في مواقع بناء المشاريع الكبرى، مثل إعادة بناء أحياء أو مبان عامة كبرى سيجري ترميمها، كما أنهم سيراقبون مواقع يتم فيها تخزين مواد بناء مثل الإسمنت، ومواد مثل الأنابيب الفولاذية أو قضبان حديدية، والمواقع التي ستتوقف فيها الجرافات والمعدات الهندسية الأخرى.
وبحسب الدبلوماسيين الأوروبيين والموظفين الإسرائيليين، فإن مهمة المفتشين ستكون التأكد من أن مواد البناء والمعدات الهندسية تستخدم لغرض الإعمار فقط، وألا تصل لأيدي حركة حماس لغرض حفر أنفاق أو بناء ملاجئ، وأن نشر المراقبين الدوليين جزء من تفاهمات توصل إليها “سيري” خلال محادثات مع الحكومة الإسرائيلية.
وتفرض الخطة رقابة أمنية صارمة وشديدة على كل تفاصيل إدخال مواد البناء، وتجهيز قاعدة بيانات تراقبها إسرائيل، تحتوي على مجمل المشاريع والقائمين عليها، وحصول مورد أو موزع مواد البناء على عدد من التراخيص بموافقة إسرائيلية، الأمر الذي يعرقل سرعة وجدية الإعمار.
ويرى بعض المراقبين أن خطة كيري لا تقتصر فقط على عمليات الإعمار، بل تهدف لتهميش دور حماس في غزة مقابل فسح المجال أمام عودة السلطة بقوة للقطاع تحت ذريعة الإعمار، حيث قال في تصريح له: “إن الأمم المتحدة توسطت في الاتفاق “لإتاحة العمل على النطاق اللازم في القطاع، بما يشمل القطاع الخاص في غزة، وإعطاء دور قيادي للسلطة الفلسطينية في جهد إعادة الإعمار، مع تقديم ضمانات أمنية من خلال مراقبة الأمم المتحدة على أن تلك المواد لن تحوّل عن غرضها المدني الكامل”.
وتتزامن تصريحات سيري مع تصريحات توني بلير، مبعوث اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، الذي أكد أن الأمر ليس مجرد إعمار ما تهدّم في غزة، بل إنه يتعلق بإحداث تغيير كبير ودائم لإعادة السلطة للقطاع.

تأسيس لحصار جديد
المخطط الإسرائيلي بثوب أممي- الذي طرحه سيري- أثار حالة من الاستياء داخل حكومة التوافق الوطني، وكذلك بين الخبراء الاقتصاديين ورجال الأعمال، حيث اعتبروا الخطة مجرد تأسيس لحصار جديد، وتصعيد للأوضاع في القطاع الذي يعاني ويلات الحرب، معتبرين أن إسرائيل تسعى لابقاء إعمار القطاع كورقة ابتزاز للفلسطينيين.
وزير العمل في حكومة التوافق الوطني “مأمون أبو شهلا” اعتبر أن الخطة بمثابة آلية تطيل من عملية الإعمار، وهو ما لا يمكن قبوله في ظل الوضع الصعب الذي يعيشه عشرات الآلاف النازحين في القطاع.
وقال أبو شهلا، في تصريحات صحفية: “رغم أنه تم الإعلان عن أن إسرائيل وافقت على إدخال مواد البناء للقطاع بناء على آلية الرقابة المقترحة، إلا أن شيئا لم يتغير، ولم يتم إدخال مواد البناء للقطاع حتى اللحظة”.
وذكر أبو شهلا أنه إذا ما تم إدخال 100 شاحنة من مواد البناء للقطاع في اليوم الواحد، فهذا يعني أن عملية الإعمار ستستغرق 10 سنوات.
وقال أبو شهلا: “إسرائيل تحاول أن تبقى ملف إعادة إعمار القطاع بيدها كورقة ابتزاز للمواقف السياسية، وهذا الأمر غير مقبول، ونحن الآن نسعى إلى فتح المعابر دون قيد أو شرط”.
وكشف عن أن الوفد الفلسطيني الموحد المسئول عن إدارة المفاوضات الغير مباشرة مع الإسرائيلين قد ركز في اجتماعه، اليوم، بالقاهرة على إدخال مواد البناء، وفتح معابر القطاع دون تحفظات إسرائيلية، ورفع الحصار بشكل كامل، لافتا إلى أن هذا الأمر سيتم استكماله في آخر أسبوع من شهر أكتوبر القادم.
وأوضح أبو شهلا أن الحكومة قامت بإجراء اتصالات مع السعودية والإمارات والكويت وقطر لتوفير عشرة آلاف كرفان لإدخالها لقطاع غزة؛ لإيواء النازحين الغزيين لحين بناء بيوتهم المدمرة، والبدء بعملية الإعمار.
وتوقع أن يتم إدخال (1000) كرفان من معبر كرم أبو سالم التجاري للقطاع، خلال الأسبوعين القادمين على أبعد تقدير، كدفعة أولى من (3000) آلاف كرفان كانت مقدمة من تركيا.
مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني في غزة رفضت بشكل تام خطة سيري، مؤكدين أنها تهدف لإطالة أمد عملية إعادة إعمار غزة، وفرض رقابة دولية على أعمال وأنشطة شركات المقاولات، مؤكدين أنها آلية جديدة لإدارة الحصار المفروض على قطاع غزة، ومعيقة ومعرقلة لجهود إعادة الإعمار .
واعتبر رجل الأعمال فيصل الشوا، نائب رئيس مجلس إدارة مركز التجارة الفلسطيني “بال تريد”، أن آلية إدخال مواد البناء التي طرحها سيري، من شأنها إدارة الحصار المفروض على قطاع غزة وليس لإنهائه، مشددا أنه كان من الأجدر أن تضطلع الأمم المتحدة بدورها في دعم الاحتياجات اللازمة لإعمار قطاع غزة دون عراقيل تذكر، بدلا من مراقبتها لدخول مواد البناء.
وأعرب الشوا عن مخاوفه من أن تفضي آلية سيري المذكورة إلى تباطؤ عملية دخول مواد البناء، الأمر الذي سيترتب عليه إطالة فترة إعادة إعمار ما دمره الاحتلال لسنوات طويلة، قد تصل إلى عشرين عاما وفق الآلية المعلنة.
من جهته عبر نبيل أبو معيلق- نائب رئيس اتحاد المقاولين في تصريح صحفي- عن رفضه لسياسة تفويض المؤسسات الدولية بإدارة الحصار المفروض، مشددا على أن غزة بمواطنيها ومؤسساتها وهيئاتها النقابية، لديها الرؤية والآلية المناسبة لكيفية إعادة إعمار ما دمره الاحتلال خلال الحروب السابقة أو الحرب الأخيرة، واصفا آلية سيري لإدخال مواد البناء بآلية معيقة وغير ناجحة بالنسبة لإعادة الإعمار، خلال فترة وجيزة تمتد لثلاث سنوات كحد أقصى.
أرقام من العدوان
وشنت إسرائيل على امتداد 51 يوما عدوانا على قطاع غزة طال كافة مناحي الحياة، وغَيَّر من معالم أحياء بأكملها، أصبح سكانها بلا مأوى، كما خلف آلاف الشهداء والجرحى، حيث بلغ عدد الشهداء 2139، بينهم 579 طفلا و263 امرأة و102 من المسنين، وعدد الجرحى 11128، منهم 3374 طفلا و2088 سيدة و410 مسنين، ومعظم القتلى استشهدوا في خان يونس بجنوب القطاع.
كما ارتكب الاحتلال الإسرائيلي 49 مجزرة بحق تسعين عائلة فلسطينية بواقع 530 شهيدا، ودمر 2358 منزلا بشكل كلي، و13644 بشكل جزئي، بحيث باتت تلك المنازل لا تصلح للسكن، وستين مسجدا بشكل كلي و109 بشكل جزئي، كما دمر برجين سكنيين وبرجين تجاريين كانت تضم مكاتب للصحافيين.
وبلغ عدد المشردين ما يقارب من 466 ألف مواطن في كافة أنحاء القطاع، موزعين على مختلف المدارس وبعض الأماكن التي كانت تأوي العائلات، كما كشفت تقديرات أولية للخسائر الاقتصادية أنها بلغت أكثر من ثلاثة مليارات ونصف مليار دولار، حيث تم تدمير 134 مصنعا بشكل كامل، ما تسبب بتسريح ثلاثين ألف عامل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …