‫الرئيسية‬ ترجمات ودراسات ممالك الخليج تحاول قيادة العالم العربي
ترجمات ودراسات - أبريل 18, 2015

ممالك الخليج تحاول قيادة العالم العربي

في أعقاب الربيع العربي باتت الدول الكبرى التي هيمنت تقليديًا على العالم العربي؛ إما تكافح من أجل إعادة بناء المؤسسات والاقتصادات التي مزقتها الاضطرابات، كما هو الحال في مصر، أو تتمزق إربًا بسبب الحروب المستمرة، كما هو الحال في سوريا والعراق.

وبدلاً من ذلك أصبح مستقبل المنطقة معلقًا بشكل متزايد بالقرارات التي تتخذ في دول الخليج، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، وهي الممالك المطلقة التي بقيت سالمة حتى الآن من الاضطرابات في المنطقة، والتي سخر منها ذات مرة دبلوماسي مصري، قائلاً إنها مجرد “قبائل مع أعلام”.

وتستخدم هذه الدول- وهي جزء من مجلس التعاون الخليجي المؤلف من ستة أعضاء- ثروتها النفطية منذ عقود لتمارس التأثير غير المتناسب، في حين تحطم المعارضة الصغيرة في الداخل.

ومن ثم، وفي أعقاب موجة الثورات العربية في عام 2011، أصبحت هذه الدول منجذبة بشكل متزايد إلى الصراعات الخارجية من ليبيا إلى اليمن، في محاولة لدرء العدوى المزدوجة للحركات المؤيدة للديمقراطية وارتفاع التطرف الإسلامي.

وقال يوسف العتيبة، وهو سفير الإمارات العربية المتحدة في واشنطن ولاعب رئيس في السياسة الخارجية الطموحة لبلاده: “إن المنطقة بأكملها من حولنا تنهار”، وأضاف: “هناك وعي بأن لدينا الكثير لحمايته.. هل يجب علينا الانتظار حتى تصل التهديدات إلى الحدود الإماراتية؟ أم علينا أن نحاول خلق منطقة أكثر اعتدالاً؟”.

والآن يدفع اقتران الخوف من تصاعد إيران مع الشعور بالقطيعة مع الولايات المتحدة، وهي الضامن التقليدي لأمن الخليج، هذه الملكيات إلى تجاوز تمويل الوكلاء في الصراعات في الخارج، إلى الدخول في حرب مباشرة في الخارج.

ويمثل التدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن، والذي أطلق الشهر الماضي ضد المتمردين الحوثيين الموالين لإيران، نقطة تحول، مؤكدًا القوة العسكرية لدول الخليج، وأخذًا هذه الدول إلى أراض جديدة مليئة بالمخاطر.

وأوضح جمال عبد الجواد سلطان، وهو أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في القاهرة: “ليس لديهم رفاهية إبقاء أنفسهم بعيدًا عن كل هذه الصراعات، أو مجرد الجلوس على الهامش”.

وتشعر دول الخليج بأنها ملزمة بالعمل لأن مؤسساتها بقيت سليمة “في الوقت الذي لا تستطيع فيه الدول العربية الرئيسة رعاية شؤونها الخاصة”.

وليس التدخل العسكري شيئًا جديدًا تمامًا بالنسبة لدول الخليج، وفي عام 2011، هددت حملة مؤيدة للديمقراطية، شيعية في معظمها، بقاء الزميل الملكي في البحرين، وهي دولة محكومة من السنة رغم أنها ذات أغلبية شيعية، ولم تتردد المملكة العربية السعودية والإمارات في إرسال قوات إلى البحرين وسحق الانتفاضة.

ولكن في السنوات اللاحقة، وجدت دول الخليج في كثير من الأحيان نفسها على طرفي نقيض من الصراعات الإقليمية، وتقوم قطر – على سبيل المثال – بدعم الإسلاميين في مصر وليبيا، في حين تدعم دولة الإمارات العربية المتحدة أعداءهم العلمانيين.

وقد أدى هذا الاختلاف في العام الماضي إلى الحديث عن “حرب باردة” إقليمية بين الدوحة وأبو ظبي.

وقد تمكن العاهل السعودي، الملك سلمان، الذي تولى السلطة في يناير، من سد بعض هذه الخلافات، وتوحيد جميع دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء عمان في ائتلافه لمكافحة الحوثي، ويشمل هذا التحالف أيضًا مصر، وهي أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان.

وتعهدت دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والكويت، الشهر الماضي فقط، بما مجموعه 12 مليار دولار لمساعدة حكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وقدمت هذه الدول عرضها هذا في مؤتمر التنمية الذي رفضت خلاله الولايات المتحدة تقديم مساعدة إضافية.

ولا يأتي المال الخليجي من دون شروط، وقد ثبت الإماراتيون مستشارين في الوزارات المصرية الرئيسة للتأكد من عدم إنفاق الأموال بطريقة غير سليمة، وفقًا لدبلوماسيين ومسؤولين، وللتأكد من الإصلاحات الاقتصادية التي من شأنها إنعاش اقتصاد البلاد.

ويقول مشعل القرقاوي، وهو المدير التنفيذي لمعهد أبحاث دلما في أبو ظبي والمعلق الإماراتي البارز: “لم يسبق لهذا المستوى الحالي من الالتزام بمصر مثيل من حيث الاتساع والعمق”، ويضيف: “يعتبر الإماراتيون مصر دولةً عربية جوهرية.. وهذا منطقي لأن رؤيتها الاستراتيجية تصب في خانة أن العالم العربي هو منطقة يحكمها العرب”.

ومع ازدياد ترتد الولايات المتحدة من الانجرار إلى صراعات الشرق الأوسط، أصبحت رؤية أن تكون المنطقة بقيادة العرب تتنافس مع المشروع البديل، والكابوس الاستراتيجي بالنسبة لحكام الخليج، وهو مشروع المنطقة بقيادة إيران ووكلائها الشيعة.

وفي هذه المواجهة، لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت دول الخليج مستعدة للعب الدور القيادي الذي وجدت نفسها معه وسط الفوضى في بقية العالم العربي.

وعلى عكس إيران، تفتقر دول مجلس التعاون الخليجي للمؤسسات المتطورة في مجال السياسة الخارجية والأمن القومي لتتناسب مع المهام الجديدة، وفقًا لما يعترف به المسؤولون هناك، وفي كثير من الأحيان، تصنع القرارات الرئيسة هناك من قبل حفنة من كبار الشخصيات فقط، ومن دون تحليل دقيق للعواقب.

وحذر اميل حكيم، وهو باحث كبير للأمن في الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين، من أن دول الخليج تعاني من محدودية القدرات، وقال: “لديهم قوة عسكرية، واستخباراتية، ودبلوماسية، صغيرة، وتضع قوتهم المالية الضخمة التوقعات العالية التي يكون من الصعب دائمًا تحقيقها”.

ومع ذلك، وعلى الرغم من كل هذه القيود، تستمر دول الخليج في القيام بالتحركات الجريئة في المنطقة، وسبب ذلك جزئيًا هو شعور هذه الدول بأنه ليس لديها خيار آخر مع مواجهتها لضربة مزدوجة من تردد الولايات المتحدة، ومن توسع الوجود الإيراني.

وقال ستيفن هادلي، وهو رئيس مجلس إدارة المعهد الأمريكي للسلام الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي للرئيس جورج دبليو بوش: “إنه مؤشر على يأسهم”، وأضاف: “لقد يأسوا من الولايات المتحدة.. إنهم يواجهون ما يعتقدون بأنه يشكل تهديدًا وجوديًا لهم، وهم يفعلون أفضل ما يمكنهم فعله”.
رابط المصدر الأصلي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …