‫الرئيسية‬ ترجمات ودراسات لوموند: السيسي قضى على ثورة الخبز في مصر
ترجمات ودراسات - أبريل 15, 2015

لوموند: السيسي قضى على ثورة الخبز في مصر

“عيش، حريّة، عدالة اجتماعية” هذا ما ردّده المتظاهرون خلال ثورة 2011 التي أطاحت بحسني مبارك. وبعد أربع سنوات عاد الجيش إلى السلطة، وبالنسبة للعديد من المصريين، تبدو الحريّة أمرًا مثاليا أبعد من أن يحقق اليوم أكثر من أي وقت مضى، ولكن هناك شيء ما قد تغيّر: أخيرًا صار من الممكن شراء الخبز بأسعار معقولة؛ إذ تمّ إصلاح نظام الدعم الّذي يشهد احتيالًا على نطاق واسع منذ عقود، تحت حكم الجنرال عبد الفتاح السيسي الذي تولى السلطة في صيف 2013.

عند خروجها من مخبز في حي إمبابة الفقير في العاصمة القاهرة حاملة على رأسها طبقًا فيه نحو 20 رغيفًا، قالت السيدة العجوز ذات النظارات والتي ترتدي ثوبا أسود: “الأمور تمام.. ربنا يحمي السيسي”. ومن خلال إظهار بطاقتها، تمكّنت من شراء الخبز لكافة أفراد عائلتها، دافعة 5 قروش لرغيف يزن 130 غرامًا بدلًا من 30 قرشًا.

العنصر الأساسي في الوجبة

صباح يوم الإثنين في بداية مارس، كانت الأجواء ودية في المخبز؛ إذ جلبت بعض النساء الصواني أو أكياسًا من النخيل أو البلاستيك لملئها بالأرغفة الساخنة.

وهنا، يعدّ الخبز عنصرًا أساسيًا في الوجبة وأساسيًا جدًّا إلى درجة تسميته بـ”العيش” (الحياة) في اللهجة المصرية. ولأشدّ الناس فقرًا، يمثّل جوهر الطعام إلى جانب الفول أو الطعمية أو الجبن. وهنا يمدح الجميع الحكومة الّتي عينت في العاصمة المصرية ومنذ أغسطس 2014، ونجحت في تمرير هذا الإصلاح الذي طال انتظاره.

أطلق الجيش العملية قبل عام، بدءًا من بورسعيد والإسماعيلية- مدينتين على طول قناة السويس- قبل نشرها إلى محافظات أخرى، ومن هنا فصاعدًا سيستخدم 69 مليون شخص أي 80 % من الشعب البطاقة الّتي تسمّى “البطاقة الذكية”، والّتي تمنح وفقًا لمعايير اجتماعية.

يحق لكل شخص الحصول على 5 أرغفة في اليوم، والنتيجة: كل شخص يمكن أن يشتري ما يحتاجه. ولا يتغير سعر الخبز التقليدي المدعّم بالنسبة للمستهلك -5 قروش- ولكن يحصل الخبّاز على 25 قرشًا زيادة من قبل الحكومة لتكملة التكلفة. وفي شهر ينبغي أن يمر هذا النظام الجديد إلى المحافظات السبع المتبقية في البلاد.

لا تزال هناك طوابير انتظار طويلة

وفي علامة إلى تغيير الحقبة، باتت المخابز تفتح أبوابها على مصارعها؛ إذ لكثرة تعرّضها لهجمات، تحوّلت شيئًا فشيئًا إلى حصون تحميها قضبان معدنية ليحصل الحرفاء على الخبز عبر القضبان أو من خلال نافذة صغيرة. ويقول محمد سعيد، صاحب 4 أفران خبز في إمبابة: “أعمل خبّازًا منذ 27 عامًا وأزمة الخبز دائمة؛ إذ أن هناك دائمًا طوابير انتظار طويلة وفي بعض الأحيان ينشب عراك”. وفي بداية 2008 على وجه الخصوص، تسبب ارتفاع أسعار القمح في أعمل شغب أسفرت عن مقتل 15 شخصًا في البلاد.

وتشير الباحثة في المنظمة غير الحكومية “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” إلى مسائل الحق في الغذاء، هالة بركات: “آنذاك كان من الممكن للجميع شراء الخبز المدعم. واستغل العديد من الأشخاص غير المحتاجين له الوضع، في حين أن الفقراء لم يتمكنوا من شرائه”.

كان النظام خارج السيطرة.. تمكّن بعض المزاحمين من شراء الخبز ليدفعوا به نحو السوق السوداء، واستخدمه البعض الآخر لتغذية الماشية، ويعيد الخبّازون بيع الجزء الأعظم من الدقيق الذي يتلقونه، وحسب تقرير صادر عن البنك العالمي في عام 2009، تمّ تحويل وجهة أكثر من ثلث الدقيق المدعّم.

كان من الضروري تحديد حصص الخبز، ووجب أيضًا تغيير طريقة الدعم، من قبل كانت الدولة تبيع الدقيق بسعر زهيد إلى مخابز البلاد، وكان لكل مخبز حصة محدّدة، بـ 8 جنيهات لكيس يزن 55 كغ. ولكن تبلغ قيمة الكيس نفسه في السوق السوداء بين 120 و130 جنيهًا وكانت الأرباح سهلة. واليمن، يباع الدقيق بسعر السوق أي 130 جنيهًا مصريًا ولا يحصل الخبّاز على مساعدة الدولة؛ إلّا بعد بيع الخبز وهذا ما يحد من فرص الاحتيال.

يروي محمد عبد العزيز، الشاب الثلاثيني من شبرا الخيمة، وهي مدينة صناعية محرومة في شمال تكتل القاهرة، أنه “بعد تسليم الصباح، تخرج أكياس الطحين من المخبز وتحمل على دراجات هوائية أو نارية”.

ويمرر المخبز مخزونه المتواضع قبل منتصف النهار. أمّا المتفقدون في مختلف أجهزة الدولة فيغمضون عيونهم متواطئين. ويعترف صاحب فرن ميسور في الحي، سرور جابر أبو رحاب، أنّه كان يحصل يوميًا على حصّة 17 كيسًا ويبيع 7 في السوق السوداء “ليدفع أجرة عمّاله”.

تقدّم في مكافحة الفقر

يرى وزير الدعم خالد حنفي أنه “من قبل كانت الوسيلة الوحيدة لكسب المال بالنسبة للمخابز تتمثّل في البيع في السوق السوداء، والآن عليهم العمل”. وإن كان البعض يرى في هذا الإصلاح إجراءً شعبويًا قد يسكت المآخذ على الديمقراطية في البلاد، فإن آخرين مثل هالة بركات يفضلون اعتباره كـ”تقدّم في مكافحة الفقر”.

والغاضبون الوحيدون في البلاد هم الـ25 ألف خباز؛ فبالنسبة لهم انتهت السنوات الذهبية: “النظام الجديد؟ بالنسبة للناس عظيم أمّا بالنسبة لنا فمتوسط”، حسب سرور جابر أبو رحاب الخباز في شبرا الخيمة، حيث تمّ تنفيذ النظام منذ 3 أشهر. وليقبلوا بهذا الإصلاح، اضطر وزير الدعم للتفاوض معهم. وحصلوا على تخفيف للقواعد بالنسبة للأشخاص الذين لا يمتلكون البطاقة الإلكترونية. وهذا إجراء مؤقت موجه لـ”تهدئتهم”، على حد تعبير الوزير.

ومع هذا الإصلاح، اكتشف الخبازون قانون المنافسة؛ فقبل سنوات كانوا يتقاتلون من أجل خبز سيئ الجودة ويقطع أحيانًا بمنشار الخشب. والآن هناك خيار؛ إذ أدخلوا أيضًا النظام المصرفي. وفي انتهاء من الاقتصاد غير الرسمي، اضطرّ هؤلاء المعنيون بالإصلاح إلى فتح حسابات في البنك؛ للحصول على دعم الدولة في مسيرة قسرية نحو التحديث.

المصدر الأصلي للمقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …