‫الرئيسية‬ مقالات  الاستثمار الأجنبي.. لسه بدري
مقالات - أبريل 11, 2015

 الاستثمار الأجنبي.. لسه بدري

كان وزير الاستثمار أشرف سلمان واقعيا حين صرح قبل أيام ، أن الحكومة تستهدف استثمار أجنبى مباشر خلال العام المالى الحالى ، تتراوح قيمته ما بين 6 الى 8 مليار دولار .

والمعروف أن النصف الأول من العام المالى الحالى الذى ينتهى آخر شهر يونيو القادم ، قد شهد صافى استثمار أجنبى مباشر بلغ 3 مليار دولار ، ومن هنا يتوقع وزير الاستثمار خلال النصف الثانى ، والذى تخلله انعقاد مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى فى شرم الشيخ ، استمرار نفس معدلات الاستثمار أو زيادتها بشكل ضئيل .

وهو أمر يكشف من ناحية أخرى عدم واقعية حديث عشرات المليارات من الاستثمارات الأجنبية ، التى تم تداولها اعلاميا بعد المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ ، وكان الوزير واقعيا أيضا وقتها ، حين قال أن غالب تلك الاستثمارات التى تم الاعلان عنها بمؤتمر شرم الشيخ ، هى مجرد مذكرات تفاهم قد تتحق أو لا تتحق .

وفى ظل التعتيم الاعلامى المتعمد على النتائج الحقيقية لمؤتمر شرم الشيخ ، يستطيع أى متابع للسوق أن يدرك الحقيقة المرة ، ومن ذلك أن بنوك الاستثمار التى ظللنا نعلن عن تجهيزها للمشروعات لعرضها على مؤتمر شرم الشيخ ، لم تستطع عرض مشروعا واحدا خلال أيام المؤتمر ، وقل نفس الشىء على ما قلناه عن مشروعات الاستثمار بالمحافظات قبل المؤتمر .

ومع تداول تلك المعلومات ما بين كبار العاملين بالشركات المالية ، كانت النتيجة التى شهدناها ، بانخفاض مؤشر الأسعار بالبورصة فى اليوم التالى لانتهاء مؤتمر شرم الشيخ ، ولأيام تالية ، رغم ما نعرفه من مساندة حكومية لمؤشر البورصة من خلال محافظ البنوك العامة والتأمينات وهيئة البريد .

ورغم أن نتائج مؤتمر شرم الشيخ الأولية ستظهر ضمنيا ، مع اعلان نتائج أداء ميزان المدفوعات للربع الأول من العام الحالى ، والذى يحتاج لمرور شهرين حتى يتم اعلانه ، إلا أن هناك شواهد قد ظهرت بالفعل تشير الى عدم حدوث نتائج عملية للمؤتمر حتى الآن ، ومنها تراجع قيمة احتياطيات النقد الأجنبى خلال شهر مارس ، وهو شهر المؤتمر عما كانت عليه فى فبراير .

ومنها أيضا تسابق البنوك على رفع أسعار الفائدة على شهادات الإيداع الدولارية ، لجلب المزيد من العملات الأجنبية ، وأيضا الاستعداد حاليا للاقتراض الخارجى من خلال طرح سندات دولارية ، الى جانب الاقتراض من الكويت .

ومن الأسباب ادراك المجتمع الاقتصادى أن تعديلات قانون الاستثمار ، وتنفيذ الشباك الواحد يحتاج حوالى عام ونصف ، والحاجة الى قرارات جمهورية ووزارية لتفعيل تلك التعديلات ، وحتى بعد صدورها فإنها تحتاج الى أن يواكبها تعديلات بقوانين أخرى مثل قانون العمل والكهرباء والصناعة والافلاس والنقابات العمالية وغيرها .

وحتى مع صدور تلك التعديلات لكل تلك القوانين ، ستظل البيئة الاستثمارية طاردة بسبب الاضطراب الأمنى والسياسى والانقسام المجتمعى ، ونقص الطاقة والأراضى الصناعية والتمويل ومشاكل العمالة ومشاكل الطرق ، وارتفاع التضخم وغيرها من معوقات الاستثمار .

ومن الطبيعى أن يقول البعض أنه رغم تلك الظروف فهناك استثمار أجنبى مباشر وارد الى مصر ، ومن خلال البيانات التى أعلنها البنك المركزى سنوضح ذلك ، ففى خلال عام ونصف فيما بعد نظام الثالث من يوليو 2013 ، دخل مصر استثمار أجنبى مباشر قيمته 7ر16 مليار دولار ، لكنه خرج من مصر فى نفس العام والنصف استثمارات أجنبية مباشرة قيمتها 9ر9 مليار دولار .

وهكذا بلغ صافى الاستثمار الأجنبى المباشر خلال العام والنصف 9ر6 مليار دولار ، وهو ما يتداوله الرسميون ، لكن مالا يعرفه الكثيرين أن غالب تلك الاستثمارات هى استثمارات بترولية ، معظمها لشركات بريطانية وأمريكية .

والمعروف ان الاستثمارات البترولية بالعالم لا تتأثر بالاضطرابات الأمنية والسياسية ، بسبب ربحيتها العالية ، وأكبر مثال على ذلك استمرارها باليمن ونيجيريا والعراق رغم ما بهما من أحداث عنف .

والمهم لدى عموم المصريين أن تزيد تلك الاستثمارات الواردة ، انتاج السلع والخدمات وفرص العمل ، لكن هذا الأمر لا يتحقق بالصورة التى نتخليها ، لأن الناس تعتقد أن الاستثمار الأجنبى المباشر هو عبارة عن مشروعات جديدة يقوم مستثمرون أجانب ، لكن الحقيقة أن هذا النمط يشكل جزءا من الصورة ، وليس كل الصورة .

حين قام محمود محى الدين وزير الاستثمار قبل حوالى عشر سنوات ، بتغيير تعريف الاستثمار الأجنبى المباشر سعيا الى تضخيم الرقم ، حين أضاف إليه عدد من المكونات ، بحيث أصبح التعريف يشمل تاسيس مشروعات جديدة ، وشراء الأجانب نسبة 10 % أو أكثر من أسهم شركات أى الاستحواز على شركات قائمة .

وأيضا التوزيعات غير الموزعة للشركات الأجنبية الموجودة فى مصر ، وشراء الأجانب والعرب للأراضى والعقارات ، والنشاط الاستخراجى كالبترول والغاز رغم اعتراض بعض الخبراء باعتبار النشاط الاستخراجى ثروة ناضبة .

وساهم البنك المركزى فى عملية التعتيم مع وزارة الاستثمار ، بحث لا يتم تفصيل بيانات الاستثمار الأجنبى سوى بذكر مكونين له : الأول تأسيس شركات أو زيادة رؤس أموالها والثانى البترول ، وهكذا أصبحنا لا نعرف قيمة المشروعات الجديدة التى يتم تأسيسها ، لأن الرقم مدمج مع رقم زيادة رؤس أموال الشركات القائمة .

كما أنه لا يتم تحديد قيمة مكون الاستحواز من الرقم الاجمالى للاستثمار ، حيث أن الاستحواز على شركة مصرية أو حتى أجنبية موجدة بمصر ، يمثل مجرد تغيير لافتة اسم المالك الجديد للشركة ، لكن ذلك يصاحبه إضافة قيمة صفقة الاستحواز الى ، رقم قيمة الاستثمار الأجنبى الجديد !

وحتى تتضح الصورة أكثر فما هو موقف النوع الثانى الرئيسى لاستثمار الأجانب خلال العام والنصف الأولى فى عهد النظام الحالى ، والخاص باستثمارات الأجانب فى الحافظة ، أى فى الأوراق المالية بالبورصة ، لنجد أن الصافى له قد حقق تدفقا سلبيا الى الخارج قيمته 4ر1 مليار دولار .

وهكذا يكون موقف الاستثمار الأجنبى خلال العام والنصف ، صافى تدفق موجب للاستثمار المباشر بقيمة 9ر6 مليار دولار ، وصافى تدفق سالب لاستثمارات الحافظة للأجانب بنحو 4ر1 مليار دولار ، ليصل الصافى الموجب للنوعين المباشر والحافظة الى 5ر5 مليار دولار .

لكن صافى عوائد الاستثمار الأجنبى بنوعيه بلغ 6ر10 مليار دولار كتدفق سالب اتجه للخارج ، والتى تمثل أرباح الاستثمارات الأجنبية التى تم تحويلها للخارج خلال الفترة ، أى أن قيمة العوائد للاستثمارات التى اتجهت الى الخارج خلال العام والنصف ، تزيد عن التدفق من الاستثمار الأجنبى بنوعيه بنحو 1ر5 مليار دولار !

وهو ما يبين الوضع الحقيقى للاستثمار الأجنبى فى مصر خلال العام والنصف الأولى من عهد النظام الحالى ، حسب أرقام البنك المركزى المصرى .
——
نقلاً عن موقع (مصر العربية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …