الاستثمار الأجنبي.. لسه بدري
كان وزير الاستثمار أشرف سلمان واقعيا حين صرح قبل أيام ، أن الحكومة تستهدف استثمار أجنبى مباشر خلال العام المالى الحالى ، تتراوح قيمته ما بين 6 الى 8 مليار دولار .
والمعروف أن النصف الأول من العام المالى الحالى الذى ينتهى آخر شهر يونيو القادم ، قد شهد صافى استثمار أجنبى مباشر بلغ 3 مليار دولار ، ومن هنا يتوقع وزير الاستثمار خلال النصف الثانى ، والذى تخلله انعقاد مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى فى شرم الشيخ ، استمرار نفس معدلات الاستثمار أو زيادتها بشكل ضئيل .
وهو أمر يكشف من ناحية أخرى عدم واقعية حديث عشرات المليارات من الاستثمارات الأجنبية ، التى تم تداولها اعلاميا بعد المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ ، وكان الوزير واقعيا أيضا وقتها ، حين قال أن غالب تلك الاستثمارات التى تم الاعلان عنها بمؤتمر شرم الشيخ ، هى مجرد مذكرات تفاهم قد تتحق أو لا تتحق .
وفى ظل التعتيم الاعلامى المتعمد على النتائج الحقيقية لمؤتمر شرم الشيخ ، يستطيع أى متابع للسوق أن يدرك الحقيقة المرة ، ومن ذلك أن بنوك الاستثمار التى ظللنا نعلن عن تجهيزها للمشروعات لعرضها على مؤتمر شرم الشيخ ، لم تستطع عرض مشروعا واحدا خلال أيام المؤتمر ، وقل نفس الشىء على ما قلناه عن مشروعات الاستثمار بالمحافظات قبل المؤتمر .
ومع تداول تلك المعلومات ما بين كبار العاملين بالشركات المالية ، كانت النتيجة التى شهدناها ، بانخفاض مؤشر الأسعار بالبورصة فى اليوم التالى لانتهاء مؤتمر شرم الشيخ ، ولأيام تالية ، رغم ما نعرفه من مساندة حكومية لمؤشر البورصة من خلال محافظ البنوك العامة والتأمينات وهيئة البريد .
ورغم أن نتائج مؤتمر شرم الشيخ الأولية ستظهر ضمنيا ، مع اعلان نتائج أداء ميزان المدفوعات للربع الأول من العام الحالى ، والذى يحتاج لمرور شهرين حتى يتم اعلانه ، إلا أن هناك شواهد قد ظهرت بالفعل تشير الى عدم حدوث نتائج عملية للمؤتمر حتى الآن ، ومنها تراجع قيمة احتياطيات النقد الأجنبى خلال شهر مارس ، وهو شهر المؤتمر عما كانت عليه فى فبراير .
ومنها أيضا تسابق البنوك على رفع أسعار الفائدة على شهادات الإيداع الدولارية ، لجلب المزيد من العملات الأجنبية ، وأيضا الاستعداد حاليا للاقتراض الخارجى من خلال طرح سندات دولارية ، الى جانب الاقتراض من الكويت .
ومن الأسباب ادراك المجتمع الاقتصادى أن تعديلات قانون الاستثمار ، وتنفيذ الشباك الواحد يحتاج حوالى عام ونصف ، والحاجة الى قرارات جمهورية ووزارية لتفعيل تلك التعديلات ، وحتى بعد صدورها فإنها تحتاج الى أن يواكبها تعديلات بقوانين أخرى مثل قانون العمل والكهرباء والصناعة والافلاس والنقابات العمالية وغيرها .
وحتى مع صدور تلك التعديلات لكل تلك القوانين ، ستظل البيئة الاستثمارية طاردة بسبب الاضطراب الأمنى والسياسى والانقسام المجتمعى ، ونقص الطاقة والأراضى الصناعية والتمويل ومشاكل العمالة ومشاكل الطرق ، وارتفاع التضخم وغيرها من معوقات الاستثمار .
ومن الطبيعى أن يقول البعض أنه رغم تلك الظروف فهناك استثمار أجنبى مباشر وارد الى مصر ، ومن خلال البيانات التى أعلنها البنك المركزى سنوضح ذلك ، ففى خلال عام ونصف فيما بعد نظام الثالث من يوليو 2013 ، دخل مصر استثمار أجنبى مباشر قيمته 7ر16 مليار دولار ، لكنه خرج من مصر فى نفس العام والنصف استثمارات أجنبية مباشرة قيمتها 9ر9 مليار دولار .
وهكذا بلغ صافى الاستثمار الأجنبى المباشر خلال العام والنصف 9ر6 مليار دولار ، وهو ما يتداوله الرسميون ، لكن مالا يعرفه الكثيرين أن غالب تلك الاستثمارات هى استثمارات بترولية ، معظمها لشركات بريطانية وأمريكية .
والمعروف ان الاستثمارات البترولية بالعالم لا تتأثر بالاضطرابات الأمنية والسياسية ، بسبب ربحيتها العالية ، وأكبر مثال على ذلك استمرارها باليمن ونيجيريا والعراق رغم ما بهما من أحداث عنف .
والمهم لدى عموم المصريين أن تزيد تلك الاستثمارات الواردة ، انتاج السلع والخدمات وفرص العمل ، لكن هذا الأمر لا يتحقق بالصورة التى نتخليها ، لأن الناس تعتقد أن الاستثمار الأجنبى المباشر هو عبارة عن مشروعات جديدة يقوم مستثمرون أجانب ، لكن الحقيقة أن هذا النمط يشكل جزءا من الصورة ، وليس كل الصورة .
حين قام محمود محى الدين وزير الاستثمار قبل حوالى عشر سنوات ، بتغيير تعريف الاستثمار الأجنبى المباشر سعيا الى تضخيم الرقم ، حين أضاف إليه عدد من المكونات ، بحيث أصبح التعريف يشمل تاسيس مشروعات جديدة ، وشراء الأجانب نسبة 10 % أو أكثر من أسهم شركات أى الاستحواز على شركات قائمة .
وأيضا التوزيعات غير الموزعة للشركات الأجنبية الموجودة فى مصر ، وشراء الأجانب والعرب للأراضى والعقارات ، والنشاط الاستخراجى كالبترول والغاز رغم اعتراض بعض الخبراء باعتبار النشاط الاستخراجى ثروة ناضبة .
وساهم البنك المركزى فى عملية التعتيم مع وزارة الاستثمار ، بحث لا يتم تفصيل بيانات الاستثمار الأجنبى سوى بذكر مكونين له : الأول تأسيس شركات أو زيادة رؤس أموالها والثانى البترول ، وهكذا أصبحنا لا نعرف قيمة المشروعات الجديدة التى يتم تأسيسها ، لأن الرقم مدمج مع رقم زيادة رؤس أموال الشركات القائمة .
كما أنه لا يتم تحديد قيمة مكون الاستحواز من الرقم الاجمالى للاستثمار ، حيث أن الاستحواز على شركة مصرية أو حتى أجنبية موجدة بمصر ، يمثل مجرد تغيير لافتة اسم المالك الجديد للشركة ، لكن ذلك يصاحبه إضافة قيمة صفقة الاستحواز الى ، رقم قيمة الاستثمار الأجنبى الجديد !
وحتى تتضح الصورة أكثر فما هو موقف النوع الثانى الرئيسى لاستثمار الأجانب خلال العام والنصف الأولى فى عهد النظام الحالى ، والخاص باستثمارات الأجانب فى الحافظة ، أى فى الأوراق المالية بالبورصة ، لنجد أن الصافى له قد حقق تدفقا سلبيا الى الخارج قيمته 4ر1 مليار دولار .
وهكذا يكون موقف الاستثمار الأجنبى خلال العام والنصف ، صافى تدفق موجب للاستثمار المباشر بقيمة 9ر6 مليار دولار ، وصافى تدفق سالب لاستثمارات الحافظة للأجانب بنحو 4ر1 مليار دولار ، ليصل الصافى الموجب للنوعين المباشر والحافظة الى 5ر5 مليار دولار .
لكن صافى عوائد الاستثمار الأجنبى بنوعيه بلغ 6ر10 مليار دولار كتدفق سالب اتجه للخارج ، والتى تمثل أرباح الاستثمارات الأجنبية التى تم تحويلها للخارج خلال الفترة ، أى أن قيمة العوائد للاستثمارات التى اتجهت الى الخارج خلال العام والنصف ، تزيد عن التدفق من الاستثمار الأجنبى بنوعيه بنحو 1ر5 مليار دولار !
وهو ما يبين الوضع الحقيقى للاستثمار الأجنبى فى مصر خلال العام والنصف الأولى من عهد النظام الحالى ، حسب أرقام البنك المركزى المصرى .
——
نقلاً عن موقع (مصر العربية)
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …