النائب العام يتخلص من المعتقلين بإحالتهم للمحاكمات
مع انتهاء فترات الحبس الاحتياطى لآلاف المعتقلين، بعد تجديدها لهم على مدار عدة أشهر ماضية دون محاكمات حقيقة، اتهم مراقبون ونشطاء حقوقيون النائب العام المصرى المستشار هشام بركات بالتخلص من المحبوسين احتياطيا عن طريق إحالتهم للمحاكم فى قضايا مختلفة دون وجود أدلة على اقترافهم جرائم بعينها.
وفى خطوة مفاجأة، تذكر النائب العام المستشار هشام بركات أخيرا 379 معتقلا كانوا محبوسين احتياطيا منذ نحو 20 شهرا؛ حيث تم إلقاء القبض عليهم خلال عملية فض اعتصام النهضة بميدان الجيزة فى 14 أغسطس 2013، إلا أن النائب العام لم يصدر قرارا بالإفراج عنهم كما كان متوقعا، لكنه أمر، صباح اليوم الأربعاء 8 إبريل 2015، بإحالتهم إلى محكمة الجنايات بتهمة ارتكابهم جرائم قتل عمد وتخريب وتشكيل عصابات مسلحة.
ويؤكد مراقبون ونشطاء حقوقيون أن المحالين اليوم للجنايات الـ 379 ليسوا بمفردهم من يقبعون خلف الزنازين على ذمة الحبس الاحتياطي، بل إن هناك الآلاف من المحبوسين احتياطيا الذين يجهلون مصيرهم ومصير سير محاكمتهم، منذ أن تم اعتقالهم ضمن الأحداث المختلفة التى جرت عقب الثالث من يوليو 2013، فضلا عن مئات المفقودين، والذين لم يتوصل أهاليهم وذووهم لأية معلومات عن أماكن احتجازهم أو اعتقالهم منذ اختفائهم من قرابة العامين وحتى اليوم.
وإلى جانب المحبوسين احتياطيا، فإن مصر تشهد منذ الثالث من يوليو مأساة إنسانية أخرى تتمثل فى ملف المفقودين؛ حيث تشير آخر إحصائية أصدرتها رابطة “محامين ضد الانقلاب” أن عدد المفقودين تجاوز الـ 1800 مفقود منذ 30-6-2013 وحتى اليوم، مؤكدين أن الجهات الأمنية والقضائية ترفض التعاون مع كافة المنظمات التى تتبنى عمليات البحث عن المفقودين ومعرفة أماكن احتجازهم، وهو ما قد ينذر بوفاتهم دون أن يعرف أحد عنهم شيء”.
الحبس الاحتياطى حين يتحول لعقوبة
ويوضح الحقوقيون أن الحبس الاحتياطى فى مصر – والذى يفترض أنه إجراء احترازى – تحول إلى عقوبة فى حد ذاتها، يقضيها المعارضون السياسيون بدون تهم موجهة إليهم، أو إجراء تحقيقات عادلة طبقا للدستور والقانون المصري، مؤكدين وجود عشرات الآلاف من المعتقلين الذين تقوم النيابة العامة بتجديد حبسهم احتياطيا كل فترة بدون تقديمهم للمحاكمة.
ويواجه أغلب المحبوسين احتياطيا تهما جاهزة يصفها النشطاء بالعبثية والملفقة كـ “التحريض على العنف وقطع الطريق، والاشتراك فى عصابة مسلحة، وقلب نظام الحكم، والاعتداء على قوات جيش وشرطة، والتظاهر بدون إذن” وغير ذلك من القضايا التى يصفها المراقبون بأن الزمن عفى عليها، وأنها استهلكت من قبل عشرات المرات من قبل أنظمة ديكتاتورية.
لا أرقام واضحة
ورغم كثرة أعداد المحبوسين احتياطيا فى مصر منذ الثالث من يوليو، إلا إن الحقوقيين فى مصر، لا يستطيعون الحصول على أرقام محددة عن المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا سياسية؛ وذلك بسبب تعنت وزارة الداخلية فى التعاون مع هذه المؤسسات الحقوقية.
وقدرت “منظمة العفو الدولية”، أعداد المعتقلين فى السجون المصرية بـ 40 ألف معتقل، وهو ما توافق مع الأعداد التى ذكرتها كل من منظمة “هيومن رايتس مونيتر” و”ويكى ثورة”، وذلك بحسب أحدث تقاريرهم.
أما عن الأرقام الرسمية، فجاءت أقل من هذه الأعداد بكثير؛ حيث ذكر تقرير لجنة تقصى حقائق 30 يونيو، أن عدد المحبوسين احتياطيا يصل إلى 7389 شخصًا فقط!!.
تعديلات “المؤقت” كارثة
وأصبح الحبس الاحتياطى مأساة بعد انقلاب 3 يوليو 2013؛ حيث أصدر عدلى منصور الرئيس المؤقت السابق، قرارا جمهوريا – بعد قرابة شهرين من الإطاحة بالرئيس محمد مرسى – بتحويل الحبس الاحتياطى إلى حبس مطلق؛ حيث ينص التعديل على: “يستبدل بنص الفقرة الأخيرة من المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية بالنص الآتى (ومع ذلك فلمحكمة النقض ولمحكمة الإحالة إذا كان الحكم صادرا بالإعدام أو بالسجن المؤبد أن تأمر بحبس المتهم احتياطيا لمدة 45 يوما قابلة للتجديد دون التقيد بالمدد المنصوص عليها فى الفقرة السابقة)”.
واعتبر سياسيون وحقوقيون هذه التعديلات ردة فى الحريات المصرية؛ حيث أوضحت “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” أن هذه التعديلات التى تُحرِر الحبس الاحتياطى من سقف المدة التى حددها القانون، تثير تساؤلات بشأن توجه صانعى القرار، الذى رفع القيود التى وضعها المشرع على الحبس الاحتياطي.
مفقودون فى عداد الأموات
ورغم مرور قرابة العامين على أحداث الثالث من يوليو وأكثر من عام ونص على فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، إلا أن هناك مئات المعارضين الذين شاركوا فى تلك الاعتصامات قيد الاختفاء حتى تلك اللحظة، وهو ما يضيف جريمة جديدة ارتكبتها قوات الشرطة والجيش خلال فض تلك الاعتصامات بجانب الاعتقال والقتل وهى جريمة “الإخفاء” أو المفقودين.
وبحسب مراقبين، فإن جريمة “المفقودين”، الذين لا يعرف ذووهم مصيرهم، وما إذا كانوا قتلوا وضاعت جثثهم، أم اعتقلوا فى أماكن غير معلومة كالسجون الحربية، أصعب من القتل أو الاعتقال؛ لأنه فى الحالتين معرفة بمصير المتوفى أو المعتقل، أما المفقود فتظل قضيته معلقة حتى العثور عليه، وهو ما يجعل لسان العديد من أسر المفقودين يقول “ليتهم قتلوا، واستطعنا دفن جثثهم”.
قصص كثيرة ارتبطت بأحداث “رابعة”، ولعلّ أشهرها، ما حدث مع مواطن من القاهرة يدعى عادل درديرى عبد الجواد، والذى قضى ابنه محمد (16عاما) فى الأحداث، وذهب لإحضار الجثة فوجدها، واتصل بزوجته، ومن وقتها فقد هو وجثة ابنه، ولا تزال الزوجة وأبناؤها يبحثون عن معيلهم المفقود وجثة ابنهم.
اختفاء محمد الشحات عبد الشافي، وعمر محمد على (21 عاما)، والعامل أشرف حسن، الشهير بأسامة (38 عاما)، والمحاسب خالد محمد عز الدين (42 عاما) وغيرهم الكثير والكثير من الأسماء المفقودة، والذين لم يتم التعرف على أماكن احتجازهم أو حتى مقابر دفنهم حتى تلك اللحظة، وهى ما تعد مأساة حقيقة”.
أموات وأحياء فى السجن الحربي
الناشط الحقوقى هيثم أبو خليل، أكد فى تصريحات صحفية سابقة لـ “العربى الجديد” أن معظم المفقودين يرجح أنه جرى خطفهم والزج بهم فى سجن حربي، من دون عرضهم على النيابة أو أى جهة قضائية، مؤكدا أن سجن العازولى الحربى يحوى كارثة”، مطالبا بفتح ملفه فورا.
ويشير إلى أنه “تم إخفاء مفقودين ومعتقلين منذ مذبحة المنصة وفض رابعة، وهناك حالة من التكتم على أسمائهم بصورة غريبة، أشبه بشغل عصابات تخطف مصريين كأسرى”.
وتابع “لا نيابات ولا جلسات ولا عرض على محكمة”.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …