فتوى “علام” استمرار للتوظيف السياسي للدين لتبرير تهجير أهالي سيناء
أثارت فتوى الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهوورية، التي أجاز فيها التهجير والقتل لأبناء سيناء، وترحيلهم من بيوتهم التي قضوا فيها أعمارهم وعاشوا فيها سنين عددا، بحجة أن درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة، وأن حماية الأمن القومي تستدعي ذلك، تساؤلات عديدة حول التوظيف الديني الذي يخدم الجوانب السياسية.
عرفت ثورات الربيع العربي توظيفا دينيا يخدم الجوانب السياسية، ويهدد بالدين أيضا المخالفين إن خلطوا الدين بالسياسية، معادلة تفهمها جيدا مؤسسات كمجلس حكماء المسلمين الموالي لأبو ظبي ورموز وشخصيات كعلي جمعة وخالد الجندي وأحمد الطيب والهلالي وكريمة وشوقي علام وغيرهم في مصر، وبدر الدين حسون ورمضان البوطي في سوريا، وآل الشيخ في السعودية، يقدمون جميعا فتاوى تحت طلب الساسة والسياسية.
شوقي علام مفتى الجمهورية التاسع عشر، صدَّر فتواه بديباجة تطعن في ولاءات الفتوى، وجاء التناول الإعلامي مصدرا عنوانًا للديباجة بأن “رجال الجيش والشرطة قادرون على تطهير سيناء من دنس الإرهاب”، ومبررا عمليات التهجير القسري بأنها “حلال.. حلال”.
أوضح “علام” في معرض الإجابة عن سؤال ورد إلى دار الإفتاء مؤخرا حول مدى شرعية عمليات نقل مجموعة من مواطني شمال سيناء إلى مناطق آمنة بعيدا عن التفجيرات والممارسات الإرهابية، أن هذا مما يجوز فعله؛ لأن الضرر الذي يهدد الوطن- فضلا عن أهالي هذه المناطق- محقق في هذه الحالة، ومن المقرر أن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، وأن دفع الضرر العام مقدم على الضرر الخاص.
وتجاهل المفتي الدستور الذي كان هو نفسه عضوا بلجنته الخمسينية، والذي اعتبر التهجير القسري عملا منافيا أيا كانت المبررات.
إلا أنه لا مانع من بعض الضوابط الشرعية التى يجب أن تلتزم بها الدولة، وإن لم تلتفت لها الدولة، تتمثل في “إيواء المنقولين في أماكن لا تقل إن لم تزد عن الأماكن المنقولين منها، وإمدادهم بلوازم الحياة من مطعم ومشرب وملبس وتعليم وصحة وخدمات، وإعطائهم التعويضات المالية التى تناسب مغادرتهم أماكنهم التى ارتبطوا بها سنين عددا”، وهو ما لم يتحقق.
وفي ذات الإطار، لم تنقل أي من وسائل الإعلام رأي شوقي علام حول فيديو التعذيب حتى الموت الذي تم بحق أهالي سيناء، وهل يجوز ذلك في حق إنسان وإن كان إرهابيا، وأين القضاء الذي يعمل هو تحت مظلته عندما يطلب منه قاضي الجنايات تحديد جواز إعدام إنسان من عدمه!.
تصديقه إعدام زملائه
بعض الشبكات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي هللت لقرار المفتي، في أغسطس الماضي، عندما رد للمحكمة طلبها بالإعدام، ورفض الموافقة على إعدام المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين “الدكتور محمد بديع”، و13 آخرين من قيادات الإخوان متهمين في “أحداث مسجد الاستقامة”، وتناسوا أحكام الإعدام على ما يزيد عن 1000 من الإخوان، منهم 592 بينهم مرشد الإخوان في قضية اقتحام سجن المنيا.
وفي قضية قطع طريق قليوب قال مفتي الجمهورية: “ثبت من تفريغ مقاطع الفيديو الخاصة بالمتهمين عبد الرحمن البر وعبد الله بركات ومحمد عبد المقصود إثمهم”،
ولمن لا يعلم فإن البر هو عميد كلية أصول الدين وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والدكتور بركات هو عميد كلية الدعوة الإسلامية وأستاذ الفقه المقارن، وأن الدكتور محمد عبد القصود رجل تخطى السبعين.
وجاء في حيثيات تقرير المفتي الذي سلمه إلى قاضي الإعدام “أن ما أقدم عليه المتهمون الآثمون من جرم قد ثبت شرعا، وتأيد في حقهم بمقتضى القرائن القاطعة”.
وقال المفتى، في قرائنه المدعاة ما نصه: “قد ثبت من مطالعة أوراق الدعوى أن ما أقدم وثبت من تفريغ التسجيلات الخاصة بعبد الرحمن عبد البر على منصة رابعة العدوية وبعض القنوات الفضائية التي احتوت على أربع نقاط من أنها تحتوي على نعت لما أسماه بالانقلاب العسكري، ودعوته للمقاومة، وسب قائد الجيش ووصفه بالخائن”.
ورغم صحة الكلام إلا أنه مبتوت الصلة بأحداث قليوب، ولا يحمل تحريضا مباشرا على قطع طريق بعينه.
وهي كذلك نفس القرائن التي وجهها لـ”عبد الله بركات”، وقال: “إن القرائن تحتوي على 7 مقاطع فيديو، ما بين خطب على منصة رابعة العدوية، وخطب على شبكة يقين الإخبارية، تضمنت ذات المضمون، من نعت ما أسماه بالانقلاب ومن قاموا به، ودعوة للصمود والاستشهاد لعودة ما أسماه الشرعية وعودة مرسي”.
واعترف التقرير أن فتواه قائمة على “الاستنتاج الذي لا يقبل الشك”، وقال: “من المقرر شرعا أن القرينة القاطعة هي ما يستخلصه المشرع من أمر معلوم للدلالة على أمر مجهول، وهي أمارة ظاهرة تفيد العلم عن طريق الاستنتاج بما لا يقبل شكا أو احتمالا، ومنها ما نص عليه الشارع أو استنطبه الفقهاء باجتهادهم، ومنها ما يستنبطه القاضي من دلائل الحال”.
فتاوى الأقليات
وكعادة المفتين المسيسين.. يستدعي ما يريده الحاكم، فتجده يذهب ليهنئ البابا، ويضرب بالأحذية على عتباته هو وشيخ الأزهر، ولا يعطي للمسلمين فتوى في إهانة رموزهم من قبل الأقليات الدينية، بل تجده منحازا للقرار السياسي، فإن وجد أن الأقلية منحازة فعليه بتقديم وحدة الوطن وإنكار المعلوم من الوطن والدين بالضرورة، فالمفتي شوقي علام يزور مسجد السيد البدوي بطنطا، ويؤكد أن “مصر لا تعرف الأقلية الدينية”، وإنما تعرف راية “المواطنة وسيادة القانون التي لا تفرق بين المصريين على أساس الدين أو اللون أو الرأي”.
وكثيرا ما تثبت فتاواه انحيازه، فكثيرا ما يتحدث سواء في حوارات صحفية أو من منطلق ذاته وكأنها جبل يلح عليه ويبرره دون تأصيل.
ففي خطبة الجمعة بمسجد أحمد البدوي بمدينة طنطا، في إطار احتفالات المحافظة بعيدها القومي وأعياد نصر أكتوبر المجيد، قال “علام”: “إن الفتوى المعتمدة من دار الإفتاء المصرية تصدر وفق معايير علمية منضبطة تحقق مصالح البلاد والعباد”.
وتجده يستقبل رموز الشيعة بالأحضان؛ باعتبار أنهم من الأقلية التي لا يجب التمييز ضدها، وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورا للدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، وهو يستقبل العديد من رموز الرافضة “الشيعة”، وعلى رأسهم عبد الأمير قبلان، نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى بلبنان.
وتعجب المتداولون من تلك الصور، متسألين: كيف لمفتي مصر والمسئولين بالأزهر والأوقاف على رأسهم أحمد كريمة وقراء القرءان، أن يسمحوا لأنفسهم باستقبال من يحاربون أهل السنة بل ويقتلونهم في إيران وسوريا والعراق ولبنان، ومن يسعون للقضاء على مذهب أهل السنة، ويسبون رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وأزواجه وصحباته الكرام؟!.
صنعة وحرفة
لم يضع أحد جملة صنعة وحرفة على لسان السيد المفتي، بل اعترف بها مباشرة، حيث قال في تصريحات صحفية: “إن الفتوى “صنعة وحرفة” ولا بد من التدريب عليها”.
وحذَّر الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، من تزايد ظاهرة تصدي غير المتخصصين للإفتاء، مضيفا أن الفتوى «صنعة وحرفة»، ولا بد من التدريب عليها وإتقانها وفق المنهج الأزهري الصحيح.
ولعل تلك الصنعة جعلته يحث “الشعب المصري على المشاركة بقوة وإيجابية في الانتخابات الرئاسية”، ويحثهم على المشاركة في الاستفتاء على الدستور الذي قلص مساحات الشريعة الإسلامية، ويدعي أنه واجب وطني.
دور سياسي
ثم يكافأ الرجل من مؤتمرات في الإمارات ومن مجلات إفريقية، مثل المجلة الفرنسية الماسونية “جون أفريك”- وتعني إفريقيا الفتاة على غرار حركة تركيا الفتاة التي أسسها أتاتورك للقضاء على الخلافة الإسلامية– اختارت الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، ضمن أكثر 15 زعيمًا دينيًّا إفريقيًّا مؤثرًا في القارة السمراء.
وقالت المجلة الفرنسية، “إن فضيلة الدكتور شوقِي علَّام، مفتى الديار المصرية، منذ فبراير 2013، في القائمة وهو المفتِي التاسع عشر في تاريخ مؤسسة الأزهر الشريف، والتي تعد أكبر سلطة دينية لدى السنة، هذا فضلًا عن اضطلاعه بدور سياسي، حيث إن أحكام الإعدام الصادرة في حق أي مواطن مصري ضمن 89 مليون نسمة هم عدد سكان مصر، يجب أن تخضع لاستشارته قبل التنفيذ”.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …