من سرب تفاصيل الاتفاق النووي الإيراني قبل توقيعه؟
باقٍ من الزمان يومان فقط وتنتهي المهلة المحددة لوضع اتفاق نووي مبدئي بين إيران والدول الكبرى (31 مارس الجاري)، في المفاوضات الساخنة المحتدمة التي تجري في مدينة لوزان السويسرية، تمهيدًا لاتفاق نهائي في يونيه المقبل، وسط تسريبات أغلبها اسرائيلية لبعض بنود الاتفاق؛ ما يؤكد ما قيل في تقرير سابق لصحيفة “وول ستريت جورنال” عن تجسس الإسرائيليين على المفاوضات النووية.
والهدف من المفاوضات الجارية منذ نحو 18 شهرًا هو التوصل لاتفاق توقف بموجبه إيران الأنشطة النووية الحساسة لمدة عشر سنوات على الأقل مقابل رفع العقوبات، على أن يكون الهدف النهائي هو إنهاء مواجهة إيران النووية المستمرة منذ 12 عامًا مع الغرب وخفض مخاطر اندلاع حرب في الشرق الأوسط.
المؤشرات الأولية تشير إلى احتمالات كبيرة لتوقيع الاتفاق بين الدول الست الكبرى وإيران، بحسب تصريحات متبادلة من الطرفين، تشير إلى نقاط خلافية صغيرة حول حجم الأبحاث النووية الإيرانية التي ستجري خلال فترة تجميد برنامج إيران النووي السلمي (10 سنوات)، ورفع العقوبات الأمريكية، ولكن بالمقابل هناك حديث غربي عن “تعنت” الجانب الإيراني بشأن عدد من “البنود الرئيسية”؛ الأمر الذي قد يهدد بـ”هدم” الاتفاق برمته، بحسب تقارير أمريكية.
بينما يؤكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنهما “يحاولان التوصل إلى اتفاق إطار بحلول المهلة النهائية التي حددتها القوى الكبرى المشاركة في المفاوضات لتحقيق ذلك بحلول 31 مارس”، وبأن “الطرف الذي يتعين عليه يوم الأحد تقديم التنازلات هو القوى الغربية”.
حيث قال “ظريف” على حسابه على موقع تويتر: “يتعين على كلا الطرفين أن يظهر مرونة في المفاوضات، لقد كنا وما زلنا مستعدين للتوصل إلى اتفاق جيد للجميع، وننتظر أن يبدي نظراؤنا استعدادهم”، وفي المقابل قال مسؤولون غربيون إن إيران هي من يجب أن تسهل التوصل لتسوية بشأن النقاط العالقة المتبقية.
مؤشرات قرب الاتفاق
مؤشرات قرب الحسم واحتمالات كبيرة لإنجاز اتفاق، هي كثيرة: منها إلغاء وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خططًا للسفر إلى بوسطن لحضور احتفال يخلد ذكرى صديقه الراحل السناتور إدوارد كنيدي في ظل تسارع وتيرة المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني.
ومنها تأكيد مسؤولين مقربين من المفاوضات أن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ونظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير يدرسان بدورهما تأجيل زيارة مشتركة كان من المقرر أن يقوما بها معًا إلى كازاخستان للتركيز على إزالة العقبات المتبقية أمام التوصل إلى اتفاق مع إيران، ومنها تصاعد حدة “الصراخ” الصهيوني من إنجاز هذا الاتفاق وحديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأركان حكمه وقادة المخابرات (الأحد): “إن اتفاق الإطار الإيراني النووي الذي تسعى إيران والقوى العالمية الست إلى إبرامه قبل انتهاء مهلة 31 مارس آذار أسوأ مما كانت تخشاه إسرائيل”.
كما أن الاتصالات تسارعت بين قادة الغرب وإيران لحلحلة النقاط الخلافية، ومنها الاتصال الذي جري بين الرئيس الإيراني حسن روحاني والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لبحث “الفجوة بين الطرفين”.
وبعث “روحاني” أيضًا برسالة إلى قادة القوى الست، ومن بينهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وتحدث عبر الهاتف أيضًا مع خمسة من الزعماء الستة باستثناء أوباما.
وقال وزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتاينماير: “أوشكنا على نهاية اللعبة بعد 10-11 عامًا من المباحثات”، وأنه “بالنظر إلى ما وصلنا إليه خلال الأشهر الـ12 الأخيرة، والإرادة الجدية التي أظهرتها الأطراف، فإننا لن نتخلى عن جهودنا للوصول إلى اتفاق”.
ويبدو أن إيران- بعد عملية عاصفة الحزم الخليجية في اليمن والتضييق على حلفائها في العراق وسوريا- أكثر رغبة في إنجاز هذا الاتفاق الذي يضمن لها صفقة مع أمريكا والغرب تتضمن رفع الحصار وإطلاق يدها ونفوذها في المنطقة، رغم أن التعاون معها ضد داعش يعني أن “تحل إيران محل داعش في سوريا، بحسب ما قاله الرئيس التركي أردوغان.
مؤشرات الفشل
مع دخولها “مرحلة الحسم”، ظهرت عقبات جديدة تهدد بانهيار المفاوضات النووية مع إيران، حيث أكد دبلوماسيون أمريكيون وغربيون لـCNN أن المفاوضات بين مجموعة الدول الكبرى وإيران بشأن البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية شهدت مزيدًا من “العقبات”، مع دخول المفاوضات “مرحلة الحسم”.
وتحدثت مسؤولون أمريكيون ومصادر دبلوماسية غربية عن “تعنت” الجانب الإيراني بشأن عدد من “البنود الرئيسية”، الأمر الذي قد يهدد بـ”هدم” الاتفاق برمته، بحسب قولهم.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس للصحفيين: “حققنا تقدمًا في نقاط معينة لكن في نقاط أخرى لم يكن (التقدم) كافيًا”.
كما نفى عدد من المسؤولين الإيرانيين أن تكون إيران على وشك التوصل لاتفاق إطار، وقال دبلوماسي غربي: “تكمن الصعوبة في أن الإيرانيين لا يتحركون بما فيه الكفاية.. يريدون التفاوض باستراتيجية حافة الهاوية وهم بارعون جدًّا في ذلك”.
وتتمحور تلك العقبات، بحسب المصادر، حول مدة وقف الأبحاث النووية الإيرانية ومدى وطبيعة الأبحاث النووية المسموح لإيران بإجرائها خلال فترة تنفيذ الاتفاق، بالإضافة إلى عقبات أخرى ما زالت عالقة بشأن رفع العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية، على خلفية برنامجها النووي.
وقد تحدثت صحيفة “لوموند” عن ثلاث نقاط خلافية هي: (مدة الاتفاق)، أو فترة تجميد البرنامج النووي الإيراني، حيث تدعو أمريكا إلى 10 سنوات، وتطالب فرنسا بـ25 عامًا، و(برنامج والتطوير للملفّ النووي) لضمان عدم تقدم البرنامج الإيراني وعدم تخصيب اليورانيوم بصورة أكثر تقدمًا، و(العقوبات الدولية)؛ حيث تطالب طهران بإلغاء جميع العقوبات المفروضة من الغرب لا مجرد تعليقها، بينما الأوروبيون والأمريكان يتحدثون عن إلغاء العقوبات التجارية دون رفع القرارات الأربعة الّتي تمّ اتّخاذها بين 2006 و2010 من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة ضد إيران والمتعلّقة بأنشطة انتشار النووي.
وقبل الموعد النهائي للتوصل إلى اتفاق بحلول بعد غد (الثلاثاء)، اعترف كبير المفاوضين الإيرانيين، عباس عراقجي، بأن “هناك بعض القضايا التي نعمل على معالجتها”.
وقال المسؤول الإيراني، في تصريحات للصحفيين أوردتها وكالة “فارس”: إن “الجهود تبذل للتقريب في وجهات النظر بين إيران والأطراف المفاوضة الأخرى، بشأن نقاط الخلاف حول البرنامج النووي السلمي الإيراني”، معربًا عن أمله أن يتم تسوية هذه الخلافات خلال الأيام القادمة.
ويعتقد المحللون أن “ظريف” قصد بهذا التلميح أن إيران لن تبدي مرونة أكثر، ولن تعرض تنازلات أخرى من قبلها، وأن كل الثقل الآن يقع في الجانب الغربي كي يتنازل.
أبرز تفاصيل الاتفاق
في نوفمبر 2013 تم توقيع اتفاق بين إيران ومجموعة 5+1 على وقف إصدار عقوبات جديدة على إيران، وإزالة بعض العقوبات بالتدريج في فترة 6 أشهر، مع استمرار المفاوضات حتى “إزالة الغموض بشأن البرنامج النووي”.
وكانت تفاصيل الاتفاق هي تعهد الحكومة الإيرانية بوقف عمليات تخصيب اليورانيوم بنسبة 5%، وإبطال ذخائر اليورانيوم المخصب بنسبة 5% إلى 20%، وعدم إضافة أي جهاز للطرد المركزي في المنشآت النووية، ووقف عمل نصف أجهزة الطرد المركزي في منشأة ناطنز (وسط)، و75% من هذه الأجهزة في منشأة فردو (جنوب طهران)، وأن تكتفي إيران باستبدال أجهزة الطرد المركزي التي يطرأ عليها عطل وتتجنب إنتاج أجهزة أخرى، وتتجنب إنشاء منشآت جديدة لتخصيب اليورانيوم، وأن تحتفظ إيران فقط بتلك الذخائر من اليورانيوم التي تبلغ نسبتها 3.5% وتتجنب التخصيب بأعلى من هذه النسبة، وتقوم بتحويل الذخائر التي تتعدى هذه النسبة إلى “أوكسيد اليورانيوم”، ووقف النشاط في منشأة أراك، خاصة إنتاج الوقود للمنشأة وإنتاج الماء الثقيل، والسماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتفتيش اليومي لمنشآت ناطنز وفردو ومراكز إنتاج قطعات أجهزة الطرد المركزي ومستودعات تخزينها وكذلك تفتيش المناجم في إيران.
وذلك مقابل تجنب إصدار أي عقوبات جديدة ضد إيران خلال الأشهر الستة المقبلة، وإزالة الحظر على شراء وبيع الذهب والمعادن الثمينة، وصناعة السيارات والمنتجات البتروكيماوية، وتصليح طائرات شركات الطيران الإيرانية، وتحرير 400 مليون دولار من أموال إيران في الخارج لتسديد تكاليف دراسة الطلبة الإيرانيين المبتعثين إلى الخارج.
ولكن ما أبرز تفاصيل الاتفاق الجديد بحسب ما تسرب منها من دبلوماسيين وأجهزة استخبارات لوسائل إعلام؟
بحسب دبلوماسيين مشاركين في المفاوضات الجارية في سويسرا، فقد تأكد ان إيران والدول الست توصلت إلى “اتفاق أولى” حول عناصر أساسية في تسوية تنص على أن تحد إيران بشكل كبير من انشطتها النووية، أبرزها “الاتفاق على خفض عدد أجهزة الطرد المركزي لديها بأكثر من الثلثين وعلى نقل معظم مخزونها من المواد النووية إلى الخارج”.
ولا يعرف على وجه الدقة عدد أجهزة الطرد الإيرانية، وعندما سئل الرئيس الإيراني حسن روحاني الشهر الماضي: “لماذا لن تقبل طهران بتحديد عدد أجهزتها للطرد المركزي المستخدمة لتخصيب اليورانيوم بخمسة آلاف وحدة، لتسهيل التوصل إلى اتفاق مع دول مجموعة 5+1؟”، قال: “لن نعلن عدد أجهزة الطرد المركزي”، وأضاف: “لا تذكر معاهدة الحد من الانتشار النووي كم عدد أجهزة الطرد المركزي”.
وسبق هذا إعلان مسؤول إيراني أن طهران ترفض التراجع عن مطلبها الخاص بالإبقاء على 50 ألف جهاز طرد مركزي، وهو عدد يقول مسؤولون غربيون إنه مرتفع للغاية بالنسبة لبرنامج مقتصر تمامًا على استخدام الطاقة النووية في أغراض سلمية، في وقت قيل فيه إن لدى إيران الآن أكثر من 19 ألف جهاز طرد مركزي، رغم أن عشرة آلاف فقط من هذه الأجهزة هي التي تعمل، وتريد القوى العالمية خفض العدد إلى آلاف قليلة تضمن من خلالها ألا تستطيع إيران أن تنتج بسرعة يورانيوم مخصب يكفي لصنع قنبلة نووية.
وبحسب وكالة رويترز فإن اتفاق إيران والقوى الكبرى سيكون من صفحتين أو ثلاث صفحات تشكل الأساس لتسوية بعيدة المدى، وأن الاتفاق سوف يتضمن “أرقامًا رئيسية لأي اتفاق نووي في المستقبل بين إيران والدول الست، مثل الحد الأقصى لعدد وأنواع أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم التي يمكن لإيران تشغيلها، وحجم مخزونات اليورانيوم الذي يمكنها الاحتفاظ به، وأنواع الأبحاث النووية والتنمية التي بوسعها القيام بها، وتفاصيل رفع العقوبات التي شلت اقتصاد إيران”.
ومن بين الأرقام الرئيسية مدة الاتفاقية التي قال المسؤولون إنها لا بد أن تستمر أكثر من عشر سنوات، وفور انتهاء أجل الاتفاقية الرئيسية فمن المرجح أن تكون هناك فترة من المراقبة الخاصة للأمم المتحدة للبرنامج النووي الإيراني.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت أنها تدرس السماح لطهران بتشغيل مئات من أجهزة الطرد المركزي في موقع كان قد أنشئ سرًّا في ثكنة محصنة تحت الارض في مقابل قيود على عمل أجهزة الطرد المركزي والبحث والتطوير في مواقع أخرى.
بحيث تسمح (المقايضة) لإيران بتشغيل عدة مئات من الأجهزة في منشأة فوردو، التي ستخضع للتفتيش الدولي، وفقًا لمسؤولين غربيين مطلعين على تفاصيل المفاوضات الجارية حاليًّا، في المقابل، سيطلب من إيران تقليص عدد أجهزة الطرد المركزي التي تشغلها في منشأة ناطنز، وقبول قيود أخرى على أنشطة نووية أخرى ذات صلة.
وقال المسؤولون إنه بدلاً من اليورانيوم الذي يمكن تخصيبه ليكون نواة انشطارية لسلاح نووي، فإن أي أجهزة طرد مركزي سيسمح بها في فوردو سيتم تغذيتها بعناصر مثل الزنك، أو الزينون أو الجرمانيوم لفصل النظائر المشعة المستخدمة في الطب والصناعة والعلوم، كما أن عدد أجهزة الطرد المركزي لن يكون كافيًا لإنتاج كمية اليورانيوم اللازمة لإنتاج سلاح في غضون عام.
أما ما ستحصل عليه إيران بالمقابل فهو رفع الحظر عن أموالها في البنوك الأمريكية، ومكاسب اقتصادية وتكنولوجية، حيث يتيح الاتفاق تنفيذ خطة تدريجية لرفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران، مع وجود إمكانية إعادة فرضها إذا لم تحترم ايران الاتفاق، وقد ألزم “قانون مراجعة اتفاق ايران النووي” الذي تم إقراره في 26 فبراير 2015، الرئيس أوباما بأن يقدم إلى الكونجرس نص أي اتفاق في خلال خمسة أيام من التوصل إليه مع إيران، كما حظر عليه أيضًا تعليق أو إلغاء عقوبات أجازها الكونجرس لمدة 60 يومًا بعد التوصل لاتفاق، وذلك حرصًا من الكونجرس على توفير آلية مراجعة مسؤولة، تعطي فرصة لإقرار الموافقة أو عدمها على الاتفاق، قبل أن تتمكن الإدارة من محاولة إلغاء هذه العقوبات.
ولكن لا يعرف حجم التنازلات الغربية فيما يخص العقوبات والحصار الدولي، حيث تطالب إيران- وفق تعليمات المرشد الأعلى علي خامنئي- برفع العقوبات دفعة واحدة وبشكل نهائي أو على الأقل بفترة زمنيه قصيرة جدًّا، أما أبرز المكاسب فهي:
• النفط، الذي يمكن أن يصل انتاجه إلى أربعة ملايين برميل يوميًّا في أقل من ثلاثة أشهر بعد رفع العقوبات، وارتفاع عائدات النفط المقدرة بـ25 مليار دولار في موازنة 2015، إلى نحو 100 مليار دولار في 2017، مقارنة بنحو 120 مليار عائدات العام 2011.
• السماح لإيران بالعودة إلى النظام المالي العالمي، بما يشمل كافة العمليات المصرفية، لا سيما التي تتعلق بمدفوعات صادرات النفط ومختلف الصادرات من المنتجات الإيرانية بالعملات الحرة وخصوصًا الدولار الأمريكي واليورو الأوروبي، وكذلك مدفوعات إيران قيمة مستورداتها من مختلف دول العالم بعد “فك” عزلتها الاقتصادية، مع العلم أن إيران كانت في ظل العقوبات تلجأ إلى التحايل في مدفوعاتها الخارجية ومقبوضاتها باعتماد نظام المقايضة وقد ترتب لها ديونًا مع الدول المستوردة للنفط بمليارات الدولارات.
• عودة إيران إلى التعامل مع مؤسسات التمويل الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وكذلك بنك الاستثمار الاوروبي، والحصول منها على قروض مختلفة وبشروط متعارف عليها في العلاقات الدولية.
• عودة الاستثمارات الخارجية المباشرة في التدفق إلى إيران بما فيها استثمارات شركات النفط الاجنبية، وشركات إنتاج السيارات التي ترغب في استعادة مكانتها في تطوير الصناعة الإيرانية.
• دعم احتياطي البنك المركزي البالغ حاليا نحو 62 مليار دولار، وكان يفوق المائة مليار دولار قبل العقوبات، ومن شأن ذلك أن يوفر الدعم والحماية للنقد الوطني واستعادة قيمته السابقة حيث كان الدولار الأمريكي يعادل 12 ألف ريال، وفي الوقت نفسه يخفض التضخم إلى أقل من 15%.
من سرب الاتفاق؟
كان من الواضح أن الجهة التي سربت تفاصيل عن هذا الاتفاق السري الذي لم يعلن بعد، هي صاحبة المصلحة في إثارة ضجة حوله لإفشاله من جهة، أو لتمهيد السبل لإفشال توقيع الاتفاق النهائي في يونية المقبل، وهذه الجهة يرجح أنها الدولة الصهيونية؛ لأنها هي التي تحدثت عن تفاصيل “سيئة” في الاتفاق، كما أن معلومات استخبارية أمريكية أثبتت أنها كانت تتجسس على تفاصيل الاجتماعات، وهو ما لم ينفِه كتاب صهاينة معتبرين أن هذا “حقهم”!.
فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف اتفاق الإطار الإيراني النووي الذي تسعى إيران ومجموعة (5+1) لإبرامه قبل انتهاء مهلة 31 مارس، بأنه “أسوأ مما كانت تخشاه إسرائيل”.
وقال لمجلس وزرائه (الأحد) 29 مارس: “هذا الاتفاق كما بدأ يتضح يجسد كل مخاوفنا بل أكثر من ذلك أيضًا”، واتهم نتنياهو طهران بمحاولة “غزو الشرق الأوسط بأكمله” في الوقت الذي تسعى فيه لتصنيع سلاح نووي، حذروا- مع وزرائه- مما أسموه “اتفاق استسلام”، وجهات سياسية مقربة منه بدأت تهاجم أوباما وكيري بشدة.
وعندما ذهب نتنياهو ليخطب في الكونجرس أوائل مارس الجاري متحديًا البيت الأبيض، قال إنه سيكشف في خطابه “تفاصيل الاتفاق النووي الذي دخل مرحلته النهائية”، وسط مخاوف وتحذيرات من مسؤولين بارزين بالإدارة الأمريكية من تداعيات الكشف عن مثل هذه المعلومات، ما يؤكد أنه يعلم التفاصيل أولاً بأول.
ووقتها قيل إن نتنياهو بصدد الكشف عن “معلومات حساسة في الاتفاق” الذي يجري بلورته بين إيران والغرب حول الملف النووي، ما دعا المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش آيرنست للتحذير قائلاً: “كشف تلك المعلومات سيؤثر على الثقة مع حلفائنا، وهو سلوك مخالف للثقة التي بيننا وبين حلفائنا”.
أيضًا بدأ أنصار إسرائيل (يهود الكونجرس) في إطلاق الصرخات من توقيع الاتفاق، وآخرها إصدار الحاخام اليهودي شموئيل بوطاح، عضو الحزب الجمهوري، بيانًا شديدًا نشره في صحيفة نيويورك تايمز ضد أوباما، ساوى فيه بين ما قال إنه “تنازل أوباما أمام إيران”، وبين “تنازل بريطانيا أمام ألمانيا النازية” قبل الحرب العالمية الثانية.
وتحدثت صحف إسرائيلية عما قالت إنه “توحد الآراء في إسرائيل بين معظم المنظومة السياسية، بالإضافة إلى العديد من وسائل الإعلام وراء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وضد أوباما”، حيث نُشرت مقالات متشابهة تهاجم “تصالح أوباما” مع إيران، حتى في صحيفة “يديعوت أحرونوت” التي تكثر من مهاجمة نتنياهو، وأيضًا في صحيفة “إسرائيل اليوم” المتطرفة الداعمة له.
فقد كتب محلل “يديعوت أحرونوت”، ألكس فيشمان يقول: “من المشكوك فيه إذا ما سيتم في المستقبل ذكر أوباما أو كيري بأنهما قادا هذه الخطوة، ولكن إرث الخراب الذي تركاه خلفهما في الشرق الأوسط سيرافقنا لسنوات طويلة”.
أيضًا حذر وزيران إسرائيليان، من الاتفاق النووي، وقال وزير الداخلية المنتهية ولايته جلعاد أردان إنه في حال التوصل إلى اتفاق الثلاثاء المقبل، فإن “إسرائيل ستعيد تقييم كاملة لسياستها الأمنية”، مشيرًا إلى إمكانية أن “تشارك دول مثل السعودية وغيرها في المنطقة، في سباق تسلح نووي بعد الشعور بالخطر من إيران”.
وقال لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه: “توجد فرص قوية لإبرام اتفاق مبدئي في غضون يومين، ولكن توقيع الاتفاق النهائي من المرجح أن يحدث في أواخر يونيو، ما يعني أنه سيتوفر وقت لبذل مساع دبلوماسية، والكونجرس الأمريكي قد يكون العقبة الأخيرة لرفع العقوبات عن إيران بعد التوصل إلى اتفاق”.
أيضًا ندد وزير الاستخبارات يوفال شتاينتز بما وصفه بـ”الاتفاق السيئ المليء بالثغرات”، وقال “لسنا الوحيدين الذين لديهم هذا الموقف، توجد شكوك جدية في الولايات المتحدة وأوروبا وفرنسا وبريطانيا”.
التجسس الصهيوني على المفاوضات
ولكن يظل السؤال: كيف علم نتنياهو ووزراؤه بأن الاتفاق “سيئ”، وأنه “مليء بالثغرات”؟!
هنا نشير لتجسس اسرائيل على مباحثات أمريكا النووية مع إيران، والذي تحدثت عنه صحيفة “وول ستريت جورنال” قائلةً: إن إسرائيل قد تجسست على المحادثات، وفقًا لمسؤولين كبار في البيت الأبيض.
فالصحيفة الأمريكية قالت إن هذا التجسس هو “جزء من خطة أوسع يتبعها رئيس الحكومة الصهيونية “نتنياهو” لاختراق المحادثات النووية وجمع معلومات لإفشال الصفقة، وأن إسرائيل “جمعت بيانات موجزة وحساسة من ملفات إعلامية سرية للولايات المتحدة ومن بث استخباراتي في أوروبا”.
وقالت إن البيت الأبيض كشف التجسس الإسرائيلي عندما اعترضت وكالة الاستخبارات التي تتجسس على إسرائيل اتصالات بين مسؤولين إسرائيليين يحملون معلومات تعتقد الولايات المتحدة أنهم استطاعوا الوصول إليها فقط من خلال التجسّس على المحادثات النووية.
ورد الفعل الصهيوني جاء مبررًا التجسس بأن الولايات المتحدة وإسرائيل “تتجسسان على بعضهما بعضًا”!.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …