‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير معبد ميت رهينة يفضح الإهمال فى “عاصمة مصر”
أخبار وتقارير - نوفمبر 2, 2014

معبد ميت رهينة يفضح الإهمال فى “عاصمة مصر”

لم يكن “محمد عبد النبي” يتوقع حين قام بالتنقيب عن الآثار لتحقيق ثراء سريع أنه يقوم بالتمهيد لاكتشاف مقبرة تاريخية مهمة تكشف جانبًا من تاريخ مصر فى منطقة تعوم على بحر من الآثار وفقًا لتأكيدات أثاريين متخصصين.
وكما كشف “عبد النبي” الذى يعمل محاميًا، عن جانب من التاريخ فقد كشف أيضًا عن جانب لا يقل عنه أهمية من الإهمال والفوضى التي تعانيها الآثار في واحدة من أهم مناطق مصر سخاء وثراء أثريًا، وأكثرها إهمالاً وتسيبًا من جانب المسئولين والأهالي على حد سواء.
وكانت المصادفة هي السبب الوحيد لاكتشاف معبد كامل يرجع إلى تحتمس الثالث بمنطقة “العزيزية” بالقرب من”ميت رهينة” التى كانت عاصمة مصر خلال فترة من الزمن . و”العزيزية ” هى المنطقة التى شهدت أحداث قصة النبى يوسف مع العزيز، وتقع المنطقة التى تم فيها الحفر فى منطقة تعرف بأنها “حوض زليخة” نسبة إلى زوجة العزيز التي راودت النبي عن نفسه فاستعصم.
وكانت حجة المحامي الذي قام بالحفر هي تركيب “طلمبة” في الأرض التي يملكها، بما يعني أن أحدًا من المسئولين لم يعرف أن المنطقة تحتوى على آثار سوى على يد أحد الأهالي، وهو الأمر الذى يتكرر “الحفر” بشكل شبه يومي؛ حيث يتم من جانب الأهالي في تلك المنطقة بشكل مستمر، سواء بأنفسهم، أو عن طريق تجار آثار محنكين يقومون بتحديد الأماكن التي يتوقع أن تحتوى على آثار، ثم يتم الحفر داخلها تحت أي ذريعة، فى ظل تغافل كامل من جانب قوات الأمن التي لا يقترب منهم أحد من “الحفار” الذين يحيطون المنطقة بكافة عناصر الأمان ، بدءا بـ”الناضورجية” وليس انتهاء بالرصاص الذي يكون من نصيب من يتجرأ على الاقتراب من منطقة الحفر.
تحرك متأخر
وعقب إبلاغ صاحب الأرض عن وجود آثار فى المنطقة التى يحفر بها “قامت شرطة السياحة والآثار بإقامة كردون حول مكان المعبد المكتشف للبحث والتنقيب، لاستخراج تمثال جرانيتي لأحد قادة جيوش العصور الوسطى من منطقة حوض الملك العزيز بجوار حوض السيدة زليخة، كما قامت سيارات شفط المياه بسحب المياه من موقع الحفر، وقام الأثريون باستخراج 6 لوحات جدارية للملك تحتمس الثالث، إضافة إلى تمثال الملك، وتم نقل القطع الأثرية التي تم العثور عليها بالمقبرة إلى مخازن سقارة “.
ولم تكن تلك المرة الأولى التي يطرح فيها هذا الشخص نفسه وأرضه على السطح؛ حيث سبق أن تحرر محضر لنفس الشخص فى شهر مايو الماضي بتهمة الحفر”خلسة” في أرضه بحثًا عن الآثار، مع آخرين، إلا أنه تم إخلاء سبيلهم بسبب عدم تمكن المسئولين وقتها من تحديد مدى وجود شواهد أُثرية في الحفرة التي تم اكتشافها حينئذ، – وفقًا لما أكده الأثري عفيفي رحيم، رئيس لجنة الكشف على محتويات المعبد الأثري بميت رهينة، ما دفعهم لاستكمال الحفر، حتى تم التوصل إلى هذه المقبرة الأثرية، والتي تم نهب معظمها قبل أن يلجأ أحد الذين كانوا يقومون بالحفر إلى إبلاغ الجهات المختصة.
اللافت أن المحامى صاحب الأرض تمكن من مواصلة أعمال الحفر حتى استخراج آثار، واتجه إلى مباحث الآثار وحرر محضرًا بعثوره على تمثال ولوحات أثرية، ودفنها في الطين، فيما أشار المستشار رامي منصور رئيس نيابة البدرشين في تصريحات صحفية إلى أنه أبلغ الجهات المسئولة نتيجة خلاف بينه وبينه باقي أطراف التنقيب. كما لفت إلى أن عمليات الحفر كانت تتم من خلال توجيهات برلمانيين سابقين رفض تحديد أسمائهم .
محتويات رائعة
ويستعرض “رحيم” محتويات المقبرة ” التي تتكون من: تمثال على هيئة ملك من الجرانيت طوله نحو مترين، ورأس التمثال غير واضح المعالم ويكاد يكون مهشمًا، كما أن ذراعيه مفقودان، وخرطوش منقوش على صدر التمثال لم يتسنَ التأكد من مضمونه، خاصة أن التمثال مغطى بالتراب والطين، تم نقله إلى مخازن آثار سقارة، لحين التعامل معه بأسلوب علمي حتى لا يصاب بأي تشققات أو خدوش” ، إضافة إلى “6 لوحات من الحجر الجيري عليها نقوش وزخارف وكتابات هيروغليفية، ومن ضمنها خرطوش يحمل اسم الملك تحتمس الثالث”.
وقررت النيابة نزع الأرض، وضمها لأملاك الدولة بعد نهب المعبد، الذي يعود إلى عهد الأسرتين الـ18 والـ19 الفرعونيتين، عدا تمثال أثرى لأحد الملوك وزنه 4 أطنان، رفعته شركة المقاولون العرب لوضعه ضمن قطع أثرية أخرى بمتحف سقارة.
الإهمال قديم
المسئولون فى وزارة الآثار لم يلتفتوا للمنطقة إلا بعد الثور “المصادف” على المقبرة، وكأن المسئولين فى وزارة الآثار لم يتذكروا أن هناك منطقة من أهم مناطق مصر اأثرية تضم كنوزا أثرية ، إلا بعد وقوع الكارثة ؛ حيث أعلنت الإدارة المركزية للصيانة والترميم بوزارة الآثار البدء في أعمال ترميم آثار منطقة ميت رهينة ، بدءا بتمثال أبو الهول بالمتحف المفتوح بميت رهينة ، كما يتم إزالة الاستكمالات الخاطئة التي تمت بمون غير مناسبة وضارة بمادة التمثال، تتمثل في مونة الأسمنت، والتي استخدمت قديما لملئ الفجوات التي أحدثتها عوامل التعرية، بمون أخرى مناسبة وغير ضارة بمادة تمثال أبو الهول.
ولا يتوقف الإهمال عند ذلك الحد؛ حيث تنتشر المستنقعات في كافة أنحاء القرية، وتنتشر التعديات على الآثار في ظل تراخي المسئولين في ملاحقة المعتدين، كما تتكرر السرقات بشكل دوري في منطقة آثار ميت رهينة من عصابات بالتعاون مع بعض الأهالي.
وتمتلئ القرية بالحكايات التي لا تنتهي عن “الجعارين” التي كان أهالي يعثرون عليها خلال عمليات الحفر البسيطة، والتي يبيعها الأطفال في الشوارع بملاليم.
إضافة إلى قطع الآثار التي تم بيعها، والتي حولت عشرات الأسر في “ميت رهينة” من حياة الفقر والعدم إلى الثراء الفاحش وهناك نماذج محددة يعرفها الأهالي مثل أحد أبناء القرية الذى كانت أمه تبيع “الطعمية ” أمام البيت، فأصبح بعد وساطته في الآثار إلى أحد الأثرياء بين يوم وليلة، إضافة إلى تاجر آخر أصبح يملك العديد من العقارات والمحلات الكبيرة بسبب تجارة الآثار.
كنز منسي
تقع منطقة ميت رهينة الأثرية ضمن جبانة منف، التي تعد موقعا على قائمة التراث العالمي، ويوجد بها عدد من المعالم الأثرية أهمها المتحف المفتوح، الذي يشمل تمثال عملاق لرمسيس الثاني، وتمثال آخر مصغر لأبو الهول ، إضافة إلى معبد “بتاح” الذى يمكنك أن تصل إليه بسهولة إذا تتبعت أكبر مقالب القمامة والمياه القذرة فى القرية . لأنه – باختصار- المكان الوحيد الذى لا صاحب له ، فتقوم السيدات بالإلقاء فيه دون الخشية من صراخ أصحاب الأرض .
وتقع ميت رهينة على أطلال العاصمة القديمة “ممفيس” ، التى ذكر هيرودوت أنها تأسست عام 3150 قبل الميلاد على يد الملك مينا ، الذي وحد الممالك اثنين من مصر ، وتعتبر أول ملك في التاريخ المصري.
وتضم ميت رهينة العديد من المعالم الأثرية التى يتجمع عدد منها داخل متحف موجود فى مدخل القرية ، فيما توجد باقى المعالم خارجه ، وعلى رأس تلك المعالم : معبد الإله بتاح ، الإله المحلى لهذة المنطقة ، معظم عناصره المعمارية ترجع لعصر الملك رمسيس الثانى ( 1304 – 1237 ق.م ) .
* التمثال الضخم للملك رمسيس الثانى ، طولة حوالى 11 مترا ويزن حوالى 100 طن .
* تمثال أبو الهول من الألبستر ( يرجع للدولة الحديثة ) وطولة حوالى 8 أمتار ويزن حوالى 80 طناً .
* منطقة كوم الخليل وبها بقايا قصر الملك مرنبتاح ( 1213 – 1203 ق.م ) وبها معبد صغير للإله بتاح .
* بيت التحنيط للعجل أبيس الذى يعد بمثابة التجسيد الحى للإله بتاح وقد شيده الملك شاشانق الأول ( 945 – 924 ق.م ) .
* أطلال قصر إيزيس ( الأسرة 26 ) (589 – 570 ق.م ) .
* مقصورة الملك سيتى الأول ( 1305 – 1290 ق.م ).
وتقع ميت رهينة الآن على بعد 20 كيلو مترا جنوب القاهرة على الضفة الغربية لنهر النيل ، وتتميز بأنها المكان الذى تم فيه اكتشاف تمثال رمسيس الثانى الذى ظل رابضا فى ميدان رمسيس فترة طويلة إلى أن تم نقله إلى ميدان الرماية عند مدخل الأهرامات بالجيزة . وهى الآن تتبع مركز البدرشين بمحافظة الجيزة ، ووفقا لإحصاءات عام 2006، فقد بلغ إجمالي سكان القرية 23187 نسمة .

 

3111111

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …