‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير شرم الشيخ.. قليل من الاقتصاد كثير من السياسة والسخرية
أخبار وتقارير - مارس 14, 2015

شرم الشيخ.. قليل من الاقتصاد كثير من السياسة والسخرية

باستثناء السعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان التي أعلنت تقديم حزمة مساعدات استثمارية لمصر على مدى الفترة المقبلة تتمثل في 12.5 مليار دولار، لن يدخل منها فعليًّا للبنك المركزي سوى ملياري دولار من الإمارات في صورة وديعة لتعويض وديعة قطر المسحوبة، فقد غلبت السياسة والنكتة والسخرية على العديد من خطابات المسؤولين وتعليقات الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي.

فقد استحوذت خطابات المسؤولين الذين حضروا كسياسيين لا اقتصاديين التصريحات السياسية وعرض قضايا بلدانهم وقضايا العرب السياسية، وهو ما ظهر بوضوح في كلمات: رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس مجلس الوزراء اللبناني تمام سلام ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري ورئيس مجلس النواب الليبي المنحل عقيلة صالح ورؤساء الوفود الإفريقية.

ورصد هذا الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، بقوله: “إن الطابع السياسي غلب على الطابع الاقتصادي؛ حيث إن بعض الدول جاءت لتظهر تأييدها للنظام السياسي في مصر، خاصةً أن هناك شخصيات حضرت المؤتمر ولم يكن لديها ما تقدمه اقتصاديًّا”.

وأضاف نافعة أن النتائج الاقتصادية لن تظهر وقتيًّا، وإنما بعد فترة طويلة، مشيرًا إلى بعض الدول العربية مثل السعودية والكويت والإمارات أثبتت استمرار دعمها لمصر من خلال حضورها وضخ مبالغ مالية للاستثمار، ولكنه قال: “إنها (الاستثمارات) جاءت بأقل من المتوقع”.

ففي كلمته ذات الطابع السياسي تحدث أبو مازن عن الاحتلال الإسرائيلي وتغيير هوية وإرهاب مستوطنيه؛ الذي قال إنه “يخلق مناخًا يعزز المزيد من التطرف”، وأشار رئيس وزراء لبنان للأزمات الإقليمية، وتحدث الرئيس المالي “أبوبكر كايتا”، عن الصراع الذي جرى في بلاده والدور الجزائري في وقف هذا الصراع، وتحدث جون كيري عن الأمن المصري، والديمقراطية كأمر حاسم لتطوير منطقة الشرق الأوسط.

أما رئيس مجلس النواب الليبي “عقيلة صالح” فتحدث عن سبب انتشار الفقر فيما تعاني منه الشعوب وكذلك شعبه!، كما أن صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأمريكية تحدثت أمس (الجمعة) عن بعد سياسي للمؤتمر، وقالت: “إن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي لا تسعى فقط خلال المؤتمر الاقتصادي، المنعقد حاليًّا بشرم الشيخ، إلى جذب استثمارات خارجية، وإنما أيضًا تسعى للحصول على دعم دولي من الحكومات”.

المقاعد الخليجية الخالية

كما أنه عقب إلقاء كلماتهم مباشرة انسحبت كل الوفود الخليجية وتركت الرئيس السيسي جالسًا وحوله مقاعد فارغة، بصورة غير لائقة؛ حيث غادرت وفود الكويت والإمارات والسعودية القاعة عقب الانتهاء من إلقاء كلماتهم في الجلسة الافتتاحية مباشرة، وخلت مقاعد الصف الأول على يمين ويسار الرئيس عبد الفتاح السيسي، رغم تواصل الجلسة واستمرار الرؤساء وممثلي الوفود في إلقاء كلماتهم.

فقد غادر أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد بعد أن ألقى كلمته، وتوجه إلى مطار شرم الشيخ الدولي عائدًا إلى بلاده. كما غادر كل من نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وولي عهد السعودية الأمير مقرن بن عبد العزيز، قاعة المؤتمرات بعد إلقاء كل منهما كلمته؛ حيث توجها إلى مقر إقامتهما بشرم الشيخ، بجانب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.

وجاءت مغادرة حاكمي دبي وأمير الكويت أثناء إلقاء الرئيس السوداني عمر البشير كلمته في المؤتمر الاقتصادي!.

مستقبل إسرائيل لا مصر!

وتسببت زلة اللسان التي وقع فيها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في سخرية كبيرة، رغم أن السفارة الأمريكية بالقاهرة أصدرت تصحيحًا له، ولكن بعد انتهاء كلمته، وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بانتقادات ساخرة للخطأ “الأمريكي”، بعدما نسي كيري نطق “مصر” واستبدلها بـ”إسرائيل”، حين قال (على هامش المؤتمر بشرم الشيخ): “إنه ملتزم بإعادة ثقة المستثمر في مستقبل إسرائيل”.

وتسببت تصريحات كيري في حرج شديد للإدارة الأمريكية، أسرعت معه السفارة الأمريكية إلى التبرير بأن سببه قلة النوم وطول السفر وحضور الفعاليات صباحًا، فيما قال النشطاء إنه “الخطأ” يكشف “عن عقيدة لا تخفيها أمريكا، وهي الدعم الكامل لإسرائيل”، وقالوا إنه: “ليس خطأً بقدر ما هو اعتراف بأمر واقع، تحرص أمريكا على تأكيده في كل مناسبة”.

وقد رصدت وكالة “الأسوشيتد برس” الأمريكية للأنباء حرص وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على القول للسيسي، في اجتماع الغرفة الأمريكية على هامش المؤتمر الاقتصادي: “نعم للاستثمار.. لا للمساعدات العسكرية”؛ حيث جاءت كلمات كيري تشجيعية لجهود مصر في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، لكن دون أي مساعدات عسكرية جديدة كما طلب سابقًا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بحسب الوكالة.

وأشارت إلى أن ما يكبل يدي كيري هو أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لم تقرر حتى الآن ما إذا كانت ستؤكد أن مصر تحقق تقدمًا فيما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان أو أن تضطر للتنازل عن ذلك مقابل أمنها القومي؛ لذا عليها أن تقوم بشيء وفقًا للميزانية الفيدرالية للعام الحالي لإلغاء الحظر عن مئات الملايين من الدولارات في شكل مساعدات عسكرية لمصر.

ووفقًا لمسؤولين أمريكيين عن المداولات الداخلية، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، فإن: “كيري كان يأمل خلال رحلته التي تستمر لمدة 3 أيام في مصر أن يعلن للحكومة عن تسليم طائرات إف- 16 المقاتلة، لكن لم يتم تحقيق خطوة الأمام خلال محادثات البيت الأبيض على مدار الأسابيع الماضية حول المساعدات التي تم تعليقها منذ 21 شهرًا، عندما أطاح السيسي بالرئيس محمد مرسي”.

وتقول الوكالة إن: “الإدارة الأمريكية ترى أن المساعدات ضرورية للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط المتقلبة، لكن في الوقت نفسه لا يمكنها توفير قرابة نصف قيمة المساعدة العسكرية السنوية لمصر (1.5 مليار دولار) بجانب المساعدات المعلقة منذ سنوات، حتى تقوم بأي من شيئين”.

فإما أن تؤكد الإدارة ما تحرزه حكومة السيسي من تقدم في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية والحكم بالقانون، أو أن تطالب الكونجرس بإقرار المساعدات لأنها في مصلحة الأمن القومي للبلاد، والإدارة الأمريكية لديها تحفظات على الخيارين؛ فهي لا تريد دعم قمع الحكومة المصرية، التي جاءت في أعقاب الانقلاب، للمعارضين السياسيين والتي بدأت بقتل وحبس اﻵلاف، فضلاً عن المحاكمات الجماعية والأحكام بالإعدام.

مديرة “النقد” تستشهد بأغنية أم كلثوم

واستهلت كريستين لاجارد العضو المنتدب لصندوق النقد الدولي كلمتها خلال مشاركتها بمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي باستشهادها بكلمات الشاعر أحمد شوقي، التي غنتها المطربة أم كلثوم: “وما نيل المطالب بالتمني”، لافتة إلى أن الأماني والطموحات لا يمكن الوصول إليها من خلال التفكير بل من خلال العمل الجاد وهذا وضع مصر في الوقت الحالي.

وقالت: “مصر تواصل عملها من أجل نمو أقوى ومعايير أعلى للحياة الإنسانية”، بيد أن كلمتها عن “التمني” أثارت سخرية نشطاء واعتبرها البعض رسالة سياسية لحكومة السيسي بدعوى أنها تستند إلى جمع المعونات فقط.

نكات سياسية

وكان عدد من رؤساء ومسؤولي الدول الإفريقية في مقدمة الحاضرين للسخرية؛ بسبب حالة الفقر التي تعيشها الدول الإفريقية وحاجتها للمساعدة لا أن تقدم مساعداتها لمصر، مثل الصومال والسودان ورواندا؛ حيث كتب نشطاء يقولون: “ألف ألف مبروك يا جماعة.. سيتم إنقاذ الاقتصاد المصري أخيرًا: (الصومال) و(السودان) تقرران المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ لدعم الاقتصاد المصري!”، و”بتسوانا مش مشاركة.. اللهم لطفك باقتصادنا”.

شرم الشيخ “منطقة خضراء”

أيضًا، انتقد نقيب الصحفيين المصريين السابق والخبير الاقتصادي “ممدوح الولي” إعلان مصر غلق مدينة شرم الشيخ من الخميس الماضي أمام المصريين والسياح، بدعوى استقبال ضيوف المؤتمر الاقتصادي، واصفًا القرار بأنه “يخلق منطقة خضراء جديدة على غرار العراقية“.

وقال “الولي” إن: “المنطقة الخضراء بالعراق هي منطقة جغرافية محدودة، قام الاحتلال الأمريكي للعراق بتأمينها عسكريًا وتخصيصها كمقر للسفارة الأمريكية وسفارات الدول الأخرى، واستمرت الحكومات العراقية في استخدامها كمقر للحكومة وللوزارات والجهات الحكومية والبعثات الأجنبية”.

وأضاف: “وها نحن نحول شرم الشيخ إلى منطقة خضراء مصرية؛ حيث تم تأمينها من قبل قوات الجيش والشرطة بشكل مكثف قبل انعقاد المؤتمر الاقتصادي، لدرجة منع سياحة المصريين بشرم الشيخ في فترة المؤتمر، ومنح غالبية العمالة المصرية بها إجازات إجبارية لحين انتهاء المؤتمر“.

وتساءل الولي: “هل سيقيم المستثمرون الحاضرون للمؤتمر مشروعاتهم المتوقعة في المنطقة الخضراء، أقصد شرم الشيخ، أم في أنحاء البلاد التي يسمعون عن توالي الانفجارات بها، ويعرفون أن المدرعات منتشرة في شوارعها حاليًا؟“.

وأعرب عن اعتقاده أن: “الاستثمار لن يعود إلا إذا تحولت كل مصر إلى مناطق خضراء، ليس بالتأمين الشرطي والعسكري والاعتقالات، وإنما بالتأمين الديمقراطي وعدم الإقصاء وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية، ومحاسبة الفاسدين والقتلة والإرهابيين الحقيقيين“.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …