‫الرئيسية‬ منوعات “يارا نجم”.. الحلم الذي اغتالوه
منوعات - مارس 12, 2015

“يارا نجم”.. الحلم الذي اغتالوه

الفتاة المرحة البشوشة التي تبدو أصغر من سنها، وتحمل بداخلها كل الأحلام التي تحرص على الحياة، لم تكن تعلم أنها لن تحظى بحفل كبير لعيد ميلادها العشرين كأبسط أمنياتها، أو أن ترى والدَيْها حولها مرة أخرى.

يارا طارق نجم، الفتاة ذات الـ19 عاما، التي تمتلئ صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» بصور «السلفي»، التي تجمها مع أصدقائها في الجامعة الألمانية بالقاهرة، حيث تدرس بالفرقة الأولى بكلية الهندسة.

استيقظت في ساعة مبكرة من اليوم كعادتها، تُقبِّل يد جدها الذي تعيش معه هي وشقيقتها، وتودعه بابتسامة رقيقة تملأ وجهها البريء، تتلاحق المشاهد حولها، وهي لا تعلم أنها الأخيرة، قبل أن يدهسها أوتوبيس جامعتها، ليُسدل ستار النهاية على حياتها التي لم تبدأ بعد.

لم تكن الساعة قد تجاوزت الخامسة مساءً، عندما بدأت «يارا» الاستعداد لرحلة العودة إلى منزلها بأوتوبيس الجامعة، يأتي الأوتوبيس مسرعا، وتسقط “يارا”.

يسمع الطلاب صوت تحطم جمجمة الفتاة الصغيرة، تتعالى الأصوات مطالبة السائق بالتوقف، يتوقف ولكن بعد فوات الأوان، فالدماء أعلنت النهاية.

وبالرغم من أن نبضها المتسارع أعطى المحيطين أملا في حياتها، فإن الإهمال قرر وفاتها للمرة الثانية، بعد أن فرغت حقيبة طبيب الجامعة من أي أدوات إسعاف أولية، وبعد أن تأخرت سيارة الإسعاف، لتكتب الدماء شهادة وفاتها بعد وصولها للمستشفى.

بريد إلكتروني يحمل في طياته مشاعر «الأسي والحزن»، يصل لعائلة الفتاة التي تعمل في قطر، في محاولة لتوفير الحياة الكريمة لبناتها ومصاريف الجامعة الباهظة، يبلغهم بوفاة ابنتهم الكبري دهسا تحت عجلات أوتوبيس الجامعة الذي حدث «بالخطأ التام»، لتتساقط الأموال التى سعى الأب والأم لجمعها دون قيمه أمام موت ابنتهما التي تركاها مع جدها في مصر، وسافرا إلى قطر بحثا عن المادة التي لم تمنحهما الفرصة لرؤية «يارا» مرة أخرى.

جنازة بسيطة، معظمها من طلاب لم يتجاوزوا عقدهم الثاني، حضرها رئيس الجامعة وهيئة التدريس واتحاد الطلاب بمسجد السلام بمدينة نصر، التي شهدت لقاء «يارا» الأخير بأصدقائها قبل دفنها في مقابر العائلة بـ«الوفاء والأمل» بمدينة نصر.

وما بين إضراب زملائها في الجامعة بحثا عن حقها، وتصريحات رئيس الجامعة الطفولية، ومشاعر الفقدان التي قتلت والديها أحياء، والتحفظ على السائق وحده تمهيدا لإحالته للنيابة، فإنه من المؤكد أن الدم الذي صبغ الأرض بلون قاتم، يبدو أنه لن يزول بسهولة، على الأقل لن يمحو مشهد دهس «يارا» من أذهان زملائها، بعد أن حرم أهلها من وداعها إلى الأبد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …