‫الرئيسية‬ مقالات بعض أساطير التحالف الإيراني
مقالات - مارس 11, 2015

بعض أساطير التحالف الإيراني

عندما تأخذ دولة ما أو حزب أو قائد موقفا بائسا يتعارض تماما مع المبادئ التي يعلنها، فسيكون من الطبيعي أن يشرع في تدبيج الأكاذيب الرامية إلى تبرير ما يفعل، وهذا هو بالضبط ما حصل مع إيران وأتباعها في المنطقة منذ اندلاع ثورة سوريا وحتى الآن، وزاد الأمر سوءا مع أحداث العراق التالية بسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل ومناطق أخرى، وصولا إلى احتلال الحوثيين لصنعاء وسيطرتهم النسبية على اليمن.

من يتابع الإعلام الإيراني، وما يدور في فلكه من إعلام عراقي ولبناني يصاب بالدهشة من ذلك الكم من الهراء الذي يتدفق، ليس من خلال تقارير ورسوم وأخبار كاذبة وحسب، بل أيضا (وهنا المفارقة) من خلال تصريحات لسياسيين ورجال دين من العيار الثقيل، لا يُعرف كيف يقبلون على أنفسهم ترديد ذلك الهراء على مسمع ومرأى من العالم أجمع، فضلا عن نشره من خلال وكالاتهم الرسمية.

لا يخطب الجمعة في طهران أي أحد، فهي منبر للمحافظين يبثون من خلاله رسائلهم السياسية الأسبوعية، وحين يصل الحال بأكثر الخطباء هناك أن يرددوا بشكل أسبوعي أن التكفيريين أو تنظيم الدولة يتلقون الدعم من أمريكا والصهيونية والسعودية، فلا شك أننا إزاء ضرب من الهراء لا يقبله عاقل، لكنه المأزق الذي يستدعي الكذب كما سبق وأشرنا.

هذه القصة تحديدا، أي دعم تنظيم الدولة، ومن يسمونهم التكفيريين من قبل أمريكا والصهاينة والسعودية هي من أكثر الاساطير إثارة للدهشة، والتي لا تتوقف عن التردد من خلال منابر وتصريحات التحالف الإيراني، ولا نعتقد أننا في حاجة لأي منطق للرد على ذلك، ليس لأن السعودية هي أكثر المتضررين من هذه المجموعات التي تكن لها العداء، بخاصة تنظيم الدولة، بل أيضا لأن أمريكا هي من أنشأ التحالف لردعها. صحيح أن أمريكا لا تبذل ما يكفي من جهد على هذا الصعيد، لكن الصحيح أيضا أنه لولاها لما هُزم تنظيم الدولة في عين العرب، ولما حيل بينه وبين الوصول إلى بغداد، وما التلكؤ في الضربات سوى جزء من أدوات السياسة لأن أمريكا لا تريد إعادة العراق إلى إيران دون ثمن، والثمن المطلوب هو الاتفاق النووي، مع تفاصيل أخرى بكل تأكيد تتعلق بالحالة الداخلية ووضع العرب السنّة، وبالطبع من منطلق إدراك أن استقرارا لن يحدث من دون إنصاف تلك الفئة.

ثمة أسطورة أخرى هنا تتعلق بالأفكار، ونسمعها يوميا تتردد في إعلام وتصريحات التحالف الإيراني أيضا، وهي أسطورة أن التكفير والقتل يتبع الفكر الوهابي، وينهل منه، وبدأ ابن تيمية يتمتع بخاصية على هذا الصعيد، ربما لأن للرجل موقف خاص من الشيعة، مع أنه لم يكفر عوامهم.

يعلم التحالف إياه أن هذا اللون من العنف لا ينشأ نتاج الأفكار، بل نتاج الظروف الموضوعية، وهي هنا في الحالة الراهنة، طائفية المالكي وبعدها دموية بشار الأسد، بينما كان هذا البرنامج كله في حالة تراجع قبل ذلك. دعك من هنا من جرائم المليشيات الشيعية التي لا يقول لنا أولئك من أي فكر ينهل أصحابها؟!!.

الأسطورة الأكبر التي سقطت ولا زالت تتردد قبل ذلك، هي أسطورة المؤامرة على المقاومة والممانعة، ورمزها الأكبر بشار الأسد، بينما يُفتضح أمام العالم كله موقف أمريكا منه ورفضها التخلص منه، بل رفض المس به بأي حال، وصولا إلى مساعدته من خلال بعض الضربات، بدليل اعتراف بشار نفسه بأنه استفاد من تلك الضربات، وإن شكك كالآخرين في جديتها.
خدمة التكفريين للكيان الصهيوني هي أسطورة أخرى، في حين نعلم أن الكيان يخشاهم أكثر من أي أحد آخر، وبالطبع لأنه لا عنوان لهم يمكن الضغط عليه والتعامل معه، في حين يعلم الجميع أن مَنْ خدمه هم من وقفوا ضد الثورة السورية، وحوّلوا سوريا إلى ثقب أسود يستنزف المنطقة برمتها لصالح الصهاينة.

ثمة أساطير أقل شأنا تتبع ذلك، من بينها أسطورة دعم أمريكا لتنظيم الدولة، وإسقاط السلاح والمؤن له في العراق، وهي قصة تكاد تتكرر يوميا في العراق من قبل سياسيين وأمنيين، بل وصل الحال بنواب حد الحديث عن أدلة؛ لم يبرزوها لنا بطبيعة الحال.

الأسطورة الجديدة هي أسطورة الثورة في اليمن، وهي أسطورة لا تنطوي على كذب وحسب، بل تنطوي على قدر هائل من الوقاحة، إذ يعلم الجميع أننا إزاء أقلية لا تتعدى 10 في المة من السكان سيطرت على البلد بقوة السلاح، هو الذي كان يتلمس طريقه في تجاه استكمال ثورة عظيمة، وكان تحالف تلك الأقلية مع المخلوع الذي ثار اليمنيون ضده، هي الأكثر تأكيدا للفضيحة.

هكذا تتبدى فضائح هذا التحالف وأساطيره بشكل يومي، لكن القوم لا يتوقفون عن ترديدها، كأنهم يعتقدون أن كثرة ترديدها ستحوّلها إلى حقائق، مع أن هذا اللون من الكذب المفضوح لا يزيد الناس إلا ازدراءً لمن يكرره، وأن عاقلا لن يقبله، إلا أن يكون صاحب موقف مسبق تسكنه عقد مزمنة، بعضها طاعن في التاريخ.

من هنا، لم يعد من العسير القول، إن إيران وتحالفها قد أصبحوا في حالة عداء سافر مع غالبية الأمة، بل في حالة حرب حقيقية. والنتيجة أننا إزاء أقلية في الأمة تعلن الحرب على الغالبية، ولن تربحها بأي حال مهما طال أمدها، وإن تسببت في معاناة لا توصف للجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …