‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير صفقة السلاح الروسية المصرية “بروباجندا” لقبول الغرب بقمع السيسي
أخبار وتقارير - فبراير 28, 2015

صفقة السلاح الروسية المصرية “بروباجندا” لقبول الغرب بقمع السيسي

جاء تشكيك مسئولين أمريكيين و”مركز أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي في مزاعم وسائل الإعلام المصرية وتصريحات المسئولين المصريين، بأنه قد تم التوصل مع روسيا لصفقة سلاح ضخمة بقيمة 3.5 مليار دولار، يتم بموجبها تزويد الجيش المصري بطائرات مقاتلة من طراز “ميغ 29″، ومروحيات مقاتلة من طراز “ميغ 35″، ومنظومات دفاع جوية متطورة، ليطرح علامة تساؤل حول: هل عقدت الصفقة فعلا أم أنها “بروباجندا” للضغط على أمريكا التي تهاجم ملف حقوق الإنسان في مصر وتضغط على السيسي؟.

ما قاله المركز الإسرائيلي من تشكيك في الصفقة يضاف لما لاحظته وسائل الإعلام العالمية من انتهاء زيارة الرئيس الروسي بوتين الأخيرة دون حديث سوى عن احتمالات مشاركة روسيا في بناء محطة طاقة نووية دون تفاصيل أو اتفاق نهائي، ويضاف لما أكده القائم بأعمال السفير الأمريكي بالقاهرة مارك سيفيرز، أنه “حتى الآن تلك الصفقة مجرد تقارير من صناعة الإعلام، ولم يعلن الجيش المصري عن أى صفقات عسكرية مع روسيا”.

وتأكيد المسئول الأمريكي أن “الجيش المصري يفضل الأسلحة الأمريكية لأسباب كثيرة، من بينها أن المنتجات والماركات العسكرية الأمريكية هي الأفضل وتتمتع بسمعة جيدة في مصر”.

وكان “ناتالي جولدرنج” من كلية “أدموند وولش” للخدمة الخارجية في جامعة جورج تاون، قد ذكر لموقع “أي بي إس” الأمريكي أن “الولايات المتحدة هي من سلحت الجيش المصري على مدى العقود الثلاثة الماضية، وحتى تستخدم مصر الأسلحة الروسية يجب أن تنقلب رأسا على عقب”.

وذكر الموقع أن ما يثير السخرية هو أن صفقة الأسلحة الروسية كانت بتمويل ثلاث دول عربية لا يمكنهم الاستغناء عن الأسلحة الأمريكية حتى يبقوا على قيد الحياة، وهى “السعودية والإمارات والكويت”، كما أنهم دعموا القاهرة بمبلغ 12 مليون دولار بعد الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين من السلطة، وذلك لتوفير الدعم الاقتصادي للحكومة الجديدة، ومواجهة تهديدات الولايات المتحدة بخفض أو قطع مليارات الدولات الخاصة بالمساعدات العسكرية لمصر”.

الممول الخليجي ألغى الصفقة

كذلك ذكر موقع “ديبكا فايل DEBKAfile الاستخباراتي الإسرائيلي، في 12 فبراير الجاري، أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ألغى تمويل صفقة السلاح المصرية على الأسلحة الروسية، وأبدلها بـ”صفقة فرنسية”، في إشارة للصفقة التي عقدتها القاهرة مع باريس، وتشمل 24 طائرة “رافال” وفرقاطة حربية، وصواريخ MBDA جو-جو، بقيمة إجمالية قدرها 5.5 مليارات يورو (6.3 مليارات دولار)، أي ضعف ثمن الصفقة الروسية (قيمتها 3.2 ملياري دولار)، والتي جرى بالفعل توقيع الاتفاق بشأنها في 16 فبراير الجاري.

وهي الصفقة التي كشفت صحيفة لوموند الفرنسية، في السابع من فبراير الجاري، نقلا عن مصادر دبلوماسية مطلعة، أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ستقومان أيضا بتمويلها بدلا من الصفقة الروسية.

وذكرت مصادر موقع “ديبكا” أن الملك سلمان اتصل بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأبلغه أنه بعد مشاورات مع ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، فإن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تراجعتا عن وعودهما قبل عامين بتمويل صفقة أسلحة كبيرة قيمتها 3.2 ملياري دولار بين مصر وروسيا، مشيرًا لتعويضها بصفقة مع فرنسا، وهذا هو سر التعجيل بها، والتي تقول القاهرة إنها ستصل في أغسطس (موعد افتتاح الفرع الجديد لقناة السويس).

وقالت ديبكا، إن الهدف السعودي من عرقلة الصفقة الروسية مع مصر هو تشديد الحصار على روسيا، في ظل السياسة السعودية الخاصة بالسماح بخفض أسعار النفط العالمية لضرب الاقتصاد الروسي، والضغط على موسكو لوقف دعمها لسوريا وإيران، وأنه بهذه الطريقة ووقف الصفقة المصرية الروسية، سيتمكن الملك السعودي الجديد من عرقلة محاولة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لفتح الأسواق العربية الغنية على صناعة الأسلحة الروسية، وتعويض انخفاض العوائد المالية الروسية التي أدت لانخفاض سعر الروبل الروسي لأدنى مستوياته.

ونوه “مركز أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي إلى أنه لا يوجد ما يؤشر على أنه تم التوافق على بنود الصفقة أصلا، مشددًا على أنه لم يصدر عن المسئولين المصريين والروس أثناء زيارة الرئيس بوتين الأخيرة للقاهرة ما يؤكد التوقيع على الصفقة.

تحالف السيسي مع أمريكا استراتيجي

وكانت الورقة البحثية التي أعدها باحثان من مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي INSS إنسايت، ونشرها في العدد 665 بتاريخ 22 فبراير الجاري بعنوان: “الرئيس بوتين يزور مصر”، قد قللت من أهمية زيارة بوتين للقاهرة، وخلصت إلى أن “نظام السيسي لا ينوي بحال من الأحوال التخلي عن تحالفه الاستراتيجي مع الولايات المتحدة؛ لأن الجيش المصري مرتبط بالسلاح الأمريكي منذ كامب ديفيد”.

حيث أكد الباحثان تسفي مجان وإفرايم كام أن قيادة الجيش المصري غير مستعدة للاستغناء عن المساعدات الاقتصادية الكبيرة التي يتلقاها الجيش المصري من الولايات المتحدة، وأن “محاولة السيسي التقرب من الروس تهدف إلى إرسال رسائل تدلل على تبرم قيادة العسكر في مصر من دعوة الولايات المتحدة للرئيس المخلوع حسني مبارك التنحي بعد اندلاع ثورة 25 يناير، علاوة على ترددها في الاستجابة لمطالب السيسي”.

ويشير تقرير المركز الإسرائيلي للخلافات بين أمريكا والسيسي قائلا، “إن الولايات المتحدة والغرب لا يقبلان ادعاء السيسي بأن جماعة الإخوان المسلمين مرتبطة بعمليات الإرهاب”، ولكنه يؤكد “أن إمكانية أن تصبح روسيا هي المورد الرئيسى لنظام السيسي تئول إلى الصفر”، وشكك في أن تكون السعودية جاهزة لتمويل صفقات السلاح مع الروس، وشدد تقرير
مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي على أن بوتين معنيُّ بتحسين مكانة روسيا في المنطقة، من أجل تقليص تأثير التحولات التي تشهدها منطقة شرق أوروبا، التي لا تخدم المصالح الروسية، وشدد مجان وكام على أن الروس معنيون باستعادة جزء مما فقدوه من مصالح في أعقاب تفجر ثورات الربيع العربي، وهذا ما يفسر حرصها على تعزيز العلاقات مع كل من أنظمة الحكم في سوريا والعراق وإيران.

التكاليف الاستراتيجية المحتملة

وقد حاول “ديفيد شينكر” و”إريك تراجر”، الباحثان في “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني”، أن يشرحا مبكرا الأسباب التي سوف تؤدي لعدم اعتماد مصر تسليحيا على السلاح الروسي بعدما زار السيسي روسيا أولا، وقبل أن يرد بوتين الزيارة، مشيرين إلى “التكاليف الاستراتيجية المحتملة”.

حيث أشارا- في تقرير نشر في 4 مارس 2014- إلى أنه منذ عام 1979، أمدت الولايات المتحدة مصر بتمويل بلغت قيمته نحو 70 مليار دولار، ذهب أكثر من نصفه إلى شراء معدات عسكرية أمريكية، كما تمثل المساعدة الأمنية الأمريكية، التي بلغت قيمتها 1.3 مليار دولار سنوياً، 80% من ميزانية المشتريات السنوية للجيش المصري، وأن “مبيعات الأسلحة تمنح واشنطن درجة محدودة من النفوذ السياسي على- ونظرة ثاقبة داخل- المؤسسة المصرية الأكثر الأهمية المعروفة بغموضها”.

وهو ما يعني أن شراء القاهرة للأسلحة الروسية غير ضروري، وربما يكون محفوفا بالمخاطر، في ضوء التزامات أمريكا المالية المستمرة تجاه مصر، والتي ظلت قائمة منذ اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978، برغم القيود التي فرضتها واشنطن عقب الانقلاب على توريد أسلحة معينة لمصر، مثل تسليم أربع طائرات إف 16، وخمس نظم صواريخ “هاربون” سفن – سفن وعشرات من أطقم دبابات “أبرامز إم وان أيه وان” (“M1A1”) وتسليم عشرة مروحيات “أباتشي” هجومية، ثم أفرجت عن بعضها مؤخرا، خصوصا الأباتشي بهدف دعم الجيش في مواجهة هجمات “ولاية سيناء”.

فقد كان هدف مصر هو الحصول على المروحيات الروسية الهجومية من طراز “روستفيرتول إم أي 35” وطائرات الهليوكوبتر من طراز “إم أي 17” متعددة الأغراض لحين إفراج أمريكا عن الأباتشي.

ولدى مصر بالفعل 100 من هذه الطائرات الروسية إلى جانب مروحيات “إم أي 8” الأقدم التي تعود للحقبة السوفيتية، والتي تشتمل إمكانيات نقل القوات والشحنات وأجهزة إشارة واستخبارات، فضلا عن طائرات هجومية، والأخيرة مجهزة بمدافع من عيار 23 مم وقادرة على حمل قنابل سعة 500 كجم وصواريخ موجهة مضادة للدبابات، وتعمل بعض هذه الأنظمة في سيناء بالفعل.

وفي أواخر يناير 2014 على سبيل المثال، استخدم أنصار بيت المقدس بالفعل صواريخ دفاع جوي محمولة (MANPAD) لإسقاط طائرة من طراز “Mi -17” الروسية، وأفادت التقارير أنها كانت في مهمة استطلاعية فوق شبه الجزيرة، مما أسفر عن مقتل خمسة جنود مصريين.

ولم ترغب واشنطن أو إسرائيل– بحسب “معهد واشنطن”- في إثارة مشاكل حول نقل مروحيات روسية إضافية، حيث إن هناك إجماعا عريضا بأن جهود مكافحة الإرهاب في سيناء التي تضطلع بها مصر قد تستفيد كثيرا من مثل تلك المعدات، بيد أن بنود قائمة المشتريات المعلنة من روسيا لمصر ومنها صواريخ متطورة من نوع S-300 – وكذلك طائرات مقاتلة من طراز ميغ وأسلحة مضادة للدبابات من نوع كورنيت، التي تخشي تل أبيب وواشنطن أن تغير ميزان التوازن العسكري، جعلت واشنطن تتدخل لاحقا وتفرج عن طائرات الأباتشي؛ لأن تسلميها لمصر– كما قالت واشنطن– يخدم “أمن إسرائيل”.

ويشير الباحثان الأمريكيان إلى أنه “يُصر القادة السياسيون والعسكريون المصريون على أنه ليس لديهم أي مصلحة في تخفيض العلاقات مع واشنطن، ويعترفون بأن مصر لا تستطيع أن تستبدل على الفور اعتمادها على الأسلحة الأمريكية حتى لو كانوا يميلون إلى ذلك”.

ولكنهم يحذرون من أن صفقة الأسلحة الروسية- حال إتمامها– “تنذر بتخفيض تدريجي لقدرة واشنطن على السيطرة على نوعية وكمية الأسلحة التي تحصل عليها القاهرة، وعلى الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل في المنطقة”.

وقالوا “إنه إذا كانت مصر تنوي في واقع الأمر الحصول على نظم تغير قواعد اللعبة، مثل نظام الصواريخ “إس 300” وصواريخ “كورنيت”، ينبغي على واشنطن أن تحذر القاهرة من المخاطر التي تشكلها تلك المشتريات على المساعدات الأمنية الأمريكية والعلاقات الثنائية الأوسع، خاصة وأن التعاون الاستراتيجي ومستوى الثقة بين إسرائيل ومصر، وخاصة حول سيناء، “لم يكن أفضل مما هو عليه الآن”، ولكن تغير الوضع القائم قد يقوض من تلك الثقة وربما حتى معاهدة السلام التي تم التوقيع عليها في “كامب ديفيد”.

ويقولان “إن التمويل السعودي لمشتريات الأسلحة المصرية قد أفسد سياسة واشنطن القائمة على ربط المساعدات العسكرية بالإصلاح السياسي، وانطوى على تكاليف قصيرة الأجل لبعض المصالح الاستراتيجية لواشنطن”.

ولكن ما لم يقله الباحثان هو أن ظروف عقد الصفقة الروسية في عام 2014 اختلفت عن عام 2015، فالممولان الخليجيان أصبحا يعانيان– خصوصا السعودية– من ضغوط لتقليص معوناتهما الخارجية؛ بسبب تقلص عوائد النفط، فضلا عن الرغبة في الضغط على روسيا، ولذلك تم تعويضها بصفقة فرنسية.

كما أن واشنطن أعادت تزويد مصر بطائرات الأباتشي، وأفرجت عن الثلث الأخير من المعونات العسكرية المجمد، وعادت العلاقات بينهما بصورة عادية بعدما اختارت واشنطن– بحسب التقارير الغربية– التعامل مع نظام مستقر وقمعي يخدم مصالح إسرائيل، على نظام ديمقراطي يخرج عن طوع السيطرة الأمريكية.

وهو ما يعني أن الصفقة الروسية– التي لم يصدر أي حديث رسمي عنها حتى الآن- تحولت إلى ورقة ضغط و”بروباجندا” إعلامية مصرية؛ للضغط على واشنطن وحلفائها لتقليص نقدهم لملف حقوق الإنسان في مصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …