‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير بالصور.. قسم المطرية سلخانة ومقبرة للأحياء
أخبار وتقارير - فبراير 26, 2015

بالصور.. قسم المطرية سلخانة ومقبرة للأحياء

قرر المستشار بكر عبدالعزيز، رئيس النيابة الهامة بالمطرية، حبس ضابطين من قطاع الأمن الوطني لمدة 4 أيام على ذمة التحقيقات، على خلفية اتهامهما بتعذيب المحامي كريم حمدي محمد، داخل حجز قسم شرطة المطرية حتى الموت، بعد إلقاء القبض عليه مع 3 آخرين بتهمة حيازة بندقية آلية، وإدانته التحريات بالمشاركة في تظاهرات ضد المشير عبد الفتاح السيسي.

وأظهر تقرير الطب الشرعي المبدئي، الذي تسلمته النيابة، أن المجني عليه تعرض لكسر في الضلوع وأصيب بكدمات متفرقة في مختلف أنحاء الجسد، أعاد هذا الأمر فتح ملف قسم المطرية، الذي حسبما أكد بعض الخارجين منه أن “مقبرة للأحياء”، ففي شهر واحد أخرج اثنان من المحكوم عليهم إلى القبور بدلاً من السجن، وقبلهم ثالث خرج هو الآخر على نقالة بعد تلقيهم “جرعة زائدة” من التعذيب خلف أسوار القسم.

3 حالات تسجل شهادات إثبات لما يلاقيه المعذبون حتى الموت داخل قسم المطرية؛ حيث دخلوه أحياءً وفارقوه أمواتًا وعليهم آثار التعذيب فقط في أقل من شهرين؛ فهذا جاء ليتسلم ابنه وآخر حضر ليتسلم أباه، وتلك ثكلى أتت لتتسلم يتيمها ذا الجثمان المشوه، لقد كانت صدمتهم الكبرى حينما فوجئوا بان الوفاة غير طبيعية وأن آثار التعذيب تتراءى لهم من ثلاجة حفظ الموتى!!

كان آخرها الشاب ذو الـ23 عامًا الذي لفظ أنفاسه الأخيرة فجر أول أمس قبل ساعتين من الإفراج عنه، ليأتي والده فيتسلمه جثة على نقالة بدلاً من أن يأخذه بالأحضان فرحًا بالإفراج عنه، وسبقه موظف بوزارة المالية لم يمر على احتجازه بالقسم حوالي 3 أيام حتى ذهب أولاده الأربعة وزوجته ليروه داخل ثلاجة موتى مستشفى المطرية وجثته مشوهة عليها آثار يشيب رأسك حين تسمعها: “لسان مقطوع.. عظام قدم مفتتة.. حتى نن العين ليس موجودًا”.

أما مصطفى، صاحب الـ25 عامًا فكان هو أول ضحايا قسم المطرية حيث كان يضطر لدفع كل ليلة 20 جنيهًا، مقابل تأجير أرضية داخل الزنزانة حتى يتمكن من الوقوف، كما أخبر والدته، وإذا دار بخلده أن يخلد إلى النوم قليلاً، فـهناك “علقة محترمة” تكون في انتظاره، لم يكن يسمح له أحيانًا بدخول الطعام.. لا تعرف والدته كيف مات بسبب كم التشوهات التي بدت عليه وهو داخل ثلاجة الموتى!!.

قتل.. ليلة الإفراج

البداية بـ”أحمد محمد إبراهيم”، صاحب الـ23 عامًا آخر ضحايا السلخانة، ليلة أول أمس كانت هي ليلة الإفراج عنه التي انتظرها والده بفارغ الصبر وأخذ يحلم بها منذ احتجاز نجله الوحيد مدة 26 شهرًا والتي كانت في الأساس 3 سنوات بتهمة سرقة حلق تم تقليصها إلى 26 شهرًا لحسن سير وسلوك أحمد، وفي الوقت الذي كان يستعد فيه الأب للحضور واسقبال ابنه المفرج عنه في الصباح، فوجئ بأنه يهاتفه قبلها بساعات ويستغيث قائلاً: الحقني يابا انا بموت.

يقول الأب: “بعد هذه المكالمة اتصلت بالإسعاف مرتين ولكنها لم تتوجه له، وعلمت أن ابني تعرض للتعذيب، حينما رأيت جثته حيث وجدت على كتفه من الخلف آثار ضرب بشومة أو عصا، ووجهه متورم بالكامل، والجبهة يوجد بها كدمات، ويوجد فتحة برأسه من الجانب الأيمن تشبه “الخُرم” يكاد العظم يظهر من خلالها، وتم نقله إلى مستشفى المطرية، جثة هامدة، رغم أن القسم يزعم أنه لفظ أنفاسه الأخيرة داخل سيارة الإسعاف”.

وتابع الأب: “قسم المطرية مقسم إلى 3 أجزاء:

الجزء الأول: يدفع الأهالي فيه فلوس ليضمنوا معاملة جيدة لأبنائهم

الجزء الثاني: يدفع فيه مبلغًا ماليًّا أعلى

أما الجزء الثالث فخاص بالعالم الغلابة، فقررت أن أدفع لأضمن معاملة جيدة لابني إلا أن أمين شرطة بالقسم نصحني بألا أدفع معللاً ذلك بأنهم في القسم سيعتادون على ذلك، ومن الممكن أن يتمادوا في حبسه فترة ليضمنوا استمرار حصولهم على الأموال، فامتثلت لنصيحته ولم أدفع”.

” احنا من 300 لـ400 واحد يابا قاعدين في أوضة صغيرة” هكذا أخبر الابن والده في إحدى المرات التي توجه فيها الأب لزيارته، ويضيف الأب: قبل وفاته بيوم تقدمت بطلب إلى القسم لنقله إلى قسم السلام، لقربه من منزلنا، فرد على الضابط النوبتجي: “تعالى بكرة الساعة 8 الصبح واستلم ابنك من قسم المطرية”، وأخبرته أن ابني متعب قليلاً بسبب سوء التهوية، وسألته إن كنت أحضر له طبيبًا فما كان من الضابط إلا أن خبطني بإيده بقوة وطردني من القسم.

وكشف الأب أنه انتخب عبد الفتاح السيسي رئيسُاً، قائلاً: “انتخبت السيسي مش عشان يقتل عيالنا.. والداخلية رجعت أسخم من الأول”.

عظام مفتتة

“لسان مقسوم نصفين من بدايته.. وجزء منه مقطوع.. آثار إطفاء سجائر في كل منطقة بجسده يصل عددها إلى 40.. نن العين غير موجود تمامًا.. أحد أظافر قدميه منتزع تمامًا من جذوره.. فك الأسنان مكسور.. عظم قدمه اليسرى شبه مفتت”.. هذا هو المشهد الذي وجد به الأبناء الأربعة أباهم الذي يعمل موظفًا بوزارة المالية داخل ثلاجة حفظ الموتى بمستشفى المطرية، الشهر الماضي بعد نحو 3 أيام من احتجازه داخل قسم المطرية.

كانت الصدمة كبيرة بالنسبة للزوجة كما أخبرتنا، حيث انهارت ودخلت في نوبة من البكاء بمجرد رؤية زوجها بهذا المشهد، لم تكن آثار التعذيب تلك فحسب التي شاهدها الزوجة والأبناء على الأب عزت عبد الفتاح وإنما جاءت النيابة أثناء إثباتها آثار التعذيب لتخبرهم أن هناك أشياء أخرى لم تنتبه لها الزوجة وهي جرح قطعي في آخر فروة الرأس وآخر بالظهر.

“أنا مش هقول غير إن قسم المطرية فيه سلخانة بيعذبوا فيها المسجونين”.. بتلك الكلمات بدأت الزوجة حديثها وهي تسرد وقائع القصة من البداية قائلة: وقعت اشتباكات في شارع أسامة مبارك الذي نقطن به بين عائلتي المهدي والشبك، أسفرت عن قيام العائلة الأولى بفتح بطن أحد أفراد عائلة الشبك وقطع رقبة آخر من ذات العائلة، فما كان من العائلة الثانية إلا أن قامت بحرق واجهة منزل عائلة المهدي المعروفة بين أهل المنطقة بأن بها مسجلين خطر بعضهم على صلة مباشرة مع عدد من العاملين داخل قسم المطرية، وحضرت قوة شرطة من القسم، وسألت أحد القاطنين بالشارع عما حدث إﻻ أنه لم يقل الحقيقة، وكان وقتها زوجي عزت عبد الفتاح يقف في شرفة المنزل، وقال: “يعني هما المرشدين بتوعكوا مش بيوصلوا اللي بيحصل.. كل الناس عارفة أن عيلة المهدي مسجلين خطر”.

واستكمل الابن أحمد 25 سنة الحديث قائلاً: عندما سمع الضابط كلام والدي من الشرفة طلب منه النزول، وبالفعل نزل والدي وقدم له الكارنيه الذي يفيد بأنه بعمل بوزارة المالية في مصلحة الضرائب، وروى له ما حدث، وقتها خرجت سيدات من عائلة المهدى وتوعدوا عم عزت قائلين: “احنا هنوريك يا عزت”.

ويتابع الابن: في اليوم التالي حضر أمين شرطة يدعى “أحمد عيد” وهو معروف أيضًا بأنه على صلة مباشرة بعائلة المهدي، وكان وقتها والدي عائدًا إلى المنزل بعد إحضار وجبة الإفطار لنا كعادته، وحينما دخل الشارع وجد أحد أفراد عائلة المهدي يقول لأمين الشرطة: “ده عزت ووﻻده”؛ فأمسك أمين الشرطة بأبي وفتشه بشكل مهين، فقال له أبي: “أنا لا حرامي ولا بلطجي عشان تفتشني بالشكل ده.. وبعدين أنت مصاحب عيلة المهدي وعارف كل حاجة عنهم”.

ويضيف: “لم يكد أبي ينطق بهذه العبارة حتى أخذ أمين الشرطة يضربه على وجهه ويركله، فنزلت لأدافع عنه فتم اقتيادنا نحن الاثنين إلى قسم المطرية، وهناك لم يتم عمل محضر إثبات حالة، وأخلوا سبيلي واستمروا في احتجاز أبي”.

وأردف الابن: في اليوم الرابع لاحتجاز والدي ذهبت والدتي في الصباح لتعطي له وجبة الإفطار إلا أن القسم رفض استلامها، وفي المساء علمنا بنبأ وفاته، وتوجهنا إلى مستشفى المطرية وفتحنا الثلاجة لنجد جثة أبي مشوهة تمامًا”.

مصطفى الأسواني.. التهمة صفحة فيس

“مصطفى محمد أحمد علي الأسواني”.. أول ضحايا قسم المطرية وتهمته “صفحة على فيس بوك”، ووفقًا لنص التقرير الصادر عن تلك الحالة من مؤسسة “هشام مبارك لحقوق الإنسان” فإن مصطفى أوقعه حظه العثر في ورطة لم يقم منها إلا جثة هامدة حيث كان يجلس في مقهى إنترنت له مشاكل مع قسم المطرية لرفضه الوشاية بالصفحات التي يفتحها زبائنه، فنزلت حملة واعتقلت كلَّ من في “السيبر” بمن فيهم مصطفى، وفي القسم تم توجيه اتهام له بإنشاء صفحات عبر موقع التواصل الاجتماعى تهدد الجيش والشرطة، ونشر 20 صفحة تحمل أسماءهم وتحت عنوان مجموعة “مجهولين”، وتعرض مصطفى للضرب المبرح داخل القسم من جانب الجنائيين وأمناء الشرطة حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.

“مصطفى”.. شخص بسيط كان يعمل بمكتب طباعة، يحلم بأن يتزوج من فتاة أحلامه التي تقدم لخطبتها، وكان على وشك الزواج منها، وهو الابن الأكبرلأسرة بسيطة، سافر إلى ليبيا ومكث بها 9 أشهر ولكنه قرر العودة إلى بلده بعدما رأى أن والدته بحاجة إلى وجوده بجوارها بعد رحيل الأب.

تروي والدته بداية المأساة قائلةً: “عرفت بالصدفة من الجيران أن مصطفى ابني اتقبض عليه وأنه موجود في قسم المطرية، رحت وزرته الزيارة مكملتش دقيقة وكان مضروب وشكله متغير ووشه وارم وكان بينزف”.

20 جنيهًا أرضية

وتتابع: “كل زيارة كان بيطلب مني فلوس وكنت بسيب له 20 جنيهًا ولما سألته الفلوس دي بتروح فين يا مصطفى قال لي إنه بيدفعها أرضية عشان يسيبوه يقف في الزنزانة، ده غير إنهم كانوا بياخدوا الأكل منه ومش بيخلوه ياكل، قعد 8 أيام مينمش ولا حتى يغمض عينه، قالى مش بيخلونى أغمض عينى من كتر الضرب كل ما أغمض عينى ينزلوا ضرب فيا، تعذيب الصبح وبالليل طول النهار يسلطوا المساجين عليهم يضربوهم وبالليل يطلعوهم يتسلوا عليهم”.

وتتابع: في آخر زيارة طلب مني مصطفى ألف جنيه كي يدفعها لأمناء الشرطة عشان يحموه من البلطجية ومحدش يضربه، قالى لو دفعت الفلوس دى محدش هيضربني تاني وهيسيبوني أنام وآكل.

وتستكمل الأم حديثها: “كان قلبه حاسس اني آخر مرة اشوفه مكنش عايز يسيب حضنى وقعدوا يشدوه مني زي العبيد، وقعدوا يضربوا في قدامي ويشتموه ورموا الاكل اللي كنت واخداه.. تانى يوم رحت وخدت معايا الأكل والفلوس.. لطعونى شوية، لما سألت عليه محدش رد على ولاعبرنى! كان ميت بس محدش عايز يقولى إيه اللى حصله ولا هو فين! المأمور مش عايز يقولى مكانه.. معرفش من اللى عمل فيه كده”.

وعن ليلة رؤية الأم لابنها مصطفى جثه هامدة تقول: “لما شوفته جسمه كان متشرط ومتبهدل حتى وشه كان متشرط، جسمه كان مليان جروح ومورم في كل مكان حتى في وشه كأن حد معوره بمشرط أو مطواة”.

وتضرب الأم أخماساً فى أسداس وهى تتساءل: “ياترى هو مات من الضرب ولا النزف ولا مات من قلة الأكل انا مش عارفة.. مش قادرة أصدق إنى خلاص مش هشوفه تانى.. نفسي اعرف مات إزاى! مات ليه! عمل إيه! عشان يروح منى بالشكل ده! إبنى كان جدع ومتربى وكان فى حاله واسألوا الناس عن أخلاقه.. ياترى كان بيتوجع قد إيه! وشاف إيه قبل مايموت! حسبي الله ونعم الوكيل”.

يبقى أن تعرف عزيزي القارئ أن تقرير الطب الشرعي الصادر عن حالة مصطفى أكد أن الوفاة حدثت بسبب هبوط حاد في الدورة الدموية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …