‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير “البشري” يدعو النظام الحاكم لطرح مبادرة لإنهاء الأزمة في البلاد
أخبار وتقارير - فبراير 25, 2015

“البشري” يدعو النظام الحاكم لطرح مبادرة لإنهاء الأزمة في البلاد

دعا المفكر والمؤرخ المستشار طارق البشرى، النظام الحاكم إلى طرح مبادرة لإنهاء الأزمة في البلاد، مطالبا السعودية بالتدخل لتخفيف الاحتقان السياسي.

وقال البشرى، في مقابلة خاصة مع وكالة “الأناضول”: إن الصراع سيبقي قائما بين 3 قوى رئيسية: الدولة وعصبها القوات المسلحة، والإسلاميين الذين لديهم تنظيمات شعبية، والنخب الليبرالية التي لها قوة التأثير في الإعلام وانحازت للقوى الأولى منذ أحداث 3 يوليو 2013، وعلي الدولة وهي الأقوي أن تمد الأيدي لتسع الجميع.

وإلى نص الحوار كاملا:

• كيف ترى مصر بعد أكثر من عام ونصف من أحداث 3 يوليو 2013؟

(بعد فترة صمت مطرق الرأس).. أرى أن مصر بعد 30 يونيو و3 يوليو 2013، قد عاد نظامها السياسي إلى ما قبل 25 يناير 2011- كان يحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك الذى أطاحت به الثورة وقتها- بمعني أنه عاد من جديد، لأن تكون الدولة وأجهزة الدولة المصرية هي السلطة والقوة السياسية الوحيدة المسيطرة على المجتمع والدولة والإعلام، دون أى سلطة أخرى وقوة أخرى من القوى السياسية الموجودة في المجتمع.

وكان كل رجائنا أن تؤدي ثورة 25 يناير 2011 إلى نوع من أنواع التوازن بين سلطات الدولة والقوى السياسة الأهلية الموجودة في المجتمع؛ لتستطيع من خلال تنظيماتها الشعبية أن توازن قوة الدولة ولا تجعلها سلطة وحيدة في المجتمع، ليس لها ما يوازيها من حركات وتنظيمات شعبية.

• لكن البعض يري أن ثورة “25 يناير” انتهت إلى إضعاف الدولة؟

ثورة 25 يناير لم تكن لإضعاف الدولة، بالعكس.. إن حكم حسني مبارك (الرئيس الأسبق) أدى إلي إضعاف وتفكيك الدولة المصرية، وهذا كان خطر علينا، ونحن نعرف قيمة الدولة وقدرها، ولا بد أن تكون قوية ومتماسكة ومتينة، وكان المطلوب من ثورة 25 يناير إعادة تكوين الدولة المصرية بشكل متماسك وقوي ومتين، وكان المطلوب مع هذا وبجواره وبما لا ينفصل عنه أبدا أن يكون هناك وجود قوى شعبية تنظيمية تؤدي قدرا من الخدمات عن الدولة، وتكون موازنة للدولة وموازية لها، وقادرة على إضعاف روح الاستبداد الذي ورثتها الدولة المصرية تاريخا في الحقب الماضية.

• يرى البعض أن ثورة يناير لم تحقق أهدافها التي خرجت من أجلها، فما رأيكم؟

مصر عادت إلى ما قبل 25 يناير 2011، ولكن بمجموعة حاكمة جديدة مختلفة، وعموما الثورة تقوم بها قوى سياسية تتجمع جميعا لتغيير الأوضاع القائمة، وهذه القوى نفسها بتجمعها هذا أدت إلى سقوط أشخاص أو نظام موجود كان من المفروض أن يكون سقط.

والقوى السياسية في علاقاتها مع بعضها تغيرت مع تغيير الثورة، ودخلوا في صراع مع بعضهم حول من ينفرد بالحكم، في صراع حول حصة كل منهم في حكم البلاد.

والذي قام بثورة يناير قوى شعبية منظمة وغير منظمة، والقوى التي تسمي نفسها بالليبرالية كانت بشكل عام في الإعلام ثم جهاز الدولة عن طريق حركة 10 و11 فبراير 2011 (في إشارة إلي المجلس العسكري الذي تولي إدارة شئون البلاد بعد تنحي مبارك)، وبعد ذلك بدا الصراع بين هذه القوى.

• يعترض البعض على الأوضاع الحالية في مصر، فما الأسباب من وجهة نظركم؟

الحال الذي اتخذ في 3 يوليو 2013، من إلغاء الدستور الذي تمت الموافقة عليه شعبيا وبإرادة سليمة وحرة عام 2012، وإلغاء الانتخابات التي تمت والتي أجريت في عهد القوات المسلحة اليي يذكر لها حياديتها ونزاهتها وإدارتها للانتخابات والاستفتاءات التي جرت من الفترة 25 يناير (كانون ثاني) 2011، إلى ما انتهت إليه 30 يونيو 2012 (انتخاب الرئيس الأسبق محمد مرسي)، ولا بد أن نذكر أن الحكم الذي كان قائما في عام 2012 (في إشارة لحكم مرسي) نعرف جيدا مثالبه، ونعرف أنه فعلا ليس قادرا على إدارة البلاد إدارة جيدة، ولكن كنا نريد أن يتغيير هذا الوضع بالانتخاب وليس “الانقلاب”، وأن نحافظ على الروح الانتخابية.

• ما هي القوى التي برزت بعد ثورة يناير، وكيف بدأ الصراع فيما بينها؟

القوى السياسية بعد ثورة يناير هي التيار الإسلامي، وهو قوة منظمة ولها قدرة على تنظيم وجمع الجماهير، وقادرة على اتخاذ القرارات ووصول القرارات للشارع، والقوة الثانية قوة الدولة؛ أكبر قوة موجودة ومنظمة في مصر والقوات المسلحة هي العمود الفقري لها بحسب الضبط والتنظيم فيها، والقوة الثالثة بما يسمى بالاتجاه الليبرالي أو الطبقة الوسطى الفكرية، التي فعلا كان لها وجود في الإعلام أعطاها قدرة من التأثير السياسي الكبير، ولكن ليس كقوى تنظيمية شعبية في الشارع.

وصار الصراع قائما بين القوى الشعبية الممثلة في التوجه الإسلامي، وقوة الدولة، أما القوة الثالثة ظلت لا تستطيع أن تنفرد بالحكم أو تصل للحكم، وإنما تستطيع أن تثقل موازين أي قوى من القوتين بانضمامها إليه، وكانت مع ثورة 25 يناير، وقامت بدور كبير جدا، وبعد الثورة أصبحت تخشى من التيار الإسلامي؛ لأنها تعادي هذا التيار من الناحية الأيديولوجية الفكرية، وأثارت الخلاف الفكري معه، وانضمت إلى القوات المسلحة في هذا الموقف فيما بعد (في إشارة للإطاحة بمرسي من الحكم).

وكان كل ما كنا نرجوه بعد 25 يناير، وكنت أرجوه شخصيا جدا، ألا تستبعد أي من هذه القوى الثلاث بعضها البعض، ولكن أن توجد صيغة للمشاركة بينها دون استبعاد، وعبر الموافقة على قدر من المشاركة يمكن تطور البلد واستمرارها، وأن توضع خطة لها سياسية واجتماعية واقتصادية تؤدي بها إلى النهضة.

• هل طرحكم حول إمكانية تشارك هذه القوى الثلاث وارد أن يطبق خلال الفترة المقبلة حفاظا على الدولة المصرية؟

المشكلة أنه أثيرت في المجتمع روح الاستبعاد دون روح المشاركة، لكن يجب أن نعرف أن الدولة في مصر لازمة للمجتمع المصري أكثر من أي مجتمع آخر، فليس لدينا طوائف أو قبائل في مصر، عندنا في مصر وجود الدولة ليس فقط لدور حماية الأمن القومي وإجراء توازن بين مكونات المجتمع المصري بعضها البعض، وإنما تقريبا تقوم أيضا بدور الإدارة الاجتماعية للمجتمع المصري، فمثلا.. لبنان بها طوائف تقوم بدور مهم في الشئون اليومية الذاتية لكل طائفة، وفي السعودية والسودان.. القبائل تقوم بدور ووجود في هذا الشكل.

والدولة عندنا في مصر تقوم بهذا الدور، ولذا وجود الدولة في مصر مهم وباق، وعلينا أن نحفظه وأن نستبقيه عبر تشارك من الشعب، فعيب الدولة الأساسي أنها جنحت للاستبداد من 1952 للآن، لذا اعتادت على هذه الروح الاستبدادية، والمهم أن نخرجها من هذا الإطار، وكنا نأمل أن ثورة 25 يناير تؤدي بنا إلى هذا الأمر .

• لكن هل يمكن أن نقول إن ثورة 25 يناير فشلت وانتهت في ظل أوضاع الصراع الحالية؟

الثورة مستمرة.. ليس بمعنى الصخب، وإنما بمعنى إعادة صياغة بين العلاقات الاجتماعية والعلاقات السياسية وبين القوى المختلفة في المجتمع المصري، وما تزال عملية مطروحة والضغوط فيها مستمرة، ولا توجد ثورة تنتهي وتأتي نتائجها خلال عام أو عامين، ولكن تستمر بعض الوقت، ففي ثورة 1919 كانت أول انتخابات تتم بعدها في 1924، وظلت التنظيمات والقوى المختلفة في شد وجذب، وثورة 23 يوليو 1952 لم تظهر قواها السياسية إلا بعد عدة سنوات، فهذه المسائل تأخذ وقتا.

• البعض يرى أن هناك مجلسا عسكريا يسيطر بشكل آو بآخر، وهناك إخوان يرفضون بقاء السيسي، وهناك نخب سياسية ليببرالية متذبذبة، لا تريد أن تذهب للثورة خشية مجيء الإسلاميين، فكيف نطبق طرحكم لنخرج من هذا المأزق؟

أنا معك فيما تقول، لكن لدي تحفظ.. فالنخب الليبرالية ليس متذبذبة، لقد حسمت مواقفها مع الاستبداد، إذا كانت الديمقراطية والحركة الشعبية ستؤدي إلى وصول أو مشاركة الإسلاميين في الحكم، وهذه تجربة السنوات الثلاث الماضية، وعليها أن تغير من نفسها وتعرف تجربتها، والمطلوب منها أن تعيد بناء نفسها بالشكل الذي يقبل وجود حركة إسلامية منظمة في المجتمع المصري، على أن تكون هذه الحركة قابلة لمشاركة الآخرين معها، وإلا تكون مشكلة مصر مدنية أو دينية أو علمانية، وهذا أمر يتعلق بالجانب المرجعي الثقافي في المجتمع، ولن نغييرها بمناقشة بمثل هذا النوع، كأننا نقول مصر لغتها عربية أم أجنبية، فالمهم أن الثقافة السائدة في المجتمع المصري ثقافة إسلامية، ولذلك مرجعية إسلامية.

وعلينا أن نصوغ كل أهدافنا الوطنية والسياسية والاجتماعية والنهضوية، وكل يرجع لمرجعته فيها، لكن المهم أن نلتقي على أهداف سياسية واجتماعية تؤدي إلى تنمية المجتمع واستقلاله عن الإرادة الأجنبية، وتعمل على شيوع النزوع الديمقراطي في الشئون الداخلية.

• أليس للإسلاميين دور آخر، أليس عليهم أن يراجعوا أنفسهم ومواقفهم؟

ما أقوله لليبيراليين أقوله أيضا للإسلاميين، يتعين أن يتقبلوا روح مشاركة الآخرين معهم، ونحن لا نتكلم عن الهوية، مصر أكثر عراقة من أن نحدد هويتها، فمصر هويتها معروفة مثل اللغة، وهي الثقافة الحاكمة في المجتمع، ومن خلال هذه الثقافة نحدد ما هي مطالبنا سياسيا ووطنيا واقتصاديا ونهضويا واجتماعيا، ونضع هذه المطالب ونتفق ونختلف عليها، وتكون هذه مجال خياراتنا السياسية؛ فالخيار السياسي مختلف عن الخيار الثقافي.

• ولكن هل تعتقد أن أغلب الإسلاميين يتقبلون ذلك؟

لله في كلّ نَفَس ألف فرج قريب، ربنا يسهل، ونقدر أن نصل لها، لكن اليوم الاستقطاب في المجتمع المصري يؤدي إلى نظرة متشائمة، وعلينا أن نتعلم ونفهم هذا الدرس جيدا، ونخرج من هذا الإطار باتجاهاتنا كلنا، ونلجأ إلى طريق المشاركة بين بعضنا البعض .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …