‫الرئيسية‬ مقالات التدخلات العسكرية أرض خصبة لنمو الإرهاب
مقالات - فبراير 19, 2015

التدخلات العسكرية أرض خصبة لنمو الإرهاب

لا يزال الجدل محتدمًا داخل فرنسا حول حادث (شارلي إبدو)، الذي اختلف الكتاب والمفكرون حول أسبابه ومبرراته. فبينما حرصت أجهزة الدولة الفرنسية على وصف الهجوم بأنه حادث “إرهابي” من قبل إسلاميين “متطرفين”، رأى آخرون غير ذلك، ومن بينهم “دومينيك دو فيلبان” رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق.

بلهجة الدبلوماسي التي لم تفارقه، أكد رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق خلال حديثه لبرنامج “18h Politique” تعليقًا على هجومي كوبنهاغن وباريس: “نحن لسنا في حرب ضد الإرهاب ولكننا نواجه أعمال عنف، وهناك أخطاء ترتكب من الجميع بما في ذلك إغراء القوة الغربية التي تدعو للدخول في حروب بكل بساطة.. وينبغي أن لا نجعل “الإسلام” هو الشماعة التي نعلق عليها كل الأخطاء، ونحمله مسؤولية هذه الأعمال الشنيعة ثم نحاربه تحت اسم الحرب على الإرهاب”.

“دو فيلبان”- الذي عارض من قبل الاحتلال الأمريكي للعراق بشدة– شرح ما يقصده بأن: “التدخلات العسكرية الغربية تغذي “الإرهاب”، وتترعرع تحت رصاصاتها الجماعات المسلحة، التي سرعان ما يشتد عودها وتنتقل من المحلية إلى الساحة الإقليمية ثم الدولية، ورأينا أن هذا هو ما حدث بعد التدخل العسكري الأمريكي في العراق عام 2003، ولم يكن هناك إرهاب في المنطقة قبل ذلك الوقت”.

وأضاف: “لقد حان الوقت أن نتعلم في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية من تجربة الحرب على أفغانستان؛ ففي عام 2001- موعد بدء الحرب الأمريكية في أفغانستان- كانت لدينا بؤرة إرهاب واحدة، أما الآن وبعد خوض عمليات عسكرية على مدار الـ 13 عامًا الماضية شملت أفغانستان والعراق وليبيا ومالي، أصبح لدينا نحو 15 بؤرة إرهابية، بسبب سياستنا المتناقضة”.

واعتبر “دو فيلبان” أن تنظيم الدولة الإسلامية هو وليد مشوه نتاج السياسية الغربية المتغطرسة والمتقلبة، والتي تكيل بمكيالين، وتتدخل في شؤون الدول العربية والإسلامية بشكل يثير غضب شعوب تلك الدول.

وتابع حديثه للبرنامج بأن “هذه الحروب العسكرية هي أرض خصبة لنمو “الإرهاب”، ويجب علينا أن نتبع وسائل أخرى في عملنا، وخاصة العمل الدبلوماسي والسياسي، فمثلًا نحن منخرطون اليوم عسكريًا في العراق من خلال التحالف الدولي، دون أن يحاول أحد استمالة العشائر السنية، التي تشكل أرضًا خصبة تغذي تنظيم داعش”.

حرب خارج السيطرة

وقال دو فيلبان: إن فرنسا تُجر إلى حرب خارج السيطرة، مؤكدًا ضرورة المحافظة على القيم الديمقراطية للدولة الفرنسية، وتعزيز كل السبل لبناء “إسلام فرنسي” معتدل بعيد عن التطرف. وحذر من شن حرب في منطقة تعاني من الإرهاب وتشهد أزمات هوية، معتبرًا ذلك بمثابة صب للزيت على النار، قائلًا: “نحن بهذه الحرب نخوض مخاطرة توحيد العديد من الجماعات الإرهابية ضدنا، ونقدم لهم خدمات لم يكونوا يتوقعوها”.

وأضاف أنه “بالمثل في مالي، نحن تدخلنا عسكريًا دون مراعاة لقضية الطوارق التي أهملناها حتى سيطرت على المحافظات الشمالية وتركناها تغذي الإرهاب، وما يحدث مع بوكو حرام في نيجيريا هو مثال على ما يجب القيام به؛ حيث يجب أولًا تعبئة بلدان المنطقة وتشكيل ائتلاف منها يحصل على الشرعية من الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، وما علينا إلا أن نقدم الدعم اللوجستي لهذه الجيوش”.

الحرية المسؤولة

وردًا على سؤال عن حرية التعبير والرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد، قال دو فيلبان: “حرية التعبير يجب أن تكون مكفولة للجميع، ولكنها يجب أيضًا أن تكون حرية مصحوبة بالمسؤولية، وخاصة في عالم العولمة، ولا يصح إهانة مقدسات دينية تثير عداء عدد من البلدان، التي ترى أن ذلك أمر غير مقبول، وهذا لا يعني أن تضع حدودًا لحرية التعبير، ولكن يجب أن تتحمل مسؤولية وعواقب كل ما تقوله وتفعله”.

———

صحيفة “20 مينوت” الفرنسية – دومينيك دو فيلبان – ترجمة: محمد بدوي
رابط المصدر الأصلي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …