‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير فيديو داعش “فيلم هوليودي” لاستنزاف جيش مصر وطوق نجاة لـ”حفتر”
أخبار وتقارير - فبراير 17, 2015

فيديو داعش “فيلم هوليودي” لاستنزاف جيش مصر وطوق نجاة لـ”حفتر”

كان لافتًا بعد قتل تنظيم داعش 21 قبطيًّا مصريًّا والقصف الجوي المصري لمدينة “درنة” التي تبعد 200 كم عن حدود مصر أن قادة جيش اللواء “حفتر”، إضافة إلى مصادر سياسية وإعلامية مصرية اعتبروا أن هذه هي “البداية فقط”، وأكدوا أن الغارات ستتواصل، والتدخل المصري مع قوات حفتر سيمتد إلى “ثوار ليبيا”، حتى قيل إنه سيتم قصف أهداف في “سرت” أيضًا، رغم أن المسافة بين سرت التي قتل فيها العمال المصريون ودرنة التي قصفها الجيش المصري 900 كيلو متر تقريبًا. 

ومع أن القاهرة بررت قصفها “درنة” في بيان الخارجية الذي دافع عن “حق مصر الأصيل والثابت في الدفاع الشرعي عن النفس وحماية مواطنيها في الخارج ضد أي تهديد وفقًا لنصوص ميثاق الأمم المتحدة”؛ فقد اتضح من سياق بيان الخارجية المصرية أن الأمر سيطول ويمتد، وأن القاهرة تفضل أن يكون التدخل في سياق دولي لا مصري – حفتري – إماراتي فقط كما يجري حاليًّا.

ولأن ليبيا باتت منطقة باتت خارج السيطرة، ولا الثورة فرضت نفسها ولا الغرب نجح بالالتفاف عليها، وضبط الساحة الليبية يحتاج لتدخل خارجي، وعهد التدخلات الغربية قد انتهى بعد كارثة احتلال العراق، فقد لا يستجيب الغرب لطلب “اتخاذ الإجراءات التي تستهدف المواقع الخاصة بالتنظيم الإرهابي وباقي التنظيمات الإرهابية المماثلة على الأراضي الليبية”، بحسب الخارجية المصرية، وأن يعطي الضوء الأخضر بالمقابل لجيوش المنطقة بالتدخل، وخاصة جيش مصر القريب من الحدود، في تكرار ربما لنموذج سماح الغرب للجيش السوري بدخول لبنان لضبطه بعد الحرب الأهلية.

ولكن هل سيحل هذا أزمات ليبيا أو ينهي الصراع هناك لو تدخلت قوات مصرية أو عربية أم يؤجج الصراع أكثر وهل يلقي بمصر في وحل ليبيا ويتنقل مشاكلها والفوضى الداخلية بها إلى مصر وحدودها الغربية؟

أول حرب استنزافية خارجية

ولهذا قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن تلك الغارات المصرية “من شأنها أن تؤجّج الصراع الليبي وتجعله يتخطى حدود الدولة أيضًا”، وألمحت إلى أن تلك الغارات هي “الغزو الأول للجيش المصري خارج حدود بلاده منذ حرب الخليج الأولى في تسعينيات القرن الماضي، عندما استعانت الولايات المتحدة بمساعدة القاهرة لصدّ هجوم الرئيس العراقي صدام حسين على الكويت”.

وقالت إن تلك الغارات تؤكد أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي “يرمي بثقله لدعم ومساندة الحكومة المناهضة للإسلاميين والبرلمان والموجودين في مدينة طبرق شمال ليبيا، والتي تظل في حالة حرب ضد قوات فجر ليبيا المتمركزة في العاصمة طرابلس”.

ولهذا أيضًا حذر اللواء سامح سيف اليزل، الخبير العسكري المصري ورئيس قائمة “في حب مصر” البرلمانية التي تدعم السيسي وأحد المرشحين لرئاسة البرلمان المقبل، من تسرع مصر في التورط في حرب ليبيا مبكرًا قبل بدء القصف الجوي المصري، منوهًا لأن قتل داعش المصريين في ليبيا ربما هدفه جر مصر للتورط في ليبيا، أو استنزاف الجيش المصري.

وقال “سيف اليزل” في مداخلة هاتفية على قناة “سي بي سي تو” المصرية مساء الأحد: “يجب أن تعي مؤسسات الدولة أن الغرض من الجريمة قد يكون تخفيف الضغط عن سيناء”، وتابع: “أرجو التمهل في الرد على الجريمة، وقد يكون الرد العسكري من مصر مقصودًا منه استنزاف الجيش”.

وهو نفس ما حذر منه اللواء عادل سليمان، الخبير العسكري المصري ورئيس منتدى الحوار الاستراتيجي، يوم 12 فبراير وقبل جريمة قتل داعش 21 مصريًّا، بقوله – في مقال- “إن إزالة الجيوش العربية من المنطقة هو الهدف الذي كان يعنيه الغرب من مفهوم الشرق الأوسط الجديد وذلك بإشغاله بصراعات داخلية واستدراجه، واستنزافه في حرب لا تناسقية”، وتأكيده أن “مصر، وهي محور الارتكاز في مشروع الشرق الأوسط الجديد”، وأن “هذا ما يفسر التطور النوعي المتسارع في عمليات استهداف الجيش المصري في سيناء، والسعي إلى استدراجه، واستنزافه في حرب “لا تناسقية/ عصابات” مفتوحة مع تنظيمات إرهابية.

فيما يقول خبراء سياسيون مصريون إن خطورة التورط في ليبيا- لو حدث- له مذاق مختلف؛ لأنه في ليبيا الأمر سيختلف كثيرًا، فهذه المرة يمكن القول إن “الإخوان المسلمين – فجر ليبيا” سيكونون هم هدف أول مواجهة إقليمية مصرية تتجاوز الحدود الوطنية المصرية، وبالتالي ستكون المرة الأولى التي يخرج فيها الإخوان عن صيغ الفعل المحلي، ومع تطور الحرب سيتطور رد الفعل ليغير خريطة الفعل والفكر معها.

فيلم هوليودي استحماري

واللافت هنا أن قوات فجر ليبيا التي تتشكل من قوات إسلامية على خلاف مع داعش، وتحارب قوات “حفتر” الانقلابية، أدانت القصف الجوي المصري مثلما أدانت قتل المصريين في ليبيا، واستنكرت- في بيان- أي “تدخل وانتهاك لسيادة البلاد “من قبل كائن من كان تحت أي ذريعة كانت”.

بل إن ثوار ليبيا قالوا صراحة على صفحتهم على فيس بوك: إن “عملية داعش مشبوهة ومتسقة جدًّا مع المسار المصري والرغبات المصرية في التدخل في ليبيا” وبثوا صورًا لجنود داعش الذين قتلوا المصريين يشككون في كونهم ليبيين من هيئتهم ولغتهم وملابسهم وساعات رولكس وسكاكين أمريكية ماركة “كولومبيا”، وارتداء الداعشيين في الفيديو للساعات في يدهم اليسرى لا اليمنى والسكين في يدهم اليسرى بالمخالفة للسنة، ووصفوا العملية بأنها “فيلم هوليودي استحماري” لتوفير الحجة لضرب ثوار ليبيا.

ونقلت صفحة “غرفة عمليات ثوار ليبيا عن الفيلم المصري على الأراضي الليبية الشيخ “أبو عبيدة الزاوي” رئيس غرفة عمليات ثوار ليبيا في مقال كتبه على الموقع قوله إن: “الصراع الليبي ليس داخليًّا كما يدعي الكثير، وإنما هو خارجي بخيانة داخلية، فشلت تلك القوى الخارجية في إصابة أهدافها على أيدي خونتهم في الداخل، فلم يبق أمامهم إلا الدعوة الصريحة للتدخل العسكري، ومحاولة الاحتلال منهم للتراب الليبي عبر فبركة فيلم عن طريقة استخباراتية أبدع فيه المخرج في إخراجه، وأحسن فيه الممثل في تمثيله، بدأ من مصر في إثارة الرأي العام في مطالبة أهالي الضحايا بأبنائهم بصورة تظهر تأثرًا فيه تصنع، ثم بيان الخارجية المصرية لذلك، ثم الإعلام المصري وتأجيجه للرأي العام ليضع أرضية للسيسي لهذا التدخل، واجتمع بعدها المجلس العسكري المصري لكي يضرب ليبيا”.

وقال “الزواوي”: “هذا ما أراده الخونة، وباركه حفتر، وعلى المجتمع الدولي الذي يتهم الليبيين أنهم من قتل هؤلاء المصريين أن يراجعوا أنفسهم ويحققوا في هذا الفيلم السخيف، الذي ظهر فيه التزييف، والشعب المصري يعيش في ليبيا مثل الليبيين، مسلمهم ونصرانيهم، ولم يتعمد أحد أذيتهم بشكل ممنهج”.

أيضًا (المؤتمر الوطني العام في ليبيا) الذي يشكل البرلمان الانتقالي وتدافع عنه قوات “فجر ليبيا” قال في كلمة متلفزة: “ندين بكل شدة العدوان المصري على درنة ونعتبره اعتداءً على السيادة الليبية”، وأكد “السيادة الكاملة على الأراضي الليبية”، كما شكل “غرفة مشتركة لتأمين سرت” بعد الأنباء عن عدوان مصري – حفتري عليها، وشدد على “التصدي لمن يزعزع الاستقرار فيها”.

ولهذا يقولون إن قتل المصريين في ليبيا شكَّل ذريعة للسيسي للتدخل في ليبيا ومعاونة قوات حفتر رسميًّا ضد ثوار ليبيا الذين تعتبرهم مصر أيضًا “إرهابيين”، كما أن التدخل المصري سيشكِّل طوق نجاة لحفتر نفسه الذي يعاني من فشل في السيطرة علي بنغازي لينتقل منها إلى العاصمة طرابلس.

أما الأخطر فهو أن التدخل المصري سيكون هو أول مواجهة لجيش مصر خارج حدود مصر مع إسلاميي ليبيا، مع ما يواكبها من مخاطر الغوص في وحل ليبيا بحبس حجم التدخل المصري.

فقد استغل حفتر و”الجيش الليبي” في طبرق ما جرى وأعطى القاهرة الضوء الأخضر للتدخل، وقال المتحدث باسم قوات حفتر إنه “جرى اتصال للتنسيق جرى بين اللواء حفتر ووزير الدفاع المصري قبل شن الجيش غاراته على أهداف داعش”.

أيضًا سبق القصف المصري إعلان وزيرة الدفاع الإيطالية، روبرتا بينوتي، خلال زيارتها لمصر أن “بلادها على استعداد لقيادة تحالف لمواجهة العناصر الجهادية في ليبيا”، وأوضحت أن هذا التحالف سوف يتكون من دول أوروبا، وشمال إفريقيا (مصر – الجزائر) لوقف تقدم العناصر الإسلامية المتطرفة الذين قالت إنهم “باتوا على مسافة 350 كيلومترًا من سواحلنا”، وكان لافتًا قول القائد الداعشي في فيديو قتل المصريين إنهم يقفون على سواحل جنوب إيطاليا. 

تحريض إعلامي

كذلك سبق القصف الجوي المصري قصف إعلامي تمهيدي وصراخ من مؤيدي السيسي في الفضائيات المصرية يطالبون برد عسكري.

فقد استنكر المذيع عمرو أديب قيام تنظيم داعش الإرهابي بذبح 21 مصريًّا بعدما اختطفهم من مدينة سرت الليبية، وقال أديب موجهًا حديثه للحكومة والرئيس عبد الفتاح السيسي، في برنامجه “القاهرة اليوم”، المذاع على فضائية (اليوم): “بعد قتل المصريين في ليبيا الخيار العسكري ماعندكوش فكاك منه، إحنا مش أحسن من الأردن والإمارات والبحرين، لو سكت هيقتلونا ثاني وتالت ورابع زى الغنم، أنا عايز قتل، عايز حقي”.

وتابع أديب: “لو ما حدش خد لنا حقنا مش هانسكت، أقباط ومسلمين ويهود ومجوس مش هانسكت، دي في دول أصغر مننا بكتير بتاخد حقها”.

 

 

وقال الصحفي والمذيع المقرب من المؤسسة العسكرية “مصطفى بكري” على تويتر: “على مصر أن تلجأ فورًا إلى مجلس الأمن لتحصل على قرار بالحق في مواجهة الإرهاب على الأرض الليبية.. أمننا القومي في خطر.. الرد يجب أن يكون استباقيًّا قبل أن نفاجأ بداعش على الحدود مع مصر”.

أما المذيع توفيق عكاشه المقرب من المؤسسة العسكرية أيضًا والذي تبث صحف إسرائيل أغلب تصريحاته لأنها ضد حماس أيضًا، فقال إنه “يتمنى أن يكون السيسي مثل أنور السادات وأن يقوم بإبادة داعش والإخوان المسلمين وحماس”، مؤكدًا أن السيسي “سيبيد الإخوان في لبيبا من على الأرض”.

وقال: “عليكم أن تقرءوا الفاتحة على حماس في قطاع غزة… وعلى داعش في ليبيا.. وعلى كثير من الأعداء”.

كما اتهم الإعلامي إبراهيم عيسى على قناة “أون تي في” المجتمع المصري بصناعة “داعش”، بدعوى التسامح مع التيارات الإسلامية، وعلى رأسها “الإخوان المسلمون”. 

وهو ما دعا د. علي القرة داغي الأمين العام لأتحاد علماء المسلمين للقول على حسابه على تويتر (قبل القصف المصري): “لم يجد الانقلابيون في مصر وسيلة لدخول ليبيا فجاءت داعش لتعطيهم السبب على طبق من ذهب.. ليس شيئًا مستغربًا، فعادة داعش أن تخدم الأعداء بأفعالها.. خطوات متسارعة لتحقيق ما توقعناه من استغلال ذبح الأقباط لتدخل عسكري مصري في ليبيا”.

وأكد أن “مصر اشترت الرافال عشان فرنسا ترضى على تدخل جوي مصري في ليبيا”.

ويقول مراقبون إن التدخل في ليبيا كان متوقعًا منذ الانقلاب العسكري في مصر على الرئيس محمد مرسي، وإنه لم يكن مجرد جملة عابرة في عابرة في السياسة الإقليمية، وإن هناك مشروعًا دوليًّا يقوده “لوبي التصهين العربي” ومن ورائهم إسرائيل ومجموعة دحلان لإجهاض الربيع العربي والتخلص من التيارات الاسلامية القوية، خصوصًا في ليبيا؛ حيث يسيطرون علي العاصمة طرابلس ويعرقلون سيطرة أنصارهم (تيار حفتر) عليها.

ونشروا فيديوهات وقصاصات صحف قديمة منذ 2013، وقبل ستة أشهر كما قال بعض هؤلاء الإعلاميين العام الماضي تؤكد هذا الأمر.

 

أما الدافع الأساسي للتدخل فهو منع قيام مشروع سلطة إسلامية في ليبيا النفطية، لأنه يشكل خطرًا حقيقيًّا على كل من السعودية ومصر والإمارات، فضلاً عن أنه يشكل خطرًا على النظام في مصر بسبب اختلاف الأيدلوجيات الحاكمة في البلدين.

ولهذا يقول د. رفيق حبيب الخبير المصري إن “ليبيا ستكون قبلة أحداث كبرى خلال الفترة القادمة، كما أنها ستشكل المغامرة الجديدة للحلف المتصهين”، مشيرًا لقرب ظهور “ملامح أخرى من المشهد الليبي”.

وقال إنه “منذ حادثة الانقلاب العسكري تمددت الحركات المسلحة بصورة كانت متوقعة أصلاً؛ لأن إجهاض المسار الديمقراطي السلمي، يصب في مصلحة رؤية الحركات المسلحة، والتي تؤمن بمنهج التغيير بالقوة”.

——

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …