‫الرئيسية‬ أخبار وتقارير إيكونوميست: الإعلام العربي “بلاعة مجاري” والإنترنت الأمل الوحيد
أخبار وتقارير - فبراير 15, 2015

إيكونوميست: الإعلام العربي “بلاعة مجاري” والإنترنت الأمل الوحيد

أسباب كثيرة جعلت مجلة “الإيكونوميست” البريطانية العريقة تفرد تقريرا تنعي فيه الإعلام العربي بعد 4 سنوات من الربيع العربي، الذي يشهد انتكاسة في كل دوله، وتشبهه بأقذع الصفحات، فهو “إعلام المجاري” أو “إعلام المزاريب”، وهو الإعلام الذي يقبع تحت سيطرة السلطة، سواء كانت الفضائيات العربية التي حاولت أن تنقل بحيادية نسبية الأحداث للعرب مثل قناة “الجزيرة”، التي قالت إنها “فقدت حيادها وتبنت السياسة القطرية”، مع “العربية” التي تتبني السياسة السعودية، و”الميادين” التي أرادت أن تحقق التوازن ولكنها وقعت في بئر دعم بشار الأسد، انتهاء بالقنوات المصرية الخاصة (قنوات رجال الأعمال) التي تقع تحت سيطرة الحكومة “وتعيش أسوأ أيامها”، بحسب إيكونوميست.

تقرير “الإيكونومست” الذي تناول استقلالية الإعلام في الوطن العربي، وحمل عنوان “الإعلام العربي شعلة من المجاري”، انطلق في استعراضه للإعلام العربي الراهن من إغلاق السلطات البحرينية لقناة تلفزيون “العرب”، التي يملكها الأمير الوليد بن طلال بعد ساعات من بثها؛ بسبب استضافتها لمعارض بحريني، مستعرضا حال الفضائيات العربية والمصرية الحالية.

وسخرت ضمنا من قول جمال خاشقجي، الصحفي السعودي رئيس قناة “العرب”، من أنها ستصبح “صوت من لا صوت لهم”، وهو ما لم يستمر لفترة طويلة، حيث أغلقت القناة بعد ست ساعات فقط من انطلاقها، لتذهب “العرب” ضحية تكميم الأفواه في الدولة الخليجية (البحرين)، التي قررت في 9 فبراير الجاري غلق القناة نهائيا، مدعين أن أوراق تراخيصها غير سلمية، بينما الحقيقة أنها كانت تخشي أن تتحول– باستضافة المعارض البحريني– لبوق لحزب المعارضة الرئيسي في البحرين(الوفاق).

وقالت “إن ما جرى لقناة “العرب” من ظهور قصير، جاء في سياق الازدهار الواسع لوسائل الإعلام العربية المستقلة، التي انذوت لاحقا، والتي ظهرت عقب الربيع العربي وسقوط الأنظمة الاستبدادية ورغبة الناس في وسائل إعلام حرة، بدأت موجتها منذ أوائل التسعينات، مع ظهور شبكة الإنترنت والفضائيات”.

وتضمن حصيلة تقرير المجلة البريطانية العريقة رصدا لمحطات التلفزيون العربية الرسمية والخاصة في السعودية وقطر ومصر ولبنان، وقال إنها “مخيبة للآمال”، حتى إن أستاذا جامعيا مصريا قال “إن الإعلام العربي وفي مصر خاصة يمر بأسوأ أحواله”، وشدد على أن الإنترنت يبقي هو شعاع الأمل الوحيد للمواطن العربي الذي لا يزال يكشف له الحقائق.

“الجزيرة” من الثورة الإعلامية للانحياز

فبحسب “إيكونوميست”: “أحدثت محطة الجزيرة القطرية– التي وصفتها بأنها “القناة الأم للإعلام العربي المستقل”- ثورة إعلامية، وجذبت عشرات الملايين عندما انطلقت عام 1996 بسبب برامج توك شو جريئة، ومذيعين محترفين، وتكنولوجيا من الدرجة الأولى، وكسرت القالب الذي كان معتادا في الإعلام العربي، الذي كان معتمدا بشكل كبير على نقل البيانات الرسمية، فحظيت بمشاهدة الملايين سريعا، مشيرة إلى أن قنوات أخرى حاولت محاكاتها مثل قناة العربية التي أطلقت في عام 2003.

ولكن الجزيرة، أخذت – بحسب مزاعم – موقفا منحازا منذ عام 2011 عندما تبنت الثورات العربية، وتخلت عن حيادها، وتحولت إلى طرف، خاصة في الثورة السورية السنية بمساندتها الثورة وفصائلها، التي تبين لاحقا أن بعضها مدعوم من حكومة قطر، بينما تجاهلت الجزيرة “الثورة الشيعية” في البحرين من دون كل الثورات الأخرى”.

وتناول التقرير الانتقادات الحادة الموجهة لقناة الجزيرة، على خلفية وقوفها إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين في مصر والرئيس السابق محمد مرسي، ورفضها إطاحة الجيش به، ووصفها لها بأنها “انقلاب على الشرعية”، وهو ما يتوافق مع السياسة الخارجية القطرية، بحسب المجلة، مما أكد قربها- أي الجزيرة- من سياسة قطر الخارجية.

وبالمقابل، تبنت قناة العربية خطا معاديا لحركة الإخوان، سارية على خطى الدولة السعودية وسياساتها أيضا”.54c89ba71b75barticle 2832 1

وقالت المجلة “إن إيران وسوريا أطلقتا قناة “الميادين” من بيروت عام 2012، على أمل أن تحقق توازنا مع القنوات الخليجية المعادية للرئيس بشار الأسد وسياسة البلدين، أي تحولت إلى بوق للرئيس السوري بشار الأسد.

ونقلت عن صحفي بموقع “المدن” القطري، قوله “إن قناة “الميادين” ظهرت لكي تحتوي نفوذ الإعلام السعودي في لبنان”.

وشدد التقرير على أن “فقدان الثقة في حيادية القنوات الفضائية أمر مقلق، حيث إن هذه القنوات ينظر إليها على أنها البديل للإعلام الرسمي الذي تسيطر عليه الأنظمة الاستبدادية”.

وأشار لسجن ثلاثة صحفيين من قناة الجزيرة في مصر لأكثر من عام؛ بمزاعم زائفة بالانتماء إلى خلية للإخوان المسلمين، واعتقال الصحفي السوري مازن درويش، الذي كان يرأس مركزا لحرية التعبير، من بين 12 صحفيا في سجون الأسد، وسجن 4 صحفيين في السعودية بعد تغطيتهم الاحتجاجات الشيعية في المنطقة الشرقية.

فضائيات مصر تأخذ تعليماتها من السلطة

الإيكونوميست قالت في تقييمها لتجربة المحطات الرسمية المصرية التقليدية، إنها “تعيد نشر البيانات الرسمية الحكومية، وهي مملة مثل المحطات الحكومية السعودية والأردنية والسورية”، أما القنوات الخاصة المملوكة في معظمها لرجال أعمال مقربين من السلطة في مصر، مثل محطة “سي بي سي”، التي يملكها رجل الأعمال محمد الأمين، فبنت شهرتها على البرنامج الكوميدي لباسم يوسف، ولكن بعد عام فقط وبعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة أوقفت المحطة البرنامج.

وأشار تقرير الصحيفة البريطانية أيضا إلى توقف الإعلامية ريم ماجد عن الظهور على قناة “أون. تي. في”، المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس، عام 2013 بعدما قالت “إن هناك نوعا من التضارب بين ما تحرص عليه من تقديم صحافة حرة وتركيز القناة على ما تصفه بـ”الأمن القومي”.

وقالت المجلة “إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عندما استولى على السلطة، سرعان ما أغلق المحطات التلفزيونية ذات التوجه الإسلامي.

ونقلت عن راشد عبد الله، أستاذ الصحافة في الجامعة الأمريكية في القاهرة، “أن جميع المحطات المصرية تأخذ تعليماتها من السلطة، والإعلام المصري يعيش أسوأ أوقاته”، وقوله: “الجميع أخذ العظة من النظام”.

“الإنترنت” شعاع الأمل الوحيد

ولأن أغلب وسائل الإعلام العربية الحكومية والخاصة عادت لسيرتها الأولى أو انحازت، وبعضها أصبح يدعم الحكام الديكتاتوريين الجدد الذين أغلقوا البصيص القليل من حرية التعبير وقضوا عليه نهائيا، فقد رأت “إيكونوميست” أن شعاع الأمل الوحيد يبقي هو “الإنترنت”، ومواقع التواصل الاجتماعي، التي يلجأ إليها الشباب، خاصة في السعودية، ولكن المجلة قالت إن “بعض المواقع تقع في خطأ الإعلام القديم، وتركز على النظريات التآمرية مثل اتهام الدولة الإسلامية بأنها تأسست على يد الموساد أو الـ”سي آي إيه”، أو دول الخليج أو الثلاثة مجتمعة، ولكن هناك استثناءات تتمثل في مواقع مستقلة معظمها تصدر باللغة الإنجليزية.

وقالت إن الوصول إلى الإنترنت آخذ في الارتفاع في جميع أنحاء المنطقة (انظر الرسم البياني المرفق)، وأن الشباب هم أكثر المستخدمين له، في أماكن مثل المملكة العربية السعودية لمصادر بديلة للأنباء، ونشر شبكات يسيطر عليها المعارضون في سوريا الأخبار المحلية عبر قنوات يوتيوب أو صفحات الفيسبوك، وبث “حلب اليوم” على الأقمار الصناعية.

وتنقل عن الصحفي اللبناني حبيب باطح: “اليوم هناك نفوذ أقل بكثير لوسائل الإعلام المملوكة للدولة والمتحكمين التقليديين، والناس في المنطقة يسعون وراء التكنولوجيا المتطورة للحصول على المعلومة وجمع الأخبار من أكثر من مصدر وصولا للحقيقة.

ويقول “إن جن مصباح الحرية ووسائل الإعلام المشاكسة ربما تمت إعادته مرة أخرى (من الأنظمة) إلى داخل المصباح، ولكن العطش للحصول على المعلومات لن يتوقف”.

المقال في الإيكونوميست

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟

ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …