لماذا لجأ الإخوان للشكوى لأمريكا رغم أنها داعمة للانقلاب؟
أثارت الزيارة التي قام بها وفدان من المعارضة المصرية لأمريكا في الفترة من 25: 29 يناير الجاري، أحدهما يمثل “المجلس الثوري المصري”، الذي جرى تدشينه في إسطنبول 8 أغسطس 2014 لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير، والثاني يمثل “البرلمان المصري”، الذي استأنف نشاطه في تركيا ديسمبر الماضي، تساؤلات بين أنصار جماعة الإخوان، قبل معارضيها، عن أسباب لجوئهم لأمريكا لطلب دعمها ضد السيسي ضمنًا، رغم أنهم يعلمون- وأعلنوا هذا عدة مرات- أن أمريكا هي الداعم الأول لانقلاب السيسي؟!
عدد من النشطاء- بخلاف المؤيدين والمتفهمين لأسبابها- كتب معترضًا على الزيارة، مؤكدًا أن أمريكا داعمة للانقلاب؛ فلماذا زيارتها وطلبُ الدعم منها، وقالوا إن أمريكا لا يعنيها إلا مصالحها ومصالح إسرائيل، والسيسي هو الأنسب لها فلماذا الذهاب لها؟ فيما قال فريق آخر إن الإخوان كانوا يعيبون على الليبراليين استقوهم بأمريكا فلماذا الآن يستقوي بها الإخوان؟
بل وسعى عدد من الغاضبين للتعليق على ما كتبه القاضي وليد شرابي عضو الوفد الذي زار أمريكا معترضًا بتعليقات منها: “المواطن الأمريكي العادي لا تعنيه مصر بل تعنيه إسرائيل إلا اللمم”- “سيادة المستشار.. هل يخفى عليك أن أمريكا داعمة الانقلاب وتعلم بالضبط ما يرتكبه قائد الانقلاب من مذابح؟؟ وهل تحتاج لمن يخبرها؟ هل لقاء مسؤولي البيت الأبيض سيزيد من وعي المواطن الأمريكي المغيب بانتهاكات الانقلاب في مصر؟ هل في التوقيت الذي تسعى فيه الثورة لتحقيق الاستقلال يهرول من يفترض أنهم يمثلونها، يهرولون إلى أكبر داعمي بل ومنشئي الانقلاب؟؟ التوقيت خاطئ يا سيادة المستشار؟؟ ولماذا لا يأتي لكم وفد يقابلكم؟؟ أليس هذا أكرم للثورة؟؟”.
بل إن أحد الشباب قال له إن إعلام السلطة استغل الزيارة لتشويه الثورة والإخوان، قائلاً: “لما يطلع علينا كل يوم واحد زي أحمد موسى (مذيع أظهرت تسريبات أنه يستقي معلوماته من مكتب السيسي) ويقول إن الإخوان وأمريكا إيد واحدة، وأن أمريكا بتساعد الإخوان مع تأكيد أن أمريكا لا تساعد إلا أمن إسرائيل”!.
أيضًا نشر نشطاء ما قالوا إنه أنباء نشرتها صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية تؤكد مخاوفهم ملخصها أنه “في زيارة وفد الإخوان لأمريكا تعهدوا بعدم تعريض معاهدة إسرائيل لأي تغيير أو تصويت ضدها”.
اعتراف أمريكي بلقاء الإخوان
وتزامن هذا مع اعتراف وزارة الخارجية الأمريكية بعقد اجتماع مع وفد يضم قادة من جماعة “الإخوان المسلمين” ويضم أعضاء من حزبي “العدالة والحرية”، و”الوسط”، وبعض البرلمانيين السابقين، مؤكدة أن إعادة الرئيس محمد مرسي للسلطة في مصر لم تكن ضمن نقاشات الجانبين.
وقالت جين بساكي، المتحدثة باسم الخارجية أمس الخميس، إن الخارجية الأمريكية تعقد مئات اللقاءات مع الأطياف السياسية المختلفة من كل الدول، ولا تعلن عن كل تلك اللقاءات، وقال مسئول أمريكي بالخارجية إن “مسئولي وزارة الخارجية، منهم نائب مساعد وزير الخارجية للديمقراطية وحقوق الإنسان، ومسئولين آخرين، التقوا مع برلمانيين مصريين سابقين ومنهم أعضاء في حزب العدالة والحرية”.
وحول تصنيف الحكومة المصرية لتنظيم “الإخوان المسلمين” جماعة إرهابية، قال المسئول الأمريكي: “الولايات المتحدة لا تصنف جماعة “الإخوان المسلمين” مجموعة إرهابية أجنبية”.
أمريكا أهم محطة خارجية
ولكن المستشار وليد شرابي رد ببوست كبير على صفحته على فيس بوك على كل هذه التساؤلات والمخاوف، موضحًا أنه “منذ أن تم إنشاء المجلس الثوري المصري كان من بين نشاطاته في الخارج إنشاء مكتب سياسي لدعم الحراك الثوري في داخل مصر، وكان من بين مهام هذا المكتب الذي يرأسه السيد الدكتور عمرو دراج التواصل مع كل الدول للحديث معهم حول حقيقة ما جرى يوم 3/7/ 2013 وحقيقة جرائم العسكر التي يوجد حولها تضليل إعلامي كبير حول العالم”.
وقال إنه: “في سبيل تنفيذ هذه المهام يتواصل المجلس الثوري المصري مع كل الدول التي تهتم بالثورة المصرية وتطوراتها”، منوهًا بأنه “بلا شك أن التواصل مع المجتمع الدولي كان من أهم محطاته الولايات المتحدة الأمريكية”.
وقال “شرابي” مبررًا الزيارة لأمريكا: “سعى الانقلاب وأعوانه في الخارج إلى أن يكون الانقلاب هو اللسان الوحيد الذي يتحدث للعالم عما يحدث في مصر إلا أنه فشل في ذلك بسبب توفيق الله ويقظة المجلس الثوري المصري لمخططاته، لذلك فقد تشكل وفد من المجلس الثوري المصري ضم كلاًّ من د. مها عزام والمستشار وليد شرابي و د. جمال حشمت و د.عبد الموجود الدرديري، ثم لحق ببقية المقابلات د. ثروت نافع.
وقال إن لقاءات الوفد المصري شملت “مقابلة ممثل عن البيت الأبيض وثلاثة لقاءات مع العديد من المسئولين في وزارة الخارجية الأمريكية وعدة لقاءات أخرى مع أعضاء من الكونجرس الأمريكي وعدد كبير من مراكز البحث والفكر الأمريكية”.
دول خليجية حاولت إفشال الزيارة
المستشار “شرابي” قال إن “هناك أنظمة عربية داعمة للانقلاب كانت تسعى بشدة إلى إيقاف هذه اللقاءات وتشويهها، وذلك عن طريق مراكز تابعة لها في واشنطن”، وأنه “طوال أيام الزيارة واجهتنا عدة تحديات سعت إلى إفساد الأجواء وذلك من خلال عدة (لوبيات)، ومراكز عربية (خليجية)، ومراكز داعمة لدولة العسكر”، بحسب تعبيره.
شرابي قال أيضًا إن: “هناك العديد من مراكز الثقل الداعمة للانقلاب داخل واشنطن استاءت جدًّا من هذه الزيارة خاصة المعروفة بدعمها القوي لإسرائيل، والجالية المصرية الداعمة للشرعية كانت من أشد الداعمين لهذه الزيارات ورأت إن هذا التحرك جاء متأخرًا”.
وقال إن “كل المعلومات التي تحدثت بها القنوات المصرية الداعمة للانقلاب حول الزيارة منقولة حرفيًّا من المواقع الداعمة لإسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية”، وأن “هناك حجمًا ضخمًا من الإنفاق لتغييب المواطن الأمريكي عن حقيقة ما يحدث في مصر من انتهاكات وجرائم، حتى إنني لم أرصد في أي وسيلة إعلام أمريكية نشر خبر قتل نظام العسكر لـ24 مواطنًا يوم ذكرى ثورة 25 يناير، وكنا وسيلة الإعلام الوحيدة التي نقلت للعديد من الشخصيات الأمريكية المؤثرة حقيقة هذه المجزرة”.
وطمأن “شرابي” المتخوفين قائلاً: “الثورة المصرية وتحقيق أهدفها التي وضع الرئيس محمد مرسي حياته ثمنًا لها ودفع فيها الآلاف من الشهداء دماءهم فداءً لها، وحالة تطورها وتصاعدها المتزايد فرضت على الجميع (في أمريكا) احترامها”.
أهداف الزيارة بحسب المجلس الثوري
أما “المجلس الثوري المصري” Egyptian Revolutionary Council- ERC، فأصدر بيانًا وصفه بالـ”الهام” حول نتائج الزيارة أكد فيه أن الزيارة جاءت “في إطار الجهود الرامية إلى مساندة الثورة المصرية وإعلام العالم عنها، وبمشروعية مطالبها، وعدالة قضيتها وحقيقة النظام الإرهابي الذي اغتصب السلطة ويحارب الشعب في مصر”، بحسب تعبيره.
وحاول المجلس في البيان توضيح المخاوف بشأن “عسكرة” الثورة بعد ظهور حركات مسلحة تمارس العنف ضد النظام، ورؤيته لحل الأزمة عبر عودة الجيش لثكناته، والانتخابات الحرة وأن يكون الرأي للشعب.
ولخَّص المجلس نتائج هذه اللقاءات التي تمت وما أكدوا عليه للأمريكان فيما يلي:
1 – أن ما وقع في 3 يوليو 2013 هو انقلاب عسكري على شرعية منتخبة بصورة ديمقراطية.
2 – تذكير الإدارة الأمريكية باتخاذ موقف واضح تجاه الانتهاكات السافرة لحقوق الإنسان في مصر والجرائم التي ارتكبها النظام الإرهابي الذي يمثله عبد الفتاح السيسي لتثبيت أركان انقلابه.
3 – أن هذا النظام الإرهابي والذي يرأسه عبد الفتاح السيسي غير مستقر وغير قابل للاستمرار ولا يجب دعمه وإطالة عمره لما في ذلك من تخلي عن الالتزام بالدفاع عن الحقوق الأساسية للإنسان ومبادئ الديمقراطية التي تقول الولايات المتحدة الأمريكية إنها تبنتها لعقود طويلة.
4 – خطورة استمرار النظام القضائي في مصر بالتنكيل بالخصوم السياسيين لنظام العسكر والنيل من القضاة الذين تتم محاكمتهم الآن لمطالبتهم باستمرار المسار الديمقراطي والالتزام بمعايير العدالة الدولية في مصر.
5 – التأكيد على ضرورة أهمية عودة النسيج المجتمعي المصري إلى الحالة التي كان عليها قبل افسادة من قبل النظام العسكري الحاكم في مصر.
6 – أن الشرعية الوحيدة هي للشعب المصري وقد اختار من يمثله في عدة استحقاقات انتخابية بعد الثورة، وان الحياة السياسية في مصر بعد كسر الانقلاب يجب أن تشهد قدرًا كبيرًا من التعددية والمشاركة الحزبية لكل أطياف العمل السياسي.
7 – ضرورة عودة الجيش إلى ثكناته وخروجه من الحياة السياسية المصرية.
8 – التأكيد على سلمية الثورة المصرية وان الأحداث التي وقعت والكيانات التي بدأت تتشكل للرد على جرائم العسكر هو رد فعل علی غياب منظومة العدالة والقضاء المحايد في مصر وعلی استمرار العنف والإرهاب الممنهج من قبل السلطات والقمع الشديد للاحتجاجات السلمية بما يشمله من أعمال قتل واعتقال وتعذيب واغتصاب وانتهاك لكرامة الإنسان علی نطاق واسع.
9 – تذكير الإدارة الأمريكية بالضغط على حكومة العسكر في مصر للإفراج عن المواطن الأمريكي المصري محمد صلاح سلطان وعن جميع المعتقلين بتهم ملفقة.
10 – استعراض حجم معاناة المعتقلين السياسيين في سجون الانقلاب العسكري بما فيهم نواب الشعب الشرعيون.
وقال المجلس إن “اللقاءات قد تمت في أجواء ايجابية وطيبة وانتهت إلى التوصية على ضرورة استمرار التواصل والحوار الجيد والبناء لتوضيح الصورة الحقيقية لما يجري في مصر”.
وأكد “البرلمان المصري” و”المجلس الثوري المصري” في بيان أنهما: “يؤكدان أنه لا تغيير في المواقف وأن الثورة هي الخيار الاستراتيجي الوحيد لكسر الانقلاب العسكري وإزاحة دولة فساد العسكر عن حكم مصر وإعادة الدولة المدنية التي تصون الحريات وتحترم القانون وأن أي تحرك دبلوماسي في الخارج لا يهدف إلا لدعم الحراك الثوري على ارض مصر وإيصال صوته في جميع أرجاء العالم”.
اقرأ أيضًا:
ماذا جرى في لقاءات الإخوان والمعارضة مع الخارجية والكونجرس الأمريكي؟
قلق مصري لعدم اعتبار أمريكا الإخوان “إرهابية” واستقبالها رسميًّا
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …