مركز استخباري: السعودية تتفاهم مع الإخوان عام 2015
توقعت دراسة لمركز الأبحاث الاستخباراتى الأمريكى “ستراتفور” أن يشهد عام 2015 اتجاهات جديدة من مراكز القوى العربية السنية الإقليمية (وعلى رأسها السعودية)؛ لإعادة تنظيم علاقاتها بالحركات الإسلامية فى المنطقة وعلى رأسها الإخوان، واتجاهها فى عملية غير منظمة نحو قبول أوسع لحركات الإسلام السياسي المعتدلة، مثل الإخوان المسلمين؛ لتقويض النفوذ الإيرانى فى الشرق الأوسط وتوغل الجهاديين، وإيجاد حل للصراع فى سوريا والعراق وليبيا ومصر، بالتفاهم مع الإخوان والتفاوض مع قطر وتركيا.
وأشارت الدراسة – التي جاءت تحت اسم “تحديات المملكة العربية السعودية للعام الجديد”، وكتبها مايكل نايبى- أوشكوا، وعرضها موقع “المرصد المصري للحقوق والحريات” – إلى أن الشرق الأوسط يواجه عدة أزمات عام 2015؛ فلا يزال عدم الاستقرار الليبي يشكل تهديدا للأمن في شمال أفريقيا، والضبابية التى تعيشها دول المشرق العربي والخليج الفارسي حول مآلات المفاوضات الأميركية الإيرانية، والحرب بالوكالة بين السنة والشيعة في سوريا والعراق، والفراغ الذي خلفته تعثرات الدولة التركية إقليميا نتيجة الانشغال فى المشاكل الداخلية التي تمنعها من الاضطلاع بدور أكبر في جميع أنحاء المنطقة، وعلاوة على ذلك تقويض المنطقة بالانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية.
في حين أن المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة سوف يكونون قادرين على استخدام الاحتياطيات النقدية الكبيرة للتخلص من الركود، فإن الباقي من الدول الأخرى المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط ستواجه عواقب وخيمة.
وأوضحت الدراسة أن “السعودية” تبدأ العام الجديد 2015 تحت إكراه أكبر بكثير من التحديدات التى كانت تواجهها المملكة قبل 12 شهرا، ليس فقط وفاة الملك عبد الله، ولكن دخلت أكبر دولة منتجة للنفط في العالم أيضا فى حرب أسعار مع المنتجين للنفط الصخرى الأمريكي؛ لأن المملكة العربية السعودية والحلفاء الإقليميين الرئيسيين لها: الكويت والإمارات العربية المتحدة، تتباهيا باحتفاظهما بأكثر من تريليون دولار من الاحتياطيات النقدية، وأنهما ستكونان قادرين على الحفاظ على مستويات إنتاج ثابتة في المستقبل المنظور.
وقالت: مع عدم قدرة أعضاء “أوبك” الآخرين على الصمود في وجه العاصفة بسهولة، فقد أدى ذلك إلى انخفاض قدره 40 في المئة في أسعار النفط، مما شكل ضغطا ماليا أكبر على إيران والحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في العراق، وبذلك فإن البلاد سوف تستمر في التركيز على عدم مواجهة إيران، بجانب نهج جديد لإعادة بناء العلاقات مع الجهات السنية الإقليمية الفاعلة، والتى ضعفت علاقاتها معها في السنوات السابقة.
ومع ارتفاع الضغوط الإقليمية الخارجية، تؤكد الدراسة أن كبرى دول الخليج، مثل المملكة العربية السعودية تتجه لإعادة تقييم علاقاتها مع الإخوان المسلمين، فالتهديدات الداخلية التي يشكلها الجهاديين السلفيين والرغبة في الحد من المكاسب المستقبلية للمنافسين الإقليميين مثل إيران، قد تدفع دولا مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لمحاولة إقامة علاقة جديدة مع الإخوان المسلمين؛ للحد من المخاطر التي تشكلها الجماعات الجهادية والمتنافسة في المنطقة.
وتستطرد الدراسة: استعادة العلاقات مع الإخوان المسلمين لها أيضا آثار كبيرة على العلاقات الدبلوماسية؛ حيث كانت قطر منذ فترة طويلة داعمة لجماعة الإخوان، ونتيجة هذه حقيقة فقد توترت علاقاتها مع الدول الأخرى – المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة – مما أدى الى إغلاق سفاراتها في قطر.
ومع ذلك، فقد نتج عن استمرار التقارب بين الولايات المتحدة وإيران، إلى انزعاج الرياض من صعود الجماعات الجهادية السلفية، وأن تعيد النظر في موقفها من الإسلام السياسي، واستئناف العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة باتفاق أبو ظبى، والتفكير فى تغيير علاقاتها مع مصر وليبيا، وبعض الاتجاهات الجديدة التى تشير إلى حدوث تحول مستقبلى فى مجلس التعاون الخليجى للتكتل مع الإخوان؛ لحل الاضطرابات التى تعصف بالمنطقة.
وتضيف، أن هذا التحسن في العلاقات مع الإسلاميين مستقبلا، يأتي في لحظة حرجة، فمع تقارب الولايات المتحدة وإيران، فإن دول الخليج تحاول تأمين مصالحها الخاصة قبل أن تصبح متورطة أكثر بشكل مباشر ومحتمل في ليبيا وسوريا واليمن فى عمل عسكري، يهدف إلى تقويض المشروع الإيرانى، وملء الفراغ الاستراتيجي للقيادة التركية في المنطقة، خصوصا في بلاد الشام.
وبدون تدخل عسكري أجنبي لمساعدة المعارضة فى سوريا، فلن ينجح أى فصيل في الحرب السورية فى أن يحرز نصرًا حاسمًا؛ حيث تبدو كل آفاق الوصول إلى حلٍ حاسمٍ غير واقعية، فالداعمون الكبار لنظام الأسد يسعون إلى الوصول إلى تسوية في سوريا من أجل الالتفات إلى مشاكلهم الداخلية التي تفاقمت بسبب انخفاض أسعار مصادر الطاقة.
أما قرار الكويت مؤخرا بإعادة فتح سفارة للنظام السوري؛ لخدمة السوريين المقيمين في الكويت، ربما يعكس قناعة ترسخت لدى دول الخليج أن الأسد لن تتم إزاحته بالقوة، وأن على الجميع البحث عن مواقع تفاوضية، ربما لن ينتهي الصراع السوري في 2015، ولكن الجهات الإقليمية الفاعلة سوف تسعى للبحث عن مخرج من الأزمة، بعيدا عن أرض المعركة.
وتشدد الدراسة إلى أن أي تسوية عن طريق التفاوض ستتم عبر الوكلاء السُّنيين في المنطقة وعلى رأسهم مجلس التعاون الخليجى وتركيا؛ حيث ستتشكل ما يشبه منظمة سياسية، وظيفتها الحد من سلطة الحكومة العَلَوية والتقدم الذي أحرزته بمساعدة داعميها في طهران.
ويمثل نموذج الإسلام السياسي على غرار الإخوان أحد الحلول السُّنية المحتملة في هذا الإطار؛ لأن البديل الذي ترفضه السعودية سيكون شاملا للجهاديين، مثل هذا الحل لا يزال بعيد المنال، ولا يزال يحتاج إلى إطار ديموقراطي أكبر لمحاولة تفعيله.
وتقول الدراسة: مثل سوريا، فإن ليبيا تمثل ساحة للمنافسة بين الطموحات السنية الإقليمية، فقطر وتركيا تدعمان الجماعات الإسلامية، فيما فشلت مصر والإمارات فى تحقيق أى تقدم يذكر لاستيلاء قوات حفتر على طرابلس وبنى غازى.
المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة، معنية في المقام الأول بالشأن الليبى، فالدولة الغنية بالنفط على الحدود المباشرة الطويلة مع مصر، صارت ثرية بحركات الإسلام السياسي.
وقد خلف الاقتتال على المناطق الساحلية، الكثير من الأراضي الليبية المتاحة للجهاديين، مما يشكل خطرا أمنيا كبيرا، ليس فقط لدول المنطقة ولكن على المصالح الغربية كذلك.
وأثبتت المحاولات المصرية الإماراتية لتشكيل النتائج على الأرض في ليبيا عدم الفعالية إلى حد كبير، فى الوقت الذى تنجح فيه المساعى الغربية لإجراء محادثات المصالحة فى ليبيا لصالح قوى إقليمية أخرى مثل الجزائر – المنافس التقليدي للمصالح المصرية والخليجية في شمال أفريقيا – مع طيف واسع من الأيديولوجيات السياسية لتشمل الإخوان والإسلاميين.
ليبيا من المرجح أن تجد نفسها على أرض الواقع، كساحة للضغط والصراع بين الأطراف المختلفة، في مقابل اتجاه السعودية والإمارات ومصر لتخفيف الضغط على الإخوان المسلمين فى مصر وسوريا، فإن قطر وتركيا من المحتمل أن ترد بدفع الإسلاميين فى ليبيا للدخول في حوار وطني مع خصومهم المدعومين من الغرب؛ لمحاولة تسوية الوضع الأمني العام في ليبيا.
أيضا، يبدو أن السعودية قد تتجه لموازنة علاقتها مع جماعة الإخوان المسلمين بعد أن انتهت الحرب التى قادتها السعودية ضد بني الأحمر والتجمع اليمني للإصلاح، لصالح جماعة الحوثي الموالية لإيران، التي صارت المسيطرة حاليا في العاصمة صنعاء، تظن السعودية أنها ارتكبت أخطاءً كبرى في اليمن أسهمت في سقوط حديقتها الخلفية في براثن نفوذ خصمها اللدود الإيرانى.
وتشير تقارير إلى سعي السعودية إلى التواصل مع قبائل حاشد؛ من أجل موازنة النفوذ الحوثي، كما تسعى لدعم الرئيس هادي، وفي كل الأحوال فإن موازنة نفوذ الحوثيين سيتطلب بالضرورة تخفيف الضغط على الإخوان المسلمين وحلفائهم.
وتوضح أن الاختلال الوظيفي والاقتتال الداخلي كانا أبرز معالم المحاولات الخليجية لوضع استراتيجية متماسكة في سوريا، وقد مكن هذا لإيران لتظل راسخة في بلاد الشام، ولكن العام الجديد 2015 من المحتمل أن يشهد إطارا متطورا مختلفا تتوصل فيه المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا، إلى التوصل إلى تفاهم حول دور الإسلام السياسي في المنطقة.
ربما تضغط هذه القوة والوحدة السنية الجديدة على إيران للقبول باتفاق مع الولايات المتحدة، بما يدفع دول الخليج لاتخاذ موقف أكثر واقعية، والقبول بدورٍ للإخوان المسلمين في الشرق الأوسط، والالتفات إلى تقويض إيران دون إنكار دورها بشكل كلي كما كان من قبل.
وسيتم تحقيق جزء من هذا التحجيم عبر استراتيجية الطاقة الحالية، بينما ستأتي بقية الجهود من خلال مفاوضات بين السعودية ومصر وقطر وتركيا.
يذكر أن “ستراتفور” هو مركز دراسات استراتيجي وأمني أمريكي، ويعد أحد أهمّ المؤسسات الخاصة التي تعنى بقطاع الاستخبارات، يعلن على الملأ طبيعة عمله التجسسي، ويجسّد أحد أبرز وجوه خصخصة القطاعات الأمريكية الحكومية.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …