دراسة رسمية تكشف اعتماد حكومات عربية على ميليشيات بدعوى محاربة الإرهاب
دعت دراسة أعدتها الأمانة العامة للجامعة العربية، وعرضها الأمين العام للجامعة الدكتور نبيل العربي أمام الاجتماع غير العادي لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية أمس الخميس 15 يناير، للنظر في إمكانية تشكيل “قوة تدخل عربية مشتركة لدحر الإرهاب”، وذلك وفقا لميثاق الجامعة العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك لعام 1950 والبروتوكولات الإضافية للاتفاقية التي تتضمن إيجاد نظام دفاع عربي مشترك مرن ومتكامل؛ للدفاع الجماعي وحفظ السلم والأمن في المنطقة، وإنشاء قيادة عامة موحدة لقوات التدخل العسكرية وفقا لمقتضيات المعاهدة أو أي صيغة أخرى يتم التوافق عليها .
وناقش وزراء الخارجية– بعد قضيتي فلسطين وليبيا– تحت بند “صيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب” ما قيل إنه “دراسة تحليلية لظاهرة الإرهاب وأثرها على الأمن القومي العربي أعدها الأمين العام”، وأصدروا قرارا بـ”دعوة الدول الأعضاء إلى تقديم اقتراحاتها حول مواجهة الإرهاب، وتوصياتها لتفعيـل معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي العربـي وملحقاتهـا، وإيجـاد الآليـات والأجهزة التي تكفل تطبيق بنود المعاهدة إلى الأمانة العامة، في موعد أقصاه النـصف الأول من شهر فبراير 2015″، بحسب نص البيان
كما طلبوا من الأمانة العامة “إدراج موضوع صيانة الأمـن القـومي العربـي ومكافحـة الإرهاب على مشروع جدول أعمال الدورة العادية (143) لمجلس الجامعة المقبلة.
ميليشيات لمكافحة الإرهاب
وعلى غير المتوقع، دعت الدراسة التي وزعت على الدول العربية، إلى “النظر في مدى فاعلية سياسات إنشاء ميليشيات محلية وتدريبها وتسليحها؛ نظرا للمخاطر الأمنية واسعة النطاق التي تمثلها هذه السياسات على المديين المتوسط والبعيد، والاعتماد في مقاومة الإرهاب على القوة المسلحة النظامية”، وهو ما أثار تساؤلات حول المقصود بهذه الفقرة.
فقد فسر “سفراء” و”سياسيون” هذه الفقرة بأنها دليل على أن بعض الدول العربية شكلت “ميليشيات عسكرية” لمواجهة ما أسمته “الإرهاب” في بلادها، تحت أسماء مختلفة بحسب كل دولة، وأن ما ذكره تقرير الجامعة هو دليل “نشر سهوا” عن وجود ميليشيات، وهو ما حذرت به دراسة الجامعة العربية باعتباره عملا فرديا ويضعف الجيوش النظامية ويدفع الإرهابيين لتبرير مواجهتهم لهذه الميليشيات على أنها مجموعات تحمي الحكام لا الجيوش النظامية.
بالمقابل، فسر آخرون ما نشر عن “ميليشيات محلية” بأنها دعوة من الجامعة للدول العربية لتشكيل ميليشيات محلية، وهو ما لا تشير الصياغة له بوضوح، فيما قال فريق ثالث، إنه سواء كانت هناك “ميليشيات محلية” تحذر من وجودها الجامعة العربية في تقريرها، أو تطالب الجامعة بتشكيلها، فالأمر في الحالتين يشكل كارثة وتوجها جديدا قد ينقل الصراع داخل بعض الدول العربية إلى ما يشبه الحرب الأهلية، وهو ما بدأ يظهر بالفعل في دول مثل اليمن وليبيا وسوريا.
اجتماع عاجل لمجلس الدفاع العربي
ودعت الدراسة- التي أحيط بها أعضاء الجامعة علما والتي أعدت بناء على تكليف سابق من المجلس- إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الدفاع العربي المشترك (وزراء الخارجية العرب ووزراء الدفاع) لبحث إمكانية تشكيل قوات التدخل العسكري العربي والآليات اللازمة لعملها ومرجعياتها السياسية والقانونية، ووسائل تنظيم عملها وتشكيلاتها العسكرية، والدول الأعضاء والمساهمة فيها.
وأكدت الدراسة ضرورة القيام بتحرك دبلوماسي نشط وفعال مع دول الإقليم والمجتمع الدولي؛ لتقديم الدعم والمساندة لإنشاء قوة التدخل العسكري العربية، والتنسيق مع دول الإقليم لتقديم الدعم اللوجيستي والمعلومات الاستخبارية بما يتيح لقوة التدخل العربي العمل في بيئة مواتية وصديقة.
وشددت الدراسة على ضرورة التزام الدول العربية بتولي مسئولية الدفاع عن الأمن القومي للمنطقة العربية، والقيام بواجبها للحفاظ على أمن المنطقة، وإيجاد الوسائل المناسبة التي تكفل لها دحر الإرهاب وهزيمته، واستعادة السلم والاستقرار في المنطقة، وإيجاد الآليات التي تتيح إنشاء نظام تعاون أمني عربي شامل يصون الأمن والسلم العربي من التهديدات الداخلية والخارجية .
ودعت الدراسة إلى تقييم السياسات والاستراتيجيات والاتفاقيات العربية ذات الصلة بمقاومة الإرهاب، وكذلك إصلاح الآليات المؤسسية المعنية بالتعامل مع الفكر المتطرف والمنظمات الإرهابية، ووضع إستراتيجية شاملة تتسم بالفاعلية والقدرة من أجل إنهاء التهديدات الماثلة على الأمن القومي العربي، والتعامل معها على نحو حاسم ينهي وجودها والآثار المترتبة عليها، وأن تأخذ الاستراتيجية بعين الاعتبار الخطط المستقبلية طويلة الأمد التي تمنع ظهور الفكر المتطرف أو أي مظهر من مظاهر العنف المسلح الذي يهدد الأمن والاستقرار والسلم الأهلي.
وطالبت الدراسة بالعمل على إيجاد تسوية سياسية شاملة للصراعات المحتدمة في المنطقة العربية، وعلى نحو خاص في الدول الأعضاء التي تشهد نزاعات مسلحة، وإطلاق عملية سياسية كبرى لتحقيق المصالحة الوطنية والوفاق الاجتماعي بما يحول دون استفحال الإرهاب وتناميه على نحو يهدد الأمن القومي العربي، ويعرض السلم الاجتماعي ووحدة النسيج الاجتماعي للخطر.
وأكدت الدراسة ضرورة القيام بعملية تقييم شامل ومراجعة تجربة الدفاع العربي المشترك، وعلى نحو خاص تجربة قيادة الأركان المشتركة والسلبيات التي رافقت إنشاءها، والعوامل التي أدت إلى توقفها عن العمل كآلية عربية لصيانة الأمن القومي في إطار منظومة العمل العربي المشترك، وكذلك مراجعة الخبرات السابقة في تشكيل القوات العربية المشتركة لحل النزاعات المسلحة في الدول العربية، وتطوير آليات مرنة وفعالة لوضع اتفاقية الدفاع العربي المشترك والبروتوكولات الملحقة بها موضع التنفيذ.
ودعت الدراسة إلى دراسة “أنجع السبل لتحقيق المصالحة العربية، واستعادة التضامن العربي، واقتراح الآليات الخاصة بفض النزاعات العربية– العربية، وبحث أفضل المقاربات لتسوية النزاعات الإقليمية سلميا، والتي عادة ما تستغلها المنظمات الإرهابية لنشر أيديولوجياتها المضللة، وتعطي المبررات للتدخل الأجنبي في المنطقة العربية”.
واقترحت الدراسة فتح حوار واسع على المستوى العربي تشارك فيه المؤسسات الحكومية المعنية والمنظمات الأهلية والمفكرين والخبراء والسياسيين؛ لبحث أفضل السبل ولتحديد أولوياته ومجالات مكافحة الإرهاب وكيفية استشراف الآفاق لتحقيق نهضة عربية شاملة تتجاوز واقع التخلف وآلياته، بما في ذلك ظاهرة الإرهاب؛ بهدف وضع استراتيجية شاملة.
إجماع وطني وتغيير سلمي
وقد أكدت الدراسة ضرورة العمل على “إيجاد الركائز اللازمة لتحقيق إجماع وطني للتوافق على مبدأ التغيير السلمي، والتأكيد على مبدأ الإرادة الطوعية المسئولة لتحقيق ديمقراطية حقيقية، وباعتماد معايير التغيير الداخلية وآلياتها التي تتيح المشاركة الواسعة للقوى الاجتماعية من أجل المحافظة على النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي، الذي تحترم فيه حقوق المواطنة، بغض النظر عن المعتقد أو المذهب أو العرق أو اللون، وقيام مجتمع حر يقوم على أساس الحكم الرشيد الذي يضمن حرية الاعتقاد والرأي والتعبير والتنظيم والقبول بالآخر بوصفه شريكا مكافئا في عملية التغيير التي ظلت تتطلع إليها الشعوب العربية، والإسراع في تحقيق الإصلاح السياسي والديمقراطي في المجتمعات العربية”.
وفي هذا السياق طالبت الدراسة بـ”تفعيل المشاركة السياسية دون إقصاء أو تهميش، وإعطاء الفرصة الحقيقية لكافة الفئات المشاركة، بما يعمق الثقة في الذات المجتمعية التي تؤدي إلى تفعيل المشاركة في الحياة العامة، من خلال توسيع دائرة المشاركة، وإعادة صياغة علاقة الدولة بالمجتمع وتصحيحها من خلال إرساء الديمقراطية وتوسيع دائرة المشاركة السياسية وتعميق قيم العدالة الاجتماعية”.
كما دعت الدراسة إلى ضرورة وضع البرامج التي تنهض بالتثقيف السياسي، وإرساء قيم الحوار الديمقراطي، وتعميق الوعي بمفهوم المواطنة واحترام حقوق الإنسان، من خلال التوسع في نشر أدبيات الديمقراطية الاجتماعية والسياسية، وإتاحة المجالات أمام مؤسسات المجتمع المدني، ودعم جمعيات حقوق الإنسان والجمعيات الخيرية وغيرها من الجمعيات، بحيث يصبح المجتمع بكامل مكوناته طرفا مهتما وفاعلا في التصدي لظاهرة الإرهاب.
وشددت الدراسة على ضرورة إعطاء الأولوية لقضايا التنمية الاجتماعية الشاملة، وعدم الاقتصار على مستوى التنمية التقليدية الثلاثة التي تتضمن مستوى المعيشة والصحة والتعليم، ليتعداها إلى المنهج المتكامل التي تؤدي إلى تحقيق الاستقرار والأمن والانسجام الاجتماعي القائم على المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية.
كما دعت الدراسة إلى ضرورة الاستثمار الكثيف في المشروعات التنموية الإنتاجية، بما يتيح فرصا أفضل لتشغيل الشباب والقضاء على البطالة؛ كونها تمثل إحدى المؤشرات التي يمكن أن تدفع الشباب إلى تبني أفكار شديدة التطرف، قد تؤدي إلى الانتماء للمنظمات الإرهابية.
وطالبت بضرورة الاهتمام بالعملية التربوية ومنظومتها ومناهجها ونوعية التعليم الرسمي والتركيز على التعليم الذي يهدف إلى بناء عقل نقدي منتج، والعمل على تنظيم التعليم الديني بوصفه عاملا حاسما في إظهار سماحة الدين وانفتاحه على الآخر، مشددة على أهمية رفع الوعي بالهوية الحضارية والثقافية من خلال مناهج التعليم بتعزيز الانتماء الوطني .
كما طالبت الدراسة بضرورة الاهتمام بالجانب الثقافي، وتبني “تعددية الرؤى” بدلا من “الرأي الواحد”؛ لمقاومة الفكر المتطرف والتكفيري، والاهتمام بإبراز أضرار الإرهاب وخطورته على المجتمع، موضحة أن هذا من الممكن أن يقوم به- باقتدار- المثقفون والمبدعون في مختلف المجالات في الثقافة والفنون والأدب.
وأكدت الدراسة “أهمية إتاحة حرية الإعلام بمختلف مجالاته على النحو المسئول الذي يسهم في نشر الثقافة والفن والأدب والفكر، ويكون منبرا لتعدد الآراء”.
وطالبت الدراسة بضرورة إصلاح الأجهزة الأمنية من خلال إيجاد منظومة للحلول المتعددة التي يمكن الاعتماد عليها في إنهاء مظاهر الإرهاب، بحيث تكون الوسائل الأمنية والثقافية والنفسية والإجراءات السياسية، في خطة متكاملة ورفع مستوى القدرات والكفاءة للمتعاملين مع ظاهرة الإرهاب، وتمكينهم من الاختيار بين البدائل المتاحة لاختيار الحل الأقل تكلفة والأكثر نجاعة للتعامل مع الظاهرة بأسرها.
وشددت الدراسة على ضرورة تطوير السياسات الأمنية ذات الصلة بالتصدي بالإرهاب وطرق عملها، على أن يكون ذلك في إطار احترام حقوق الإنسان والحريات السياسية.
مرجعًا عند الحاجة إليها
وخلال أعمال الدورة الـ19 لرؤساء “هيئة التدريب للقوات المسلحة العربية”، بالقاهرة 17 نوفمبر الماضي، ناقش العسكريون العرب وضع هذه الدراسة حول إنشاء قوات حفظ سلام عربية “تكون مرجعا عند الحاجة إليها”، لإنشاء مثل هذه القوة.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، خلال هذا الاجتماع: “إن المشاركين في أعمال الندوة يبحثون إنشاء قوة حفظ سلام عربية وإعداد دراسة بشأنها”، معربا عن أمله في “استكمال إنشاء قوة حفظ سلام عربية”، مؤكدا أنها فكرة مطلوبة في الوقت الراهن.
وأشار الأمين العام للجامعة العربية إلى أهمية اتفاقية الدفاع العربي المشترك التي أقرت عام 1951 بهدف تعزيز تعاون الدول العربية في مجال حماية أراضيها وحدودها، ما من شأنه تفعيل التعاون الاقتصادي.
إعلان وفاة.. هل أتم الصهاينة سيطرتهم على الجامعة العربية؟
ربما يعلم العدو الصهيوني أن كلمة واحدة تخرج من على منبر جموعي واحد، تفعل ما لا تفعله مئات …